سياسات أميركا التجارية تقسم «مجموعة السبع» إلى «6+1»

بكين تربط «مكاسب المحادثات» بوقف «العقوبات الجمركية»

وزراء المالية في دول مجموعة السبع في ختام اجتماعاتهم أول من أمس (رويترز)
وزراء المالية في دول مجموعة السبع في ختام اجتماعاتهم أول من أمس (رويترز)
TT

سياسات أميركا التجارية تقسم «مجموعة السبع» إلى «6+1»

وزراء المالية في دول مجموعة السبع في ختام اجتماعاتهم أول من أمس (رويترز)
وزراء المالية في دول مجموعة السبع في ختام اجتماعاتهم أول من أمس (رويترز)

حذّرت بكين الأحد واشنطن من أنه لن يكون من الممكن التوصل إلى أي تسوية تجارية في حال مضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في فرض عقوبات جمركية على الصين، فيما عبّر حلفاء الولايات المتحدة خلال اجتماع لوزراء مالية مجموعة السبع في كندا عن احتجاج جماعي على السياسة التجارية الأميركية، ما أظهر انقساما كبيرا في المجموعة الصناعية الكبرى.
وخلال اجتماعات في أقصى الغرب، تقف كل من كندا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان على مسافات متباينة، لكنها كلها مناقضة لسياسات الولايات المتحدة التجارية، كما أنها تضررت جميعا من قرار فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألومنيوم.
وعلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية، وتزامنا مع زيارة قام بها وزير التجارة الأميركي ويلبور روس لبكين، توعدت وكالة «الصين الجديدة» الرسمية للأنباء (شينخوا) بأنه «إذا ما طبّقت الولايات المتحدة عقوبات تجارية، بما في ذلك من خلال رفع الرسوم الجمركية، فعندها ستلغى مفاعيل كل نتائج المفاوضات التجارية والاقتصادية» بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم.
وفي ويسلر بغرب كندا، انتهى اجتماع لوزراء المالية وحكام المصارف المركزية في دول مجموعة السبع السبت من دون صدور إعلان مشترك، وذلك على خلفية استياء معمم حيال الولايات المتحدة بعد قرار ترمب فرض رسوم جمركية مشددة على واردات الولايات المتحدة من الصلب والألمنيوم من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك.
وتزيد هذه الرسوم من مخاطر نشوب حرب تجارية، إذ لخّص وزير المالية الفرنسي برونو لومير الأجواء التي سادت اجتماع مجموعة السبع بأنها كانت «متوترة وصعبة»، معتبرا أن الاجتماع كان لـ«مجموعة الست زائد واحد» حيث كانت الولايات المتحدة «وحيدة ضد الجميع، ما طرح مخاطر بزعزعة اقتصاد العالم».
ورفع الاتحاد الأوروبي وكندا شكوى إلى منظمة التجارة العالمية، فيما اتخذت المكسيك تدابير ضد منتجات أميركية ردا على الرسوم الجمركية المشددة. وتتبنى الإدارة الأميركية حيال الصين موقفا متقّلبا ما بين التساهل والتشديد، ما يهدد هنا أيضا بإثارة آلية عقوبات متبادلة.
وبعدما أعلن البلدان خلال مايو (أيار) عن هدنة في خلافهما التجاري، عاد البيت الأبيض ولوّح الثلاثاء بفرض رسوم جمركية مشدّدة على واردات بقيمة 50 مليار دولار سنويا من المنتجات الصينية. وندّد النظام الشيوعي على الفور بـ«تبديل في موقف» واشنطن، وهدّد باتخاذ «إجراءات حازمة» لحماية مصالحه.
وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، قام ويلبور روس يومي السبت والأحد بزيارة إلى بكين لاستئناف المفاوضات بهدف إعادة التوازن إلى المبادلات التجارية الثنائية. وقال البيت الأبيض يوم السبت إن روس يترأس وفدا يضم سفير الولايات المتحدة لدى الصين تيري برانستاد علاوة على عدد من المسؤولين في قطاعي الزراعة والطاقة.
وأثنى الوزير الأميركي الأحد أمام الصحافة على مفاوضات «ودية وصريحة» أجراها مع نائب رئيس الوزراء ليو هي المقرّب من الرئيس شي جينبينغ والمسؤول عن ملف السياسة الاقتصادية الصينية.
وفي ختام هذه المحادثات الجديدة، أعرب ليو في تصريحات نقلتها شينخوا عن ارتياحه لتحقيق «خطوات إيجابية وملموسة... ما زال يتعيّن ترسيخها» في قطاعات «مثل الطاقة والزراعة»، كما أبدت الصين «استعدادها لزيادة وارداتها» من المنتجات الأميركية.
لكن بكين وجّهت في الوقت نفسه تحذيرا صارما لواشنطن، إذ أكّدت شينخوا أن المحادثات الصينية - الأميركية «تنطلق من مبدأ أن على الطرفين ألا يخدع أحدهما الآخر وألا يخوضا حربا تجارية».
وتطالب الولايات المتحدة بفتح السوق الصينية أكثر أمام شركاتها ومنتجاتها، وبخفض العجز الهائل في مبادلاتها التجارية مع بكين بمقدار مائتي مليار دولار بعدما بلغ هذا العجز 375 مليار دولار عام 2017. غير أن النظام الشيوعي لم يوافق على هذا المبلغ الذي اعتبره بعض الخبراء الاقتصاديين «غير واقعي».
من جهة أخرى، يندد دونالد ترمب باستمرار بممارسات بكين التجارية «غير النزيهة»، منتقدا التنظيمات التي تشكل حواجز تحدّ من الاستثمارات الأجنبية ومن عمليات نقل التكنولوجيا التي «تفرض» على الشركات الأميركية.
وعلى هذا الصعيد، أكّد وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين السبت على هامش اجتماع المسؤولين الماليين في مجموعة السبع أن واشنطن تطالب بكين بـ«تغييرات بنيوية» في اقتصادها.
وقال الوزير الأميركي إنه «إذا حصلت تغييرات بنيوية تضمن لشركاتنا منافسة حرة (في هذا البلد)، فإن ذلك سيؤثر على العجز التجاري».
غير أن الصين المتهمة بعدم الانفتاح على الصعيد التجاري، تصرّ على تقديم ضمانات على حسن نواياها.
وأعلنت بكين الأربعاء عن تخفيضات جديدة على الرسوم الجمركية على مجموعة من المنتجات من ملابس وأحذية ومستحضرات تجميل وأدوات كهربائية، وذلك بعيد الكشف عن تخفيضات ضريبية على السيارات المستوردة، كما أنها تؤكد عزمها على تعزيز حماية الملكية الفكرية.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.