حدائق تستحق الزيارة بعضها رائع ووراءها عقلية مبدعة

منها «إل كابريتشو» في مدريد و«هيلدغارد فون بينجن» بالنمسا

حديقة «هيلدغارد فون بينجن» بالنمسا
حديقة «هيلدغارد فون بينجن» بالنمسا
TT

حدائق تستحق الزيارة بعضها رائع ووراءها عقلية مبدعة

حديقة «هيلدغارد فون بينجن» بالنمسا
حديقة «هيلدغارد فون بينجن» بالنمسا

هناك كثير من الحدائق في أوروبا جديرة بالمشاهدة. ولكن بعضها رائع للغاية. وعادة ما يكون عقل مبدع واستثنائي وراءها.
* حديقة «إل كابريتشو» في إسبانيا: تقف حديقة «إل كابريتشو» المثالية المختفية في محيط مدريد، شاهدة على بعض من جنون التاريخ الإسباني. ابتداء من عام 1787، ونيابة عن الدوقة ماريا خوسيفا بيمنتل (1754 - 1834) بدأ مهندسو المناظر الطبيعية البارزون في إنشاء الحديقة بقصر صيفي وفيلا للنحل ومتاهة من أشجار الغار.
وتوجد في المتنزه حدائق على الطراز الإيكالي والفرنسي والإنجليزي؛ حيث تستقبل الدوقة المهووسة بالبستنة رسامين مثل جويا الذي رسم لها لوحة بورتريه. وفي الفترات اللاحقة، كانت الحديقة مكانا للمبارزات، وشيد الجمهوريون الأقبية خلال الحرب الأهلية الإسبانية (1936 - 1939) للتخطيط للعمليات العسكرية ضد فرنسيسكو فرنكو. وبعد سنوات لاحقة استخدمت لتصوير أفلام «دراكولا».
* حديقة «هيلدغارد فون بينجن» بالنمسا: كانت السيدة الحكيمة بالعصور الوسطى هيلدغارد فون بينجن رئيسة راهبات وقديسة وخبيرة في النباتات. ولم تزر قط وادي ألباختال في إقليم تيرول بالنمسا، ولكن عددا من عاملات الحدائق أنشأن حديقة «هيلدغارد فون بينجن» العشبية في بلدة رايت عام 2012.
وتقول إرمجارد ريندل، إحدى عاملات الحدائق: «لقد قسمنا الأحواض والنباتات العشبية المزروعة وفقاً للوظائف الجسدية؛ مثل التنفس». تقود السيدات الزوار عبر حديقتهن، ويشرن إلى تلك الأعشاب ذات الخواص الطبية.
* حديقة «مغامرات كيتنبرجر» في النمسا: صنع البستاني راينهارد كيتنبرجر مملكة نباتات عملاقة في بلدة شيلترن. ويمكن للزوار استكشاف الحديقة التي تغطي مساحة 40 ألف متر مربع تقريبا.
وهناك أكثر من 40 حديقة بأفكار مختلفة؛ حيث يمكن للزوار الحصول على أفكار لحدائقهم المنزلية. لا يسأم كيتنبرجر الذي يمتهن البستنة من صناعة إمبراطوريته الخيالية للغاية.
* حديقة «كوكنهوف» في هولندا: إحدى الحدائق الأكثر زيارة في أوروبا مصممة من قبل أصغر عمال الحدائق وهو مارتن إلينج الذي لم يبلغ الثلاثين عاما بعد. ويقوم مهندس المناظر الطبيعية سنويا بتجديد تخطيط شكل أحواض الزهور الكبيرة لحديقة «كوكنهوف» في بلدة «ليسه» الهولندية. يقضي الهولندي عاما كاملا مع فريقه في العمل على الحديقة التي تكون مهرجانا للزهور لمدة 7 أسابيع خلال موسم الربيع.
* حديقة «سنترال بارك» الأميركية: قال عمدة مدينة نيويورك سابقا إن «الحديقة المركزية (سنترال بارك)» الشهيرة سيكون محظورا على السيارات دخولها تماما اعتبارا من هذا الصيف، وذلك في محاولة لتعزيز صحة زوار الحديقة وسلامتهم. وسيتم بشكل كامل حظر دخول السيارات للحديقة التي تمتد بطول 3.4 كيلومتر في وسط حي مانهاتن اعتبارا من 27 يونيو (حزيران) المقبل.
كان العمدة بيل دي بلاسيو قد أغلق الجزء الشمالي من الحديقة أمام حركة المرور في عام 2015، لكن لا يزال يتم فتح الطريق أمام حركة السيارات في عدد قليل من الشوارع التي تقطع الفضاء الأخضر في الجزء الجنوبي للحديقة خلال أيام الأسبوع وقت ساعات الذروة. وقال في بيان إن «حدائقنا للمواطنين وليست للسيارات. منذ أكثر من عقد من الزمان، تحول السيارات أجزاء من أكثر الحدائق شهرة في العالم إلى طريق سريع».
وأضاف دي بلاسيو: «اليوم نعود إلى الوراء. ونضع الأولوية لسلامة وصحة ملايين الآباء والأطفال والزوار الذين يتدفقون على الحديقة المركزية (سنترال بارك)». ويتردد على حديقة مانهاتن الشهيرة كل عام نحو 42 مليون شخص. كان دي بلاسيو قد خفض بشكل كبير حركة المرور عبر حديقة «بروسبكت» في حي بروكلين في عام 2015، وتم حظرها بالكامل في يناير (كانون الثاني) الماضي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».