تونس: «النداء» يهدد بسحب وزرائه من حكومة الشاهد

{حركة النهضة} تطرح حلين لتجاوز الأزمة السياسية الخانقة

TT

تونس: «النداء» يهدد بسحب وزرائه من حكومة الشاهد

هددت قيادات من حزب النداء بسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية التونسية، التي يقودها يوسف الشاهد، وسحب وزرائه المشاركين فيها، بعد أن رفض الشاهد تقديم استقالته، بناء على رغبة من قيادة «نداء تونس»، ومن رئيس الهيئة السياسية حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الحالي.
وتعمقت أزمة الحكومة التونسية منذ الأسبوع الماضي، بعد تعليق النقاشات السياسية، الناجمة عن الخلاف الحاصل حول مصير حكومة الشاهد، وكنتيجة لذلك عقدت قيادات حزب النداء سلسلة من المشاورات والاجتماعات، لحسم موقفها من قرار تعليق النقاش حول وثيقة قرطاج، وناقشت إمكانية سحب وزراء الحزب من حكومة الشاهد، كرد فعل مباشر على الاتهامات التي وجهت لقيادات حزب النداء، وتحميلهم مسؤولية تراجع نتائج الحزب في الانتخابات البلدية، بعد تدمير الحزب من الداخل، حسب تعبيرهم. وفي هذا الشأن، قال برهان بسيس، المكلف الشؤون السياسية في حزب النداء، إن إمكانية سحب وزراء حزب النداء من حكومة الشاهد تبقى من الاحتمالات الواردة، معتبراً أن «ما يقع اليوم هو تسريع الخطى نحو الانهيار»، واتهم عدة أطراف سياسية واجتماعية بعدم تقدير خطورة الوضع في تونس، داعياً إلى إخراج النقاشات السياسية من دائرة المزايدة والابتزاز السياسي، لضمان الاستقرار الذي تنشده البلاد.
ونفى المصدر ذاته أن يكون الشاهد هو مرشح حزب النداء لانتخابات 2019، وقال إن هذا القرار «سيحدده المؤتمر المقبل للحزب».
وتضم حكومة الشاهد عشرة وزراء وخمسة وزراء دولة، وأربعة مستشارين، وتعد هي الأعلى تمثيلاً بين الأحزاب السياسية المشاركة في الائتلاف الحاكم، باعتبارها الفائزة في الانتخابات البرلمانية التي جرت سنة 2014، وهي بذلك تتزعم المشهد السياسي الحالي.
وفي حال الانسحاب الجماعي لحزب النداء، فإن ذلك سيحدث خللاً سياسياً كبيراً، وسيؤدي حسب خبراء في القانون الدستوري إلى إمكانية الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، أو في أدنى الحالات تشكيل حكومة إنقاذ وطني مصغرة، قد لا يشرف عليها يوسف الشاهد، ولا يكون له دور فيها.
ويرى متابعون للشأن السياسي التونسي أن جوهر الخلاف السياسي ليس هو عمل الحكومة وأولوياتها الحالية؛ بل محاولة قطع الطريق أمام رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ووأد طموحه في المنافسة على كرسي الرئاسة خلال السنة المقبلة، وهي الطموحات نفسها التي تحدو حافظ قائد السبسي، نجل رئيس البلاد، حيث أثيرت أكثر من مرة قضية التوريث السياسي في تونس؛ خاصة من خلال فتح أبواب البرلمان (كانت هناك محاولة فاشلة في الانتخابات البرلمانية الجزئية الخاصة بالجالية التونسية في ألمانيا) أمام نجل الرئيس، وتوليه رئاسة البرلمان بناء على نتائج انتخابات 2014، ومن ثم الوصول إلى رئاسة البلاد خلفاً لوالده.
وتسعى {النهضة} إلى فتح أبواب المشاورات السياسية من جديد، وتعول على تفاهمات ثنائية مع الاتحاد العام التونسي للشغل، وحزب النداء، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال)، بهدف الوصول إلى توافقات بينهم قبل التوجه لرئاسة الجمهورية من أجل استئناف النقاشات.
وكان المكتب السياسي لحركة النهضة قد توقع حلين اثنين، لتجاوز الأزمة السياسية في البلاد: الأول يتمثل في إقناع شركاء الحركة بتعديل وزاري جزئي، وإلزام حكومة الشاهد بعدم الترشح لانتخابات 2019؛ لكن الحركة تدرك أن هذا الحل صعب للغاية بسبب تغير المعادلة بعد اتخاذ قرار تعليق النقاشات حول وثيقة قرطاج. أما الحل الثاني فيتمثل في ربط القبول برحيل الشاهد بضرورة الوصول إلى توافق على هوية من سيخلفه، وأن يقع التزام جماعي بتنفيذ النقاط الـ63 الواردة في «وثيقة قرطاج 2»، وألا يتنصل من محتواها أي طرف سياسي أو اجتماعي. وكشفت كواليس الاجتماعات التي أجراها راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، مع الاتحاد العام التونسي للشغل، الطرف النقابي القوي، أن العلاقة بين الطرفين غير مستقرة، وتميل إلى التصادم، وعبرت قيادات من اتحاد الشغل عن غضبها من الحركة، وحملتها مسؤولية تطورات المشهد السياسي نتيجة اختبائها وراء عبارة «المحافظة على الاستقرار السياسي»، وتمسكها بيوسف الشاهد، والاكتفاء بتعديل وزاري محدود.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.