بلجيكا: تكرار الأحكام غيابياً ضد المتورطين في القتال مع «داعش»

البلجيكي طارق جدعون موجود في قبضة أجهزة الأمن الأميركية في العراق («الشرق الأوسط»)
البلجيكي طارق جدعون موجود في قبضة أجهزة الأمن الأميركية في العراق («الشرق الأوسط»)
TT

بلجيكا: تكرار الأحكام غيابياً ضد المتورطين في القتال مع «داعش»

البلجيكي طارق جدعون موجود في قبضة أجهزة الأمن الأميركية في العراق («الشرق الأوسط»)
البلجيكي طارق جدعون موجود في قبضة أجهزة الأمن الأميركية في العراق («الشرق الأوسط»)

يلجأ الدفاع وأقارب المتهمين في قضايا ذات صلة بالإرهاب، خصوصاً ما يتعلق بالمشاركة في القتال ضمن صفوف تنظيم داعش، إلى محاولة إقناع المحكمة بأن الشخص الذي يواجه تلك الاتهامات قد قُتل في مناطق الصراعات، وأن العلاقة والاتصالات انقطعت به منذ فترة، والبعض الآخر يدّعي أن أحد أصدقاء المتهم اتصل من سوريا أو العراق وأبلغهم مقتل ابنهم، وهم بذلك يريدون تفادي صدور عقوبة ضده، وفي حال عودته يكون غير مطلوب قضائياً لعدم إدانته من قبل.
من جهة أخرى، يدفع البعض بعدم وجود ابنهم على التراب البلجيكي وأنهم لا يعلمون بالتحديد مكان وجوده، وفي معظم الحالات لا تلتفت المحكمة إلى هذه الأعذار وتُصدر قرار الإدانة وتطالب بسرعة القبض على الشخص المدان.
في أواخر الأسبوع الماضي حُكم على رجل من بلدة ديلبيك القريبة من أنتويرب شمال البلاد، بالسجن لمدة 5 سنوات، بسبب قتاله في صفوف تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق وسوريا، كما فرض القاضي عليه غرامة قدرها 8 آلاف يورو، وأمر بالاعتقال الفوري للرجل. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2015، تلقت الشرطة معلومات حول رجل من ديلبيك ورد أنه غادر للقتال في صفوف «داعش» على الجبهة السورية. استجوبت الشرطة عائلته، لكنهم زعموا أنه عاد إلى الجزائر حيث مسقط رأسه، وقد تخلى عن زوجته وأطفاله، ومع ذلك، اكتشف التحقيق أنه لم يسافر إلى الجزائر وأنه من المحتمل أنه دخل سوريا سراً عبر تركيا. علاوة على ذلك، فقد أظهر الرجل أدلة على أنه أصبح متطرفاً قبل مغادرته إلى سوريا، حيث كان يوبخ النساء في عمله لعدم ارتدائهن البرقع، وكان يرفض مصافحتهن.
ووفقاً للسلطات القضائية، عثرت الشرطة على أدلة قاطعة خلال تفتيش منزله، حيث عثر على شريحة ذاكرة في غرفة نوم ابنه الأكبر تحتوي على صور فوتوغرافية. وأظهرت إحدى الصور الفوتوغرافية الرجل مرتدياً ملابس «داعش» ويحمل بندقية كلاشينكوف، وتقول السلطات القضائية الفيدرالية إن الصورة التُقطت في مدينة الفلوجة العراقية.
ومع حلول أبريل (نيسان) الماضي أصدرت محكمة مدينة ميخلن القريبة من العاصمة البلجيكية بروكسل، حكماً بالسجن 30 عاماً ضد شخص يبلغ من العمر 38 عاماً ظهر في شريط فيديو إلى جانب زميل له في صفوف «داعش» وهو البريطاني يوهان، والمعروف أيضاً باسم محمد موازي، في أثناء تنفيذه إعدام 20 شخصاً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وحسبما ذكرت وكالة الأنباء البلجيكية، فإن المحكمة أدانت أربين إيمشتي، وهو من مواليد كوسوفو، واعتبرته مشاركاً في عملية قتل إرهابية.
وصدر الحكم غيابياً ضد أربين، ودفعت عائلته بأنه قُتل في مارس (آذار) من العام الماضي وقد تلقت اتصالاً من أحد قيادات «داعش» وهو أيضاً من كوسوفو، أبلغ العائلة بأن أربين قُتل في العمليات القتالية، ولكن الادعاء العام والمحكمة لم تحصل على أي إثباتات تؤكد وفاته وقال المدعي العام أنطون سخوتسرت إن «هذا لا يكفي للتأكد من وفاة المتهم ولا بد من وجود إثباتات».
وفي أواخر مارس الماضي، عاقبت محكمة بلجيكية 3 سيدات غيابياً بالسجن لمدة 5 أعوام وغرامة مالية، على خلفية المشاركة في أنشطة جماعية إرهابية، كما أصدرت المحكمة قراراً يقضي بسرعة اعتقالهن في أقرب وقت لتنفيذ العقوبة.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، كشفت وسائل الإعلام في بروكسل، عن أن البلجيكي من أصول مغاربية طارق جدعون، 28 عاماً، لا يزال حياً وموجوداً في قبضة أجهزة الأمن الأميركية في العراق. وكان قد تردد في الشهر الذي قبله، أغسطس (آب)، أنه قُتل في العمليات القتالية بالقرب من الموصل في العراق، وهو الخبر الذي جرى تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنها جهات محسوبة على تنظيم داعش، وجرى تأكيد الخبر في وقتها من جانب بعض المتخصصين في شؤون الجماعات الإرهابية.
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يتعمد فيها قيادات في «داعش» الترويج لمقتلهم حتى يتيسر لهم بعد ذلك السفر بأسماء مستعارة إلى الدول الغربية لتنفيذ مخططاتهم، وسبق أن حدث ذلك مع أباعود الذي اعتبره بعض المصادر الأوروبية المخطط لتنفيذ هجمات باريس التي وقعت أواخر 2015، وأودت بحياة أكثر من 130 شخصاً. وقالت صحيفة «ستاندرد» البلجيكية اليومية، إنها تأكدت من مصادر أمنية أن جدعون لا يزال حياً، وقد اعتُقل في أحد السجون في أعقاب المواجهات التي وقعت بالقرب من الموصل، وقد تأكدت السلطات العراقية من هويته وخضع للاستجواب داخل السجن من جانب عناصر من أجهزة الأمن الأميركية، وفي 22 مايو (أيار) الماضي أصدرت محكمة عراقية حكماً بالإعدام شنقاً ضده.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.