المالكي يهاجم شركاءه السياسيين ويصف مشاكساتهم بـ «أخطر من الإرهاب»

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء نوري المالكي وهو يلقي كلمة في مؤتمر الكفاءات الطبية العراقية في بغداد أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء نوري المالكي وهو يلقي كلمة في مؤتمر الكفاءات الطبية العراقية في بغداد أمس
TT

المالكي يهاجم شركاءه السياسيين ويصف مشاكساتهم بـ «أخطر من الإرهاب»

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء نوري المالكي وهو يلقي كلمة في مؤتمر الكفاءات الطبية العراقية في بغداد أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء نوري المالكي وهو يلقي كلمة في مؤتمر الكفاءات الطبية العراقية في بغداد أمس

عاود نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، مهاجمة شركائه وخصومه السياسيين، واصفا، أمس «مشاكساتهم» بأنها «أخطر» من العمليات الإرهابية.
وقال المالكي في كلمة له خلال المؤتمر العلمي للكفاءات الطبية العراقية الذي عقد في مقر وزارة الصحة ببغداد إن «العراق كان مشهودا له بكفاءته العلمية الطبية وجامعاته العريقة لكن قطاعه الطبي انتكس بسبب الانشغال بالحروب والصراعات». وأضاف المالكي قائلا «فكم من طبيب وأستاذ جامعي استشهد، من أجل أن يخلو العراق من العلماء، فأي سيئة عليها هؤلاء الذي يستهدفون من يحمي روح الإنسان وصحته، وهو الطبيب، حتى يضطر إلى الهجرة والبحث عن فرصة هنا وهناك ويترك بلده».
وأشار المالكي إلى أن «التحديات التي صنعتها المشاكسات السياسية هي أخطر من التنظيمات الإرهابية على الحكومة»، مبينا «عندما يتشاكس الشركاء، وأيهما يعطل الآخر حتى يقال بأن الحكومة فشلت، إذ أن منهم من يكلف بتعطيل القطاعات في البلد ومنها الصحية من مستشفيات ومستوصفات». وشدد المالكي على «ضرورة أن يساهم أبناؤنا في عملية بناء النظام الصحي الجديد في العراق، بعد أن انقطع عن العالم وتخلف مسافات طويلة، لذا علينا الآن أن نلحق بالعالم». وأوضح المالكي أن «الدورات والمبادرات وإرسال الطلبة لإكمال دراستهم في الخارج من خلال البعثات العلمية، ما هي إلا من حقوق المواطن علينا لتطوير القطاع الصحي، كونه يتعلق بحماية أرواح الناس»، داعيا إلى «عقد مؤتمرات عملية لاستدعاء أبنائنا في الخارج والتعجيل في تغطية احتياجات مستشفياتنا»، مؤكدا على أن «العراق مقبل على افتتاح 17 مستشفى تعليميا حديثا، ستضم كوادر طبية كثيرة وكبيرة». وفي سياق متصل فقد أكد المالكي، بوصفه زعيم ائتلاف دولة القانون، أن ائتلافه أنصف البعثيين وأعاد إليهم جميع حقوقهم التي سلبت. وقال المالكي خلال اجتماع عقده بمكتبه مع عدد من الضباط البعثيين الذين عادوا إلى مناصبهم، بأنه تم فتح باب المصالحة الوطنية على مصراعيه وأنه لم يستثن أحدا من الدخول إلى العملية السياسية بعد عام 2003 «وأننا أنصفنا شرائح مهمة من المجتمع خدمت العراق سنين طويلة في حين ظلمهم بعض الشركاء السياسيين ومنعوهم من مزاولة حياتهم بشكل طبيعي بعد سقوط النظام السابق». وشدد المالكي على أن قرار السماح بعودة البعثيين إلى مناصبهم وإشراكهم في بناء العراق الجديد كما حصل مع نائب رئيس الوزراء صالح المطلك وعدد كبير من البعثيين المدنيين والعسكريين وطي صفحة الماضي كلف ائتلافه الكثير لذا يجب على الآخرين أن يقدروا هذه التضحيات ويعيدوا حساباتهم ويصوتوا لمن يخدم العراقيين ولا يميز بينهم على أساس انتمائهم السياسي.
من جانبه انتقد عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» اعتبار المالكي المشاكسات السياسية أخطر من العمليات الإرهابية، قائلا «مفهوم غريب أن نعتبر الديمقراطية التي تقوم على اختلاف الآراء أخطر من الإرهاب أو حتى نقارنها به». وأضاف المطلك أن «المشاكسات السياسية، مهما بلغت ذروتها، فإنها في النهاية تعبر عن مسار سليم في إطار تداول السلطة وتصحيح مسارها، أما الإرهاب فإنه يتعلق بالدم العراقي وبالتالي لا تجوز الاستهانة بهذا الأمر تحت يافطة الخلافات السياسية».
وبشأن المصالحة الوطنية التي دعا إليها المالكي، لا سيما إعادة ضباط كبار إلى الخدمة، قال المطلك بأن «أخطر شيء هو أن تقوم العملية السياسية على مبدأ الانتقام وبالتالي فإن عملية إنصاف البعثيين، سواء كانوا مدنيين أم عسكريين، ليست منة من أحد بل هو حق وواجب في الوقت نفسه»، مشيرا إلى أن «البعثيين مواطنون عراقيون فمن أخطأ منهم يعالج خطأه وفق القانون ومن لم يخطئ فإنه مواطن يجب أن يتمتع بكامل حقوق المواطنة».
وفي السياق نفسه، اعتبر جمال البطيخ، زعيم الكتلة البيضاء، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم تعد هناك فائدة من الكلام أو التصريحات مع قرب موعد الانتخابات لأننا قضينا السنوات الماضية في أزمة ثقة عميقة بين السياسيين انعكست على كل ميادين الحياة ومن بينهم جيوش العاطلين عن العمل». وأضاف البطيخ أن «مشاكسات السياسيين أضاعت الكثير من فرص العمل والبناء وأن كل ما يجري اليوم إنما يهدف إلى تعزيز مواقعهم الانتخابية».



لماذا قد تنهار «هدنة غزة»؟

مبانٍ مدمرة في غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

لماذا قد تنهار «هدنة غزة»؟

مبانٍ مدمرة في غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تعليق حركة «حماس» تسليم الدفعة السادسة من الرهائن المقررة، السبت المقبل، قابله الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالتهديد بـ«جحيم حال لم يتم إطلاق سراح جميع المحتجزين»، ما أثار تساؤلات بشأن إمكانية انهيار الهدنة التي تقترب من شهرها الأول.

وبينما لم يعلن الوسطاء عن تحرك لتفادي تلك الخلافات الكبرى منذ بدء الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، تتباين رؤية خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بشأن الصفقة، بين من يرى احتمالات انهيارها بشكل أكبر في ضوء تهديدات ترمب، وعدّ موقف «حماس» فرصة لإسرائيل لا يمكن أن تضيعها، وتقديرات أخرى تتوقع تحركاً مصرياً - قطرياً للوصول إلى نقطة تلاقٍ، بما يجعل الاتفاق قابلاً للتنفيذ على الأقل بمرحلتيه الأولى والثانية، في ظل خلاف عربي - أميركي بشأن المرحلة الثالثة المعنية بإعمار قطاع غزة ودعوة ترمب لتهجير الفلسطينيين.

«حماس» اتهمت إسرائيل «بعدم الالتزام» ببنود الاتفاق، وأعلنت، الاثنين، إرجاء أيّ عمليات مبادلة بموجب الاتفاق «حتى إشعار آخر»، مؤكدة أن الباب «مفتوح» للإفراج عن دفعة جديدة في الموعد المقرر بعد أن تفي إسرائيل ببنوده.

غير أن ترمب توعد في مؤتمر صحافي «حماس»، الاثنين، بـ«الجحيم» ما لم تفرج بحلول السبت عن «جميع الرهائن» الإسرائيليين الذين ما زالت تحتجزهم في قطاع غزة، ملوحاً بـ«إلغاء» إسرائيل الهدنة، في مطلب يتجاوز بنودها.

وبينما أمرت حكومة بنيامين نتنياهو الجيش «بالاستعداد لجميع السيناريوهات»، وأرسلت تعزيزات إلى محيط قطاع غزة، تحدثت مصادر في «حماس» لـ«الشرق الأوسط» عن تأهب لسيناريوهات عودة الحرب بغزة، تحسباً من «غدر إسرائيلي».

وبينما لم تعلن تفاصيل عن اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، حتى كتابة التقرير، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنهم قرروا «الاستمرار في الصفقة ودعم طلب ترمب بإطلاق سراح جميع الرهائن بحلول السبت».

ونقلت القناة «12» الإسرائيلية عن مصادر سياسية قولها: «في الواقع، لا يوجد هنا أي جديد. لن يتم كسر القواعد، وسيتم قبول العودة إلى الصفقة».

فلسطينيون في دراجة ثلاثية العجلات تنقلهم من النصيرات إلى شمال غزة (أ.ف.ب)

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن حديث «حماس» مناورة وضغط على الاحتلال لإجباره على الالتزام بدخول الخيام والمساكن السابقة التجهيز المعطلة منذ بدء الاتفاق، لافتاً إلى أن تهديد ترمب ينضم لما سبقه من التهديدات، كان أحدها سبباً في بدء الاتفاق لكن مطلبه حالياً بإخراج كل المحتجزين دفعة واحدة مستحيل وخارج بنود الاتفاق ولن تقبل به «حماس».

ويعتقد الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، أن هناك احتمالات كبيرة أن ينهار الاتفاق مع تمسك كل طرف بحساباته، مع تهديدات ترمب التي تدعم خطته في التهجير و«حماس» التي تعتقد أنها لن تخسر أكثر مما خسرته، ومن ثمّ قدرتها على الرفض أعلى بهدف الضغط على نتنياهو داخلياً وجلب تحرك وضغط دولي، واصفاً ذلك بأنه «حسابات خاطئة».

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الفلسطيني المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه «من الصعب الحديث عن انهيار الهدنة، خصوصاً في مرحلتها الأولى، لأن جميع الأطراف معنية بإنجاحها والاحتلال الإسرائيلي ليس في وضع يسمح له باستئناف العدوان بالقوة السابقة نفسها، فهو يواجه أزمات داخلية وضغوطاً دولية».

ويعتقد أن «(حماس) ليست معنية بأي شكل من الأشكال بتجاوز الاتفاق، بل تمارس ضغوطاً لضمان التزام الاحتلال به، أما نتنياهو، فهو يحاول التلاعب ببنود الاتفاق عبر تقنين المساعدات، وعرقلة الإيواء، لكنه ليس بالضرورة معنياً بتجدد الحرب في هذه المرحلة، بل يسعى لاستثمار الوضع سياسياً وإعلامياً، وفيما يخص ترمب، فإن تهديداته تأتي في سياق طبيعته بالإضافة لاستمالة اللوبي الصهيوني، لكنها لا تؤثر بشكل مباشر على مسار الاتفاق الحالي».

ومنذ بدء الهدنة، تم الإفراج عن 16 رهينة من الرهائن الإسرائيليين بالمرحلة الأولى، بالإضافة إلى خمسة تايلانديين (خارج الاتفاق)، وإطلاق سراح 765 معتقلاً فلسطينياً، وما زال 73 رهينة من الرهائن محتجزين في غزة، بينهم 35 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم قتلوا.

ومن المفترض أن تفضي المرحلة الثانية إلى إطلاق سراح جميع الرهائن، ووقف نهائي للأعمال القتالية، قبل المرحلة النهائية المخصصة لإعادة إعمار غزة، ولم تبدأ بعد المفاوضات بشأن المرحلة الثانية التي كان من المفترض أن تكون جارية وفقاً للاتفاق.

من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «حماس» الثلاثاء إلى المضي قدماً في عملية إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

ويتوقع الرقب، أن يكون هناك دور يقوم به الوسيطان المصري والقطري، بما يتفادى انهيار الاتفاق ويتم الالتزام بتسليم الرهائن يوم السبت المقبل مقابل التزامات إسرائيلية ببنود الاتفاق، خصوصاً بالمرحلة الأولى.

ويرى أن الاتفاق مهدد في مرحلته الثالثة المعنية أكثر بشكل غزة في اليوم التالي والإعمار، في ظل تمسك ترمب بتهجير الفلسطينيين، متوقعاً استمرار الاتفاق حتى المرحلة الثانية لتسلّم جميع المحتجزين ثم الانقلاب على الصفقة، وهذا أيضاً تقرأه «حماس» ولن تقبل به.

ويرجح عكاشة، إمكانية أن تتراجع «حماس» قبل حلول مهلة ترمب، السبت، مع حدوث التزامات محدودة من جانب إسرائيل، مستدركاً: «لكن إسرائيل قد ترى أنها أمام فرصة مع بدء (حماس) التراجع عن الاتفاق وقد تتعنت»، ويتوقع أن يلعب الوسطاء دوراً في هذا الصدد للضغط على «حماس» لتجاوز تلك الأزمة.

ويرى المدهون أن «الوسطاء، وعلى رأسهم قطر بصفتها الضامن للبروتوكولات الإنسانية، ومصر عبر معبر رفح، عليهم دور رئيسي في تسهيل تنفيذ بنوده، مثل ضمان إدخال مستلزمات الإعمار والبناء والإيواء عبر معبر رفح بشكل سريع ودون قيود»، مؤكداً أن «المطلوب من الوسطاء أن يكونوا أكثر حزماً في إلزام جميع الأطراف بالاتفاق بناء على ما وقع».