ينتظر أن تدخل الحكومة التونسية جولة جديدة من الصراع مع الأحزاب اليسارية المعارضة، ونقابات العمال والمنظمات الحقوقية، بعد قرار إقرار الزيادة في أسعار المحروقات للمرة الثالثة منذ بداية السنة، رغم الظروف الاجتماعية الصعبة التي أصبحت تعيشها الطبقة الشغيلة بسبب الزيادات المستمرة في الأسعار، التي أقرتها الحكومة ضمن ميزانية السنة الحالية. كما تريد الحكومة تأجيل زيادة رواتب الموظفين في القطاع العام للسنة المقبلة، حتى لو تم الاتفاق عليها هذا العام.
وقال مسؤول حكومي أمس، «بالنسبة للأجور، فالوضع صعب، والدولة ليس لديها موارد، وهي ترى أن تنفيذ زيادات 2018 يجب أن يكون في 2019؛ لأن الوضع المالي الحالي لا يسمح بصرف أي زيادات هذا العام».
وفي مقابل هذه الزيادات، ينتظر ألا تفتح الحكومة أبواب المناظرات في القطاع العام لانتداب موظفين جدد، وذلك بسبب الشروط التي التزمت بها في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي. ومن شأن هذه الإجراءات أن تزيد في منسوب الاحتقان الاجتماعي ضد الحكومة، المتهمة بالفشل في حل الملفات الشائكة.
واعترض تحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض على هذه الإجراءات، ووجه انتقادات حادة إلى الحكومة، مطالباً إياها بعدم الانصياع لشروط صندوق النقد الدولي المجحفة. ويلتقي في هذا الموقف مع موقف الاتحاد العام للشغل (نقابة العمال)، التي تتمسك بالزيادات في الأجور، وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الطرف الحكومي والطرف النقابي.
وعرفت بداية السنة الحالية احتجاجات اجتماعية عدة، شملت عدداً كبيراً من المدن والأحياء الشعبية، التي رفعت شعارات مناوئة للحكومة، وطالبتها بالتراجع عن الزيادات الكبيرة المقررة في ميزانية الدولة.
ووفق التعديل الآلي للأسعار المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، باتت الحكومة تراجع أسعار المحروقات كل ثلاثة أشهر، بهدف التخفيف من أعباء صندوق دعم المواد الاستهلاكية. وقد عرفت السنة الحالية زيادتين في أسعار المحروقات: الأولى خلال شهر يناير (كانون الثاني)، والأخرى خلال شهر مارس (آذار).
في السياق ذاته، قال مسعود الرمضاني، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة)، لـ«الشرق الأوسط» «هذه الزيادات المتكررة في الأسعار ستزيد من معاناة أوضاع الطبقة المتوسطة، وستؤثر على قدرتها الشرائية؛ وهو ما قد يؤدي إلى احتجاجات اجتماعية سلمية للمطالبة بمراجعة نموذج التنمية، والقضاء على مظاهر التفاوت الطبقي بين الجهات». ودعا الرمضاني الحكومة إلى الالتفات إلى وضعية الفئات الهشة «حتى لا تكون ضحية الإصلاحات الاقتصادية الكبرى، التي أقرتها وتسعى إلى تنفيذها».
على صعيد غير متصل، أقرت محكمة الاستئناف بالعاصمة التونسية ما ورد في قرار هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة ملفات العدالة الانتقالية، وطالبت سليم شيبوب، صهر الرئيس السابق زين العابدين بن علي، بدفع مبلغ 307 ملايين دينار تونسي (نحو 122 مليون دولار) لفائدة الدولة، وذلك في إطار المصالحة مع رموز النظام السابق.
وقال عادل المعيزي، عضو هيئة الحقيقة والكرامة، إن القرار الذي أصدرته الهيئة أصبح ملزماً لصهر الرئيس حتى يتمكن من تسوية وضعيته، وحصول مصالحة حقيقية مع الدولة. مشيراً إلى أن هيئة الحقيقة والكرامة درست الملف من كل جوانبه قبل أن تقرر في قيمة المبلغ، وتحيله إلى القضاء لإقرار الصبغة التنفيذية عليه.
الحكومة التونسية تستعد لتجميد الأجور وسط توقعات بتجدد الاحتجاجات
الحكومة التونسية تستعد لتجميد الأجور وسط توقعات بتجدد الاحتجاجات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة