هل أصبحت لندن غير آمنة لزوارها العرب والمسلمين؟

مخاوف من زيادة نبرة «الإسلاموفوبيا» ومطالب بتحقيق موسع

من المظاهرة المؤيدة للمتطرف تومي روبنسون المتهم بنشر الاسلاموفوبيا (أ.ف.ب)
من المظاهرة المؤيدة للمتطرف تومي روبنسون المتهم بنشر الاسلاموفوبيا (أ.ف.ب)
TT

هل أصبحت لندن غير آمنة لزوارها العرب والمسلمين؟

من المظاهرة المؤيدة للمتطرف تومي روبنسون المتهم بنشر الاسلاموفوبيا (أ.ف.ب)
من المظاهرة المؤيدة للمتطرف تومي روبنسون المتهم بنشر الاسلاموفوبيا (أ.ف.ب)

أثارت مقاطع لمظاهرة في ميدان الطرف الأغر بالعاصمة البريطانية السبت الماضي مخاوف بين العرب والمسلمين بعد تداولها على «تويتر». وتساءل المغردون ما إن كانت لندن غير آمنة للزيارة، علما بأن شهر الصيف يحتضن موجة سياحة عربية واسعة إلى لندن. المظاهرة شارك بها مئات الأشخاص احتجاجا على حبس زعيم سابق لليمين المتطرف إثر إدانته بازدراء المحكمة وشارك بها السياسي الهولندي غيرت فيلدرز المناهض للإسلام وألقى كلمة دعا فيها إلى إطلاق سراح الزعيم السابق لرابطة الدفاع الإنجليزية تومي روبنسون الذي أودع بالسجن في مايو (أيار) الماضي لنشره على وسائل التواصل الاجتماعي تفاصيل محاكمة يحظر نشرها. وفي 2013 استقال روبنسون من الرابطة المعروف عنها أنها تُنظّم مظاهرات في الشارع ضد ما تعتبره انتشار التطرف الإسلامي في بريطانيا، وذلك بسبب خروج «العناصر المتطرفين» في الحزب عن سيطرته.
المقاطع التي جرى تداولها صورت المتظاهرين في ساحة الطرف الأغر وسط لندن وهم يهتفون هتفوا «الحرية لتومي روبنسون» إلى جانب عبارات عنصرية ضد المسلمين. وألقوا قنابل دخانية باتجاه قوات الشرطة. واستولوا على حافلة سياحية مكشوفة ورفعوا لافتات وأعلام بريطانيا وويلز. ما سبب حالة قلق من تحول العاصمة البريطانية إلى مدينة خطرة على السياح العرب والمسلمين.
يأتي تصريح البارونيس وارسي التي شغلت منصب وزيرة في حكومة رئيس الوزراء البريطاني السابق عن حزب المحافظين ديفيد كاميرون مقلقا بعد مظاهرة السبت إذ قالت لـ«بزنس انسايدر» أمس إن ظاهرة الإسلاموفوبيا متفشية داخل حزب المحافظين في جميع مراتبه». ولم تلق اللوم على رئيسة الوزراء الحالية تيريزا ماي لكنها قالت بأن تلك الظاهرة جرى تجاهلها لفترة طويلة وبتنا نشعر بتداعياتها اليوم.
تصريح وارسي أمس يكرر موقف مجلس مسلمي بريطانيا الذي وجه دعوة آخر شهر مايو المنصرم إلى حزب المحافظين البريطاني لإطلاق ما وصفه بـ«تحقيق جاد ومستقل لبحث مزاعم بالإسلاموفوبيا بين صفوف أعضائه». وكشف المجلس أن هناك «أكثر من حادث أسبوعياً» في بريطانيا يحض ضد المسلمين من مرشحين وممثلين عن حزب المحافظين. وفي رسالة مفتوحة، طالب المجلس رئيس حزب المحافظين براندون لويس، بأن «يضمن أن العنصريين والمتعصبين ليس لديهم مكان» في الحزب، داعياً إياه إلى إجراء تحقيق في الإسلاموفوبيا داخل حزبه.
محافظ لندن المسلم من أصول باكستانية صديق خان لم يوجه أصابع الاتهام لحكومة المحافظين عن انتشار الإسلاموفوبيا في البلاد، إلا أن مقال لصحيفة «الميرور» البريطانية نقل رأيه أن الحزب الحاكم قام باستقطاعات في نفقات الشرطة والتعليم هي سبب زيادة معدلات فوضى جرائم العنف في شوارع المملكة المتحدة، بحسب قوله.
وبالفعل، أكدت تسريبات لتقرير أجرته الداخلية البريطانية وتناقلت تفاصيله وسائل الإعلام البريطانية ارتفاع معدل الجرائم في لندن إلى مستويات غير مسبوقة منذ سنوات. وكشف التقرير الذي سربته «صنداي تايمز» أنه منذ بداية العام، تعرض 1296 شخصا إلى حوادث طعن وقضى 46 منهم جراءها. وكشف أيضا أنه خلال شهر فبراير (شباط) الماضي تمت مصادرة 250 سكينة في لندن خلال أسبوع واحد من 283 شخصا، معظمهم في سن المراهقة. وعبر التقرير أيضا عن زيادة في تدفق المخدرات وخصوصا الكوكايين في العاصمة وتسجيل ارتفاع 28 في المائة من المتعاطين للمخدرات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».