اعتقالات حوثية تطال قيادات «مؤتمرية» في الحديدة

الميليشيات تحصر توزيع المساعدات بمقاتليها وتجبر التجار على دفع ضرائب السنة المقبلة

TT

اعتقالات حوثية تطال قيادات «مؤتمرية» في الحديدة

اعتقلت الميليشيات الحوثية عدداً من قيادات حزب «المؤتمر» في محافظة الحديدة، بعد أن اتّهمتهم بالتنسيق مع القوات المشتركة المسنودة بتحالف دعم الشرعية، لاقتحام المدينة، في الوقت الذي حرصت على قصر المساعدات الإنسانية الغذائية التي استولت عليها من المنظمات الدولية على مقاتليها في الساحل الغربي، وحرمان السكان المحليين.
وتزامنت هذه الإجراءات، مع توجيهات تعسفية لقادة الميليشيات تجبر التجار على دفع رسوم السنة المقبلة من الضرائب وعدم الاكتفاء برسوم السنة الحالية، في مسعى حوثي من شأنه أن يضاعف من معاناة المواطنين ويساهم في رفع أسعار السلع.
وأفادت مصادر في حزب «المؤتمر الشعبي» بأن عناصر الجماعة الحوثية شنوا حملات اعتقال واسعة في أوساط أعضاء الحزب وقياداته في مدينة الحديدة والمديريات التابعة لها، في سياق الحملات التي تشنها الجماعة في مختلف مناطق سيطرتها لاختطاف من تتهمهم بأنهم على اتصال مع طارق صالح وقوات الشرعية والتحالف الداعم لها لتنفيذ أجندات استخباراتية والترتيب لانتفاضات محلية ضد الجماعة. وقالت المصادر إن مسلحين حوثيين اقتحموا منازل قيادات محلية في حزب «المؤتمر» في مدينة الحديدة وأطلقوا النار في شكل عشوائي ما أدى إلى ترويع الأطفال والنساء.
وذكرت المصادر نفسها أن عناصر الجماعة الحوثية اختطفوا عضو اللجنة الدائمة في حزب «المؤتمر» قاسم مهدي حيدر وكذلك القيادي أكرم فتوان، وهو عضو اللجنة الدائمة للحزب وسكرتير فرع «المؤتمر الشعبي» في الحديدة.
وأرجعت مصادر الحزب قيام الميليشيات بحملة الاعتقالات، إلى حالة الذعر التي تنتابها جراء تقدم القوات المشتركة لتحرير الحديدة، ومينائها، ورغبتها في الانتقام من قيادات حزب «المؤتمر» الذين ترجح الجماعة وجود اتصالات بينهم وبين قيادات الشرعية والقوات التي يقودها طارق صالح، لتقديم خدمات استخباراتية.
وكانت الجماعة الحوثية صعدت من حملات اعتقالها لقيادات الحزب في صنعاء وريمة، كما وسعت عمليات الخطف لتشمل الإعلاميين والناشطين المناهضين لها في محافظات صنعاء والمحويت ووذمار وإب، بالتزامن مع اعتقالات في صوف المسافرين بين المحافظات ممن تزعم أنهم يحاولون الالتحاق بقوات الشرعية في مأرب وعدن والساحل الغربي.
في غضون ذلك، أفاد شهود في مدينة الحديدة، بأن الجماعة الحوثية استمرت في إقامة المتاريس القتالية في شوارع الحديدة، كما حفرت الأنفاق والخنادق على تخوم المدينة من الجهتين الجنوبية والشرقية، ونشرت القناصات على أسطح العمارات والمباني الحكومية، في سياق الاستعداد لحرب شوارع مع القوات المشتركة المسنودة بتحالف دعم الشرعية.
وعلى وقع الإجراءات القمعية الحوثية المتصاعدة بحق مناهضيها، أقدمت الجماعة على قصر المساعدات الإنسانية الغذائية التي استولت عليها من المنظمات الدولية على مقاتليها وأسرهم فقط، وحرمان سكان المناطق الخاضعة لها في الساحل الغربي من الحصول على هذه المساعدات، وإجبار الفقراء منهم على الالتحاق بصفوف الجماعة حتى يحصلوا على حصتهم من هذه المساعدات الإنسانية. وأفاد سكان في مديريات زبيد والتحيتا وبيت الفقيه والجراحي، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة الحوثية قامت من خلال المنظمات المحلية التابعة لها بتوزيع السلال الغذائية على أسر المقاتلين معها أو من ينوي الالتحاق بصفوفها، بالتزامن مع تجاهل الآلاف من الأسر الفقيرة، التي تفاقمت أحوالها سوءا بسبب انقلاب الجماعة الموالية لإيران على الشرعية.
واعترفت المصادر الحوثية نفسها، بأن عددا من المنظمات الطائفية التابعة لها، مثل منظمات «بنيان» و«الإمام علي» و«فاطمة الزهراء» و«ثبات»، جميعها قامت بتوزيع السلال الغذائية على عناصر الجماعة وأسر المقاتلين معها وحرمان بقية الفئات اليمنية. وذكرت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن مؤسسة «يمن ثبات التنموية» بمديريتي زبيد والتحيتا قامت بتوزيع السلال الغذائية لأسر المرابطين في الجبهات ومنها جبهة الساحل، وأنها بدأت بتنفيذ هذا البرنامج من خلال النزول الميداني لمنازل أسر المقاتلين مع الجماعة الطائفية.
وينتقد عاملون في المنظمات الإنسانية المحلية، هيمنة الجماعة الحوثية على المعونات الدولية من خلال حصرها على الجمعيات والمنظمات التي أسستها حديثا لهذا الغرض وتجاهل المنظمات المحلية الأخرى التي تلاشى نشاطها مع بروز المنظمات الحوثية الطائفية.
إلى ذلك، استمرت الجماعة الحوثية في إصدار قرارات التعيين لزعماء القبائل الموالين لها ولمناصريها في النسخة التابعة لها في صنعاء من «مجلس الشورى» حيث تردد أنباء عن قيام الجماعة بتحويل المجلس إلى بديل لمجلس النواب الذي فر أغلب أعضائه إلى الخارج وإلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية. وبحسب المصادر الرسمية للميليشيات، أقدم رئيس مجلس حكمها مهدي المشاط على إصدار قرار بتعيين أربعة أعضاء في مجلس الشورى، الخاضع للجماعة، استكمالاً لسلسلة من القرارات التي أصدرها المشاط منذ أن أصبح خليفة لصالح الصماد على رأس مجلس حكم الميليشيات.
وعلى صعيد الإتاوات والضرائب التي تفرضها الجماعة الحوثية على التجار وملاك المحلات والمستوردين، قررت في اجتماع لقادتها في صنعاء، أن تجبرهم على دفع مستحقات السنة المقبلة من الرسوم والضرائب، إلى جانب السنة الحالية، وهو قرار تعسفي سيؤدي إلى رفع أسعار السلع الغذائية ومضاعفة معاناة السكان الخاضعين في مناطق الجماعة.
ويقول عدد من التجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إنهم يرفضون القرار الحوثي الجائر، لكنهم في الأخير مضطرون لتنفيذه خشية التنكيل بهم ومصادرة أموالهم». في حين يتعجب مالك أحد المحلات التجارية للسلع الترفيهية بقوله: «تخيل أنك تدفع رسوم ضرائب وخدمات على شيء لم تكسبه بعد ولم تقم به في الأساس، أنت لا تعرف حجم البضاعة ولا سعرها ولا الربح المتوقع، ولا تعرف هل ستكون العام المقبل حيا أو ميتا ومع ذلك تجبر على دفع ضرائب السنة المقبلة».
وذكرت المصادر الرسمية للجماعة أن وزير ماليتها حسين مقبولي عقد اجتماعا كرسه لمناقشة الجوانب المتعلقة بتحسين مستوى الأداء وتعزيز آلية تحصيل الإيرادات المالية، وذلك بحضور عدد من قادة الميليشيات المعينين وكلاء للمالية وفي مناصب رئاسة الضرائب والجمارك. وأبلغ مقبولي القيادات الحوثية في الاجتماع، بأنه تلقى توجيهات من رئيس مجلس حكم الجماعة مهدي المشاط: «تقضي بضرورة تحصيل الإيرادات المستحقة للدولة لشهور قادمة» كما حذر الصرافين والتجار والمواطنين ومحطات الوقود من التعامل بالأوراق النقدية التي طبعتها الحكومة الشرعية أخيرا: «حتى لا يعرضوا أنفسهم للمساءلة القانونية والإجراءات العقابية». على حد تهديده.
وتسعى الميليشيات إلى جمع أكبر قدر من الأموال بطرق غير مشروعة عبر ابتزاز التجار ورفع الضرائب والجمارك وفرض إتاوات لدعم المجهود الحربي، إلا أن قيامها بفرض دفع مستحقات السنة المقبلة من الضرائب والجمارك، يعني - بحسب المراقبين - أن الجماعة بدأت تستشعر نهايتها الحتمية، ويريد قادتها تكديس أكبر قدر من الأموال لاستثمارها لاحقا في استنزاف الدولة اليمنية وشراء الأسلحة وتكوين إمبراطوريات مالية شخصية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.