«ريبوسي» تحط في دبي بإرثٍ غنيٍّ وروح شابة ترقص على إيقاعات العصر

مسيرة فنية تشكّلت في بداية القرن الماضي وتتجسد حالياً في تصاميم هندسية

خاتم بتصميم «ريبوسي» - خاتم من الذهب الوردي من مجموعة «أنتيفير» -عقد من مجموعة «أنتيفير» الأخيرة - بنجامين كومار الرئيس التنفيذي لدار «ريبوسي» - أقراط أذن مرصعة بالألماس والزمرد بتصميم شبابي
خاتم بتصميم «ريبوسي» - خاتم من الذهب الوردي من مجموعة «أنتيفير» -عقد من مجموعة «أنتيفير» الأخيرة - بنجامين كومار الرئيس التنفيذي لدار «ريبوسي» - أقراط أذن مرصعة بالألماس والزمرد بتصميم شبابي
TT

«ريبوسي» تحط في دبي بإرثٍ غنيٍّ وروح شابة ترقص على إيقاعات العصر

خاتم بتصميم «ريبوسي» - خاتم من الذهب الوردي من مجموعة «أنتيفير» -عقد من مجموعة «أنتيفير» الأخيرة - بنجامين كومار الرئيس التنفيذي لدار «ريبوسي» - أقراط أذن مرصعة بالألماس والزمرد بتصميم شبابي
خاتم بتصميم «ريبوسي» - خاتم من الذهب الوردي من مجموعة «أنتيفير» -عقد من مجموعة «أنتيفير» الأخيرة - بنجامين كومار الرئيس التنفيذي لدار «ريبوسي» - أقراط أذن مرصعة بالألماس والزمرد بتصميم شبابي

تشهد دبي منذ بداية العام سلسلة من الافتتاحات والتوسعات. فكل بيت أزياء أو مجوهرات يخطر على بالك رسخ مكانته في المنطقة بديكورات تعكس إما تاريخها العريق وإما حداثتها التي تواكب العصر. فالمرأة الشرقية أكدت عبر التاريخ أنها أكبر عاشقة للجمال. وإذا كان هذا الجمال مطعماً بالغالي والنفيس فهذا هو عز الطلب. لهذا ليس غريباً أن نسمع في كل أسبوع تقريباً بحفل افتتاح لمحل جديد. بعد «سان لوران» و«ديور» و«شانيل» و«فندي» و«هيرمس» وغيرها من الأسماء العالمية، ها هي دار «ريبوسي» الإيطالية تلتحق بالركب محمّلة بإرثٍ يعود إلى بداية القرن العشرين. فقد افتتحت محلها الجديد في «دبي مول»، وأملها أن يعكس كل ركن وكل زاوية فيه عراقتها من جهة وحداثتها من جهة ثانية. فرغم مرور نحو قرن عليها، ترى نفسها ابنة اليوم، تماماً مثل مديرتها الفنية غايا، حفيدة المؤسس، التي درست علم الآثار أساساً قبل أن تلتحق بالدار في عام 2007.
عندما تسلمت الإدارة الفنية لم يتوقع أحد أن ترقى بها إلى مصافّ الكبار وتدخل المنافسة معهم بندّية، فعمرها لم يكن يتعدى 21 عاماً آنذاك. كما أنها لم تُعطِ أي انطباع بأنها كانت تريد أن ترث هذه المسؤولية، فهي أولاً وقبل كل شيء إيطالية تقدِّر مفهوم العائلة. كان المطلوب منها أن تضخها بدم شاب يعيد إليها الرونق والنضارة، وهو ما نفّذته.
صحيح أن عالم المجوهرات والأحجار الكريمة قديم قدم الزمن، ولا يمكن أن تؤثر الأزمات والتغيرات لا على حجم أحجاره ولا قيمتها، إلا أن التغيرات التي يشهدها العالم في السنوات الأخيرة، باتت تفرض استراتيجيات سريعة ونظرة من زاوية مختلفة على أمل استقطاب جيل المستقبل. لهذا عندما سلمت الدار، التي تأسست في عام 1925، مقاليدها إلى ابنة في العشرينات من العمر، فإن الأمر لم يكن اعتباطاً ولا مجازفة. كان واضحاً أنها أكثر من يفهم التغيرات التي تقف وراءها بنات جيلها وأكثر من يتقن لغة مخاطبتهن. وكما أشار بينجامين كومار الرئيس التنفيذي للدار، في لقاء أجرته معه «الشرق الأوسط» في مكتبه بباريس، فإن «زبونات هذا الجيل يُقدرن التصاميم التي تكون بمثابة جسر بين الماضي والمستقبل. فآخر شيء يفكرن فيه هو إلغاء القديم، وكل ما يطلبنه تطويره وتطويعه ليناسب إيقاع حياتهن الجديد».
وهنا تكمن «قوة «ريبوسي» حسب قوله «في جمعها تقاليد الماضي، بكل ما يعنيه من حرفية، بتقنيات العصر وأدواته التي تمثلها غايا وأصبحت تتجلى بوضوح في تصاميم هندسية متميزة».
ما يذكره الكثيرون أنه عندما تسلمت غايا مفاتيح دار أجدادها، لم يتوقعوا نجاحها. أول ما تبادر إلى أذهانهم أنها مجرد فتاة مدللة ستتعامل مع الأمر على أنه هواية. لكنها خيّبت ظنهم، ونجحت في وقت وجيز أن تضخ تصاميم الدار بحيوية لم تكن معهودة من قبل. في عام 2011 مثلاً حققت مجموعتها «بيربير» التي استلهمتها من البربر، نجاحاً تجارياً لافتاً. وكانت النتيجة أنها جذبت أيضاً انتباه مجموعة «إل في إم إتش» التي لم تتردد في شراء حصة من «ريبوسي» في عام 2015 بهدف توسيعها وافتتاح محلات في عواصم عالمية. وبالفعل تم افتتاح محلات جديدة في كل من باريس، وميلانو، وسويسرا، والسعودية، ومونتي كارلو، واليابان، وكوريا، وروسيا، وأخيراً وليس آخراً دبي.
وكأن بصمتها وحدها لا تكفي، فتعاونت مع مصممين مثل ألكسندر وانغ وجوزيف التازورا سابقاً لكي تضفي على تصاميمها لمسة من الموضة تعزز مكانتها في أوساط الجيل الصاعد من الفتيات العاشقات للموضة.
التحاق الرئيس التنفيذي بينجامين كومار، بالدار الإيطالية هو الآخر ليس اعتباطاً. فالجانب الفني لا يكتمل من دون عقل يُدبر ويدير ويبتكر استراتيجيات مُقنعة. وتجدر الإشارة إلى أنه ليس غريباً عن عالم المجوهرات. فقد سبق له العمل في دار «شانيل» لسنوات طويلة، وبالتالي يعرف تماماً ما تحتاج إليه أي ماركة لتسويقها والارتقاء بلغتها الترويجية إلى أعلى المستويات. يقول بتواضع شديد إن مهمته ليست صعبة، لأن الدار الإيطالية تتوفر على كل المؤهلات والعناصر التي تجعلها قابلة للعب مع الكبار «فلا هي تفتقر إلى العراقة والتاريخ ولا إلى الفنية التي تتطلبها مستجدات العصر».
ويضيف: «عندما يتعلق الأمر بالتصميم، فنحن نريد أن نتخطى المتعارف عليه والتصاميم التقليدية لكن ليس على حساب ماضينا... لا أنكر أننا نعتبر الغوص في تاريخ الدار وإبداعات الأجداد أمراً ضرورياً على شرط ألا يأتي على حساب التطوير».
وهذا تحديداً ما يجعله يُشكل مع غايا ثنائياً ناجحاً لأنهما «على نفس الموجة» حسب قوله. بأسلوبها الذي يتحدى المتعارف عليه وبحثها الدائم عن الجديد مع احترام رموز الدار ولمسات الأجداد فإنها تجعل مهمته سهلة إلى حد كبير. ويشير كومار أيضاً إلى نقطة مهمة وهي أن عائلة ريبوسي تعشق الفن، وهو ما يسري في جينات المصممة الشابة، التي اعترفت في بعض اللقاءات الصحافية بأنها قبل أن تفكر في تصميم المجوهرات كانت ترغب أن تمتهن الفن. فهو بالنسبة إليها وسيلة مثالية للتعبير عما يجول بداخها، لكن حبها للعائلة واحترامها لهم دفعاها لكي تقبل المسؤولية وتأخذ على عاتقها حمل الدار إلى الألفية. لم تتخلَّ عن الفن بل دمجته مع إرث العائلة لتكون النتيجة خلطة عصرية مطعمة بأشكال هندسية، وأحياناً معمارية، مثيرة. ما اكتشفته أن تصميم المجوهرات وجه من وجوه الفن الكثيرة، وأن أي قطعة لا تقل أهمية عن اللوحات والمنحوتات في حال تم التعامل معها باحترام. بيد أن الملاحظ في بعض المجموعات الأخيرة، اجتهادها لتحقيق المعادلة بين الفني والتجاري. معادلة صعبة للغاية لكن ليست مستحيلة بالنسبة إلى «ريبوسي» حسبما يقول بينجامين كومار، لأن الدار تطرح مجموعات بأسعار مقدور عليها تخاطب الشابات، مثل مجموعتها «أنتيفير» وغيرها التي يمكن أن تجد فيها قطعاً ناعمة يمكنها أن تضيف إليها كلما سمحت لها إمكاناتها لترصها فتبدو سميكة ومبتكرة في الوقت ذاته.

الفن في جيناتها
كبرت غايا في وسط فني، إلى حد القول إن والدها لقنه لها بملعقة من ذهب. كانت تقضي ساعات معه ترسم أو تراقبه وهو يصمم. عندما كبرت درست الفنون الجميلة لتعود بعدها إلى حُضن العائلة. «عندما تمتلك عائلتك شيئاً ثميناً معبّأ بالتقاليد والفن، من الصعب أن تتجاهله ولا تتفاعل معه» حسب قولها. من هذا المنظور بدأت تتدخل بالتدريج في العمل. وسرعان ما انتبه كل من حولها إلى أنها تنظر إلى الأشياء من منظور شبابي يعكس رؤية وطموحات بنات جيلها. لكنها لا شك أن تخصصها في الفنون الجميلة وحبها لفن العمارة والهندسة ساعداها على التميز. لم تمر سوى بضع سنوات على التحاقها بالدار حتى بدأ اسم «ريبوسي» يتألق وينتشر عالمياً.

محطات تاريخية

> تأسست «ريبوسي» في العشرينات من القرن الماضي، وتحديداً عام 1925، في مدينة تورين الإيطالية. وتوارثها الأبناء منذ ذلك الحين إلى اليوم حتى بعد أن اشترت مجموعة «إل في إم إتش» الفرنسية حصة منها.
> بعد الحرب العالمية الثانية، تسلم كونستانتينو المشعل من والده، بعد أن أنهى دراسته في مجال التصميم الصناعي، وهو ما كان مناسباً في فترة شهدت فيها إيطاليا انتعاش الفن المعاصر. في هذه الفترة افتتح كونستانتينو أول محل في تورينو، وتميزت تصاميمها بالـ«آرت ديكو».
> ابنه ألبيرتو بدأ يصمم للدار في سن صغيرة، وكان له الفضل في إثارة أنظار العالم إلى الدار بعد أن افتتح أول محل لها في مونتي كارلو عام 1979، ثم باريس في عام 1986، العام الذي وُلدت فيه ابنته غايا.
> في عام 2007 أُنيطت مهمة التصميم الفني بالحفيدة غايا وكان عمرها لا يتعدى 21 عاماً. كانت خياراً مثالياً لأنها تعكس طموحات بنات جيلها فضلاً عن عشقها للفن. كانت خطتها أن تنتهج خطاً جديداً تخض به المتعارف عليه من دون أن تهد إرثها. مثل جدها تبنت الموجة السائدة في عصرها وحلّقت بها. فبينما مال هو إلى الـ«آرت ديكو» والتصاميم التي فرضتها المدرسة الصناعية، تميل هي إلى فن العمارة التي تُجسدها في تصاميم هندسية مبتكرة تبدو أحياناً كأنها منحوتات.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

إيلي صعب لـ «الشرق الأوسط»: «موسم الرياض» جسّد حلماً عربياً

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

إيلي صعب لـ «الشرق الأوسط»: «موسم الرياض» جسّد حلماً عربياً

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

مطلع العام الحالي، بدأت القصة تنسج خيوطها في لندن، وفي الرياض اكتملت في ليلة استثنائية بعنوان «1001 موسم من إيلي صعب»، تحتفل بمسيرة مصمم أصبح فخر العرب، كما بالثقافة والموسيقى والترفيه.

في حفل ضخم حضره نجوم السينما والموسيقى من كل أنحاء العالم، وأحياه نجوم مثل سيلين ديون وجينفر لوبيز وكاميلا كابيلو ونانسي عجرم وعمرو دياب، عاش أكثر من 1000 ضيف ساعات ستبقى محفورة في الأذهان؛ لما فيها من إبداع وإبهار تعمّده مصمم الأزياء اللبناني، وكأنه يتحدى به العالم.

ففي بريقها تكمن قوته، وفي أنوثتها الرومانسية أساس مدرسة أرساها منذ 45 عاماً في بيروت، ونشرها في كل أنحاء العالم.

وقال صعب لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما قُدم في (موسم الرياض) جسّد حلمنا جميعاً، ونستحقه بوصفنا عرباً». وأضاف أن سعادته بهذا الحدث تنبع من نجاحه في إثبات أن منطقة الشرق الأوسط معطاءة وقادرة على الإبداع.

أما عرضه الذي ضم نحو 300 قطعة جديدة وأرشيفية، فكان يحمل رسالة حب للمرأة في كل زمان ومكان، وهو ما أكده الفستان الأيقوني الذي تسلمت به هالي بيري جائزة الأوسكار في عام 2002.