البيانات الرقمية قاطرة المستقبل.. طبيبك في جيبك

تقرير يطالب الحكومات بدعم الأفكار

البيانات الرقمية قاطرة المستقبل.. طبيبك في جيبك
TT

البيانات الرقمية قاطرة المستقبل.. طبيبك في جيبك

البيانات الرقمية قاطرة المستقبل.. طبيبك في جيبك

اختتمت في العاصمة القطرية الدوحة أمس أعمال «مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية 2013» بدعوة الدول والحكومات والمنظمات الصحية إلى مضاعفة الجهود في تشجيع الابتكار في مجال الرعاية الصحية.

كما لاحظ خبراء من أنحاء العالم تجمعوا في هذا المؤتمر أن الشبكات الرقمية يمكن أن تلعب دورا محوريا في تقديم الخدمات الصحية في وقت أسرع وبتكلفة أقل.

وصدر أمس تقرير حمل عنوان «تقرير دراسة الانتشار العالمي للابتكار في الرعاية الصحية»، وهي أول دراسة من نوعها يجريها باحثون لاستقصاء العوامل التي تحفز نشر الابتكارات في مجال الرعاية الصحية ببلدان العالم.

وحمل التقرير الحكومات مسؤولية الإخفاق في تشجيع الابتكار، وقال: «إن غالبية بلدان العالم لم تفعل ما هو مأمول منها من أجل المساهمة في نشر الأفكار المبتكرة في مجال الرعاية الصحية»، مطالبا بأن تضطلع الحكومات وهيئات ومؤسسات الرعاية الصحية برسم رؤية استشرافية واضحة المعالم لما يمكن تحقيقه، وأن تحدد المعايير المنشودة، وأن تتجنب أساليب العمل المتقادمة، وحث التقرير حكومات بلدان العالم على تخصيص الموارد اللازمة لنشر الابتكار والانفتاح على الأساليب الجديدة في مجال الرعاية الصحية.

وسلط التقرير الضوء على قدرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات باعتبارها عاملا مشتركا ساعد في انتشار الابتكار خلال السنوات الخمس الماضية. وبرزت هذه التكنولوجيا باعتبارها عاملا مساعدا ذا أهمية خاصة في الاقتصادات الناشئة في دول مثل: البرازيل والهند وجنوب أفريقيا.

كذلك ناقش المؤتمر في جلسة أخرى دور الشبكات الرقمية في تطوير ابتكارات تساهم في تقديم الخدمات الصحية في وقت أسرع وبتكلفة أقل، وبشكل أوسع. وتفتح البيانات الرقمية آفاقا جديدة لمتابعة السجلات الصحية والبيانات السكانية والوراثية التي من شأنها أن تقدم كثيرا من الإسهامات من خلال ربط وتجميع هذه البيانات من المرضى ومقدمي خدمات الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم.

ويساهم استخدام هذه الشبكات في الكشف عن طبيعة وأنماط الصحة السكانية، وقد أصبحت البيانات الضخمة الشغل الشاغل لدى جميع قطاعات الاقتصاد العالمي. وأشار متحدثون إلى أنه رغم الكميات الهائلة من البيانات فإن المستثمرين في قطاع خدمات الرعاية الصحية يجدون صعوبات بالغة في تحويل هذه البيانات إلى معلومات تفيدهم في تحديد أفضل الخيارات وأكثرها فعالية في توفير الرعاية الصحية.

ولاحظ مشاركون أن «الابتكارات التكنولوجية في مجال (البيانات الضخمة) تأخذنا إلى عالم يعول على البيانات في مجال الصحة العامة والطب»، مشيرين إلى إمكانية «استغلال ذلك الكم الهائل من المعلومات الأولية حول التفاعلات الاجتماعية، ومستويات النشاط، وأنماط السفر، وعادات التسوق، جنبا إلى جنب مع ما هو متوفر بالفعل من بيانات حول الرعاية الصحية لتعزيز القدرات إلى حد كبير في توقع الحالات المرضية المزمنة وتحديد مراحل التدخل العلاجي غير التقليدية، إلى جانب تصميم أدوات تشخيصية أكثر دقة وتحسين القدرات على الوقاية من الأمراض وتوسيع مظلة الرعاية الصحية وخفض تكاليفها».

ولاحظ مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية الذي اختتم أمس في العاصمة القطرية الدوحة أن هناك تحولا أساسيا في طريقة تقديم الخدمات الصحية ودفع ثمنها بهدف تشجيع الابتكار وتحسين الكفاءة وتوفير التكاليف.

ولاحظ أن عوامل تشيخ السكان وتطور التكنولوجيا وارتفاع التوقعات تسهم في إحداث فجوة متنامية بين ما يتعين القيام به وما يستطيع الناس فعله.

وقال تقرير عن الرعاية المسؤولة، كشف النقاب عنه أمس في المؤتمر، إن الاختلاف في جودة الرعاية ما زال موجودا، سواء بين البلدان أو بين المناطق والمدن في البلد ذاته، مع قليل من الارتباط بين جودة الرعاية وتكلفتها. ودرس تجارب مقدمي الرعاية الصحية في النجاحات والتحديات المتعلقة بمقاييس تقديم الخدمات وتكلفتها وجودتها، كما ناقش التغيرات التي يمكن إدخالها لإنشاء نظام فعال لدفع أجور الخدمات الصحية يمكن الاعتماد عليه وتستفيد منه شرائح أكبر من السكان.

وخلال منتدى عقد لمناقشة هذا التقرير بحث المشاركون كيف يتحمل مقدمو الرعاية مسؤولية مشتركة عن المقاييس التي توفر بيانات عن رصد الأداء على أساس النتائج، والدفع والحوافز على ضوء هذه النتائج. واتفق المشاركون في المنتدى على أن التنسيق بين مجموعة من مقدمي الرعاية أمر بالغ الأهمية لضمان تحقيق النتائج المرجوة.

وقال الدكتور مارك ماكليلان، وهو زميل رئيسي في الدراسات الاقتصادية ومدير مبادرة الابتكار والقيم للرعاية الصحية في مؤسسة بروكنغز ورئيس منتدى الرعاية المسؤولة: «نحن نعتقد، بناء على تجارب مبكرة في الإصلاحات الصحية، أن تطبيق إصلاحات تقضي بالمحاسبة على النتائج التي تهم مصلحة المرضى سيسرع عملية الابتكار التي تحسن الصحة وتخفض التكاليف».

وأظهر المؤتمر، من خلال عدد من الجلسات، أو من خلال الجناح المخصص لعروض الابتكارات، ما يمكن أن تقدمه التكنولوجيا الرقمية، وبينها أجهزة وشبكات الاتصالات من خدمات كبيرة في استيلاد أفكار تساهم في توفير الرعاية الطبية لآلاف المرضى.

وأظهر مدير إحدى الشركات العالمية المتخصصة في التكنولوجيا الطبية كيف ساهمت ابتكارات بعينها في تسهيل حياة السكان في المناطق النائية، وبينها جهاز مسح طبي (سونار) يستخدمه الأطباء لفحص النساء الحوامل. وجرى تدريب القابلات في المناطق النائية في إندونيسيا على استخدام جهاز الماسح المحمول والمتصل بالهاتف الجوال لمعرفة حال الجنين ومراحل نموه.

في حين عرضت شركة أميركية ابتكارا متصلا بالهاتف الجوال يمكنه أن يقرأ حال العين والأذن ويرسل البيانات للطبيب المعالج في عيادته. ابتكارات أخرى اعتمدت على تصميم سجل طبي للمريض متصل بمركز العلاج يمكن الطبيب من معرفة حال المريض والأعراض التي تطرأ عليه، ويستفيد منها على نحو الخصوص المرضى المحتاجون للرعاية أو المتابعة المستمرة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».