الفرار إلى «يوتيوب»... المشاهدون يهجرون التلفزيون هرباً من الإعلانات

الفواصل الإعلانية تشتت انتباه متابعي الأعمال الرمضانية

نجوم مصريون في إعلان تلفزيوني
نجوم مصريون في إعلان تلفزيوني
TT

الفرار إلى «يوتيوب»... المشاهدون يهجرون التلفزيون هرباً من الإعلانات

نجوم مصريون في إعلان تلفزيوني
نجوم مصريون في إعلان تلفزيوني

مع بداية شهر رمضان من كل عام، يستعد ملايين المشاهدين في مصر والعالم العربي لممارسة الطقوس الرمضانية، ومن بينها متابعة المسلسلات الدرامية والكوميدية والاجتماعية، حتى بات الأمر تقليداً راسخاً فيها. لكن زيادة الفواصل الإعلانية في السنوات الأخيرة، خصوصاً في الموسم الحالي، صرفت عدداً كبيراً من المشاهدين إلى متابعة حلقات المسلسلات عبر قناة «يوتيوب».
يقول محمد وليد بركات، معيد في جامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «لم تجذبني مشاهدة المسلسلات الدرامية هذا العام على شاشات التلفزة؛ لأن أحداثها مملة وتسير بوتيرة بطيئة بسبب كثرة الفواصل الإعلانية. لذا؛ قرّرت متابعتها بعد انتهاء شهر رمضان». وقالت فاطمة الزهراء، مدرسة في كلية الإعلام بالجامعة الكندية: «أتابع (اختفاء) و(الوصية) على (يوتيوب) الذي يعتبر منصة ممتازة لعرض المسلسلات من دون أي فواصل إعلانية مزعجة، كما يمكني التحكم في وقت مشاهدة المسلسل بالشكل الذي يناسبني». وذكرت أسماء أحمد رمضان، أنها تشاهد مسلسل «نسر الصعيد» على «يوتيوب»؛ تفادياً لهدر الوقت أمام المساحات الإعلانية التي تؤدي إلى تشتيت انتباهها.
في حين أوضحت مها مختار، مدرس مساعد في أكاديمية أخبار اليوم، أنها تشاهد مسلسل «بالحجم العائلي» ليحيى الفخراني على «يوتيوب» أيضاً؛ لأن الموقع يتيح إمكانية عرض جميع حلقات المسلسلات، وبالتالي لن يفوت المشاهد أي شيء، وأحياناً أُشاهد حلقتين منه.
يشار إلى أن بعض الشركات قد ابتكرت أسلوباً جديداً في تقديم الإعلانات؛ إذ باتت تقدمها على شكل مسلسل قصير وحلقات وأحداث متتالية، في مدد طويلة تفوق أحياناً مدة الحلقة الدرامية التي يبلغ متوسطها نصف ساعة فقط، شاملة تترَي البداية والنهاية، بينما كان يبلغ متوسط الحلقات الدرامية 45 دقيقة قبل 10 سنوات.
بدوره، قال المخرج محمد فاضل، رئيس لجنة الدراما في المجلس الأعلى للإعلام، إن «المجلس وضع ضوابط للحدّ من الفواصل الإعلانية أثناء عرض المسلسلات الرمضانية، وذلك بحد أقصى ثلاثة فواصل على مدار العرض الواحد». موضحاً أن الإعلانات الكثيفة تقطع العمل الدرامي وتشوّه قيمة المحتوى. وذكر محمد فاضل في مداخلة هاتفية ببرنامج «مساء dmc»، أن فوضى الإعلانات زادت بشكل كبيراً جداً، بعد عام 2011. مستشهداً بتجربة الصين التي أصدرت قوانين لمنع الإعلانات بالكامل داخل الدراما بعد إثبات تشويهها للمحتوى.
من جانبه، يقول الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «يجب احترام حق المشاهد في متابعة الأعمال الدرامية من دون فواصل إعلانية يتعدى مداها الزمني المقاييس العالمية المتعارف عليها في إذاعة الإعلانات، ومن الملاحظ أن المسلسلات الدرامية هذا العام، قضت على متعة المشاهدة لدى المواطنين بسبب كثرة هذه الفواصل التي تروّج لشركات الاتصالات وإعلانات المشروبات والمأكولات، فطغت على وقت العروض لدرجة أنّ تتر المسلسل يليه فاصل إعلاني طويل، وبالتالي اختلطت أحداث المسلسلات الدرامية على الكثير من المشاهدين».
وقال الدكتور محمد المرسي، الأستاذ في قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «يتحدّد المعدل العالمي للإعلانات من 10 إلى 15 دقيقة فقط في كل ساعة إرسال درامية أو برامجية تُقسّم إلى ثلاث أو أربع فقرات، وهو المعدل الأمثل الذي يجعل جميع الأطراف رابحة». وأضاف: «على الرغم من الربح المؤقت الذي تجنيه الفضائيات من الإعلانات، إلا أنها خاسرة في ماراثون الدراما الرمضانيةذ؛ لأن الشباب فضّل مشاهدة المسلسلات عبر (يوتيوب) في نفس يوم عرض الحلقة، فلا فواصل إعلانية تزعج المشاهد وتعكّر صفو استمتاعه، وبالتالي لن تحقق الشركات المعلنة أهدافها. فعندما تبدأ ينتقل المشاهد إلى قناة أخرى أو ينشغل بالحديث مع أفراد أسرته أو يتناول أي أطعمة أو مشروبات».
بينما أكد الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة في كلية الإعلام جامعة القاهرة، على ضرورة احترام الوسائل الإعلامية حق المشاهد في متابعة الأعمال الدرامية من دون تشويه يفقد هذه الأعمال متعة المتابعة والتشويق. وأضاف، إن «إقبال المواطنين على قنوات (يوتيوب) لمشاهدة مسلسلاتهم المفضلة، سيؤدي إلى حرمان المسلسلات على المدى الطويل من أحقيتها في الإعلانات».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».