أحزاب سياسية مصرية تسعى للتعاون مع الحكومة

TT

أحزاب سياسية مصرية تسعى للتعاون مع الحكومة

تسعى أحزاب مصرية لتعزيز التعاون مع الحكومة، وتمتين أواصر الثقة فيها، وذلك تنفيذاً لمبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التي طالب فيها بضرورة تشكيل لجنة تضم جميع الأحزاب لتيسير عملية التقارب في الآراء، وتوصيل رؤيتهم السياسية له وللحكومة بشكل سريع وفعال، ما دفع 21 حزباً سياسياً، من بينها «الوفد، والتجمع، والغد، والمؤتمر، والجيل، والدستوري الاجتماعي الحر، والنور السلفي، والكرامة» لتشكيل لجنتين؛ الأولى للتنسيق بينها وبين الحكومة مكونة من عضوية 11 حزباً ممثلاً داخل مجلس النواب (البرلمان)، و10 آخرين من خارجه، والثانية تضم 8 ممثلين للأحزاب بالإضافة إلى 3 أساتذة قانون دستوري لإعداد وثيقة وطنية حزبية لتفعيل المادة الخامسة من الدستور المصري.
وتنص المادة الخامسة على أنه «يقوم النظام السياسي على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسؤولية مع السلطة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته، على الوجه المبين في الدستور».
يأتي هذا في وقت شهدت فيه الأحزاب خلال الفترة الماضية حالة من التأهب والاستعداد، استجابة لدعوة الرئيس السيسي أيضاً بشأن إعداد نوع من الشراكات والاندماجات بينها، لتفعيل الحياة الحزبية بمصر وتشجيع المواطنين على المشاركة في الأحزاب والانضمام إليها، لا سيما الشباب. وقال مراقبون: «يبدو أن الأحزاب المصرية مقبلة على مشهد جديد يدور في أغلبه حول الاندماج، خصوصاً مع تكرار دعوة الرئيس المصري إلى الإقدام على الخطوة».
واكتسبت الدعوات إلى الدمج زخماً إضافياً خلال الشهور القليلة الماضية، مدفوعة بتصريح أطلقه السيسي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لدى مشاركته في فعاليات «منتدى شباب العالم»، أعرب فيه عن تطلعه لتبني وسائل الإعلام الدعوة لدمج 100 حزب في 10 أو 15 حزباً ليقووا، وتقوى الأحزاب السياسية.
وعاد الرئيس المصري ليكرر دعوته، لكن في سياق مختلف، إذ أبدى ضيقاً من امتناع الأحزاب عن تقديم مرشحين في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد خلال مارس (آذار) الماضي، وكانت شبه محسومة، وفاز بها بسهولة.
وأكد المستشار بهاء الدين أبو شقة، رئيس حزب الوفد، أن «اللجنة التنسيقية الجاري تشكيلها بين الحكومة والأحزاب مهمتها التواصل السياسي مع الحكومة، تنفيذاً لمبادرة الرئيس، الذي طالب بضرورة تشكيل لجنة للتواصل بينها»، مشدداً على ضرورة أن يشارك السياسيون من جميع الأحزاب في هذه المبادرة برؤيتهم حول قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة، سواء من حيث تشكيله، أو من بنود القانون.
بينما قال تيسير مطر، رئيس الحزب الدستوري الاجتماعي الحر، إنه «لأول مرة الأحزاب جميعها اتفقت على الوقوف خلف القيادة السياسية واختلافها فقط في الرؤى، لكنها تتفق على حب هذا الوطن والعمل على تنميته».
في غضون ذلك، يواصل حزب «مستقبل وطن»، المنضم لحملة «من أجل مصر» أخيراً، مباحثاته مع حزب «الحركة الوطنية» للاندماج معه.
محمد السويدي، رئيس ائتلاف «دعم مصر» أكد أنه يعد ائتلافاً سياسياً تحت قبة مجلس النواب (البرلمان)، على أن يتم تشكيل قوامه من 400 نائب تابعين لـ6 أحزاب والباقي مستقلين، لافتاً إلى أن أمر تحويله إلى حزب سياسي يعد خطأ، لأن الائتلاف يعمل داخل البرلمان بينما الحزب يعمل خارجه.
ويضم البرلمان المصري أكثر من 590 نائباً، وتقترب نسبة المستقلين بينهم من 60 في المائة، والبقية للحزبيين الذين يتقدمهم حزب «المصريين الأحرار»، ويحوز 65 مقعداً، وفي المرتبة الثانية يأتي حزب «مستقبل وطن» (53 مقعداً)، ويمثل حزب الوفد في البرلمان 36 مقعداً.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.