العراق: تراجع تحركات سليماني مقابل تكثيف سيليمان لقاءاته

السفير الأميركي التقى العامري... و{التيار الصدري} يعتبر التحالف مع المالكي «مستحيلاً»

TT

العراق: تراجع تحركات سليماني مقابل تكثيف سيليمان لقاءاته

في حين تراجعت تحركات قائد «فيلق القدس» الإيراني الجنرال قاسم سليماني على جو المشاورات الجارية حاليا في العراق بهدف تشكيل الكتلة الاكبر التي ستكلف تشكيل الحكومة المقبلة، فإن تحركات السفير الأميركي دوغلاس سيليمان هي التي بدأت تلفت الأنظار بقوة لجهة حرصه على لقاء مختلف الأطراف السياسية في العراق وآخرهم هادي العامري، زعيم قائمة «الفتح» المشكلة من فصائل في «الحشد الشعبي» وبينها «عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي التي أدرجتها واشنطن مؤخرا في قائمتها لـ«المنظمات الإرهابية».
وقلل الناطق الرسمي باسم «عصائب أهل الحق» والنائب الفائز عنها في الانتخابات الحالية نعيم العبودي من أهمية اللقاء الذي جمع العامري مع السفير الأميركي، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «اللقاء الذي جرى بين السفير الأميركي والسيد العامري والذي كان على مائدة إفطار دعا إليها العامري عددا من السفراء؛ ليس هو الأول من نوعه، لأن العامري بوصفه وزيرا سابقا يلتقي مع الأميركيين وسواهم، وبالتالي فإننا من جانبنا نتفهم مثل هذه اللقاءات».
لكن العبودي شدد على أن كتلته «ترفض رفضا قاطعا اللقاء مع الأميركيين تحت أي مسمى، حتى إن ممثل كتلة (صادقون)، (الجناح السياسي للحركة) الذي كان حاضرا خلال اللقاء انسحب حال معرفته بحضور السفير الأميركي». وأوضح: «إننا نعذر إخوتنا ولا نريد أن نجبرهم على اتخاذ مواقفنا نفسها، لكن ما أريد قوله إن تحالف (الفتح) متماسك؛ حيث نبحث عن المشتركات، ونعذر بعضنا البعض في بعض المواقف التي نختلف فيها، ومنها هذا اللقاء مع السفير الأميركي لقناعتنا بأن الأميركيين ليسوا جادين في مساعدة الشعب العراقي».
إلى ذلك، أكد جعفر الموسوي، المتحدث باسم زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أن هناك «مفاوضات مستمرة بين تحالف (سائرون) مع الكتل السياسية الأخرى»، مرجحا أن «تكون الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك حاسمة بهذا الخصوص». وقال المتحدث باسم «سائرون»، الذي يرعاه الصدر وجاء في المرتبة الأولى في الانتخابات الأخيرة، في تصريح إن «مفهوم الحكومة الأبوية الذي طرحه السيد مقتدى الصدر، يعني الدولة العادلة وتطبيق القانون»، مشيراً إلى أنها «ستراعي الجميع دون تمييز ما بين محافظة وأخرى ودون تفضيل فئة على فئة أخرى». وأوضح الموسوي أن «السيد مقتدى الصدر رجل عراقي، وقراره قرار عراقي»، مؤكداً أنه «يسعى لصد أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للعراق من أي دولة كانت». وأضاف أن «هنالك قطارين يتجهان لتشكيل الكتلة النيابية الأكثر عدداً»، لافتاً إلى أن «تحالف (سائرون) يقود القطار الأول و(ائتلاف دولة القانون)، (بزعامة نوري المالكي) يقود القطار الثاني». ولمح الموسوي إلى «استحالة التقاء هذين القطارين في نقطة مشتركة لتكوين تحالف واحد»، مبيناً أن «ذلك سيؤدي إلى تصادم وكارثة». وتابع أن «الجميع يراقب حالياً وجهة القطارين قبل اتخاذ قرار بالانضمام إلى أحدهما»، منوها بـ«وجود مفاوضات مستمرة بين تحالف (سائرون) والكتل السياسية، التي أثمرت معطيات وعهودا ومواثيق لتشكيل الكتلة الوطنية الأكبر».
من جهته، نفى الدكتور عدنان السراج، رئيس «المركز العراقي للتنمية الإعلامية» والمقرب من رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يتزعم تحالف «النصر» الذي جاء في المرتبة الثالثة في الانتخابات بعد «سائرون» و«الفتح»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الأنباء التي تواردت مؤخرا بشأن إمكانية انسحاب العبادي من حزب الدعوة في شرط وضعته بعض الكتل السياسية أمامه مقابل ترشيحه لولاية ثانية. وقال السراج إن «العبادي لن يتخلى عن حزب الدعوة تحت أي شرط، لأن (الدعوة) هو رأسماله السياسي ولا يمكنه التفريط به وهو مصدر قوة له في الحراك السياسي وهو ورقة مهمة بيده». وأضاف السراج أن «خروج العبادي من (الدعوة) حتى لو كان ذلك مقابل رئاسة الوزراء يجعله أسيرا للكتل التي ترشحه وبالتالي لا يوجد سند قوي له».
وبشأن ما إذا كان العبادي هو الأوفر حظا لتولي المنصب ثانية، قال السراج إن «التحركات الحالية تؤكد ذلك وأنه في الوقت الذي تتراجع فيه حظوظ الآخرين ممن كانوا مطروحين لتولي هذا الموقع، فإن حظوظ العبادي ترتفع، وهو الآن في وضع مريح ومعنوياته عالية رغم شعوره بالإحباط من نتيجة الانتخابات بسبب ما رافقها من نتائج وطعون وما شابه ذلك من كلام». وأوضح أن «هناك اهتماما دوليا واسع النطاق الآن بالعراق، وليس فقط اهتماما أميركيا مثلما يتضح بلقاءات السفير؛ بل هناك سفراء آخرون يتحركون لأن الأوضاع الداخلية في العراق باتت تهم المنطقة والعالم».
وحول وضع إيران في هذه المعادلة، يقول السراج إن «إيران تتحرك في الجانب الذي يبدو مريحا بالنسبة لها، فهي تراهن على الأكثرية الشيعية داخل البرلمان التي وإن تفاوتت أو اختلفت، فإنها تبقى ضمن جو واحد تتحرك من خلاله إيران، وكذلك لديها نفوذ على كتل كردية في إقليم كردستان، لكن إيران تتصرف بواقعية حيال أي رئيس وزراء قادم ما دام في النهاية سيكون شيعيا طبقا للاستحقاق الانتخابي والوطني».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.