طلاب مصريون يحققون ربحاً مجزياً من تقديم «السحور» على الطريق

كسبوا ثقة سكان حي الشيخ زايد لجودة أطعمتهم

طلاب مصريون يحققون ربحاً مجزياً من تقديم «السحور» على الطريق
TT

طلاب مصريون يحققون ربحاً مجزياً من تقديم «السحور» على الطريق

طلاب مصريون يحققون ربحاً مجزياً من تقديم «السحور» على الطريق

انتظر محمد عادل، حلول شهر رمضان لتحصيل مبلغ مالي مناسب يساعده على تحمل أعباء مشروع التخرج في كلية الإعلام بإحدى الجامعات الخاصة، من خلال المشاركة في أحد مشروعات مطاعم الطريق بمدينة الشيخ زايد، والمتخصصة في وجبات السحور.
عادل الذي شارك في هذه المشروعات منذ بدأت في الظهور العام الماضي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «حصلت على مبلغ مالي محترم، ساعدني على تسديد نفقات السنة الثالثة من الكلية، وأعوّل آمالا كبيرة على تحصيل مبلغ مماثل لمساعدتي في مشروع التخرج».
وتتخذ المطاعم الرمضانية التي يشارك فيها عادل من المساحات الخضراء في المدينة مكانا لها، حيث يحصل الشباب على ترخيص رسمي من جهاز إدارة المدينة قبل حلول شهر رمضان تسمح لهم باستغلال تلك المساحات، ويقومون بإحاطتها بالزينة الرمضانية ويتم وضع مناضد خشبية تشبه الموجودة في المطاعم التقليدية، وفي أحد أركان المكان يتم تجهيز وجبات السحور.
ويقول خالد فوزي، الطالب بالسنة الثالثة بكلية الهندسة، بإحدى الجامعات الخاصة لـ«الشرق الأوسط»: «أشارك في أحد المشروعات بإعداد كل أصناف البيض، بينما يتخصص زميل آخر في إعداد الفول، ويتخصص ثالث في الطعمية والبطاطس، ويقوم زميل آخر بمهمة نادل المطعم، الذي يأخذ الطلبات من الزبائن ويقوم بتوصيلها لهم».
وينتمي خالد وأقرانه من العاملين بهذه المشروعات لأسر ميسورة الحال ماديا، ورغم ذلك فإنهم داعمون بقوة لنشاط أبنائهم، كما يؤكد محمد حمدي، الطالب بكلية إدارة الأعمال بإحدى الجامعات، والمتخصص في إعداد الطعمية.
ويقول حمدي لـ«الشرق الأوسط»: «والدي فخور جدا بما أفعله، ليس لأني أوفر نفقات كنت سأطلبها منه، ولكن لأنه يشعر برغبتي في تحمل المسؤولية».
هذا الشعور الذي دفع والد حمدي لتقديم الدعم لابنه، تسلل أيضا إلى سكان المدينة الذين أبدوا تجاوبا ملحوظا مع تلك المطاعم الشبابية، وأصبح من المعتاد رؤية سيارات فارهة تصطف أمام تلك المطاعم، جاء أصحابها لتشجيع هؤلاء الشباب عبر تناول وجبة السحور عندهم.
ويقول هشام حامد، الذي يعمل محاسبا بأحد البنوك الأجنبية لـ«الشرق الأوسط»: «لست من هواة تناول الطعام خارج المنزل، ولكن ثقتي في هؤلاء الشباب دفعتني لاصطحاب أسرتي لتناول وجبة السحور عندهم والاستمتاع بهذه الأجواء الرمضانية الرائعة».
الغرض نفسه الذي أحضر هشام لهذه المطاعم، كان لدى مايسة محمد، التي جاءت بصحبة ابنيها لتناول وجبة السحور، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم فرصة جيدة بالنسبة لي لتناول السحور في أجواء رمضانية، وتقديم درس عملي لأبنائي حول أسلوب التفكير العملي الذي نفذه هؤلاء الشباب، ويستحق منا أن ندعمه».
وأبدى الشباب المشاركون في هذا النشاط الرمضاني المؤقت سعادتهم بتجاوب سكان المدينة، مؤكدين أنهم يجتهدون لأن يكونوا على قدر المسؤولية، من خلال تقديم طعام صحي تم اختيار مكوناته بعناية، بحيث يشعر من يتذوقه بالفارق بيننا وبين الآخرين.
ويقول وائل أبو الحمد، أحد الطلاب المشاركين في المشروع، والمسؤول بشكل أساسي عن تأمين متطلبات المطعم من المواد الغذائية اللازمة للطهي، إنه يقوم يوميا بعد الانتهاء من المحاضرات في الجامعة بالتوجه لأحد المولات التجارية الشهيرة بالمدينة لشراء ما يحتاج إليه المطعم من متطلبات.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع يعرف من أين تأتي المطاعم الأخرى بالزيوت المستخدمة في إعداد الطعمية، ولكن زبائننا يمكنهم رؤية الزيوت التي نستخدمها، وهي مثل الزيوت التي يستخدمونها في منازلهم».
وتقول أمنية حمدي، التي تشارك وائل مهمة شراء متطلبات المطعم: «كسبنا ثقة سكان المدينة العام الماضي، ونحرص على أن تظل تلك الثقة قائمة لسنوات مقبلة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».