الحكومة الروسية تقر إجراءات لاحتواء «أزمة الوقود»

أسعار البنزين تشعل احتجاجات في المدن وتثير قلق «الجيران الحلفاء»

محتجون يحملون يافطات كتب عليها مع هذه الأسعار لن نذهب بعيداً للاحتجاج على زيادة أسعار البنزين في روسيا ({الشرق الأوسط})
محتجون يحملون يافطات كتب عليها مع هذه الأسعار لن نذهب بعيداً للاحتجاج على زيادة أسعار البنزين في روسيا ({الشرق الأوسط})
TT

الحكومة الروسية تقر إجراءات لاحتواء «أزمة الوقود»

محتجون يحملون يافطات كتب عليها مع هذه الأسعار لن نذهب بعيداً للاحتجاج على زيادة أسعار البنزين في روسيا ({الشرق الأوسط})
محتجون يحملون يافطات كتب عليها مع هذه الأسعار لن نذهب بعيداً للاحتجاج على زيادة أسعار البنزين في روسيا ({الشرق الأوسط})

نظمت نقابات ومنظمات روسية تهتم بشؤون العاملين في قطاع النقل وأصحاب السيارات، احتجاجات في أكثر من مدينة روسية، طالبوا فيها السلطات بالتحرك لكبح أسعار وقود المحركات (البنزين والديزل)، التي ارتفعت نحو روبل روسي واحد لكل لتر خلال فترة لم تتجاوز الأسبوع.
وقالت وسائل إعلام روسية إن الحكومة قررت على خلفية تلك الاحتجاجات أن يبدأ العمل بقرار خفض ضريبة المحروقات قبل الموعد المعلن سابقاً. هذا بينما انتقلت نيران أزمة أسعار البنزين إلى دول الجوار التي تعتمد على صادرات البنزين الروسي لتغطية جزء من احتياجاتها. وأعلنت السلطات في جمهورية كازاخستان، أهم حليف اقتصادي لروسيا في الفضاء السوفياتي السابق، عن قرار حظر استيراد البنزين الروسي لمدة 3 أشهر، لضمان استقرار الأسعار في السوق المحلية.
وشهد مختلف الأقاليم الروسية احتجاجات نظمتها نقابات ومؤسسات معنية بشؤون العاملين في قطاع النقل، وأصحاب السيارات، وكذلك العاملون في مجال توزيع المحروقات ومحطات الوقود، عبّر المشاركون فيها عن استيائهم من «قفزة» أسعار البنزين والديزل خلال الأسبوع الأخير من شهر مايو (أيار) الماضي.
وبعد احتجاجات شهدتها مدن أقاليم ومقاطعات جنوب ووسط روسيا منذ 20 مايو، نظم مواطنون في مدن سيبيريا وشرق روسيا احتجاجات أمس، حملوا خلالها لافتات كُتبت عليها عبارات تعكس موقفهم، مثل «لا لأسعار الوقود المفترسة»، و«الوقود الغالي سيلتهم روسيا»، و«سعر البنزين هنا كما في أميركا والحياة كما في هندوراس». وانضم مدونون من أصحاب السيارات إلى الاحتجاجات ونشروا صوراً على مدوناتهم تعبّر عن الموقف ذاته، وكتب أحدهم يقول: «كلما زاد سعر البنزين تراجع الإنفاق على الصغار» في إشارة إلى تأثير ارتفاع أسعار الوقود على حياة كل أسرة روسية.
وذهب البعض إلى رفع شعارات سياسية، محذّرين من أن «ارتفاع أسعار البنزين سيؤدي إلى ثورة».
وتشير معطيات الوكالة الفيدرالية الروسية للإحصاء إلى أن متوسط سعر البنزين (92) ارتفع خلال الأسبوعين الماضيين من 39.5 روبل حتى 41 روبلاً لكل لتر، أما (95) فارتفع من 42.4 حتى 44 روبلاً لكل لتر، وبالنسبة إلى الديزل ارتفع من 42.3 حتى 43.9 روبل لكل لتر.
ويحذّر العاملون في قطاع النقل من أن ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى إفلاس مؤسساتهم، كما سيفرض على مؤسسات النقل رفع أسعار خدماتها نحو 25%، لتضمن استمرار عملها. من جانبه قال أناتولي لوكوت، عمدة مدينة نوفوسيبيرسك، في حديث لصحيفة «كوميرسانت» إن «الإنفاق الإضافي على النقل في المدينة بسبب ارتفاع أسعار الوقود قد يصل حتى 100 مليون روبل».
ومع تفاقم الأزمة، ولاحتواء حالة الاستياء والاحتجاجات قبل أن تتوسع، قررت الحكومة الروسية الإسراع في تنفيذ إجراءات أقرّتها مسبقاً، ومن بينها قرار بخفض الضريبة على الوقود، كانت تنوي بدء العمل به مطلع يوليو (تموز) القادم. وقالت صحيفة «كوميرسانت» الروسية إن المتحدث باسم دميتري كوزاك، النائب الأول لرئيس الحكومة الروسية، صرح بأن قرار تخفيف العبء الضريبي عن كاهل قطاع توزيع الوقود سيبدأ العمل به اعتباراً من الأول من يونيو (حزيران) الجاري، وليس في الأول من يوليو، كما كان مقرراً. وسيتم تخفيض ضريبة البنزين بقدر 3 آلاف روبل لكل طن، والديزل بقدر 2000 روبل لكل طن. ويرى الخبراء أن هذه الخطوة الحكومية قد تساعد على كبح ارتفاع الأسعار إلا أنها لن تؤدي إلى تراجعها حتى مستويات مطلع مايو الماضي.
في هذه الأثناء شعرت دول الجوار التي تعتمد على صادرات البنزين الروسي لتغطية جزء من احتياجاتها، بالقلق من الوضع في السوق الروسية، وبرز هذا بصورة خاصة في كازاخستان شريكة روسيا في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وفي تعليقه على أزمة أسعار البنزين، وكيف ستؤثر على الوضع في السوق المحلية، أشار وزير الطاقة الكازاخي كانات بوزومبايف، إلى أن عملية صياغة الأسعار في السوق في هذه المرحلة تتأثر بعاملين رئيسيين، هما ارتفاع أسعار الجملة والمفرق على البنزين في روسيا، ونوه إلى أن العامل الثاني هو حجم المخزون المحلي من البنزين، وأكد: «نحن هنا في كازاخستان لدينا الآن احتياطي وقود يزيد بمرة ونصف عن احتياجات سوقنا المحلية».
وعبّر عن قناعته بأن «زيادة الأسعار في روسيا حالياً لن تؤثر بشكل كبير على الوضع في السوق المحلية (الكازاخية)، وما سيؤثر بصورة أكبر هو أنه لدينا عروض كثيرة على البنزين المحلي».
إلا أنه ورغم طمأنة الوزير بوزومبايف، طرحت وزارة الطاقة الكازاخية مشروع قانون ينص على حظر استيراد البنزين من روسيا لمدة 3 أشهر، خشية أن تتأثر السوق المحلية بارتفاع أسعار الوقود في السوق الروسية. كما دعت كازاخستان الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (يضم روسيا وبيلاروسيا وأرمينيا وكازاخستان وقرغيزيا) إلى اتخاذ قرارات مماثلة، بتجميد استيراد البنزين الروسي لفترة محددة إلى حين أن تستقر الأسعار. وأوضحت وزارة الطاقة الكازاخية أنها اتخذت قرار الحظر بموجب فقرات عدة من «اتفاقية الاتحاد الاقتصادي الأوراسي»، بما في ذلك الفقرة 29 التي تنص بوضوح على حق الدول أعضاء الاتحاد، في علاقات التبادل التجاري، في فرض قيود شريطة ألا تكون وسيلة للتمييز غير المبرر أو تقييد كامن للتبادل التجاري بين الدول الأعضاء.
ومع وفرة إنتاجها من الخام إلا أن كازاخستان تعتمد على الصادرات لتوفير احتياجاتها من المشتقات النفطية، وبصورة خاصة وقود المحركات، وذلك لأسباب عدة، في مقدمتها عدم توفر قدرة محلية لإنتاج كميات تكفي لتغطية الطلب الداخلي، حيث تخضع محطات التكرير الكبرى في البلاد لأعمال «إعادة تأهيل» بغية رفع قدرتها الإنتاجية، بينما تستمر أعمال بناء محطات جديدة لتكرير النفط.
وتستورد كازاخستان البنزين من عدد من الدول، بما في ذلك من روسيا التي تغطي وسطياً نحو 25% من احتياجات السوق المحلية الكازاخية من مادة البنزين، وتزيد هذه النسبة أو تقل من عام لآخر تبعاً لجملة ظروف. وفي عام 2016 حلت كازاخستان في المرتبة الرابعة بعد هولندا والصين والولايات المتحدة، على قائمة الدول المستهلكة للبنزين الروسي، واستوردت في ذلك العام مشتقات نفطية من روسيا بقيمة 100 مليون دولار أميركي.



قطاعا البنوك والطاقة يعززان السوق السعودية... ومؤشرها إلى مزيد من الارتفاع

مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)
مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)
TT

قطاعا البنوك والطاقة يعززان السوق السعودية... ومؤشرها إلى مزيد من الارتفاع

مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)
مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

أسهمت النتائج المالية الإيجابية والأرباح التي حققها قطاع البنوك وشركات عاملة بقطاع الطاقة في صعود مؤشر الأسهم السعودية وتحقيقه مكاسب مجزية خلال جلسات تداول الأسابيع الأخيرة.

وأغلق مؤشر السوق يوم الأربعاء عند مستوى 12149.19 نقطة، بانخفاض 0.36 في المائة وتداولات بلغت قيمتها 6 مليارات ريال. وكان أغلق يوم الثلاثاء على ارتفاع ملحوظ ليصل إلى 12193.64 في أعلى إغلاق منذ أكثر من شهرين.

وخلال يوم الأربعاء، بلغ حجم الأسهم المتداولة 620 مليون سهم، موزعة على أكثر من 480 ألف صفقة، سجلت فيها أسهم 90 شركة ارتفاعاً في قيمتها، فيما أغلقت أسهم 138 شركة على تراجع.

وكانت أسهم شركات: «GO» للاتصالات، و«سمو»، و«دله الصحية»، و«العقارية»، و«سيرا» الأكبر ارتفاعاً. أما أسهم شركات: «جاهز»، و«أنعام القابضة»، و«بنان»، و«الزامل للصناعة»، و«أكوا باور» فكانت الأكبر انخفاضاً في التعاملات؛ إذ تراوحت نسب الارتفاع والانخفاض بين 3.36 في المائة و7.16 في المائة.

وكانت أسهم شركات «أنعام القابضة»، و«الباحة»، و«شمس»، و«جاهز»، و«أمريكانا» الأعلى نشاطاً من حيث الكمية، في حين كانت أسهم شركات «جاهز»، و«أرامكو السعودية»، و«الراجحي»، و«أنعام القابضة»، و«سابك» الأكبر نشاطاً من حيث القيمة.

وقال محلل الأسواق المالية عضو «جمعية الاقتصاد» السعودية، الدكتور سليمان آل حميد الخالدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «قطاعَي البنوك والطاقة كانا من العوامل الرئيسية التي ساهمت في استقرار مؤشر السوق السعودية، وبقائها في منطقة الـ12 ألف نقطة». وأضاف أن «القطاع البنكي في سوق الأسهم السعودية يعدّ من أكبر القطاعات البنكية أرباحاً على مستوى العالم، وهو أحد أبرز الداعمين لمؤشر السوق السعودية». كما أشار إلى أهمية قطاع الطاقة، خصوصاً شركة «أرامكو السعودية»، مع توقعات بزيادة التوزيعات النقدية لتتجاوز 1.96 ريال في العام.

وتوقع الخالدي أن «يستمر مؤشر السوق في الارتفاع خلال الجلسات الـ14 المتبقية حتى نهاية العام الحالي، وأن يصل إلى 12800 نقطة، ومواصلة رحلة النمو والارتفاع وتجاوز 13500 نقطة مع بداية العام المقبل 2025»، مضيفاً أن مؤشر السوق متوجه نحو تسجيل ارتفاعات جديدة مع الأخبار الاقتصادية الإيجابية المستمرة حول الاقتصاد السعودي.

وأشار إلى أن السوق المالية السعودية قد «تشبّعت بشكل كامل من الانخفاض خلال الفترة الماضية، حيث هبط المؤشر من 14 ألف نقطة ليصل إلى نحو 10.1 ألف نقطة، ليشكل بذلك قاعدة في النطاق بين 10 آلاف و12 ألف نقطة. كما وصل معظم أسعار أسهم بعض الشركات الكبيرة إلى قيعان جديدة لم تشهدها منذ 14 عاماً، وهو ما لا يتماشى مع مؤشرات الاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية».

وأضاف أن «الاقتصاد السعودي يتمتع بمكانة قوية وكبيرة، ومن أبرز مؤشراتها ارتفاع الناتج المحلي إلى 2.8 في المائة خلال الربع الثالث من العام الحالي 2024، بالإضافة إلى توقع نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 4.8 في المائة عام 2025». كما أشار إلى إعلان «موازنة السعودية بأكثر من 1100 مليار ريال، ونفقات تجاوزت 1200 مليار ريال»، لافتاً إلى أن «سياسة الإنفاق والتدفقات النقدية التي أقرتها الحكومة أصبحت بيئة مشجعة لاستمرار نمو الاقتصاد السعودي، وللمستثمرين المحليين والأجانب. كما أن السعودية أصبحت واجهة لجميع المؤتمرات واللقاءات العالمية الاقتصادية والسياحية والاستثمارية والسياسية. كذلك بلغ حجم الاستثمار في السوق السعودية نحو 400 مليار دولار، والهدف المقبل هو 3 تريليونات دولار».

من جهته، أكد خبير ومحلل أسواق المال، عبيد المقاطي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن سوق الأسهم السعودية «أصبحت محط اهتمام للمستثمرين المحليين والعالميين، بفضل قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، بالإضافة إلى تسجيل الشركات أرباحاً كبيرة، مما انعكس إيجاباً على التوزيعات الفصلية للشركات». وأضاف أن «القيمة السوقية التجميعية في القيعان السعرية تساهم في تحفيز مؤشر (تاسي) وشركاته، مما يعزز المضاربات اليومية واللحظية ويحقق مكاسب مضاربية يومية للمتداولين». كما لفت إلى أن «هذه المكاسب تسهم في تحقيق عوائد فصلية، مما ينتج عنه قمم وقيعان سعرية لأسهم تلك الشركات».

وأضاف أن «السوق تسير في موجات تذبذبية حتى تتمكن من تحقيق أهدافها، سواء على صعيد الهبوط والصعود». وأشار إلى أنه «في الشهرين الماضيين، حين وصل المؤشر العام إلى قمته عند مستويات 12390 نقطة، شهدت السوق تصحيحاً في مسارها لتصل إلى الدعم عند 11590 نقطة، مما أدى إلى فقدان ألف نقطة. لكن السوق استعادت هذه النقاط مجدداً في جلسات التداول العشر الأخيرة». وأكد أن «العامل الرئيسي في هذه الموجة الصاعدة كان القطاع البنكي وقطاع الطاقة».