الأحزاب الجزائرية تعلق موقفها من «رئاسية 2019» على خيار بوتفليقة

انقسام في الطبقة السياسية بين مشارك ومقاطع للاستحقاق الأهم

TT

الأحزاب الجزائرية تعلق موقفها من «رئاسية 2019» على خيار بوتفليقة

تتحاشى الأحزاب في الجزائر الكشف عن موقفها من «رئاسية 2019»، سواء بالمشاركة بمرشحيها أو المقاطعة، أو دعم مرشح تتوافق معه، ويفضل أغلبها انتظار إن كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يرغب في الترشح لولاية خامسة، في حين يقول مقربون منه إنه لن يعلن موقفه من المسألة قبل مطلع العام المقبل.
وسُئل فتحي غراس، المتحدث باسم «الحركة الديمقراطية والاجتماعية» (حزب شيوعي سابقاً)، عن سبب دخوله المعترك الرئاسي، الذي أعلن عنه منذ أسابيع «بما أن الجميع يعلم أن مرشح السلطة، أياً كان اسمه، سيفوز في النهاية»، حسب عدد من المراقبين، فقال إن انتخابات الرئاسة «ستكون بالنسبة لنا منبراً نبلغ من خلاله رؤيتنا للقضايا الجارية في البلاد، وفي دول الجوار والعالم. وهي فرصة لتنظيم تجمعات غير متاحة خارج فترة الانتخابات لأن النظام دأب على إغلاق كل مساحات التعبير، وأولها وسائل الإعلام الحكومية الثقيلة».
ولم يسبق للتيار الشيوعي أن رشح شخصاً منه للرئاسيات، كما لم يقدم تزكية لأي مرشح آخر بمن فيهم اليسارية لويزة حنون، التي شاركت في ثلاثة استحقاقات ماضية. ولا يملك هذا التيار تجذراً في المجتمع، وله وجود في أوساط النخبة والفنانين، وغراس واحد منهم، باعتباره ممثلاً سينمائياً.
ويتوقع ترشح وجهين مألوفين في الرئاسيات، هما حنون وعلي فوزي رباعين، رئيس حزب صغير يدعى «عهد 54» (نسبة إلى ثورة الاستقلال التي انطلقت في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1954). ورغم أنهما يعرفان أن حظوظهما ضعيفة. إلا أنهما يريان أن الموعد الذي يأتي مرة كل أربع سنوات فرصة لبعث التواصل مع الجزائريين.
ورفض عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، الحديث بوضوح إن كان سيترشح للانتخابات، وقال في هذا السياق إن الموعد «لا يزال بعيداً، وخلال الفترة التي ستفصلنا عنه سنشهد لا محالة أحداثاً وتصريحات، ومواقف ستحسم خيارنا في الانتخاب، سواء بالمشاركة أو الوقوف وراء مترشح، أو أن نطلب من مناضلينا عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وفي كل الأحوال فإن مجلس الشورى عندنا هو من سيفصل في هذا الموضوع». كما رفض مقري الخوض فيما إذا كان يريد الترشح بقوله «نحن في الحزب لا نرشح أنفسنا، وإنما المناضلون هم من يختاروننا لنمثلهم».
من جهته، رأى عبد الله جاب الله، أقدم «الإسلاميين المشتغلين» بالسياسة، أنه «لا جدوى من المشاركة في الانتخابات لأنها ستكون مزورة كسابقاتها لصالح مرشح السلطة».
ودخل جاب الله السباق في السابق وخسر مرة أمام مرشح الجيش الجنرال اليامين زروال عام 1995، كما خسر مرتين أمام عبد العزيز بوتفليقة. وكان في كل مرة يتهم السلطة بالتزوير. وهو يرأس حالياً حزباً، لكنه منسحب تقريباً من السياسة.
ولا تبدو الأحزاب العلمانية كـ«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، و«جبهة القوى الاشتراكية»، منشغلتين كثيراً بالموعد المرتقب. وقد صرح قادة الحزبين المتجذرين بمنطقة القبائل، بأنهم لم يتداولوا القضية بعد. ويرجح أنهم سيقاطعون الاستحقاق الانتخابي. علماً بأن المرة الوحيدة التي شاركت فيها «القوى الاشتراكية» في انتخابات الرئاسة، كانت في 1999 بـ«فارسها» رجل الثورة المرحوم حسين آيت أحمد، لكن عشية انطلاق حملة الانتخابات انسحب من المنافسة مع 5 مرشحين آخرين، بحجة أنهم اكتشفوا أن قادة الجيش يدعمون ترشح بوتفليقة، الذي انخرط في السباق دون منافس. كما شارك سعيج سعدي، الرئيس السابق لـ«التجمع» في انتخابات 1995 وخسر الرهان أمام زروال.
وفي نظر الدكتور ناصر جابي، المتخصص في علم الاجتماع، فإنه «لا يوجد شك في أن الرئيس بوتفليقة سيعرض نفسه مجدداً على الصندوق، والمؤشرات التي تدل على ذلك تنظيم خروج ميداني له مرتين في المدة الأخيرة وفي العاصمة، وهذا لجس نبض الشارع حول مدى تقبله استمرار بوتفليقة في الحكم، رغم حالته الصحية المتدهورة». ومعروف في الجزائر أن استحقاقات البرلمان والبلدية يسمح فيها بهامش حرية للناخبين لاختيار مرشحيهم. أما الانتخابات الرئاسية فلا يمكن أن «يغامر» النظام بترك الصندوق يفرز مرشحاً ليس من اختياره.
ويعول قطاع من المعارضة على ضغط مفترض من «الخارج» لردع النظام عن فرض مرشحه في الانتخابات، لكن هذا الاحتمال غير وارد. ففرنسا التي تعد أكبر شريك تجاري، والولايات المتحدة التي تعتبر أهم شريك في مجال النفط، من مصلحتهما الحفاظ على استثماراتهما ومكاسبهما في الجزائر، ولحد الساعة فإن بوتفليقة يحقق لهما ذلك على أفضل ما يرام، حسب بعض المراقبين.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.