الوحدات الإدارية تشهد طفرة في سوق العقارات المصرية

تحيط بها مساحات خضراء وكراجات للسيارات وتسهيلات في السداد لمواجهة ارتفاع الأسعار

مقر إداري لإحدى الشركات بمدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة
مقر إداري لإحدى الشركات بمدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة
TT

الوحدات الإدارية تشهد طفرة في سوق العقارات المصرية

مقر إداري لإحدى الشركات بمدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة
مقر إداري لإحدى الشركات بمدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة

تشهد سوق العقارات المصرية نشاطاً ملحوظاً في مجال تسويق الوحدات الإدارية، بالتزامن مع الإقبال المتزايد من جانب المستثمرين على إنشاء مدن وتجمعات سكنية وإدارية جديدة، استجابة للطلبات المتزايدة على هذا النوع من العقارات، وخاصة في المدن الجديدة، وتلك المحيطة بالعاصمة الإدارية الجديدة. ويتوقع خبراء العقارات أن تشهد الفترة المقبلة زيادة في أسعار شراء وإيجار الوحدات الإدارية، ونمواً ملحوظاً لما يعرف بـ«المدن التجارية المتكاملة»، أو «Business park».
ووفقاً لتقرير أعدته شركة «جيه إل إل» للاستشارات العقارية، حول أداء السوق العقاري المصري في الربع الأول من العام الجاري 2018، ونشرته على موقعها الإلكتروني نهاية أبريل (نيسان) الماضي، فإن «المؤشرات الإيجابية للسوق العقارية في مصر أدت إلى إطلاق مشروعات لإنشاء وحدات إدارية جديدة، ومدن تجارية متكاملة».
وفي هذا الإطار أطلقت شركة «سوديك» للاستثمارات العقارية، مشروع «Eastown District New Cairo) «EDNC) بالقرب من مشروعها السكني في القاهرة الجديدة، وهو مشروع لمجمع تجاري متكامل، يتضمن 66 ألف متر مربع من المكاتب التجارية، يتخللها 22 ألف متر مربع من المساحات الخضراء، ومن المقرر الانتهاء من المشروع في عام 2021. وفي القاهرة الجديدة أيضاً أعلنت «هايد بارك» للتنمية عن إنشاء منطقة تجارية جديدة تضم 21 مبنى، تحتوي على مساحة 116 ألف متر مربع من المكاتب التجارية. كما أعلنت «ريدكون ميديكال بارك» عن المرحلة الأولى من المجمع الطبي «البروج» على مساحة 11 ألف متر مربع، ويضم مساحات مختلفة للعيادات، ومن المقرر الانتهاء منه بحلول 2020.
وتقوم فكرة الوحدات الإدارية الجديدة على عمل تجمعات تجارية متكاملة تحيط بها الحدائق، وتتوفر بها جراجات للسيارات، وتكون مجاورة للتجمعات السكنية «الكمبوندات» الجديدة، بحيث يكون العمل بجوار السكن في تجمعات سكنية مغلقة بعيداً عن الزحام.
مشروع «أوفس بارك»، الذي تنفذه شركة «هايد بارك»، يتضمن إنشاء مكاتب ووحدات إدارية فخمة، تطل على مساحات خضراء وبحيرات صناعية، بينما تنفذ شركة «سوديك» مشروع «EDNC» على مساحة 90.768 ألف متر مربع، ويتضمن مساحات للمشي والتسوق والعمل، وتعرض هذه الوحدات الإدارية للبيع بالتقسيط لمدد تصل إلى 10 سنوات في بعض الأحيان، على عكس الوحدات الإدارية القديمة التي تكون معروضة للإيجار في الغالب، وعند البيع لا تكون هناك تسهيلات في السداد.
ويعتبر الدكتور حسين الحمصاني (خبير تقييم عقاري معتمد بالبنك المركزي) انتشار هذا النوع من المشروعات سلاحاً ذا حدين، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «مشروعات الوحدات الإدارية الجديدة تتضمن مزايا كثيرة، تتفوق بها على تلك الموجودة في الأماكن التقليدية، مثل مدينة نصر ووسط البلد»، موضحاً أن «معظم الوحدات الإدارية القديمة في وسط البلد ومدينة نصر غير مرخصة للمهام التجارية، فهي في الأساس وحدات سكنية يتم استغلالها لأغراض تجارية، ولا تتجاوز نسبة الوحدات المرخصة إدارياً الـ10 في المائة، إضافة إلى أنها تقع في أماكن مزدحمة لا تتوفر فيها جراجات للسيارات، كما أن شكل المباني قديم لا يعطي إحساساً بارتفاع القيمة».
لكن في الوقت نفسه تتمتع الوحدات الإدارية القديمة بميزة تنافسية عن تلك الوحدات المزمع إنشاؤها في المدن الجديدة، وهي وفقا للحمصاني: «انخفاض أسعار الإيجارات، وسهولة الوصول إليها حيث تقع في قلب القاهرة، وسط شبكة مواصلات كبيرة»؛ لكن المشروعات الجديدة تتغلب على هذه الميزات التنافسية بتقديم تسهيلات في السداد تصل إلى 10 سنوات أحياناً، لتقليل الإحساس بارتفاع أسعار الوحدات الإدارية في المدن الجديدة.
ويضيف الحمصاني أن «سعر المتر في مناطق وسط البلد يتراوح بين 8 آلاف إلى 10 آلاف جنيه للوحدات الإدارية، بينما يتراوح سعر المتر في الوحدات الإدارية في المدن الجديدة بين 25 ألف إلى 45 ألف جنيه، وفقاً للموقع والشركة المنفذة وطريقة السداد».
وتوقع التقرير أن «تشهد الوحدات التجارية نمواً في الفترة المقبلة، في ظل ارتفاع الطلب عليها»، مشيراً إلى «وجود مساحات خضراء وأماكن واسعة وجراجات للسيارات، تعد أحد العوامل المؤثرة في أسعار وحجم الإقبال على الوحدات التجارية»، وذكر التقرير: «لهذا السبب تشهد مصر إقبالاً على إنشاء التجمعات التجارية المتكاملة أو الحدائق التجارية».
وأثناء جولة «الشرق الأوسط» على وحدات ومكاتب إدارية للإيجار في مناطق وسط البلد، تبين أن إيجارات الوحدات الإدارية في هذه المنطقة تتراوح ما بين 4 آلاف جنيه إلى 40 ألف جنيه شهرياً، وفقاً للمساحة وموقع المبنى ومستوى التشطيبات، وكلما اقترب من ميدان التحرير زاد سعره، فمثلاً عُرض مكتب مساحته 500 متر مربع في موقع متميز بجوار البنوك، للإيجار بـ40 ألف جنيه شهرياً، بينما عُرض مكتب مساحته 70 متراً بمنطقة باب اللوق للإيجار بـ4 آلاف جنيه في الشهر.
في المقابل كانت أسعار إيجار الوحدات الإدارية في التجمع الخامس مثلاً تتراوح ما بين 15 ألف جنيه، و150 ألف جنيه، حسب المساحة والموقع ودرجة التشطيب، فتم عرض فيلا كمقر إداري بإيجار شهري وصل إلى 150 ألف جنيه. وبالطبع فالموقع هو الأساس في تحديد السعر، ورغم بحث المستثمرين عن وحدات إدارية تتوفر فيها سبل الراحة والمواصلات والمساحات الخضراء في المدن الجديدة، فما زالت منطقة مثل الزمالك تتمتع بإقبال كبير وارتفاع أسعار الإيجارات، لتتساوى في بعض الأحيان مع الأسعار في التجمع الخامس، نظراً لاعتبار حي الزمالك من الأحياء الدبلوماسية الراقية.
ويقول محمد حماد، مدير شركة «بروبرتي فايندر» في القاهرة، في تقرير صدر مؤخراً عن الشركة: «تعد هذه الأماكن (الزمالك، المعادي)، مناطق مفضلة لسكن الأجانب، وعدد كبير من المصريين، بسبب موقعها المتميز، وتقسيمها المعماري الجميل».
وقال تقرير «جيه إل إل» للاستشارات العقارية، إن «هناك 68 ألف متر مربع من الوحدات الإدارية ستتم إضافتها هذا العام إلى الوحدات الإدارية الموجودة بالفعل، معظمها في (كايرو فيستفال سيتي) حيث تعد القاهرة الجديدة هي المكان الأفضل والأكثر طلباً للمكاتب الإدارية والوحدات التجارية، مقارنة بمناطق غرب ووسط القاهرة التي تشهد استقراراً في حجم الطلب، وعدم الإعلان عن مشروعات جديدة».
وأضاف التقرير أن «القاهرة الجديدة شهدت نمواً في قيمة إيجارات الوحدات التجارية، من 11 إلى 16 في المائة بسبب ارتفاع الطلب على هذه المنطقة، لقربها من المطار والعاصمة الجديدة، بينما استقرت قيمة الإيجارات في منطقة وسط وغرب القاهرة، خلال الربع الأول من العام الجاري 2018، بعد تراجعها على مدار العام الماضي، بسبب انخفاض الطلب على المكاتب الإدارية في هذه المناطق».
ويرى الحمصاني أن «عدد الوحدات الإدارية التي يتم إنشاؤها حالياً كبير جداً، مقارنة بحاجة السوق»، معرباً عن اعتقاده بأن «تكون هذه المشروعات بديلاً عن الوحدات الإدارية الحالية التي ربما يعاد استخدامها في أنشطة أخرى»؛ مشيراً إلى أن نسبة كبيرة من الإقبال على اقتناء الوحدات الإدارية في المدن الجديدة نابعة من أهداف استثمارية: «فالعقارات تعد استثماراً مضمون العوائد بالنسبة للمصريين الآن، وخاصة العقارات الإدارية». ويعتبر الحمصاني الاستثمار في العقارات «خطأ»؛ لأن «هذا النوع من الاستثمار مضمون العوائد ليس تجارة منتجة بشكل حقيقي، ويؤدي إلى تكدس الثروات في كتل إسمنتية غير منتجة».
وتستهدف مصر في نسبة كبيرة من مشروعاتها العقارية حالياً المستثمر الأجنبي، وتسعى شركات التسويق العقاري لتسويق منتجاتها، سواء سكنية وإدارية، للأجانب، لتحقيق عائدات أعلى. ورغم كل المشروعات العقارية الحالية، فما زالت التقديرات تشير إلى أن حجم المعروض أقل من حجم الطلب، في ظل الزيادة السكانية الكبيرة؛ لكن يظل ارتفاع الأسعار هو العائق الأكبر أمام المصريين، مهما قدمت الشركات من تسهيلات.


مقالات ذات صلة

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»