انسحابات جزئية لميليشيات غير سورية من الجنوب

TT

انسحابات جزئية لميليشيات غير سورية من الجنوب

تداول نشطاء معارضون أنباء عن انسحاب ميليشيات موالية لإيران من مناطق في محافظة درعا جنوب سوريا، الأمر الذي أكده شهود عيان، مشيرين إلى انتشار عناصر من القوات النظامية بدلاً منها في بعض المناطق.
وقال «أبو محمود الحوراني» الناطق باسم «تجمع أحرار حوران»، إن «عناصر أجنبية تابعة لإيران قامت على مدار الأسبوع الحالي بسحب جزء من عناصرها من أحياء مدينة درعا وبلدتي عتمان وخربة غزالة المجاورتين للأتوستراد الدولي دمشق - درعا». وأضاف: «تم رصد تحرك رتلين عسكريين، مؤلفين من حافلات عسكرية وسيارات دفع رباعي، بعضها مزود برشاشات شيلكا، وسط تحليق مُكثف لطيران الاستطلاع الروسي فوق بلدتي خربة غزالة والغارية الغربية بريف درعا الشرقي صباح يوم الأربعاء 23 مايو (أيار) الجاري».
وتابع أن «الأرتال المنسحبة تجمّعت في مدينة إزرع ومن ثم تابعت طريقها باتجاه دمشق، بينما حلت عناصر تابعة لقوات النظام بديلاً عن عناصر (حزب الله) اللبناني في حي سجنة بمدينة درعا، وعادت مجموعات من مرتبات الفرقة التاسعة بقيادة العقيد نزار الفندي إلى مقر الفرقة الكائن قرب مدينة الصنمين، وذلك عبر رتل عسكري مؤلف من 25 سيّارة دفع رباعي وناقلة جوند، بعد مشاركتها في معارك الغوطة الشرقية وأحياء دمشق الجنوبية التي استمرت على مدار الأشهر الماضية».
من جهته، قال العقيد الطيار المنشق عبد الله حمدان لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «الانسحابات» جاءت تحسباً لضربات قاذفات إسرائيلية التي أظهرت جدية كبيرة في استهداف أبرز مواقع تلك الميليشيات جنوب سوريا، إضافة إلى رفض الأردن اقترابها من حدوده مع سوريا»، مرجحاً استبدال «قوات أو بقايا جيش النظام تدريجياً كي لا تمنح لفصائل المعارضة التقدم على حسابها» بها. وتابع الحمدان: «يستمر بث الشائعات حول نية النظام القيام بعمل عسكري على مواقع المعارضة جنوب سوريا، لكن ذلك الأمر مستبعَد في ظل المعطيات الحالية، فالمنطقة الجنوبية واقعة تحت اتفاقية ترعاها أميركا والأردن وروسيا، وتشكل إسرائيل اللاعب الأكبر فيها من تحت الطاولة».
وأكد الحمدان أن «محدودية قدرة النظام على التحرك عسكرياً من دون دعم تلك الميليشيات في حين تتحاشى روسيا الاصطدام مع أميركا في المنطقة الجنوبية باعتبارها منطقة نفوذ أميركي خاصة بعد تلقيها ضربات موجعة إثر دعمها محاولات النظام التوغل في مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً شرق سوريا. وبالتالي فإن روسيا في غنى عن الإقدام على عمل ماثل دون أخذ الضوء الأخضر من أميركا».
كانت مصادر إعلامية موالية للنظام السوري ووكالات روسية، قد تحدثت عن استعداد النظام السوري للتوجه جنوباً لاستعادة الحدود مع الأردن.
وأفاد عبد المنعم الخليل، مدير «مؤسسة يقين الإعلامية» أن «كل ما يتم ترويجه من القناة المركزية التابعة لقاعدة حميميم الروسية يندرج ضمن الحرب النفسية المتمثلة في بث الشائعات والترويج للمصالحات، في محاولة للالتفاف على اتفاق خفض التصعيد وجر المناطق الخارجة عن سيطرتهم إلى التسليم دون قتال عبر تحويل مقاتليها إلى لجان شعبية تابعة لها كما حدث في منطقة برزة وبعض بلدات الغوطة الشرقية مسبقاً. يذكر أن الميليشيات التابعة لإيران تتوزع على عدد كبير من المواقع في محافظتي درعا والقنيطرة جنوبي سوريا، أبرزها «حزب الله» اللبناني ولواء «الفاطميون العراقي» و«فيلق القدس الإيراني»، وتتمركز في منطقة البانوراما بمدينة درعا ومدينة إزرع وبلدات نامر وقرفا، إضافة إلى بلدات منطقة مثلث الموت شمال درعا والتلال المطلة عليها كتلّ فاطمة وتلّ الشعار.



اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة السورية دمشق اجتماعاً رفيع المستوى بين رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، ورئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الذي زارها على رأس وفد رفيع لبحث الملفات المشتركة، في أول تواصل رسمي بين البلدين، وأول زيارة لرئيس حكومة لبناني إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة في عام 2011. وانتظر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، انتخاب رئيس جديد للبنان قبل تلبية دعوة قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، لزيارة سوريا.

ميقاتي مغادراً بيروت (أ.ف.ب)

وعلى رأس وفد رسمي رفيع، وصل ميقاتي السبت إلى دمشق؛ حيث عقد مع الشرع مشاورات لحلحلة مجموعة من الملفات العالقة، خصوصاً بعد إشكالات واشتباكات حدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين في الأسابيع الماضية، وكذلك بعد قرار الإدارة الجديدة في دمشق مطلع العام فرض قيود غير مسبوقة على اللبنانيين الذين يرغبون في الدخول إلى أراضيها، في إطار المعاملة بالمثل.

ملف النازحين

ووضع لبنان وسوريا خلال اللقاء هواجسهما على الطاولة. وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي عقده مع الشرع: «تجمع بلدينا علاقات تاريخية وندية بين الشعبين، وسوريا هي البوابة الطبيعية للبنان إلى العالم العربي، وما دامت سوريا بخير فلبنان بخير».

وأضاف ميقاتي: «واجبنا أن نفعّل العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل، ومن الملح معالجة ملف النزوح وعودة النازحين إلى سوريا. هذا الملف يضغط بشكل كبير على لبنان برمته، ولمستُ تفهماً له، وتطرقنا إلى الوضع بين البلدين على الحدود لمنع أي أعمال تسيء إلى أمنيهما، وهذه الزيارة هي فاتحة خير، وما لمسته من السيد الشرع عن علاقة البلدين يجعلني مرتاحاً».

وعبّر ميقاتي عن ارتياحه لوضع سوريا، والعلاقات اللبنانية - السورية، مشدداً على أنه «على سلّم الأولويات الآن ترسيم الحدود مع سوريا، وهذا قد يأخذ بعض الوقت، ويجب ضبط الحدود ضبطاً كاملاً لوقف أي محاولة تهريب، وسنتعاون عبر تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود».

مصافحة بين الشرع وميقاتي على مرأى من أعضاء الوفدين (

التهريب والحدود

من جهته، قال الشرع: «نعطي فرصة لأنفسنا لنبني علاقات جدية قائمة على احترام البلدين وسيادة لبنان وسوريا التي ستقف على مسافة واحدة من الجميع، ونحاول أن نعالج كل المشكلات بالتفاصيل، وتحدثنا عن الودائع السورية في البنوك اللبنانية، والتهريب والحدود، واتفقنا على لجان مختصة تدرس الوضع». ولفت إلى أن «هناك كثيراً من الأمور العالقة، والملفات التي تحتاج إلى وقت لعلاجها، والأولوية الآن للوضع الداخلي وحصر السلاح بيد الدولة، وطمأنة الدول المجاورة، وعلى رأس ذلك موضوع الحدود».

وأضاف الشرع: «كان هناك شبه توافق في لبنان على الرئيس جوزيف عون، ونحن ندعم خيارات التوافق على صعيد الرئاسة وعلى أي صعيد»، مشيراً إلى أنه «ستكون هناك علاقات استراتيجية مع لبنان تُبنى على قواعد سليمة، ونبحث عن حلول هادئة لأي مشكلة».

وشارك في الاجتماع من الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة، العميد حسن شقير. وعن الجانب السوري شارك وزير الخارجية أسعد شيباني، ورئيس الاستخبارات أنس خطاب، ومدير مكتب الشرع علي كده.

عناق بين الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

عون في جو الزيارة

وأشار النائب في تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير إلى أن الزيارة تم بثها بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها الحدود اللبنانية - السورية، وتُرك للرئيس ميقاتي تحديد توقيتها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه فضّل حصولها بعد انتخاب رئيس للجمهورية لاستئذانه قبل الذهاب؛ لذلك فإن الرئيس عون في جو هذه الزيارة، ويُدرك تماماً أهميتها للبنان وسوريا على حد سواء.

واستغرب الخير حديث البعض عن أنه لا دولة في سوريا لإتمام هذه الزيارة، لافتاً إلى أن «المجتمعين العربي والدولي سارعا للانفتاح على سوريا الجديدة، واعترفا بالحكم الانتقالي هناك، فكيف، بالأحرى، نحن بصفتنا بلداً جاراً تجمعنا مصالح شتى»، وأضاف: «اليوم سوريا ولبنان عادا معاً إلى كنف الدولة والمؤسسات وإلى موقعيهما الطبيعي في الحضن العربي».