كانت الشرارة التي فجَّرَت الغضب الشعبي منذ خمسة أسابيع قانون إصلاح معاشات التقاعد من خلال زيادة مساهمات الأفراد. ومع أن الحكومة تراجعت عنه بسرعة، إلا أنّ الاحتجاجات ضد القانون أصبحت ذريعة لحركة سخط أوسع، للتنديد بنقص الحريات والمطالبة باستقالة رئيس الدولة. إلا أن الرئيس الثوري دانيال أورتيغا غير مستعد للاستسلام على ما يبدو. وقال عالم الاجتماع والمحلل أوسكار رينيه فارغاس، ردّاً على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية إن «أورتيغا لن يتخلى عن الحكم كيفما كان، سيقاوم حتى النهاية». وأضاف: «لن يتحرك من هنا، حتى يصبح من المتعذر السيطرة على الوضع».
وأوضح فارغاس، أن الولايات المتحدة، الشريك التجاري الأساسي لنيكاراغوا، لم تتخذ تدابير ضاغطة قوية بما فيه الكفاية لإطاحة الحكومة. وأصدرت واشنطن الجمعة تحذيراً جديداً. ودانت وزارة الخارجية في بيان «أعمال العنف الأخيرة التي قام بها رعاع تسيطر عليهم الحكومة، وأدت إلى وفيات جديدة من المتظاهرين في نيكاراغوا».
وقبل يومين، أسفرت مواجهات بين معارضي أورتيغا وأنصاره عن قتيلين و54 جريحاً.
وأعلنت الخارجية الأميركية أنه «على الحكومة النيكاراغوية تأمين الظروف الملائمة لحوار موثوق به ومنفتح على الجميع، وضمان سلامة المشاركين فيه»، داعية السلطة التنفيذية إلى متابعة توصيات المحكمة الأميركية لحقوق الإنسان. وكانت هذه المحكمة نددت الاثنين بالاستخدام المفرط للقوة من أجل قمع التظاهرات وطالبت بوقف العنف الذي تقوم به الشرطة.
وأشار هذا الخبير إلى أن الرئيس ما زال يستفيد من الدعم الأساسي لأوساط رجال الأعمال حلفائه الأساسيين خلال 11 عاماً في الحكم، وإن كان هذا الدعم يتفتت على ما يبدو. وأعرب رؤساء المؤسسات عن تضامنهم «شفهيّاً» مع المظاهرات ضد الحكومة التي بدأها الطلبة في 18 أبريل (نيسان). لكنهم لم يرغبوا في الانضمام إلى حركة الإضراب الوطني الأخيرة، فيما فعلوا ذلك خلال التمرد على ديكتاتورية سوموزا (1934 - 1979)، كما ذكر فارغاس.
المواجهات أوقعت 78 قتيلاً و900 جريح. ووقف الحوار الوطني في نيكاراغوا، على الرغم من وساطة الكنيسة التي طالبت بها الحكومة، ولم يتراجع الغضب الشعبي، وقسم من الناس يطالبون باستقالة الرئيس أورتيغا، المقاتل السابق، 72 عاماً، بطل الثورة الساندينية التي أطاحت بالديكتاتورية في 1979، تولى حكم البلاد بعد ذلك حتى 1990، ثم عاد إلى الحكم منذ 2007.
لكن حتى الآن، لا يرتسم في الأفق أي حل فوري للأزمة، فيما علق المؤتمر الأسقفي الأربعاء الحوار الوطني بعد ساعات من بدئه فقط، لأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والمعارضين.
يضاف إلى الحصيلة البشرية الكبيرة للتظاهرات تأثير الإضرابات وعمليات نهب المتاجر وإقفال الطرق، على الاقتصاد. فقد خفضت الحكومة توقعاتها للنمو من ما بين 4.7 و5.2 في المائة إلى ما بين 3 و3.5 في المائة. وهرب السياح من البلاد.
وأكد فيكتور كوادراس أحد قادة الطلبة لحركة الاحتجاج، أنهم «منقسمون» بين الذين يريدون بقاء أورتيغا في الحكم حتى الانتخابات الرئاسية في 2021، والذين يرغبون في استقالته المبكرة. وتسعى منظمة الدول الأميركية أيضاً إلى ممارسة ضغط على دانيال أورتيغا، واقترحت إجراء انتخابات مبكرة. وقال أمينها العام لويس الماغرو الأربعاء، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، إن «أي شخص يعتقد أنه يتوافر لنيكاراغوا حل غير الحل الانتخابي يرتكب خطأ فادحاً».
وأكد خوسيه باليه النائب السابق لوزير الخارجية والنائب السابق للمعارضة «وجود عرقلة للحوار وهذا أمر خطير، لأنه قد يؤدي إلى استمرار وضع البلاد غير المستقر، حيال تعنت الحكومة». وأضاف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن دانيال أورتيغا «لا يريد تعرض حكمه للخطر»، وأن المتظاهرين ليسوا مستعدين للخروج من الشوارع لأنهم يعرفون أنهم إذا ما فعلوا ذلك «ستزداد قوة الديكتاتورية، ويصبح القمع أقوى، وستحصل حملة من العنف الانتقائي».
وكشف استطلاع للرأي أعدته مؤسسة «كيد - غالوب» بين 5 و15 مايو (أيار)، أن 63 في المائة من النيكاراغويين باتوا يطالبون برحيل الرئيس.
أزمة نيكاراغوا مستمرة وحصيلة المواجهات 78 قتيلاً
المحتجون يرفعون سقف مطالبهم ورحيل الرئيس أورتيغا
أزمة نيكاراغوا مستمرة وحصيلة المواجهات 78 قتيلاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة