إشبيلية... إسبانية ترقص على نغمات شرقية

إشبيلية... إسبانية ترقص على نغمات شرقية
TT
20

إشبيلية... إسبانية ترقص على نغمات شرقية

إشبيلية... إسبانية ترقص على نغمات شرقية

الغيتار الإسباني وصناديق الصوت الخشبية؛ رجال يصفقون بحماس وبشكل متسارع يتماشى مع إيقاع الموسيقى. وفي الخلفية يتعالى صوت ينشد إيقاعات أندلسية نابعة من الروح، وامرأة ترتدي ملابس سوداء، ووشاحاً أحمر حول رقبتها، وتقف على لوح خشبي تؤدي رقصة الفلامنكو التي تنبع كل خطوة فيها من الروح، وتعبر عن قصة رومانسية أو تراجيدية.
هنا في اشبيلية ليس الرقص والغناء هما نقاط الجذب فحسب، بل أيضا التاريخ الذي شهد على أحداث كثيرة خلّفت ثقافة غنية تتجلى في المطبخ وفن العمارة وحتى اللغة. الكثير من المعالم مربوطة بالعالم العربي الذي ظلت جزءاً منه لمئات السنين. تشعر وأنت تجول في المدينة أن هناك تمازجاً بين الثقافات العربية والإسبانية واللاتينية. فمن مينائها المطل على النهر أبحر كريستوفر كولومبوس في عام 1492 متوجهاً إلى أميركا. وتظل منطقة الميناء الأثرية من الأماكن السياحية الجذابة لحد الآن، حيث يمكن للسائح فيها أن يمشي في «طريق أميركا» ليشاهد منازل تمثل المكسيك، وكولومبيا، وفنزويلا، والأرجنتين، والبرازيل، وغواتيمالا.
لا يختلف اثنان على أن إشبيلية، التي تقع على ضفاف نهر الوادي الكبير، مدينة جميلة تربطها بالعرب علاقة حميمة. تتمتع بأشعة الشمس طوال العام، وتعانقها أشجار البرتقال من كل الجوانب؛ لهذا كان من الطبيعي أن تعد من الوجهات السياحية التي لا تقل أهمية وجمالاً عن مدريد أو برشلونة.

قصر المورق الملكي

مدرج على قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي ويشتهر بحدائقه وطرازه المعماري المتأثر بالطراز العربي. زيارته تحتاج إلى وقت وتركيز، ولا ينبغي أن تقل مدة الزيارة عن ثلاث ساعات. يبلغ سعر التذكرة 14 دولاراً. ويجسد كل مبنى من مباني هذا القصر تفاصيل رخامية منحوتة بمهارة يدوية كبيرة، بدءاً من الأعمدة والنوافذ والسلالم إلى الجدران. فكلها مزدانة بالزخارف الزاهية؛ ما يجعلها بمثابة أعمال فنية قائمة بذاتها. وتجدر الإشارة إلى أن الحدائق عموماً كانت ترمز إلى الفخامة والثروة في ذلك العصر؛ لهذا كانت تتم العناية بها وتصميمها بإبداع، وهو ما يمكن ملاحظته هنا. نظراً لجمال القصر وثروته الطبيعية لم يعد مكاناً تاريخياً فحسب بعد أن تم اختياره موقع تصوير لمسلسل «لعبة العروش» التلفزيوني الشهير.

ميدان إسبانيا

يقع بجوار متنزه «ماريا لويزا»، وبُني في عام 1929. الآن يعتبر من أشهر الأماكن السياحية في المدينة. ويمكن للزائر هنا استعمال قوارب مقابل مبلغ زهيد لاستكشاف القنوات، التي يزيد طولها على خمسمائة متر. ويمتد الميدان على مساحة نحو خمسين متراً مربعاً؛ مما يجعله الأكبر في إسبانيا. تمثل لوحات الفسيفساء، التي تشتهر بها، أربع وتسعين منطقة في البلاد، لكل واحدة منها خريطتها ورموزها. وكثيراً ما يترك الناس بجوار بعض لوحات الفسيفساء كتباً عن المنطقة، أو أعمالاً لمؤلفين محليين.

جولة بالحافلة في المدينة

تمر الجولة بـ14 محطة مختلفة، وتستغرق خمساً وسبعين دقيقة، يمكن للركاب مغادرتها في أي مكان أو وقت حسب برنامجهم الشخصي. يبلغ سعر التذكرة 25 دولاراً. يُنصح ببدء الجولة من محطة البرج الذهبي، والجلوس في الطابق العلوي من الحافلة للاستمتاع بالشمس والنسيم العليل. إنها طريقة سهلة للتعرف على المدينة، واكتشاف الأماكن التي تثير اهتمامك، ومن ثمّ يمكنك العودة إليها. التعليق خلال الجولة متوفر باللغات كافة، ويتضمن تفاصيل تاريخية رائعة؛ منها على سبيل المثال أن الميدان من مواقع تصوير مشاهد من المسلسل التلفزيوني الشهير «لعبة العروش»، وأفلام أميركية أخرى.
الغداء في سوق محلية

يعد تناول الطعام هنا تجربة ممتعة، ليس فقط لتنوع أصناف الطعام الطازجة، لكن لروعة المشهد أيضاً. تقع هذا ه السوق بالقرب من جسر تريانا بجوار نهر الوادي الكبير، خامس أكبر نهر في شبه الجزيرة الإيبيرية.
لكن الأجمل هنا هو حجم التمسك بالتقاليد فيما يخص تناول الطعام في سوق «لونجا ديل بارانكو» التي تطل على النهر وتتوفر فيها كل أنواع المأكولات البحرية والفواكه تقريباً.
كل شيء طازج ولذيذ، والجو رائع حيث يستمتع كل الناس بسطوع الشمس دوماً في المدينة. تتنوع الخيارات بين الأطباق الرئيسية والمقبلات، مثل طبق الـ«بتاتاسبرافاس» الشهير بمكوناته المختلفة إلى جانب البطاطا والبيض.

> يمكن اعتبار إشبيلية وجهة لسياحة تذوق الطعام لما تتمتع به من مطاعم متميزة. أكثر أصناف الطعام شيوعاً هو طبق الـ«تاباس» التقليدي الذي تقدمه معظم المطاعم. ويتكون عادة من أطباق عدة على شكل مقبلات يمكن تقاسمها، مثل القريدس بالثوم أو الأعشاب الطيبة، والزيتون، والأنشوجة، والجبن، وقطع صغيرة من لحم الضأن.
- يمكن الوصول إلى اشبيلية بالطائرة، أو السيارة، أو القطار، أو القارب؛ لأن نهر الوادي الكبير هو الوحيد الصالح للملاحة في البلاد، وإشبيلية وجهة للسفن التي تقوم بالرحلات البحرية.


مقالات ذات صلة

رحلات الصيد البحري تجذب الهواة من جميع أصقاع العالم

سفر وسياحة تجتذب رحلات الصيد مختلف الأعمار  (الشرق الأوسط)

رحلات الصيد البحري تجذب الهواة من جميع أصقاع العالم

يجذب البحر الأحمر في مصر هواة الصيد من جميع أنحاء العالم، بالنظر إلى طول سواحله الممتدة لمئات الكيلومترات

أحمد عدلي (القاهرة)
سفر وسياحة يجب على المسافر معرفة حقوقه لتكون رحلته جيدة (غيتي)

حقوق المسافر على متن الطائرة... ما يحق له وما لا يحق

تعدُّ حقوق المسافر وواجباته على متن الطائرة من المواضيع المهمة التي يجب أن يكون كل مسافر على دراية بها، لضمان رحلة مريحة وآمنة

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط) play-circle 01:45

خاص وزير السياحة المصري: الاستقرار وثقة السائح مفتاحا نمو القطاع

أكد وزير السياحة والآثار في مصر، شريف فتحي أن الاستقرار السياسي في البلاد، وثقة السائح المتراكمة عبر عقود طويلة، ركيزتان أساسيتان في استمرار نمو القطاع السياحي

مساعد الزياني (دبي)
عالم الاعمال تخصيص المحتوى الذكي يعيد تشكيل تجربة التخطيط للسفر

تخصيص المحتوى الذكي يعيد تشكيل تجربة التخطيط للسفر

يشهد قطاع السياحة والسفر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحولات لافتة مدفوعة بالتقنيات الحديثة، وسط توقعات بأن يتجاوز حجم السوق 400 مليار دولار بحلول عام 2032.

الاقتصاد جانب من المشاركة السعودية في «سوق السفر العربي» (الشرق الأوسط)

دول الخليج تتوسع سياحياً والأسواق الناشئة تصعد مع انطلاقة «سوق السفر العربي» بدبي

برزت الأسواق السياحية الناشئة كمقاصد جديدة في خريطة السياحة العالمية، مع النشاط الواسع الذي أظهرته خلال مشاركتها في معرض سوق السفر العربي مع بروز دول الخليج.

«الشرق الأوسط» (دبي)

رحلات الصيد البحري تجذب الهواة من جميع أصقاع العالم

تجتذب رحلات الصيد مختلف الأعمار  (الشرق الأوسط)
تجتذب رحلات الصيد مختلف الأعمار (الشرق الأوسط)
TT
20

رحلات الصيد البحري تجذب الهواة من جميع أصقاع العالم

تجتذب رحلات الصيد مختلف الأعمار  (الشرق الأوسط)
تجتذب رحلات الصيد مختلف الأعمار (الشرق الأوسط)

يجذب البحر الأحمر في مصر هواة الصيد من جميع أنحاء العالم، بالنظر إلى طول سواحله الممتدة لمئات الكيلومترات، وطبيعته المتنوعة التي تميز كل منطقة عن غيرها في الصيد، فضلاً عن أنواع أسماكه المتعددة والنادرة.

ولا تخلو رحلات الصيد من أجواء ترفيهية مميزة، بالنظر إلى طبيعة المنتجعات السياحية المنتشرة هناك، الأمر الذي يجذب الهواة والمحترفين معاً، وراغبي الاستمتاع بتجربة جديدة وسط مياه البحر الفيروزية.

تجتذب رحلات الصيد مصريين وأجانب من مختلف الأعمار (الشرق الأوسط)
تجتذب رحلات الصيد مصريين وأجانب من مختلف الأعمار (الشرق الأوسط)

ولكل موقع بالبحر الأحمر مواسمه الخاصة، فهناك مناطق للأسماك يُغلَق بعضها أمام الصيد الترفيهي لأسابيع، من أجل تقليل تأثير عمليات الصيد على النظام البيئي، بينما تنتظم الرحلات الترفيهية بشكل مستمر، ما لم تكن هناك عوامل جوية تعيق الصيد.

ويتم تنظيم رحلات الصيد الترفيهي عادة عبر وسطاء، يكونون مسؤولين عن استئجار المركب وتجهيزه مع القائمين عليه، مع تحديد مدة الرحلة التي تبدأ من 10 ساعات، تنطلق عادة في الثامنة صباحاً وحتى السادسة مساءً، لهواة صيد الأسماك الصغيرة، أو تستمر لمدة 24 ساعة مع قضاء الليلة على المركب.

بينما تُعد رحلات الـ36 والـ48 ساعة هي الأكثر إقبالاً وتنظيماً في غالبية المواقع؛ لأنها تمنح الوقت للراغبين في الصيد لتجميع حصيلة جيدة من الأسماك برحلتهم، مع التحرك في أكثر من موقع بالمركب التي تتسع في المتوسط لنحو 8 أفراد، غير قائدها ومساعديه من البحارة الذين يقدمون الخدمات خلال الرحلة، ويقومون بأعمال صيد أيضاً في أوقات فراغهم.

عملية نقل المستلزمات على المراكب قبل بدء الرحلة (الشرق الأوسط)
عملية نقل المستلزمات على المراكب قبل بدء الرحلة (الشرق الأوسط)

وتنطلق رحلات الصيد من مواقع عدة، تبدأ من خليج السويس شمال البحر الأحمر، وتمتد حتى حلايب جنوباً، وتصل بعضها إلى 5 أيام في عرض البحر، وهي رحلات تستهدف الصيد الغزير من أعماق كبيرة، وعادة ما تكون الأسماك الأكبر حجماً هي المستهدفة من هذه الرحلات.

ورغم أن منطقة الزعفرانة التي تبعد عن القاهرة نحو 220 كيلومتراً، تعدُّ من المناطق التي توجد بها الأسماك متوسطة الوزن نسبياً، فإنها تعد الأكثر إقبالاً من هواة الصيد لقربها من العاصمة، ولكثرة الرحلات التي تُنظَّم فيها بشكل شبه يومي تقريباً، ولكن هذه الرحلات تكون عرضة للتغيير حال تغير مؤشرات رحلات الصيد عبر تطبيق «ويند فندر» وتحديثاته المستمرة التي تشير إلى توقعات ارتفاع الموج ومدى ملاءمة الطقس لأعمال الصيد في المنطقة.

ينقسم تنظيم الرحلات بين منظمين يقومون بحجز المركب وتجميع الراغبين في الصيد، سواء عبر مجموعات خاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، أو بين أصدقاء يفضلون استئجار المركب وترتيب الرحلة بمفردهم، مع ترتيب التواصل مع قائد المركب وإبلاغه بالمواعيد المقترحة للصيد. وفي هذه الحالة، يكون المستأجرون مسؤولين عن كافة التفاصيل الخاصة بالإعاشة في أثناء مدة الرحلة.

تستخدم المراكب الصغيرة لنقل هواة الصيد في حالات المد (الشرق الأوسط)
تستخدم المراكب الصغيرة لنقل هواة الصيد في حالات المد (الشرق الأوسط)

ولا يوجد موعد محدد لانطلاق الرحلات، فالرحلات الاعتيادية تنطلق في حدود الثامنة صباحاً، أما الرحلات «المقلوبة» فتنطلق في حدود الرابعة أو الخامسة مساءً، وهي الرحلات التي تستهدف قضاء وقت أطول ليلاً في البحر، وتكون مفضلة لدى كثيرين، مع وجود فرصة يراها البعض مضاعفة؛ خصوصاً في رحلات الـ36 ساعة لتجميع حصيلة أكبر من الأسماك.

الاستعداد للقيام بهذه الرحلة مع الأصدقاء يتطلب ترتيبات مسبقة وتجهيزات مرتبطة بشراء كميات من المياه العذبة لاصطحابها، بجانب مأكولات لتجهيزها على المركب، مثل علب الجبن والمخبوزات والبيض، مروراً بالمشروبات والألبان، مع الحرص على اصطحاب «آيس بوكس» لكل فرد ليجمع فيه حصيلة الرحلة.

من ضمن مراحل الاستعدادات الضرورية للرحلة، مرحلة تجهيز «العدة» التي تختلف حسب الهدف من الصيد وطريقته، بين صيد «التسقيط» على أعماق قصيرة أو متوسطة، والذي يتطلب أثقالاً وسنوناً متنوعة، حسب العمق وطبيعة المكان، مروراً بصيد الجر خلال حركة المركب الذي يستخدم ماكينات أكثر قوة وصلابة مزودة بـ«رابيلات» صناعية، لاستهداف أسماك الدراج، وتُستخدم أيضاً لصيد أنواع الكاليماري.

تصطف المراكب في توقيتات التحرك بالصباح الباكر (الشرق الأوسط)
تصطف المراكب في توقيتات التحرك بالصباح الباكر (الشرق الأوسط)

تبدأ رحلة الصيد منذ تحرك المركب، عبر إلقاء السنارات لصيد الجر خلال تحرك المركب إلى وجهتها الأولى، بينما يبلِّغ قائد المركب أصحاب الصنارات قبل التوقف بوقت قصير لجمع الخيط، تمهيداً لرسو المركب في وجهتها الأولى.

تتسم ماكينات صيد الجر عادة بصوت صفارة عندما تنجح «الرابيلا» في الإيقاع بالسمك كبير الحجم المستهدف، وبمجرد سماع قائد المركب صوت الصفارة، يبدأ في التهدئة والتوقف بشكل تدريجي، بما يسمح ببدء مناورة لاستخراج السمكة بشكل تدريجي، وهو الأمر الذي يستغرق بعض الوقت، ويحمل احتمالات الإخفاق وهروب السمكة، حال عدم التعامل معها بشكل صحيح.

من خلال الأجهزة المستخدمة في الاستشعار ومتابعة الأعماق، يختار قائد المركب الوجهة الأولى للرسو، ليبدأ الصيد بالتسقيط، مع البدء في محاولة تشجيع السمك على الاقتراب من المركب عبر الوقوف بشكل كامل، والبدء فيما تُسمَّى «الزفارة» عبر إلقاء طعوم متعددة في محيط المركب، في محاولة لتجميع الأسماك.

ويعدُّ الجمبري الطازج والطُّعوم الطبيعية -مثل الباغة والسبيط- من أفضل الخيارات لجذب الأسماك، بينما تُعد المناطق القريبة من براميل استخراج الغاز والنفط من الأماكن التي يستهدفها عدد ليس بالقليل من الهواة في رحلاتهم.

وتتنوع الأسماك التي يتم اصطيادها حسب مواسمها، ما بين: الحفار، والدريني، والحريد، والشخرم، والباغة، بجانب الشعور والتونة، بينما تتم إعادة بعض الأسماك السامة التي تعيش في المنطقة إلى البحر بشكل سريع فور اصطيادها، ومن أبرزها سمكة الأرنب.