قائمة دمشق للجنة الدستورية تفتح «معركة صلاحيات» الرئيس

TT

قائمة دمشق للجنة الدستورية تفتح «معركة صلاحيات» الرئيس

خطت دمشق خطوة باتجاه تشكيل اللجنة الدستورية، بموجب نتائج مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي بداية العام، ذلك تنفيذا لتعهدات الرئيس بشار الأسد أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائهما في سوتشي قبل أسبوعين. لكن تركيبة القائمة التي سلمتها دمشق إلى موسكو وطهران والمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، تدل على معركة محتملة حول صلاحيات الرئيس، وسط رفض معظم أعضاء القائمة المس بها، وسعي معارضين لإثارة 23 بنداً في دستور 2012.
وضمت القائمة 50 اسماً، وهو عدد يساوي أعضاء اللجنة التي يفترض أن تضم ممثلي المعارضة والمستقلين أيضا. كما بدت في قائمة دمشق هيمنة لحزب «البعث» الحاكم وأعضاء مجلس الشعب (البرلمان)، ما ترك كثيراً من الأسئلة، خصوصاً ما يتعلق بعلاقة هذه القائمة بالبيان الختامي لمؤتمر سوتشي، الذي فوض دي ميستورا لتشكيل اللجنة وتحديد مرجعيات وآليات عملها، خلال اجتماعاتها المقررة في جنيف بإشراف الأمم المتحدة، بحسب قول دبلوماسيين غربيين أمس.
وأظهرت القائمة، التي اطلعت «الشرق الأوسط» عليها، ترشيح دمشق 50 اسماً، بينهم أعضاء الوفد الحكومي التفاوضي إلى جنيف، عدا رئيس الوفد بشار الجعفري. وكان بين الأسماء النائب في مجلس الشعب أحمد كزبري، والمستشار القانوني أحمد عرنوس، وأمجد عيسى، وأمل اليازجي. كما ضمت القائمة 30 اسماً، بينهم «البعثيون»: صفوان القربي، وخالد خزعل، ورضوان إبراهيم، وشيرين اليوسف، ومهة العجيلي، وحسن الأطرش، وتركي حسن، وموسى عبد النور، إضافة إلى معاون وزير الإعلام الأسبق طالب قاضي أمين، والمذيعة رائدة وقاف، والكاتبة أنيسة عبود.
وأعلن مايكل كونتي، الناطق باسم دي ميستورا أمس: «يمكنني أن أؤكد أن مكتب الممثل الخاص تسلم من الحكومة السورية قائمة بأسماء المرشحين» للجنة الدستورية. وأضاف: «في هذه المرحلة يتم بحث القائمة بعناية، وسيتم الإدلاء ببيانات أخرى بخصوصها في الوقت المناسب».
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) قد أفادت بأن الخارجية سلمت السفيرين الروسي والإيراني في دمشق نسخة من القائمة، مؤكدة أن مهمة اللجنة ستكون «تعديل الدستور» الحالي لعام 2012.
ونقل التلفزيون الرسمي عن الأسد خلال لقائه بوتين في سوتشي في 17 الشهر الجاري، أن دمشق «سترسل قائمة بأسماء المرشحين لعضوية لجنة مناقشة الدستور، في قائمة الحكومة السورية، في أقرب وقت ممكن إلى الأمم المتحدة، وروسيا رحبت بهذا القرار»، الأمر الذي أكد عليه مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرينيف، لدى لقائه الأسد في دمشق، بعد أيام من قمة سوتشي.
وكانت دمشق قد رفضت أكثر من مرة استقبال دي ميستورا، لبحث تشكيل اللجنة الدستورية بموجب نتائج مؤتمر سوتشي. ونقل دبلوماسيون عن مسؤول في دمشق قوله بـ«رفض قيام دي ميستورا بصوغ الدستور السوري»، وإطلاقه أكثر من مرة على دي ميستورا أنه «بريمر سوريا» في إشارة إلى الحاكم الأميركي بول بريمر الذي ساهم في صوغ دستور العراق بعد غزو 2003. واللافت أن المعارضة كانت قد رفضت قبل ذلك مسودة روسية للدستور قائلة إنها ترفض «دستور بريمر».
وعكس اعتراض دمشق على استقبال دي ميستورا امتعاضاً من نتائج مؤتمر سوتشي، الذي صيغ بيانه الختامي بعد مفاوضات ماراثونية بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي ربط وقتذاك مشاركة دي ميستورا بمؤتمر الحوار الوطني السوري بسلسلة من الشروط، بينها أن يقتصر المؤتمر على جلسة واحدة، وأن يقرر المبعوث الدولي مرجعية وأسماء وآليات عملية اللجنة الدستورية، واختيار أعضائها من قائمة تقدمها الدول «الضامنة» الثلاث، إضافة إلى إقرار المبادئ السياسية الـ12 التي كان أعدها دي ميستورا، ورفض رئيس وفد الحكومة بشار الجعفري البحث فيها في الجولتين الأخيرتين من مفاوضات جنيف.
وبعد تسلم دي ميستورا قائمة دمشق، لا يزال غير واضح بالنسبة إلى الدول الضامنة مرجعية اللجنة الدستورية وعدد أعضائها، وما إذا كانت دمشق تريد أن يكون الـ50 يمثلون كامل أعضاء اللجنة، أم أن دي ميستورا سيختار منهم مرشحين إلى القائمة النهاية التي تضم 50 عضواً من المعارضة والحكومة والمستقلين. وبحسب تفاهمات «الدول الضامنة» الثلاث لسوتشي، روسيا وتركيا وإيران، ستقدم الدول الثلاث قوائمها التي تضم الحكومة والمعارضة، على أن يختار دي ميستورا ثلثين منها ويضيف ثلثا من المستقلين؛ لكن دمشق، تمسكت بهيمنة على قائمة اللجنة الدستورية.
وهناك نقطة خلافية أخرى، تتعلق بصلاحيات اللجنة، إذ إن دمشق تتمسك بـ«تعديل» دستور 2012، فيما وافقت موسكو على «إصلاح دستوري» بما يشمل إقرار دستور جديد. وقال خبراء حقوقيون إن المعارضة تريد مناقشة 23 بنداً في دستور 2012 تتعلق بصلاحيات للرئيس؛ لكن دمشق ترفض بحث صلاحيات الرئيس العسكرية والدستورية والقضائية، مع انفتاح في بحث صلاحيات أوسع لرئيس الوزراء. ولوحظ أن الأسد عين قبل أيام أعضاء المحكمة الدستورية العليا.
وكان مسؤولون غربيون قد أعربوا عن الأمل في تفاهم أميركي - روسي حول مبادئ الدستور السوري الجديد، خصوصاً ما يتعلق بـ«الصلاحيات» و«المحاصصة السياسية» قبل أن يعكف خبراء الدستور، حكومة ومعارضة ومستقلين، على كتابة نص الدستور الجديد أو تعديل دستور 2012.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.