لبنان: وزراء أكثر من الوزارات... وأحزاب تطالب بحقائب جديدة

اقتراحان لفصل النقل عن الأشغال والداخلية عن البلديات

جلسة لمجلس الوزراء اللبناني في مارس الماضي (دالاتي ونهرا)
جلسة لمجلس الوزراء اللبناني في مارس الماضي (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان: وزراء أكثر من الوزارات... وأحزاب تطالب بحقائب جديدة

جلسة لمجلس الوزراء اللبناني في مارس الماضي (دالاتي ونهرا)
جلسة لمجلس الوزراء اللبناني في مارس الماضي (دالاتي ونهرا)

عشيّة كل استحقاق حكومي في لبنان، يعود صراع القوى السياسية على الحصص والحقائب الوزارية الأساسية إلى المربّع الأول، فيحاول كلّ طرف تثبيت موقعه في المعادلة السياسية، وتقديم الخدمات للناخبين والأنصار من خلال هذه الوزارات التي يتحوّل بعضها إلى محميّات طائفية أو حزبية، بحسب انتماء الوزير الذي يتربّع على رأسها.
وغالباً ما يدفع هذا الصراع بعض القوى إلى المطالبة بإلغاء وزارات، كما فعل وزير الإعلام في الحكومة المستقيلة ملحم رياشي عندما تعهّد بالعمل على إلغاء وزارة الإعلام، أسوة بالدول المتقدمة التي لا توجد فيها وزارة تراقب الإعلام الحر، وتعديل مهمتها لتصبح وزارة للحوار والتواصل، أو إلغاء وزارة المهجرين كما طالب الحزب التقدمي الاشتراكي عبر النائب هادي أبو الحسن، أو إنشاء وزارات جديدة، كما يفعل «حزب الله» الذي يصرّ على استحداث وزارة للتخطيط تسند مهامها إلى شخصية من محازبيه.
وتتوزع الحقائب على 22 وزارة تقريباً، هي: المال، والخارجية والمغتربين، والداخلية والبلديات، والدفاع الوطني (تسمّى وزارات سياسية)، والأشغال العامة والنقل، والاتصالات، والطاقة والمياه، والشؤون الاجتماعية، والتربية الوطنية، والصحة والزراعة (تسمّى وزارات خدماتية)، والعدل، والإعلام، والثقافة، والطاقة والمياه، والشباب والرياضة، والصناعة، والعمل، والتنمية الإدارية، والبيئة، والسياحة، والاقتصاد، والتجارة وهي وزارات عادية، وعادة ما تتسابق الأحزاب على الحقائب الخدماتية، فيما توزع الوزارات السيادية على الطوائف الكبرى؛ أي الموارنة والسنّة والشيعة.
وفي حين ينقسم مجلس الوزراء مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، درجت العادة في حكومات ما بعد «الطائف»، على توزير أشخاص من دون حقائب وزارية، أي بلا وزارات ولا حتى مكاتب خاصة بهم، والغاية من ذلك منح أوسع تمثيل للقوى السياسية، وقد أطلق على هؤلاء اسم «وزراء دولة»، حيث لا تأثير لهم إلا بالتصويت داخل مجلس الوزراء على القرارات المهمة، التي ترجّح كفّة طرف على آخر، علماً بأن هناك مرات قليلة طرحت فيها بعض المشروعات للتصويت، لأن أغلب القرارات التي تتخذها الحكومات اللبنانية تكون بالتوافق.
ورغم الامتعاض من هذا الانفلاش وتشكيل أغلب الحكومات من 30 وزيراً، فإنه تقدم أمس رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل والنائبان نديم الجميل وإلياس حنكش، باقتراحي قانون إلى مجلس النواب يقضي أحدهما بفصل وزارة النقل عن الأشغال العامة والثاني بفصل وزارة الداخلية عن البلديات، ليشكلا بذلك أول الاقتراحات التي تتقدم بها كتلة نواب «الكتائب» خلال الولاية البرلمانية الجديدة. وعدّ الخبير القانوني والدستوري النائب السابق صلاح حنين، أن «الحكومات الفضفاضة لا لزوم لها، ويجب التوقف عن تأليف حكومات من 30 وزيراً، والعودة إلى 14 وزيراً فقط، كما هي الحال في دول أكبر من لبنان بعشرات الأضعاف».
ورأى حنين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يمكن للوزير الواحد أن يتولى حقيبتين منسجمتين مع بعضهما، مثل التربية والثقافة وغيرهما»، مشيراً إلى أن «الحكومة المصغرة تكون منسجمة وأكثر فاعلية وإنتاجية»، عادّاً أن «المطلوب في هذه المرحلة دمج وزارات ببعضها، وليس فصلها واستحداث وزارات جديدة». وعبر عن أسفه لأن «وزراء الدولة يعينون بلا مهام، حتى إن البعض منهم لا يطلع على جدول أعمال مجلس الوزراء، وهو ما يجعلنا أمام حكومات محاصصة وتنفيعات، وليس حكومة عمل وإنتاج»، لافتاً إلى أن «عدد النواب (128) أكبر مما يحتاجه لبنان، ولذلك علينا العودة إلى 108 نواب حسبما أقرّ في اتفاق الطائف».
وحاولت حكومة تصريف الأعمال التي شكلها الرئيس سعد الحريري في نهاية عام 2016، إسناد مهام جديدة لوزراء الدولة، بحيث سمّي معين المرعبي وزيراً لشؤون النازحين، ونقولا تويني وزيراً لشؤون مكافحة الفساد، وميشال فرعون وزير دولة لشؤون التخطيط، وجان أوغاسبيان وزير دولة لشؤون المرأة، وأيمن شقير وزير دولة لشؤون حقوق الإنسان، وبيار رفول وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية. لكنّ كلّ هذه التبدلات لم يجد فيها السياسي اللبناني توفيق الهندي، سوى «توزيع وزراء في إطار دولة غير موجودة»، وسأل: «ما قيمة الوزارات والحقائب، بعد تصريح قاسم سليماني (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني) الذي اعتبر أن المقاومة في لبنان (حزب الله) تحولت إلى حكومة مقاومة؟». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «مطلب إلغاء وزارة واستحداث أخرى، وتقسيم الوزارة الواحدة إلى عدّة وزارات، تبدو مطالب سلطوية صغيرة، تحاول إلهاء المواطن عن مشروع انخراط لبنان بالإمبراطورية الفارسية». وقال: «بات واضحاً أن المسؤولين أعلنوا عجزهم عن مواجهة المشاريع الخطيرة، ولذلك يتلهون اليوم بالقشور السخيفة وبفتات السلطة».
وجاء في الأسباب الموجبة لاقتراح نواب «الكتائب»، أن «دمج وزارتي النقل والأشغال العامة، أثبت بعد مضي 18 عاماً عدم فاعليته وبات من الضروري أن تتفرغ وزارة لموضوع النقل حصراً»، مشيراً أيضاً إلى أن «دمج وزارة الداخلية بوزارة الشؤون البلدية والقروية الذي حصل عام 2000 أثبت عدم فاعليته أيضاً، خصوصا بعدما فاق عدد البلديات 1030 بلدية وبات من الضروري فصل الأمن والأحوال الشخصية والسياسية عن الإنماء والبيئة والاقتصاد المحلي».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.