«خريطة طريق» منبج بانتظار موافقة بومبيو ـ جاويش أوغلو

واشنطن نفت حصول اتفاق مع أنقرة

أطفال أمام بناء مدمر في مدينة الباب شمال سوريا أمس (أ.ب)
أطفال أمام بناء مدمر في مدينة الباب شمال سوريا أمس (أ.ب)
TT

«خريطة طريق» منبج بانتظار موافقة بومبيو ـ جاويش أوغلو

أطفال أمام بناء مدمر في مدينة الباب شمال سوريا أمس (أ.ب)
أطفال أمام بناء مدمر في مدينة الباب شمال سوريا أمس (أ.ب)

أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن خريطة طريق في مدينة منبج قد تنفذ قبل نهاية الصيف في حال التوصل إلى اتفاق بين بلاده والولايات المتحدة، مشيراً إلى أن قوات أميركية وتركية ستدير المدينة حتى يتم تشكيل إدارة محلية فيها. لكن واشنطن نفت التوصل إلى اتفاق.
وقال جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية أمس، إن القوات التركية والأميركية ستسيطر على منبج إلى حين تشكيل إدارة جديدة في المنطقة بموجب تفاهم مع واشنطن سيغادر بموجبه المسلحون (في إشارة إلى عناصر وحدات حماية الشعب الكردية) المنطقة. وأضاف: إن الجدول الزمني لهذه الخطة يمكن أن يحدد أثناء محادثاته مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأسبوع المقبل (في 4 يونيو/حزيران المقبل)، لافتاً إلى أن الخطط الخاصة بمنبج يمكن أن تستكمل قبل نهاية الصيف إذا تم التوصل لاتفاق، وأن القوات الأميركية والتركية ستسيطر على المنطقة لحين تشكيل إدارة جديدة.
وتحدثت تقارير صحافية، كما ذكرت وكالة «رويترز» أمس، أن تركيا وأميركا تتفقان على خطة من ثلاث خطوات بشأن منبج السورية، حيث سيغادر المسلحون الأكراد المدينة خلال 30 يوماً إذا وقع اتفاق بين جاويش أوغلو وبومبيو يوم 4 يونيو، وتبدأ القوات الأميركية والتركية عملية إشراف مشتركة فيها خلال 45 يوماً. وأكد جاويش أوغلو، أن عناصر الوحدات الكردية ستنسحب من منبج، قائلاً: «سينسحبون من منبج، وليس موضوعنا الآن إلى أين سوف ينسحبوا، وعندما ينسحبون سوف يدير المدينة أهلها، وفي الفترة الانتقالية سوف تتم إدارة المدينة من قبل تركيا والولايات المتحدة».
وسبق أن طالبت تركيا الولايات المتحدة بسحب عناصر الوحدات الكردية إلى شرق الفرات، والأسبوع الماضي زار وفد أميركي العاصمة التركية أنقرة للتباحث حول الملف السوري، ولا سيما مدينة منبج، وأكدت الخارجية التركية أن المباحثات توصلت إلى خريطة طريق حول مستقبل منبج.
ويغضِب الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية تركيا التي تحارب ضدها في عفرين، شمال سوريا، منذ انطلاق عملية غصن الزيتون في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، وطالبت مراراً بسحب هذه العناصر من مدينة منبج إلى شرق نهر الفرات، وإلا فإنها ستوسع عملية غصن الزيتون لتشمل منبج ومناطق أخرى في الشمال السوري.
والأسبوع الماضي عقدت لجنة تركية أميركية اجتماعاً في أنقرة تمخض، بحسب الخارجية التركية، عن خريطة طريق للتنسيق بين الجانبين في منبج التي سبق أن قال جاويش أوغلو، إنها ستكون نموذجاً للتعاون بين أنقرة وواشنطن سيتم تطبيقه في مختلف المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية، ولا سيما في شرق الفرات.
ويلتقي جاويش أوغلو نظيره الأميركي مايك بومبيو في واشنطن في 4 يونيو المقبل لبحث تطبيق خريطة الطريق في منبج وتوقيع اتفاق في هذا الشأن.
في سياق مواز، كشفت تقارير صحافية عن بدء القوات السلطات التركية توزيع بطاقات هوية ولوحات مرورية على المدنيين القاطنين في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي، التي أطلقت فيها القوات التركية بالتعاون مع فصائل موالية من الجيش السوري الحر عملية عسكرية باسم «غصن الزيتون» منذ 20 الماضي تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية.
ولفتت التقارير إلى أن «مجالس محلية» في مدينة الباب في الريف الشرقي لحلب شرعت في خطوة مماثلة من خلال توزيع بطاقات هوية على السكان في منطقة درع الفرات بدعم تركي.
وتبرر السلطات التركية والمجالس المحلية لعفرين تلك الخطوة بضبط الأمن والاستقرار ومحاربة الخلايا النائمة التابعة للوحدات الكردية، إضافة إلى حصر أعداد المدنيين في عفرين وريفها، ومحاربة عمليات تزوير الوثائق الرسمية التي انتشرت بكثافة في الشمال السوري.
في السياق ذاته، وصف رئيس حزب الشعوب الديمقراطي التركي المعارض (موال للأكراد) سيزائي تملي، عملية «غصن الزيتون» العسكرية التي شنها الجيش التركي بمنطقة عفرين بأنها «احتلال»، متعهداً بإعادة سكان عفرين الذين هجروا ونزحوا إلى منازلهم حال فوز الحزب بالانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة في تركيا التي تجرى في 24 يونيو المقبل.
وانتقد تملي الحكومة التركية قائلاً، إنهم بدأوا الحرب في سوريا ودمروا مستقبل الشعب السوري، وكانت عفرين هي المنطقة الوحيدة الهادئة في سوريا، كان الأكراد والعرب والإيزيديون والتركمان والسريان يعيشون معاً في عفرين، لكن رحلوا، وقامت القوات التركية باحتلال عفرين مع «بقايا داعش»، واضطر 150 ألفاً من سكانها إلى مغادرتها، لكننا سنصحح كل هذا في صناديق الاقتراع في 24 يونيو، وسنعيد سكان عفرين إلى منازلهم.
في واشنطن، نفت هيثر نوريت، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، وجود أي اتفاق حول مدينة منبج، مضيفة أن المحادثات بين مجموعات العمل المشتركة التي تم تشكيلها من الولايات المتحدة وتركيا ما زالت مستمرة لمناقشة الكثير من القضايا المشتركة، وتم وضع خطوط عريضة لخريطة طريق لتعاون مستقبلي بين واشنطن وأنقرة حول الكثير من القضايا الشائكة، ومنها مدينة منبج السورية. وأضافت نوريت مؤتمر صحافي أول من أمس، إن بومبيو سيلتقي جاويش أوغلو في واشنطن في الرابع من يونيو، مشيرة إلى أنه مجموعة العمل المشتركة من الولايات المتحدة وتركيا اجتمعت في أنقرة الأسبوع الماضي لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، لكن لم يتم التوصل إلى تفاهم أو اتفاق حول مدينة منبج السورية.
ولَم تكن هذه هي المرة الأولى التي تُثار فيها تساؤلات حول وجود اتفاقية بين الولايات المتحدة وتركيا حول سوريا، فمنذ لقاء وزيرة الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان منتصف فبراير (شباط) الماضي للاتفاق حول سوريا، برزت تساؤلات كثيرة حول مدى وجود اتفاق من عدمه. وفِي كل مرة تنفي وزارة الخارجية الأميركية وجود اتفاق مع تركيا حول سوريا. ورغم أن اجتماع تيلرسون مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لم ينتج منه اتفاق واضح حول وضع القوات الأميركية في سوريا، لكن مجموعات عمل تم تشكيلها من الطرفين لمناقشة القضايا المشتركة والعمل على منع أي تصادم غير مرغوب فيه بسن القوات الأميركية والقوات التركية.
من جهته، قال مسؤول محلي في منبج إن تأكيد تركيا بأن القوات الأميركية والتركية ستسيطر على منطقة منبج في شمال سوريا مؤقتا «كلام سابق لأوانه ولا مصداقية له».
وكان شرفان درويش المتحدث باسم مجلس منبج العسكري يرد على تصريحات من وزير الخارجية التركي قال فيها إن القوات الأميركية والتركية ستسيطر على منطقة منبج لحين تشكيل إدارة جديدة.
وقال درويش: «تركيا وتصريحاتها تدخل في سياق ممارسة ضغوط وخلق بلبلة في منبج وضرب الاستقرار فيها». وأضاف: «بحسب معلوماتي لا اتفاق حتى الآن بين أميركا وتركيا وإنما هناك مفاوضات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.