إنجلترا تخشى انتقام الروس من جمهورها "المستفز"... والمخابرات تبحث عن المشاغبين

مخاوف من انتقال الخلاف السياسي بين البلدين إلى المونديال

حافلة المنتخب الإنجليزي في روسيا تحت حراسة مشددة (إ.ب.أ)
حافلة المنتخب الإنجليزي في روسيا تحت حراسة مشددة (إ.ب.أ)
TT

إنجلترا تخشى انتقام الروس من جمهورها "المستفز"... والمخابرات تبحث عن المشاغبين

حافلة المنتخب الإنجليزي في روسيا تحت حراسة مشددة (إ.ب.أ)
حافلة المنتخب الإنجليزي في روسيا تحت حراسة مشددة (إ.ب.أ)

على الرغم من عدم وجودهما معا في مجموعة واحدة، إلا أن المواجهات بين الجماهير الإنجليزية والروسية تظل مشكلة أمام المسؤولين عن الأمن في كأس العالم 2018 في روسيا.
واشتهرت الجماهير الإنجليزية بأنها الأكثر شغبا وإثارة للمشاكل في أوروبا خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي قبل أن تبدأ الشرطة البريطانية في محاربة الأمر بطريقة فعالة ونجحت في القضاء على الشغب بنسبة كبيرة.
لكن الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة مرسيليا الفرنسية في يورو 2016 أعادت الحديث عن الشغب بين الجماهير الانجليزية مرة أخرى لكن هذه المرة بإضافة الجماهير الروسية.
واشتبكت جماهير إنجلترا مع بعض الفرنسيين خلال بطولة أمم أوروبا الأخيرة عام 2016، مما أجبر الشرطة على إطلاق قنابل الغاز ثم اشتبكت مرة أخرى مع الشرطة في اليوم التالي وتم إلقاء القبض على ستة من الجماهير وحكم عليهم بالسجن.
لكن الاشتباكات الأبرز كانت ضد الجماهير الروسية قبل مباراتهما التي انتهت بالتعادل 1-1 وتم إلقاء القبض على أكثر من 100 شخص من الجانبين وتم ترحيل 50 مشجعا روسيا.
وأسفرت الأحداث عن إصابة 100 مشجع إنجليزي بالإضافة إلى نقل 30 إلى مستشفى بينما قال مسؤول الشرطة البريطانية في مرسيليا في ذلك الوقت إن خمسة مشجعين كانوا في حالة خطيرة للغاية.
وقبل أشهر من انطلاق كأس العالم اجتمع مسؤولو الشرطة البريطانية مع نظرائهم في روسيا الذين حضروا عدة مباريات في الدوري الإنجليزي لمعرفة كيفية تعامل الشرطة مع الجماهير.

خلاف سياسي
وزادت الأوضاع سوءا من بين البلدين بعد اتهامات بريطانيا لروسيا بتنفيذ هجوم كيماوي بغاز الأعصاب السام على سيرغي سكريبال وهو عميل روسي مزدوج سابق وتبادل البلدان طرد الدبيلوماسيين.
وجرى ربط بين هذا الهجوم بحادث مقتل العميل السابق للاستخبارات الروسية ألكسندر ليتفننكو في لندن عام 2006.
وباع سكريبال الكثير من المعلومات إلى بريطانيا قبل أن تلقي السلطات الروسية القبض عليه وتحكم عليه بالسجن في عام 2006 لكنه لجأ إلى لندن بعد إطلاق سراحة في اتفاقية تبادل جواسيس في 2010.
وقالت تريزا ماي رئيسة الحكومة البريطانية إن الوزراء وأعضاء العائلة الملكية لن يسافروا إلى روسيا لحضور كأس العالم.
وقارن بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني بين ترويج روسيا لكأس العالم وما فعله أدولف هتلر في الترويج لدورة الألعاب الأولمبية برلين 1936.
وقال جونسون أمام لجنة العلاقات الخارجية في بلاده "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينوي استخدام كأس العالم للترويج لنظامه الفاسد والعنيف مثلما فعل هتلر للترويج للنازية في 1936".
وعلى الجانب الآخر خرج السفير الروسي في لندن ليؤكد ضمان سلامة الجماهير الإنجليزية في كأس العالم.
وأضاف ألكسندر ياكوفينكو في مؤتمر صحفي "تم إتخاذ كل الإجراءات المطلوبة. المسؤولون البريطانيون تواصلوا مع المسؤولين الروس لضمان سلامة كل الجماهير والبريطانيين في روسيا".
لكن مارك روبرتس نائب رئيس شرطة كرة القدم في بريطانيا أشار إلى أن الحضور الجماهيري الانجليزي سيكون أقل بكثير من البطولات الأخرى.

مخاوف بريطانية
وبعدما كان من المتوقع سفر نحو 20 ألف متفرج إنجليزي إلى روسيا سيكون العدد النهائي نحو عشرة آلاف مشجع فقط إلى روسيا مقارنة بنصف مليون سافروا إلى فرنسا في يورو 2016.
وقال روبرتس "هناك مخاطر لأننا لو نظرنا إلى ما حدث في مرسيليا فالجماهير الروسية كانت لديها نية إحداث الشغب والتسبب في إصابات".
وأضاف "يكفي فقط أن تشاهد على اليوتيوب وجود مشكلة حقيقية للشغب الجماهيري في روسيا وتصل إلى حد العنف الأقصى. لذا توجد مشكلة حقيقية".
وتابع "التوازن هو هل ستتعامل الشرطة الروسية مع الأمر بجدية؟ هل هناك التزام تام من الجانب الروسي للتعامل بجدية؟".
وأوضح الاتحاد الانجليزي أن مباراة واحدة فقط من مباريات إنجلترا الثلاث في دور المجموعات تم بيع التذاكر المخصصة لها بالكامل.
وأشار روبرتس إلى أنه سيتم منع سفر 1750 مشجعا بسبب حظرهم من حضور المباريات ومن بينهم 91 شخصا كانوا ممن شاركوا في أحداث العنف في مرسيليا 2016، بالإضافة إلى وجود تحقيقات بحق ما بين 30 إلى 35 آخرين بسبب أحداث فوضى في أمستردام على هامش مباراة ودية ضد هولندا في مارس آذار.
وطالب روبرتس الجماهير الإنجليزية باحترام الشعور الوطني في مدينة فولجوجراد التي يخوض فيها المنتخب أولى مبارياته في البطولة ضد تونس يوم 18 يونيو حزيران.
وشهدت فولجوجراد التي كانت تعرف في السابق باسم ستالينجراد وفاة العديد من الجنود الروس في الحرب العالمية الثانية.
وقال روبرتس "لا نريد أن تأتي الجماهير إلى هنا وتشرب الكحوليات ثم تهاجم النصب التذكاري في لندن لذا يجب علينا التعامل بالمثل عندما نسافر إلى الخارج ونحترم ثقافات الآخرين".
وأضاف "الجماهير يجب أن تتعامل بحذر مع الأعلام. نريد من الجماهير عدم التلويح بالأعلام في العلن. شاهدنا سفر جماهير إنجلترا إلى إسبانيا والغناء عن جبل طارق وإلى دورتموند والغناء عن الحرب العالمية. لذا لا أريد توضيح إلى مدى سيكون من الغباء فعل ذلك في روسيا".
وتابع "الجماهير يجب أن تتصرف باحترام وأن تكون ضيفة رائعة وتسعى لعقد صداقات وألا تتورط في أي أمور معادية وإثارة البعض واستفزازهم فهي بذلك ربما تتعرض لمخاطر كبيرة".
وبجانب تأكيد السفير الروسي في لندن على سلامة الجماهير تحدث ألكسندر شبريجين رئيس رابطة المشجعين الروس عن أن جهاز الاستخبارات الروسي يقوم بالتدقيق في قوائم المشجعين بطلب من الحكومة.
وقال "كل رجال جهاز الاستخبارات الروسي يركزون على كأس العالم، إنهم لا يبحثون عن جواسيس أجانب بل عن المشاغبين فقط وفقا لتعليمات مشددة من الحكومة".
وتأمل روسيا في تحسين صورتها الرياضية الملطخة بعد فضيحة المنشطات التي ضربتها قبل أولمبياد 2016 في ريو دي جانيرو.
وفضح تقرير للجنة مستقلة بطلب من الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات وجود عملية ممنهجة لتناول المنشطات برعاية الدولة في أولمبياد سوتشي الشتوية في 2014 وهو ما أدى إلى حظر مشاركة روسيا في اولمبياد ريو باستثناء مجموعة صغيرة أثبتت براءتها وشاركت تحت العلم الأولمبي وهو ما تكرر في أولمبياد بيونغ تشانغ الشتوية في بداية العام الحالي.


مقالات ذات صلة

رياضة سعودية التقرير يتزامن مع حصول السعودية على شرف تنظيم كأس العالم 2034

«الشرق للأخبار»: 450 مليون دولار يوفرها «فيفا» من استضافة البطولة التي يشارك فيها 48 منتخباً

أصدرت «الشرق» للأخبار ثامن تقاريرها المطولة، والتي ترصد البيانات المالية في قطاع الرياضة، وهو «مونديال الشرق - السعودية 2034».

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة عربية الدكتور جورج كلاس وزير الشباب والرياضة اللبناني (الشرق الأوسط)

وزير الرياضة اللبناني: استضافة مونديال 2034 تجسيد للقيم السعودية «الثلاث» 

وجّه وزير الشباب والرياضة اللبناني، الدكتور جورج كلاس، تهنئة حارة إلى السعودية بعد نجاحها في الفوز بحق استضافة وتنظيم بطولة كأس العالم 2034.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة سعودية المسؤولون السعوديون كانوا في قمة السعادة بعد إعلان الاستضافة (إ.ب.أ)

في أي شهر ستقام كأس العالم 2034 بالسعودية؟

حققت المملكة العربية السعودية فوزاً كبيراً وعظيماً في حملتها لجذب الأحداث الرياضية الكبرى إلى البلاد عندما تم تعيينها رسمياً مستضيفاً لكأس العالم 2034، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية استاد المربع الجديد (واس)

استاد المربع الجديد... أيقونة الملاعب السعودية في مونديال 2034

يبرز استاد المربع الجديد بصفته أحد الملاعب المستضيفة لمباريات كأس العالم 2034 ومن المرتقب أن يؤدي دوراً أساسياً في نجاح هذا الحدث الرياضي العالمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الكنيست يصادق على قوانين «إصلاح القضاء» متجاهلاً التحذيرات

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)
TT

الكنيست يصادق على قوانين «إصلاح القضاء» متجاهلاً التحذيرات

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)

صادق الكنيست الإسرائيلي، في وقت مبكر الثلاثاء، بالقراءة الأولى على مشاريع قوانين «الإصلاح القضائي» المثيرة للجدل التي تقيد يد المحكمة العليا وتمنعها من أي مراجعة قضائية لبعض القوانين، كما تمنعها من عزل رئيس الوزراء. ومر مشروع قانون «التجاوز» بأغلبية 61 مقابل 52، بعد جلسة عاصفة وتعطيل طويل وتحذيرات شديدة اللهجة من قبل المعارضة، حتى تم إخلاء الكنيست بعد الساعة الثالثة فجر الثلاثاء.

ويمنح التشريع الذي يحتاج إلى قراءتين إضافيتين كي يتحول إلى قانون نافذ، حصانة لبعض القوانين التي تنص صراحة على أنها صالحة رغم تعارضها مع أحد قوانين الأساس شبه الدستورية لإسرائيل. ويُطلق على هذه الآلية اسم «بند التجاوز»؛ لأنه يمنع المراجعة القضائية لهذه القوانين.

ويقيد مشروع القانون أيضاً قدرة محكمة العدل العليا على مراجعة القوانين التي لا يغطيها بند الحصانة الجديد، بالإضافة إلى رفع المعايير ليتطلب موافقة 12 من قضاة المحكمة البالغ عددهم 15 قاضياً لإلغاء قانون. وينضم مشروع «التجاوز» إلى عدد كبير من المشاريع الأخرى التي من المقرر إقرارها بسرعة حتى نهاية الشهر، وتشمل نقل قسم التحقيق الداخلي للشرطة إلى سيطرة وزير العدل مباشرة، وتجريد سلطة المستشارين القانونيين للحكومة والوزارات، وإلغاء سلطة المحكمة العليا في مراجعة التعيينات الوزارية، وحماية رئيس الوزراء من العزل القسري من منصبه، وإعادة هيكلة التعيينات القضائية بحيث يكون للائتلاف سيطرة مطلقة على التعيينات.

كما يعمل التحالف حالياً على مشروع قانون من شأنه أن يسمح ببعض التبرعات الخاصة للسياسيين، على الرغم من التحذيرات من أنه قد يفتح الباب للفساد. قبل التصويت على مشروع «التجاوز»، صوّت الكنيست أيضاً على مشروع «التعذر»، وهو قانون قدمه الائتلاف الحاكم من شأنه أن يمنع المحكمة العليا من إصدار أوامر بعزل رئيس الوزراء حتى في حالات تضارب المصالح. وقدم هذا المشروع رئيس كتلة الليكود عضو الكنيست أوفير كاتس، بعد مخاوف من أن تجبر محكمة العدل العليا رئيس الحزب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التنحي، بسبب تضارب المصالح المحتمل الذي قد ينتج عن إشرافه على خطة تشكيل القضاء بينما هو نفسه يحاكم بتهمة الفساد. وبموجب المشروع، سيكون الكنيست أو الحكومة الهيئتين الوحيدتين اللتين يمكنهما عزل رئيس الوزراء أو أخذه إلى السجن بأغلبية ثلاثة أرباع، ولن يحدث ذلك إلا بسبب العجز البدني أو العقلي، وهي وصفة قالت المعارضة في إسرائيل إنها فصّلت على مقاس نتنياهو الذي يواجه محاكمة بتهم فساد.

ودفع الائتلاف الحاكم بهذه القوانين متجاهلاً التحذيرات المتزايدة من قبل المسؤولين السياسيين والأمنيين في المعارضة، وخبراء الاقتصاد والقانون والدبلوماسيين والمنظمات ودوائر الدولة، من العواقب الوخيمة المحتملة على التماسك الاجتماعي والأمن والمكانة العالمية والاقتصاد الإسرائيلي، وعلى الرغم من الاحتجاجات الحاشدة في إسرائيل والمظاهرات المتصاعدة ضد الحكومة. وأغلق متظاهرون، صباح الثلاثاء، بعد ساعات من مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى على مشروعي «التجاوز» و«التعذر»، الشارع المؤدي إلى وزارات المالية والداخلية والاقتصاد في القدس، لكن الشرطة فرقتهم بالقوة واعتقلت بعضهم.

ويتوقع أن تنظم المعارضة مظاهرات أوسع في إسرائيل هذا الأسبوع. وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قد دعا، الاثنين، رؤساء المعارضة الإسرائيلية للاستجابة لدعوة الليكود البدء بالتفاوض حول خطة التغييرات في الجهاز القضائي، لكن الرؤساء ردوا بأنهم لن يدخلوا في أي حوار حول الخطة، ما دام مسار التشريع مستمراً، وأنهم سيقاطعون جلسات التصويت كذلك. وقال أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «يسرائيل بيتنو» المعارض بعد دفع قوانين بالقراءة الأولى في الكنيست: «هذه خطوة أخرى من قبل هذه الحكومة المجنونة التي تؤدي إلى شق عميق في دولة إسرائيل سيقسمنا إلى قسمين».

في الوقت الحالي، يبدو من غير المحتمل أن يكون هناك حل وسط على الرغم من دعوات الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لوقف التشريع. وكان قد أعلن، الاثنين، أنه يكرس كل وقته لإيجاد حل لأزمة الإصلاح القضائي، قائلاً إن الوضع هو أزمة دستورية واجتماعية «خطيرة للغاية». ويرى هرتسوغ أن خطة التشريع الحالية من قبل الحكومة خطة «قمعية» تقوض «الديمقراطية الإسرائيلية وتدفع بالبلاد نحو كارثة وكابوس». وينوي هرتسوغ تقديم مقترحات جديدة، وقالت المعارضة إنها ستنتظر وترى شكل هذه المقترحات.

إضافة إلى ذلك، صادق «الكنيست» بالقراءة الأولى على إلغاء بنود في قانون الانفصال الأحادي الجانب عن قطاع غزة، و4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد 18 عاماً على إقراره. ويهدف التعديل الذي قدمه يولي إدلشتاين، عضو الكنيست عن حزب الليكود ورئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، إلى إلغاء الحظر على المستوطنين لدخول نطاق 4 مستوطنات أخليت في الضفة الغربية المحتلة عام 2005، وهي «جانيم» و«كاديم» و«حومش» و«سانور»، في خطوة تفتح المجال أمام إعادة «شرعنتها» من جديد. وكان إلغاء بنود هذا القانون جزءاً من الشروط التي وضعتها أحزاب اليمين المتطرف لقاء الانضمام إلى تركيبة بنيامين نتنياهو. ويحتاج القانون إلى التصويت عليه في القراءتين الثانية والثالثة ليصبح ساري المفعول.