العباءة المصرية في رمضان... نكهة شرقية مطعمة بثقافات أخرى

يزيد إقبال الشابات عليها لاختلافها وأناقتها

عباءة  بنقشات عربية - من تصميم دنيا الجندي ترتديها مدونة الموضة سارة طه
عباءة بنقشات عربية - من تصميم دنيا الجندي ترتديها مدونة الموضة سارة طه
TT

العباءة المصرية في رمضان... نكهة شرقية مطعمة بثقافات أخرى

عباءة  بنقشات عربية - من تصميم دنيا الجندي ترتديها مدونة الموضة سارة طه
عباءة بنقشات عربية - من تصميم دنيا الجندي ترتديها مدونة الموضة سارة طه

قد تكون العباءة بشكلها التقليدي زياً بعيداً عن الثقافة المصرية، وإذا توغلنا في الزى المصري ربما نجد الجلباب الفلاحي أو الصعيدي متصدراً المشهد كزي فلكلوري. ولكن جزء من دور التصميم هو ربط الثقافات ومزجها لتخرج خطوطاً جديدة تحافظ على الهوية في إطار عصري.
ظهر في مصر خلال السنوات القليلة السابقة عدد من مصممي الأزياء الشباب يرسمون خطوطاً عصرية للزي المصري، وينسجون بأناملهم الصغيرة ملامح مصرية جديدة في عالم الموضة. اللافت أن التراث المحلي كان على رأس اهتماماتهم، وفي الوقت نفسه لم تكن الهوية العربية بعيدة عن هذا الفكر، ربما وعياً بأن التوغل في الأصول هو بوابة التميز. ومن هنا ظهرت العباءة المصرية التي ارتبطت بشهر رمضان الكريم وتجمع بين العباءة الخليجية بمفهومها المحافظ وبين التراث المصري الزاخر بالألوان والأقمشة والزخرفات.
من الأسماء التي طورت شكل العباءة وقدمتها بإمضاء مصري أصيل، المصممة الشابة رنا مدكور، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «المجموعة التي تقدمها لشهر رمضان تعد من أهم المجموعات التي تعكس من خلالها ثقافتها وشغفها بالتراث المصري لتخرج بصيحة جديدة تناسب الفتاة العصرية التي ترتدي في حياتها العادية الجينز الممزق وألوانا صارخة».
وتضيف: «منذ البداية أجد تصاميمي تذهب بلا شعور إلى خطوط التراث المصري. يخرج من قلمي تصميم بروح سيوة البدوية أو بنقوش مستوحاة من فن العمارة الإسلامي. فأنا أعشق تفاصيل الجلباب الفلاحي والتطريز اليدوي الذي اشتهرت به المرأة السيناوية، كما أقف مبهورة أمام الملس الصعيدي الذي اشتهر بتموجات ساحرة. كل هذه الخطوط محفورة بداخلي وتخرج في شكل تصاميم عصرية بهوية واضحة».
الملاحظ أن سوق الأزياء في مصر والمنطقة العربية شهد حالة من الركود لعدة سنوات، اعتمد خلالها على الاستيراد فقط. «المشكلة أن الأمر لم يقتصر على استيراد الأزياء فحسب، بل أيضا على استيراد، ومن دون وعي، هوية غريبة قد لا تكون ملائمة للثقافة المصرية والعربية التي تتمتع بطابع محافظ» حسبما تقول المصممة دنيا الجندي، وهذا ما دفعها نحو تصميم أزياء ترتكز على الثقافة والتراث المصري. تتابع: «كنت أشعر بالغضب عندما أذهب إلى الأسواق ولا أجد منتجا مصريا أو عربيا، فكيف لبلاد الفنون والحرف والثقافة أن ترتدي أزياء بأيادي تركية أو صينية أو حتى أزياء من العلامات التجارية الكبرى بأوروبا. صحيح أن التنوع طبيعي وغير مرفوض ولكن علينا أولاً أن نوفر تصاميم تُعبر عن ثقافتنا المحافظة سواء في مصر أو المجتمع العربي بشكل عام». وتضيف: «استيراد الموضة تسبب في ظهور الفتاة العربية بمظهر غير متسق مع ثقافتها، ودفعها في أوقات كثيرة إلى الذوبان والاختفاء. وحفاظاً على العادات والتقاليد اضطرت إلى ارتداء طبقات من الملابس والألوان التي وصلت إلى حد التشويش البصري، لذا قررت أن أتجه إلى التصميم لأقدم زيا مصريا وعربيا يتسق مع ثقافتنا الاجتماعية والدينية».
ما قدمته دنيا الجندي ربما يكون أكثر جرأة في التغلغل في الأصول المصرية، فقدمت الجلباب المصري التقليدي بطريقة تناسب كل الاختيارات. تُعلق عن التجربة قائلة: «أرى في الجلباب المصري قطعة فريدة، تتميز بالبساطة والتعبير عن الهوية. بإضافة بعض اللمسات العصرية والتفاصيل التي تناسب شهر رمضان تحولت من قطعة تقليدية إلى تصميم راق. قمت مثلا بطباعة نقوشات خاصة لهذا الشهر كطبع صور الفوانيس والخيامية عليها، أو اختيار ألوان تتماشى مع الموضة مثل البرتقالي والأخضر والذهبي، الذي كان البطل بسبب شغفي بتصميم الفانوس التقليدي المصنوع من النحاس. فأنا أرى في هذا التصميم العتيق روح رمضان التي ربما لا تجدها في أي بلد آخر بالعالم سوى مصر».
ولأن العباءة قطعة بسيطة، لا تحتمل الأفكار الخارجة عن الإطار المحافظ، حسب رأيها، فقد جعلت النسيج يلعب الدور الأكبر، معتمدة على الحرير والأقمشة المُترفة وطبعا أقمشة مصرية. تشير رنا مدكور: «كان من الضروري أن أعتمد على أقمشة مصرية خالصة لتعكس جزءا من الهوية التي أعتبرها المرجع الأساسي لأي تصميم أقدمه. وهكذا قدمت عباءات بنسيج البُخارة والقطن والكتان، وأيضاً الملس الصعيدي الذي لا يوجد سوى في مصر وعُرِف كعلامة مميزة للمرأة الصعيدية في الجنوب. ويبقى الجديد أننا أعدنا تقديمه بتصاميم عصرية يتعدى الصعيد، بحيث يمكن ارتداؤها في أي مناسبة».
وتؤكد رنا مدكور أن «جزءا من نجاح تصاميم العباءات المصرية يعود إلى كونها اختيارا معاصرا يناسب صيحات الموضة الحديثة. فخطوطها تطورت لتأتي بمقاسات الفتاة المصرية والعربية التي أصبحت أكثر نحافة عن السابق، كما يتم تقديمها بإكسسوارات تساعد على الارتقاء بها من قطعة تقليدية إلى قطعة عصرية. ظهر بعضها مثلا بحزام مُطرز بخيوط سيناوية، بينما جاءت أخرى على شكل كنزة طويلة مفتوحة أو كيمونو حتى يتسنى للمرأة تنسيقها مع بنطلون جينز أو فستان بسيط». وتوافق دنيا الجندي مع مدكور الرأي، مؤكدة حرصها على المزج بين الصيحات العصرية وبين اللمسات التراثية. تقول: «قدمت هذا العام عباءات بدرجات معدنية، كونها تتصدر ساحة الموضة حاليا، وطوعتها لتخدم تصميمات مستوحاة من الفانوس، كما قدمت قماش الخيامية المميز لشهر رمضان بدرجات ألوان جديدة مثل الوردي، مع العلم بأن طباعة هذه الأقمشة تمت خصيصاً في سيوة».
وتتابع: «جزء من التميز يعود إلى تصميم نقوش الأقمشة. فأنا دائما اختار الأقمشة أولا ثم أحدد تصميماتها قبل تحويلها إلى قطعة فريدة لا يمكن تكرارها». وهو الشيء نفسه الذي أكدت عليه رنا مدكور بقولها إن «أغلب الأقمشة التي أستخدمها تتخللها نقوش يدوية تعود إلى الحضارة المصرية.
وكما أحاول أن أقدم تصاميم جديدة، أبحث أيضاً عن نقوش مبتكرة تكون مرجعيتها متأصلة في الثقافة المصرية. فبالإضافة إلى النقوش الإسلامية والفرعونية والبدوية، قدمت تصاميم من الكتان يعلوه رسمة لزهرة «النحلة» وهي زهرة بديعة في الألوان والخطوط، وكل هذا صُنع بأيدٍ مصرية شديدة الحرفية والدقة».
ما يميز العباءة المصرية حاليا ويزيد من الإقبال عليها أنها اختيار عصري يجمع الماضي بالحديث، كما أنها كسرت القالب التقليدي للعباءة داكنة اللون لتقدم ألواناً ربيعية مبهجة تسمح بتنسيقها بطريقة كاجوال حسب الذوق.



اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
TT

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم، سواء تعلق الأمر بمناسبات النهار أو المساء والسهرة. ثم جاءت أميرة ويلز، كاثرين ميدلتون، لترسِخ مكانته منذ أيام قليلة، لدى مشاركتها مراسيم استقبال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني. ظهرت به من الرأس إلى أخمص القدمين، في لوحة مفعمة بالجرأة والكلاسيكية في الوقت ذاته. هذه اللوحة ساهم في رسمها كل من مصممة دار «ألكسندر ماكوين» السابقة سارة بيرتون من خلال المعطف، ومصممة القبعات «سحر ميليناري» ودار «شانيل» من خلال حقيبة اليد.

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

كان هذا اللون كافياً لكي يُضفي عليها رونقاً ودفئاً من دون أن يحتاج إلى أي لون آخر يُسنده. ربما تكون أقراط الأذن والعقد المرصعين باللؤلؤ هما الاستثناء الوحيد.

لكن من يعرف أميرات القصر البريطاني يعرف أن اختياراتهن لا تخضع لتوجهات الموضة وحدها. هن أيضاً حريصات على توظيف إطلالاتهن كلغة دبلوماسية في المناسبات الرسمية. في هذا الحالة، يمكن أن نقرأ أن سبب اختيارها هذا اللون كان من باب الاحتفاء بالضيفين العربيين، بالنظر إلى أنه أحد ألوان العلم القطري.

لكن إذا تقيّدنا بتوجهات الموضة، فإنها ليست أول من اكتشفت جمالياته أو سلّطت الضوء عليه. هي واحدة فقط من بين ملايين من نساء العالم زادت قابليتهن عليه بعد ظهوره على منصات عروض الأزياء الأخيرة.

اختيار أميرة ويلز لهذا اللون من الرأس إلى أخمص القدمين كان مفعماً بالأناقة (رويترز)

«غوغل» مثلاً أكدت أن الاهتمام بمختلف درجاته، من العنابي أو التوتي أو الرماني، بلغ أعلى مستوياته منذ 5 سنوات، في حين ارتفعت عمليات البحث عنه بنسبة 666 في المائة على منصات التسوق الإلكترونية، مثل «ليست» و«نيت أبورتيه» و«مايتريزا» وغيرها.

ورغم أنه لون الخريف والشتاء، لعُمقه ودفئه، فإنه سيبقى معنا طويلاً. فقد دخل تشكيلات الربيع والصيف أيضاً، معتمداً على أقمشة خفيفة مثل الكتان والساتان للنهار والموسلين والحرير للمساء، بالنظر إلى أن أول تسلل له، كان في تشكيلات ربيع وصيف 2024 في عرضي كل من «غوتشي» و«بوتيغا فينيتا». كان جذاباً، الأمر الذي جعله ينتقل إلى تشكيلات الخريف والشتاء الحاليين والربيع والصيف المقبلين.

بغضّ النظر عن المواسم والفصول، كان هناك إجماع عالمي على استقباله بحفاوة جعلته لون الموسم بلا منازع. لم يعد يقتصر على العلامات الكبيرة والغالية مثل «غوتشي» و«برادا» وغيرهما. انتقلت عدواه سريعاً إلى المحلات الكبيرة من «بريمارك» إلى «زارا» و«أيتش أند إم» مروراً بـ«مانغو» وغيرها من المتاجر الشعبية المترامية في شوارع الموضة.

الجميل فيه سهولة تنسيقه مع ألوان كثيرة مثل الرمادي (إ.ب.أ)

ورغم أن أميرة ويلز ارتدته من الرأس إلى القدمين، فإن أحد أهم عناصر جاذبيته أنه من الدرجات التي يسهل تنسيقها مع ألوان أخرى كثيرة، من دون أن يفقد تأثيره. يمكن تنسيقه مثلاً مع الأسود أو البيج أو الرمادي أو الأزرق الغامق. يمكن أيضاً تنسيق كنزة صوفية بأي درجة من درجاته مع بنطلون جينز بسيط، أو الاكتفاء بمعطف منه أو حقيبة أو حذاء حتى قفازات فقط.