تصريحات سليماني تربك تأليف الحكومة اللبنانية

حمادة لـ«الشرق الأوسط»: لا نقبل بإملاءات من نظام الأسد والجنرال الإيراني

صبي لبناني يلعب ببندقية دمية مصوباً تجاه أعلام إسرائيل و«داعش» خلال احتفالات عيد الفطر في بيروت أمس (أ.ف.ب)
صبي لبناني يلعب ببندقية دمية مصوباً تجاه أعلام إسرائيل و«داعش» خلال احتفالات عيد الفطر في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

تصريحات سليماني تربك تأليف الحكومة اللبنانية

صبي لبناني يلعب ببندقية دمية مصوباً تجاه أعلام إسرائيل و«داعش» خلال احتفالات عيد الفطر في بيروت أمس (أ.ف.ب)
صبي لبناني يلعب ببندقية دمية مصوباً تجاه أعلام إسرائيل و«داعش» خلال احتفالات عيد الفطر في بيروت أمس (أ.ف.ب)

شكلت التطورات الأخيرة المرتبطة بمرسوم التجنيس، وتصريحات قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني، قاسم سليماني، حول حيازة «حزب الله» على أكثرية في الانتخابات النيابية الأخيرة، عقبات إضافية تواجه مهمة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في تأليف الحكومة، في حين شدد وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة على «رفض إملاءات نظام (بشار) الأسد والجنرال سليماني».
ولا يزال الرئيس الحريري يقدم المسودات والصيغ المقترحة للحكومة المقبلة لرئيس الجمهورية حول توزيع الوزراء طائفياً، لكن نائباً بارزاً قال لـ«الشرق الأوسط» إن «عدة عوامل طرأت على خط التأليف، وقد تكون عقبات إضافية، لا سيما ملف التجنيس، وتداعياته السياسية والقانونية التي تتمثل بالطعون أمام مجلس شورى الدولة (أحد أعلى السلطات القضائية في لبنان)، ناهيك عن العقدة الأخرى والأهم، المتمثلة في الجنرال سليماني الذي مثّل كلامه انتهاكاً واضحاً للسيادة اللبنانية».
وقال النائب الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه إن تصريحات سليماني «أربكت الجميع، بالنظر إلى أنها تعتبر تدخلاً فاضحاً في الشؤون الداخلية، وبالتالي فإن ما أشار إليه سليماني يصب في خانة فرض إملاءات على لبنان من خلال حلفائه، وفي طليعتهم (حزب الله)، عبر التدخل المباشر في تشكيل الحكومة».
وأضاف أن ذلك «يأتي كمحاولة إيرانية، ومن (حزب الله)، للالتفاف على العقوبات الأميركية والخليجية التي فرضت على طهران و(حزب الله)، وبدأت من خلال إقفال مؤسسات إعلامية تموّل مباشرة من طهران إلى مؤسسات أخرى تجارية واقتصادية».
وقال النائب إن «(حزب الله)، وأمام هذا الواقع، يسعى بتوجهات إيرانية إلى ممارسة نفوذه على تأليف الحكومة، والمطالبة بحقائب خدماتية وأساسية للتعويض عما أصابه بفعل هذه العقوبات التي تواجهه، أضف إلى ذلك السعي الروسي لترحيل (حزب الله) وطهران من سوريا، وهذا ما تبدى في الأيام الماضية في بعض المناطق المحاذية للحدود اللبنانية، ولا سيما منطقة القصير».
وتفرض العقدة الدرزية نفسها للمرة الأولى بهذا الحجم في تاريخ تشكيل الحكومات، وسط إصرار «اللقاء الديمقراطي» على عدم توزير وزير المهجرين طلال أرسلان، باعتبار أن كل النواب الدروز في عهدة «اللقاء الديمقراطي»، وهو أمر أبلغ إلى الرؤساء الثلاثة والمعنيين بتشكيل الحكومة، وفي طليعتهم الرئيس سعد الحريري.
وشدد وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عضو «اللقاء الديمقراطي» مروان حمادة لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة احترام نتائج الانتخابات النيابية، قائلاً إن «نظرية الأقوى في طائفته اخترعها التيار الوطني الحر»، متسائلاً: «هل هناك أبناء ست وأبناء جارية في البلد؟».
وقال حمادة: «النواب الدروز يصبون في المختارة، وعليه من الطبيعي أن يكون الوزراء الثلاثة من اللقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي، وهذا أمر محسوم لا يقبل الجدل والاجتهادات والفزلكات والتذاكي، من خلال اختراع كتل نيابية وهمية لتوزير البعض، وسرعان ما تذوب هذه الكتلة، كما حصل في مراحل سابقة».
ولفت حمادة إلى أن احترام الناخبين وأبناء طائفة الموحدين الدروز تحديداً «مسألة مقدسة، وتعني لنا الكثير»، مضيفاً: «هؤلاء الذين قالوا كلمتهم في صناديق الاقتراع لمن يمثلهم، لا من يحاول السعي للتمثيل عليهم من خلال فرض إملاءات من قبل تيارات وأحزاب داخلية وقوى إقليمية، فتلك عدة قديمة لا تنطلي علينا، ولهذه الغاية نتمسك بالتمثيل بثلاثة وزراء دروز بالتمام والكمال، يصبون في عهدة الحزب الاشتراكي واللقاء الديمقراطي، بعيداً عن المقايضات».
وأضاف: «نحن لا نقبل بإملاءات من نظام الأسد، وقاسم سليماني الذي يسعى إلى تشكيل الحكومة اللبنانية وفق ادعاءات كاذبة حول أكثرية وأقلية. ومن هنا، أنصحه بأن يأخذ دروساً في الحساب ليتعلم العد، إذ تنقصه الشطارة ليكون ضليعاً في الحساب، لا في عمليات التخريب والقتل والتدخل في الشأن اللبناني والعربي، في إطار أحقاد دفينة من خلال دور إيران في سوريا والعراق واليمن والبحرين، وعلى امتداد الساحة العربية».
وأكدت أكثر من جهة سياسية أن «الصعوبات كثيرة، والعقد تتوالى، ومن الطبيعي أن ولادة الحكومة ستطول أكثر مما يتوقع البعض نظراً إلى الانقسام السياسي الداخلي الآخذ في التنامي، على خلفيات ملفات هي موضع خلاف عميق بين القوى السياسية اللبنانية، لا سيما ملف التجنيس الذي بدأ يؤشر إلى تحالفات جديدة مناهضة له ولقضايا أخرى».
وقالت مصادر مواكبة إن «ثمة صيغة تحالفية بدأت تتبلور معالمها، وقوامها حتى الآن الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وحزب الكتائب، وهذه الجهات كانت لها نظرة مشتركة حول مسألة التجنيس، وملف بواخر توليد الكهرباء، وقضايا اقتصادية واجتماعية مختلفة».
وتابعت أن «التحالف الثلاثي بدأ يتفاعل وينمو ليشكل مواجهة للعهد أو لبعض القوى السياسية، وفي طليعتها التيار الوطني الحر»، لافتة إلى أن «الأيام القليلة المقبلة ستشهد لقاءات لهذا الثلاثي السياسي المخضرم، الذي له باع طويل في السياسة ومعرفة وثيقة بالتركيبة اللبنانية، مما يدل على أن تشكيل الحكومة لن يكون مجرد نزهة، بل سيشهد صعوداً ونزولاً ومطبات وعقداً مرتبطة ببعض التدخلات، كموقف سليماني الذي ترك كلامه ارتدادات سلبية على مستوى تشكيل الحكومة، وقضايا أخرى ما زالت تردداتها تتوالى على الساحة المحلية».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.