إيران تعلن بدء خطوات عملية للعودة إلى تخصيب اليورانيوم

أوروبا «تدرس» قرارات طهران وتحذر بشأن أنشطتها النووية - «الوكالة الدولية» تسلمت رسالة إيرانية عن تنفيذ إجراءات جديدة

إيران تعلن بدء خطوات عملية للعودة إلى تخصيب اليورانيوم
TT

إيران تعلن بدء خطوات عملية للعودة إلى تخصيب اليورانيوم

إيران تعلن بدء خطوات عملية للعودة إلى تخصيب اليورانيوم

أعلنت طهران، أمس، عن تدشين مرحلة عملية باتجاه العودة إلى تخصيب اليورانيوم. رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي قال في مؤتمر صحافي إن البنية التحتية الإيرانية في منشأة ناتانز تعد العدة لإنتاج غاز رباعي وسداسي فلوريد اليورانيوم، وقال المتحدث باسم «الوكالة الإيرانية» بهروز كمالوندي إن طهران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيادة أجهزة اليورانيوم في إطار أوامر خامنئي للوصول إلى 190 ألف وحدة فصل؛ ما يعادل 30 ضعف عدد الأجهزة المركزية المسموح لإيران بامتلاكها وفق الاتفاق النووي.
وقال صالحي إن الخطوة النووية الجديدة وفق أوامر خامنئي «لا تتعارض مع الاتفاق النووي»، مشيرا إلى أن البنية التحتية لإحداث 190 ألف وحدة فصل جاهزة في منشأة ناتانز، معلنا بدء إنتاج أجهزة الطرد المركزي الجديدة ابتداء من اليوم.

أتت الخطوة الإيرانية غداة خطاب من المرشد الإيراني علي خامنئي قال فيه إنه يأمر المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية ببدء إجراءات لبلوغ 190 وحدة فصل. صالحي بعد إعلان التفاصيل الكاملة للسيناريو الإيراني قال إن طهران «يجب أن تنتظر وترى رد الطرف المقابل»، مضيفا أن «هذه الإجراءات لا تعني فشل المفاوضات مع الأوروبيين».
وكانت السلطات الإيرانية هددت قبل انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 8 مايو (أيار) الماضي، بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة إن لم تحافظ الدول الأوروبية على الاتفاق.
وقال صالحي إنه «لا يمكن الجمع في آن واحد بين فرض العقوبات والاتفاق النووي»، متهما الدول الغربية التي أبرمت الاتفاق النووي مع طهران في 2015 بعد نحو عامين على المفاوضات بأنها «لا ترغب» في أن تستفيد إيران من التكنولوجيا النووية، نافيا أن تكون لبلاده توجهات «غير سلمية» في برنامجها النووي، قبل أن يوجه انتقادات إلى أطراف داخلية «تروج مواقف الدول الغربية» من البرنامج الإيراني، مطالبا تلك الجهات بعدم التحدث دون الاستناد إلى «استدلال علمي».
جاء الرد الأوروبي سريعا على الخطوة الإيرانية؛ إذ قالت المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني خلال المؤتمر الصحافي اليومي للمفوضية: «ندرس تصريحات» السلطات الإيرانية. وأضافت مايا كوتشيانتيتش: «سنستمر في احترام التعهدات التي قطعت في إطار الاتفاق حول (النووي) ما دامت إيران مستمرة في احترام التزاماتها».
وتابعت كوتشيانتيتش أن «الأمر كذلك حاليا. وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمرة الـ11 أن إيران لا تزال تحترم الاتفاق، ونستعد للدفاع عن المصالح الأوروبية (من العقوبات الأميركية) والحفاظ على الاتفاق». وأوضحت: «سنبذل قصارى جهدنا للحفاظ على المكاسب التي تجنيها إيران من الاتفاق».
قبل تصريحات صالحي بساعات نقلت وكالة «إيسنا» الإيرانية عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية بهروز كمالوندي، أن «إيران ستعلن في رسالة ستسلم إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنها ستبدأ الثلاثاء (أمس) عملية زيادة القدرة على إنتاج... سادس فلوريد اليورانيوم».
وإعلان إيران زيادة عدد أجهزة الطرد يترجم بأنه زيادة الضغوط على الأوروبيين لتسريع تطبيق وعودهم؛ كما قال مصدر أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتطلق وحدة الفصل على حركة أجهزة الطرد المركزي. وفق تقدير الخبراء، فإن الخطوة الإيرانية قد تعد خرقا للاتفاق النووي، لأن بنود اتفاق فيينا الموقع في يوليو (تموز) 2015 تفرض قيودا على إيران لا تسمح لها بامتلاك أجهزة طرد مركزي تسمح بالوصول إلى هذه السرعة من التخصيب. وينص الاتفاق على امتلاك طهران 5060 جهاز طرد مركزي من الجيل الأول، ويسمح لإيران تدريجيا باستبدال الجيل الرابع والسادس والثامن من أجهزة الطرد المركزي بها، فقط لأغراض البحث العملي شرط ألا تخزن اليورانيوم. وفق هذه المعادلة؛ فإن تطلعات إيران للوصول إلى 190 وحدة فصل قد تعادل 30 ضعفا من القدرات التي ينص عليها الاتفاق النووي.
ومن شأن الخطوة أن تزيد قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بنسب عالية. ولا يسمح الاتفاق النووي لإيران إلا بتخصيب اليورانيوم بنسبة 3.75 في المائة وهي نسبة تقل كثيرا عن عتبة التسعين في المائة اللازمة لصنع أسلحة. وكانت طهران قبل الاتفاق تخصب اليورانيوم لدرجة نقاء تبلغ 20 في المائة.
وقال صالحي إن إيران قد تستعد لاستئناف العمل على إنتاج أجهزة طرد مركزي متقدمة.
ومع ذلك، زعم صالحي أن مشروعات إيران «لا تخرق الاتفاق النووي»، موضحا أن إيران «تملك مصانع لإنتاج غاز سداسي فلوريد اليورانيوم (UF6) من الكعكة الصفراء»، مشيرا إلى أن ذخائرها تبلغ 400 طن. وقال إن إيران تنوي إعادة تشغل المصانع وإنتاج الغاز بعد مضي 10 سنوات على الاتفاق النووي.
وفي توضيح تصريحات خامنئي، حاول صالحي أن يخفف لهجة التصريحات، عندما قال إن أوامره بشأن 190 ألف وحدة فصل في إطار الاتفاق النووي لا تعني الوصول إلى هذه النسبة على المدى القصير، إلا أنه في جزء آخر من تصريحاته أعرب عن أمله بأن تصل إيران في فترة 18 شهرا أو عامين إلى المستوى المطلوب، كما أكد أن إيران لا تبدأ الحركة بهذا الاتجاه اعتمادا على أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول (IR1) وإنما تتوجه لإنتاج أجهزة طرد مركزي جديدة. وشرح: «في حال انهار الاتفاق النووي وأردنا إنتاج أجهزة الطرد المركزي، فإنه من المؤكد أننا سننتج أجهزة طرد مركزي جديدة. الآن لا نقدم على شيء يعارض الاتفاق النووي، لكن نعمل على تجهيز البنية التحتية».
وبحسب صالحي، فإن إيران لم توقف العمل على تطوير منشأة ناتانز. وصرح بأن «المنشآت الكهربائية في ناتانز باتت مناسبة لأهداف طويلة المدى... سنبدأ في سياق ضمانات الحماية باتخاذ إجراءات إيجاد البنى التحتية على نطاق واسع»، مضيفا أنه «في الوقت الراهن المنشآت الكهربائية في ناتانز باتت جاهزة لتخصيب 100 ألف سو (وحدة فصل)».
وأشار صالحي إلى «أصول» ومبادئ في «النووي الإيراني»؛ أولها ما قاله عن أن بلاده «تلتزم بالإيفاء بوعودها»، مضيفا أنها «التزمت بتطبيق اتفاقية الضمانات قبل أن تطبق البروتوكول الإضافي وفق الاتفاق النووي». وفي المبدأ الثاني أشار إلى «فتوى خامنئي» حول الأنشطة السلمية، وفي المبدأ الثالث، نقلت عنه وكالة «تسنيم» أن الهدف إنتاج الطاقة النووية والوقود النظيف لأغراض اقتصادية.
من جهة ثانية، أطلق صالحي تلميحات لاحتمال مواجهة إيران عقوبات أوسع بسبب خطواتها النووية والعودة للمربع الأول، وهو ما يثير مخاوف من حراك شعبي داخلي، وقال في هذا الخصوص: «نحن بحاجة إلى عزم وإرادة الشعب الإيراني، فأمر غير صائب تجربة المجرب، لمرات تم اختبار إرادة هذا الشعب».
صالحي شدد أيضا على أن بلاده «لا تقبل باتفاق نووي يعاني من عيوب»، مجددا تصريحات وردت على لسان المرشد الإيراني علي خامنئي أول من أمس، ولفت إلى أن إيران لن تقبل بإعادة التفاوض حول برنامجها النووي. وأضاف: «ولا يمكن القبول باستمرار العقوبات وفرض قيود أخرى».
وأوضح صالحي أن خطوات المنظمة الإيرانية تأتي «وفق تجارب سابقة» لافتا إلى أنها «وضعت نصب أعينها أن تعمل على عدم إضاعة الوقت نظرا لإمكانية عدم وصول المفاوضات إلى نتيجة، أو إمكانية عدم التزام الطرف المقابل بالاتفاق». وتابع: «بناء على هذا الأساس، استشففنا أنه يجب ألا ندمر الجسور السابقة؛ بل علينا أن نبني جسوراً أخرى. في الحقيقة لن نعود إلى الوضع الذي سبق الاتفاق النووي، بل سنرجع إلى وضع أفضل».
وفتح صالحي الباب أمام مضي إيران إلى خطوات أكثر تقدما من العودة لتخصيب اليورانيوم، وقال: «إذا تقرر أن نمضي قدماً في مجالات واسعة، فحينها ستختلف الظروف. برأيي الشخصي؛ لن نعود إلى الوضع السابق، لأننا نرى أن الاتفاق النووي يصب في مصلحة بلادنا والمنطقة والمجتمع الدولي. ويعد الاتفاق النووي أحد عوامل دعم اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية، وفي حال انهار الاتفاق النووي، فإن أشياء كثيرة ستتعقد. منظمة الطاقة الذرية أعدت نفسها لجميع السيناريوهات. لقد أعددنا إمكانات متعددة».
وبحسب صالحي، فإن أمر خامنئي كان معدا سلفا لإظهار الخطوة الإيرانية، وذلك بعد نهاية المهلة الإيرانية للدول الأوروبية لتقدم ضمانات قانونية واقتصادية قبل نهاية مايو (أيار) الماضي، وهو ما لم يحدث. وفقا للمسؤول الإيراني الأسبوع الماضي رفعت لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق النووي في إيران توصيات وافق عليها خامنئي والرئيس حسن روحاني إلى المؤسسات ومختلف المنظمات، كمنظمة الطاقة الذرية ووزارة الخارجية، مستطردا: «في جعبتنا سيناريوهات كثيرة لمواجهة مختلف الظروف. تم اتخاذ الإجراءات، وقام رئيس الجمهورية بإبلاغ المنظمة بها. لدينا مقترحات حول ماهية الإجراءات المقبولة التي يمكن أن نتخذها في إطار الاتفاق النووي».
هذه المواقف الإيرانية الأخيرة من الاتفاق النووي أثارت انقساما بين المحللين المؤيدين للاتفاق النووي؛ فريق من المحللين المتفائلين يقول إن التصعيد الإيراني يهدف إلى الحصول على امتيازات وإعادة توزيع أوراق اللعبة بيد الفريق المفاوض النووي مقابل الدول الأوروبية التي تخشى من انهيار الاتفاق ودخول المواجهة إلى سيناريوهات قد تنتهي إلى مواجهة عسكرية. لكن فريقا آخر تعرف عنه النظرة الواقعية يرى أن إيران بدأت فعلا مرحلة جديدة من برنامجها النووي، وهو ما يعني دخول الاتفاق في مرحلة مختلفة عن سابقاتها.
كما شرح صالحي طبيعة التعليمات الصادرة من روحاني التي أشار إليها خامنئي أول من أمس، وقال إنها «تشمل موارد ثلاثة: إنتاج غاز سداسي فلوريد اليورانيوم UF6 وإنتاج غاز رباعي فلوريد اليورانيوم UF4 ومركز تجميع الأجهزة الجديدة». ولفت إلى أن الاتفاق النووي لم يحد من قدرة إيران على مواصلة تطوير البرنامج، وإنما «بنينا جسوراً أكثر».



إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا

إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا
TT

إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا

إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا

في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد السوري، تسعى إسرائيل إلى استغلال الأوضاع الراهنة للبحث عن أماكن دفن الجاسوس الشهير إيلي كوهين وجنودها المفقودين، وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وحسب تقرير إعلامي لبناني نُشر مؤخراً، أفادت مصادر دبلوماسية بأن إسرائيل تجري اتصالات مكثفة داخل سوريا وخارجها في محاولة للحصول على معلومات حول مكان دفن كوهين، الذي أُعدم شنقاً في دمشق عام 1965 بعد كشف نشاطه التجسسي.

التقرير أشار أيضاً إلى جهود إسرائيلية متجددة للعثور على رفات الجنديين تسفي فلدمن ويهودا كاتس، اللذين فقدا في معركة السلطان يعقوب ضد القوات السورية في لبنان عام 1982.

وفي تطور سابق، أفيد في فبراير (شباط) 2021 أن روسيا، بالتعاون مع السلطات السورية وتحت ضغط إسرائيلي، قامت بعمليات بحث في منطقة مخيم اليرموك بدمشق، سعياً للعثور على رفات كوهين.

وفي الشهر التالي، تحدثت تقارير عن نقل جزء من جثمان يُعتقد أنها تعود لكوهين إلى إسرائيل، إلا أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفى صحة تلك التقارير، ولم يتأكد حتى الآن مصير هذه القطعة أو ارتباطها بكوهين.

تأتي هذه التحركات الإسرائيلية في ظل تطورات إقليمية متغيرة، إذ تسعى تل أبيب إلى إغلاق ملف شخصيات شكلت جزءاً من تاريخها الأمني والسياسي.