مصادر لـ {الشرق الأوسط}: الداخلية اللبنانية حددت أسماء «مشبوهين» قبل إقرار المرسوم

شخصيات مقربة من النظام السوري بين 400 شملهم التجنيس اللبناني

TT

مصادر لـ {الشرق الأوسط}: الداخلية اللبنانية حددت أسماء «مشبوهين» قبل إقرار المرسوم

نشرت السلطات اللبنانية، أمس، مرسوم التجنيس الجدلي الذي صدر قبيل انتهاء ولاية الحكومة في 20 مايو (أيار) الماضي، وكشف النقاب عنه الأسبوع الماضي ليلاقي ردود فعل سياسية وشعبية قاسية، استدعت تجميد العمل بالمرسوم، وإعادة النظر بالأسماء الواردة فيه لتحديد مدى أهليتها.
وقالت مصادر وزارية لبنانية لـ«الشرق الأوسط»، إن المرسوم لا يزال يمتلك الصيغة القانونية، لكن تم وقف العمل بمفاعيله. وكشفت المصادر أن أية وثائق رسمية لبنانية لم تصدر لأي من المشمولين بقرار التجنيس، رغم أن بعضهم تقدم بأوراق إضافية لاستكمال ملفاته، مؤكدة أن أية وثائق لن تُعطى حتى البت في أمر الأسماء الواردة في المرسوم.
وأشارت المصادر إلى أن نحو 4 أسماء فقط تدور حول وضعها «شبهات»، منها مَن يوجد بحقه مذكرات من «الإنتربول»، بين نحو 400 مجنَّس، كاشفةً أن وزارة الداخلية كانت على عِلم بوضع هؤلاء، ورفعت عبر مراسلات موثقة تقارير عنهم، إلى رئاستَيْ الجمهورية والحكومة، طالبةً حذفهم من المرسوم.
ونشرت وزارة الداخلية اللبنانية أمس مرسوم التجنيس الذي أصدره رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الحادي عشر من الشهر الماضي. وورد في المرسوم أسماء 407 أشخاص، معظمهم من الفلسطينيين والسوريين، لكن المفارقة كانت بإقرار «الداخلية» على موقعها الرسمي، بأن هذا المرسوم «يتضمن عدداً من الأسماء التي أثيرت حولها شبهات أمنية وقضائية في التحقيقات الأولية التي جرت»، لافتة إلى أنه «يتم حالياً التدقيق بمدى صحة هذه المعلومات، وذلك من خلال التحقيق الإضافي الذي تقوم به المديرية العامة للأمن العام».
وتبين أن النسبة الأكبر من المجنسين هم من الفلسطينيين (108) والسوريين (103)، أي أكثر من نصف الذين شملهم التجنيس، فيما حل الفرنسيون بالمرتبة الثالثة (47) والأميركيون رابعا (20) والبريطانيون خامسا (17).
ومن أبرز الشخصيات التي نالت الجنسية، رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي وعائلته. وفيما غاب اسم رجل الأعمال السوري سامر فوز من اللائحة بعد أن أثير أنه من بين المجنَّسين، تبين أن مدير مكتبه خلدون الزعبي نال الجنسية اللبنانية. ومن المجنسين أيضاً، عبد القادر صبرا، رئيس جمعية الملاحة البحرية في اللاذقية، وفاروق جود وهو نائب غرفة التجارة والصناعة في اللاذقية. كما نال الجنسية أبناء الوزير السوري السابق هاني مرتضى الذي يرأس ابنه مازن مقام السيدة زينب في دمشق، وهو متزوج من لبنانية.
وكان الأمن العام طلب بوقت سابق من اللبنانيين هذا الأسبوع الإبلاغ عن أي معطيات أو معلومات يمتلكونها حول الأسماء التي تم نشرها يوم أمس، وهو ما اعتبرته مصادر في حزب «الكتائب»، «فضيحة». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، مضي «الكتائب» بتقديم طعن بالمرسوم، لافتة إلى أنه يتم التباحث مع «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» بكيفية التعاون قانونياً في هذا المجال. وأضافت المصادر: «هناك أكثر من عنصر يساعدنا في دعم الطعن الذي انتهينا من إعداده»، وأوضح أن «المرسوم الذي تم نشره لم يلحظ تعليلاً (أي تحديداً) لأسباب منح الجنسية للأشخاص الواردين فيه، باستثناء تحديد (مكتومي القيد، وقيد الدرس). وهو أمر ملزم قانوناً». واعتبرت المصادر أن إقرار وزارة الداخلية بتضمين المرسوم «عدداً من الأسماء التي أثيرت حولها شبهات أمنية وقضائية في التحقيقات الأولية التي جرت، فضيحة أخرى تُسهِم بالطعن». وقالت: «كذلك هناك أكثرية من الفلسطينيين والسوريين المجنسين، علماً بأن الطرفين يخضعان لشروط اللجوء، أضف أن العدد الأكبر من السوريين المجنسين مقربون من النظام السوري ومن عائلات مرتضى وجود، كما أن هناك مَن تحوم حولهم شبهات».
من جهتِه، تحدَّث الوزير السابق بطرس حرب عن عنصرين أساسيين يتوجب التوقف عندهما في موضوع المرسوم الذي تم نشره؛ الأول مرتبط بإقرار وزارة الداخلية والأمن العام بوجود «غير مستحقين» من ضمن الأسماء التي تم تجنيسها، علما بأن التحقيقات الأمنية والقضائية كان يجب أن تحصل قبل إصدار المرسوم وليس بعده، كما هو حاصل حالياً. أما العنصر الثاني فهو أن هذا المرسوم تضمّن عدداً كبيراً من المجنسين من السوريين والفلسطينيين، علما بأن مقدمة الدستور واضحة بما يتعلق برفض التوطين، إضافة إلى وجود تفاهمات واضحة على رفض تجنيس السوريين ووجوب عودتهم إلى بلادهم.
وقال حرب لـ«الشرق الأوسط»: «هناك علامات استفهام كبيرة تُطرَح في هذا المجال، باعتبار أن أي مرسوم يجب ألا يتناقض مع مواد الدستور، وبخاصة مقدمته».
وشدَّد حرب على وجوب أن يتم تحديد المعايير التي تم اعتمادها للتجنيس «خاصة أن هناك مستحقين لم يجنسوا، فإذا كان المال وحده العنصر الذي يؤدي إلى إعطاء الجنسية اللبنانية من دون تقديم التزامات من قبل المجنَّسين بالاستثمار في لبنان، فذلك يستدعي تساؤلات كثيرة».
وأشار إلى أن وزير الخارجية (جبران باسيل) كان قد أعلن في وقت سابق أن هناك ما بين 5 و6 آلاف شخص من المتمولين قد يتم إعطاؤهم الجنسية اللبنانية، ما يعني أننا قد نكون بصدد مراسيم تجنيس جديدة في المرحلة المقبلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.