البشير يتهم المجتمع الدولي بحرمان حكومته من التمويل الخارجي

دعا أحزاب المعارضة إلى تناسي الحواجز والاستعداد للانتخابات

TT

البشير يتهم المجتمع الدولي بحرمان حكومته من التمويل الخارجي

انتقد الرئيس السوداني المجتمع الدولي بحدة بسبب حرمان بلاده من التمويل الخارجي، وعدم إدخاله في نظام إعفاء الديون لأسباب سياسية، تتعلق ببعض الدول الكبرى، التي لم يسمها، ودعا بنبرة تصالحية المعارضين المدنيين والمسلحين إلى العودة والمشاركة في إعادة بناء الوطن، والاستعداد للانتخابات.
وقال الرئيس عمر البشير في لقاء مع حكومة ولاية الخرطوم أمس، إن الدولة «محرومة من التمويل الخارجي بسبب الحصار، والسودان هو الدولة الوحيدة التي لم تدخل في نظام إعفاء الديون لأسباب سياسية تتعلق ببعض الدول الكبرى».
ودعا البشير في كلمته قوى المعارضة المدنية والمسلحين إلى «تناسي الحواجز»، والعودة للمشاركة في إعادة بناء الوطن، والمشاركة في الانتخابات، وناشد «كل حزب تقديم برنامجه للشعب ليختار، والتداول السلمي للسلطة لا يتم إلاّ عبر صناديق الاقتراع».
ولا يحق للرئيس البشير الترشح في الانتخابات الرئاسية والتشريعية لعام 2020، حيث يحدد الدستور الحالي الدورة الرئاسية بخمس سنوات، ويمنع الترشح لأكثر من مرتين، استنفدها البشير في انتخابات عامي 2010، و2015. بيد أن حملات غير رسمية أطلقتها قيادات حزبية وسياسية موالية للبشير، تشدد على أهمية منحه دورة رئاسية ثالثة، وتعديل الدستور لترشيحه في الانتخابات المقبلة.
وأشار البشير في كلمته إلى ما سماه «ما تحقق من توافق سياسي»، باعتباره «نموذجاً على المستويات الاتحادية والولائية في الحكم»، وأعلن استعداد حكومته لتقاسم المسؤولية مع الجميع، قاطعاً بأن الأزمة الاقتصادية في طريقها للحل.
وتباينت مواقف المعارضة من الانتخابات بين المقاطعة، وبين المشاركة المشروطة في الانتخابات باعتبارها وسيلة من وسائل تغيير نظام الحكم. ولم يحسم تحالف المعارضة، المعروف بقوى «نداء السودان»، بزعامة رئيس حزب الأمة الصادق المهدي، موقفه من الانتخابات بشكل قطعي، وجاء في بيان وزعه التحالف بعد نهاية اجتماعاته في باريس 28 مايو (أيار) الماضي، أن الانتخابات «حق ديمقراطي ووطني وإنساني أصيل لشعبنا، حالت دونه شمولية النظام»، وأن التحالف يشترط إتاحة شروط الانتخابات الحرة الديمقراطية النزيهة اللازمة لتحقيق الانتقال لنظام ديمقراطي للمشاركة فيها.
ومن جهتها، قطعت أحزاب تحالف «قوى الإجماع الوطني» في الداخل بعدم خوض انتخابات 2020، ورفض الدخول في أي حوارات مع السلطة، وجددت تأكيد موقفها الداعي لإسقاط النظام عبر العمل الجماهيري المدني.
ويتكون تحالف قوى الإجماع الوطني من 17 حزباً وتنظيماً معارضاً داخلياً، أبرزها الحزب الشيوعي، وحزب البعث العربي الاشتراكي، وتغلب عليه «السمة اليسارية»، فيما يتكون تحالف «نداء السودان» من أحزاب سياسية مدنية، أبرزها حزب الأمة القومي برئاسة المهدي، وحزب المؤتمر السوداني، وحركتا العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وتحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، اللتان تحاربان قوات الحكومة السودانية في دارفور، ومجموعة عقار عرمان من الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال في النيل الأزرق.
وتعهد البشير بتبني مشروعات ولاية الخرطوم (العاصمة الاتحادية)، وتوفير التمويل اللازم لها، بالتنسيق مع بنك السودان المركزي ووزارة المالية الاتحادية، مؤكداً استمرار معاناة بلاده من الحصار الاقتصادي على الرغم من رفع العقوبات عنها.
كما أقر البشير بالظلم الذي تعرضت له الخرطوم في توزيع الدعم الاتحادي لكونها تتحمل كثيرا من الضغوطات، وتستوعب 25 في المائة من سكان البلاد، ودعا لما سماه «تجاوز الإحباط» والتعاطي مع السلبيات، والاستفادة من «إمكانات ومهارات الشعب، وتوظيف طاقاته في العمل الجماعي عبر المنظمات وغيرها من التنظيمات»، مناشداً الإعلام لعكس الإيجابيات، وإعطاء المشروعات والتجارب الناجحة حقها من الظهور، كما أشاد بنجاح تجارب شركتي جياد الوطنية وزادنا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.