مديحة يسري... «سمراء النيل» تصل إلى نهاية «لحن الخلود»

الموت غيبها عن عمر يناهز 97 عاماً

مديحة يسري مع زوجها السابق محمد فوزي
مديحة يسري مع زوجها السابق محمد فوزي
TT

مديحة يسري... «سمراء النيل» تصل إلى نهاية «لحن الخلود»

مديحة يسري مع زوجها السابق محمد فوزي
مديحة يسري مع زوجها السابق محمد فوزي

وجهها المبتسم والبشوش، الحازم والصارم... ألفهُ المصريون على مدار عقود طويلة، لأنه يشبههم، غيّبه الموت بعد رحلة طويلة اقتربت من المائة عام. وبالأمس توقف قطار عمر الفنانة المصرية الكبيرة مديحة يسري، أخيراً في مقابر أسرتها بأحد ضواحي الجيزة الصحراوية، بعد مشوار فني حافل بعشرات الأعمال السينمائية، مع كبار نجوم السينما في منتصف القرن الماضي.
«سمراء النيل»، لم تخش الموت، وفق ما قالته في لقاء تلفزيوني تم عرضه قبل عام، لافتة إلى أنها قامت بتأدية فريضة الحج 6 مرات، بجانب 17 عمرة. وقالت «الجنة في انتظاري». اختارت الفنانة الراحلة التي كانت تفتخر بمساندة الدولة لها ودعمها في سنواتها الأخيرة، الانصراف عن السينما في عام 1994، بعدما لعبت دور حيوي ومهم في فيلم «الإرهابي» بطولة عادل إمام، بينما كان ظهورها الأخير دراميا في مسلسل «يحيا العدل» عام 2002 مع الفنان مصطفى فهمي والفنانة ميرفت أمين. وابتعدت عن الساحة الفنية نظرا للتغيرات الإنسانية والاجتماعية التي طرأت على المشهد، منتقدة غياب الرؤية والهدف والاحترام بين الأجيال، وتدهور رسالة الفن، في الآونة الأخيرة، بحسب وصفها.
رغم زواجها 4 مرات، فإنها كانت تخص الفنان الراحل محمد فوزي بمكانة فريدة، ولم تنكر أنها كانت تحبه رغم انفصالهما بسبب طيبته ومشاعره الطيبة تجاهها، إذ تعاونا سويا في أعمال سينمائية بعد طلاقهما. واعترفت كذلك بخيانة بعض أزواجها لها، رغم شخصيتها القوية المسيطرة.
اعتزت الفنانة الراحلة بفترة الأربعينات والخمسينات، التي يعتبرها النقاد والفنانون عصرها الذهبي بقولها: «مصر كانت أجمل، كان يوجد احترام للشخصية والصداقة والحب، نتمنى عودة تلك الأيام مرة أخرى»، بينما مثّل مصرع ابنها عمرو (27 سنة) في حادثة سيارة، ضربة قوية لها؛ لكنها تخطت الأزمة بنفس القوة التي تخطت بها كل أزماتها على مدار سنواتها التي ناهزت الـ97 سنة.
من جانبها، حرصت الفنانة المصرية المعتزلة نجلاء فتحي، والفنانة نبيلة عبيد، والفنانات ميرفت أمين، ودلال عبد العزيز، ورجاء الجداوي، ولبلبة، وإلهام شاهين، ويسرا، إلى جانب الفنانَين سمير صبري وأشرف زكي، على المشاركة في مشهد وداع الفنانة الكبيرة مديحة يسري، بمسجد السيدة نفيسة، بالقاهرة عقب صلاة ظهر أمس، بينما غاب النجوم الشباب عن المشاركة في تشييع الجنازة.
وحصلت مديحة يسري على الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون، العام الماضي، تقديرا لتاريخها الفني الحافل بأعمال اجتماعية، وغنائية وعاطفية، حيث وقفت أمام محمد فوزي، وعبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، ويوسف وهبي، ورشدي أباظة، وعماد حمدي، ومن أبرز أعمالها «الأفوكاتو مديحة» و«ابن الحداد» و«حياة أو موت» و«الخطايا» و«ممنوع الحب» و«لحن الخلود».
جدير بالذكر أن المخرج السينمائي محمد كريم، هو الذي اكتشفها، بينما كان أول ظهور لها مع محمد عبد الوهاب في فيلم «ممنوع الحب»، عام 1940 كصاحبة وجه مبتسم، واختيرت واحدة من بين أجمل عشر نساء في العالم خلال حقبة الأربعينات.
وحصلت على فرصتها الحقيقية حينما شاهدها يوسف وهبي وهي تؤدي مشهداً في إحدى البلاتوهات فاستدعاها هو وشريكه توجو مزراحي، وعرض عليها العمل معه في ثلاثة أفلام دون أن تعمل مع غيره، وهي «ابن الحداد» و«فنان عظيم» و«أولادي». وتعتبر غنيمة حبيب خليل أو مديحة يسري، هي وفاتن حمامة الممثلتان الوحيدتان اللتان مثلتا مع أربعة من نجوم الغناء في مصر، وهم محمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، ومحمد فوزي، وعبد الحليم حافظ.
وكان قد صدر قبل عدة أيام قرار من المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء المصري بنقل الفنانة الكبيرة إلى مستشفى المعادي العسكري، بعد تدهور حالتها الصحية، وقامت وزيرة التضامن، غادة والي، بالإشراف على نقل الفنانة لمستشفى تابع للجيش المصري.
يشار إلى أن «سمراء النيل» قد أصيبت بوعكة صحية قبل عامين، نقلت على إثرها إلى أحد المستشفيات الخاصة بالقاهرة، حيث كانت تعاني من أمراض عدة منها التهاب في المثانة وآلام في العظام وجلطة في الساق، كما كانت تعاني من ارتفاع في درجات الحرارة تصل إلى 40 درجة مئوية في بعض الأحيان نتيجة تركيب قسطرة، وتورم في الوجه، وتم نقلها قبل أشهر إلى أحد مراكز التأهيل التابعة للجيش لعمل جلسات علاج طبيعي حتى يمكنها الحركة بعدما فقدت القدرة على ذلك.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».