السعودية تعلن انتهاء الحالة الحرجة لإعصار «مكونو» ونجاح خطة الطوارئ

بعد أن تراجع في عُمان وتسجيل مدينة صلالة أعلى معدل لسقوط الأمطار في العالم

شاطئ في صلالة في عمان خلال  تعرضه للإعصار (ا ب) - احد شوارع مدينة صلالة بعد تحوله  الى مجرى نهر بسبب الامطار الكثيفة (ا ف ب)
شاطئ في صلالة في عمان خلال تعرضه للإعصار (ا ب) - احد شوارع مدينة صلالة بعد تحوله الى مجرى نهر بسبب الامطار الكثيفة (ا ف ب)
TT

السعودية تعلن انتهاء الحالة الحرجة لإعصار «مكونو» ونجاح خطة الطوارئ

شاطئ في صلالة في عمان خلال  تعرضه للإعصار (ا ب) - احد شوارع مدينة صلالة بعد تحوله  الى مجرى نهر بسبب الامطار الكثيفة (ا ف ب)
شاطئ في صلالة في عمان خلال تعرضه للإعصار (ا ب) - احد شوارع مدينة صلالة بعد تحوله الى مجرى نهر بسبب الامطار الكثيفة (ا ف ب)

أعلن الدكتور خليل بن مصلح الثقفي، رئيس هيئة الأرصاد السعودية، انتهاء الحالة الحرجة لإعصار «مكونو»، مؤكداً نجاح خطة الطوارئ وغرفة العمليات في متابعة الإعصار مع الجهات المختصة في بلاده. وانخفضت حدة الإعصار «مكونو» أمس (السبت) ليصبح عاصفة استوائية بعد أن ضرب جنوب سلطنة عمان بقوة، متسبباً في وفاة شخصين وفقدان ثلاثة أشخاص وبأضرار كبيرة، حسب ما أعلنت السلطات.
ورغم الهدوء النسبي الذي عاشته أجواء الطقس في السعودية إثر انخفاض إعصار «مكونو» أشار عايض البلوي، مدير التحليل والتوقعات بهيئة الأرصاد، لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود توقعات بهطول أمطار غزيرة على بعض أجزاء السعودية.
وأوضح مدير التحليل والتوقعات بهيئة الأرصاد، أن «محافظة الخرخير في مقدمة المواقع التي يتوقع هطول أمطار غزيرة عليها رغم الهدوء النسبي في الأجواء عامة، الرياح نشطة مع انعدام للرؤية».
وأضاف: «يتوقع أن تتأثر محافظة شرورة بالأتربة والغبار؛ وهو ما يعني تدني الرؤية الأفقية، كما ستتأثر أجزاء من منطقة الربع الخالي بهطول الأمطار الغزيرة، وعامة ستخف درجة الحرارة عن حدتها في اليومين الماضيين.»
واتجه إعصار «مكونو» أمس إلى السعودية، وأوضحت الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة في السعودية، أن تأثير إعصار «مكونو» على المملكة بدأ من الباحة بتكون السحب على الخرخير والربع الخالي.
وأفاد الناطق الإعلامي للهيئة حسين القحطاني، بأن من المتوقع أن يصاحب الإعصار هطول الأمطار الغزيرة المصحوبة برياح نشطة قد تتجاوز سرعتها 75كم/س، من فجر السبت على الخرخير.
وبيّن القحطاني، أن حالة تأثير الإعصار، ستستمر إلى يوم الثلاثاء، وأن سواحل المملكة في الخليج العربي والبحر الأحمر لن تتأثر بارتفاع الأمواج بسبب إعصار «مكونو»، مبيناً أن الهيئة ستوافي الجميع بمستجدات الحالة أولاً بأول على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق أرصاد.
من جهتها، أوضحت وزارة الصحة السعودية لـ«الشرق الأوسط» استعداداتها طوال الفترة الماضية لأي نتائج للعاصفة المدارية، وبيّن عبد الرحمن الشمراني من العلاقات العامة بالوزارة أن «الإجراءات تبدأ بحصر مدى الجاهزية، وذلك بإرسال قاعدة بيانات الاستعداد للكوارث مرتين في اليوم وترتفع إلى أربع مرات في أي منطقة تبلغ عن إصابات، وتوجيه الدعم اللازم لها حسب الحالة، وضمان استمرارية الاتصال بجميع المناطق، وذلك بالتحضير على الخطوط الرسمية للتواصل 4 مرات في اليوم واكتشاف أي خلل بشكل مبكر».
وأضاف: «تمت الاستفادة من الموارد الصحية في القطاعات الأخرى في الشؤون الصحية في القوات المسلحة، الحرس الوطني، قوى الأمن والدفاع المدني لتوفير خط مباشر للبلاغات، إضافة إلى تواجد استشاري طوارئ وكوارث مناوب على مدار الساعة مرتبط بغرفة العمليات المركزية بوزارة الصحة. وتجهيز مستشفيات ميدانية متى ما دعت الحاجة إليها، إلى جانب تجهيز وحدات دم وآليات متنقلة».
وبينت الصحة، أنه «يتم الإبلاغ عن وجود إصابات، أو أضرار بالمنشآت الصحية بشكل لحظي إلى عمليات كل منطقة في السعودية، ومنها للعمليات المركزية، إلى جانب إصدار تقرير يومي الساعة 11 مساءً عن الوضع الصحي بالمملكة والمتعلق بالحالات الناجمة عن الإعصار، والفترة المقترحة من السبت إلى الخميس، حسب توقع الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة».
وكشفت وزارة الصحة السعودية عن استعداداتها في منطقة نجران، حيث جهزت 22 فرقة إسعافية، منها 7 في محافظة الخرخير، و15 في محافظة شرورة، بالإضافة إلى فرقة قيادة ميدانية وفرقة دعم خاصة مع تفعيل خطط الإخلاء لمستشفيات الخرخير وشرورة، وزيادة المخزون من التجهيزات الطبية في الخرخير، وإرسال المولد الاحتياطي المتنقل إلى الخرخير.
وشدد وزارة الصحة على أن حالة التأهب قائمة في الأجهزة المساندة كافة، على أن يكون الوضع متابعاً بشكل لحظي من خلال غرفة الطوارئ والكوارث المركزية في الوزارة.
وفي سلطنة عمان، تراجعت قوة الإعصار ليصبح عاصفة استوائية مع سرعة رياح بلغت 90 كيلومتراً في الساعة.
وقالت الأرصاد الجوية العمانية، إن «التوقعات الأخيرة والصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية وتظهر أن الإعصار الاستوائي تراجع ليصبح عاصفة» استوائية. وتوقعت تساقط أمطار غزيرة وهبوب رياح تصل سرعتها إلى 60 كيلومتراً في الساعة في المحافظتين اللتين ضربهما الإعصار.
وسجلت مدينة صلالة العمانية، يوم الجمعة الماضي أعلى معدل لسقوط الأمطار في العالم، بالتزامن مع تحرك إعصار «مكونو»، حيث تراوحت كمية الأمطار ما بين 200 و600 ملليمتر؛ مما أدى إلى فيضان عدد من الأودية.
وتم إجلاء 10 آلاف شخص، وبخاصة في مدينة صلالة التي يبلغ عدد سكانها 200 ألف نسمة. وأعيد فتح مطار صلالة، في حين ستبقى المدارس في المنطقة المنكوبة مغلقة حتى الإثنين.
وقالت اللجنة الوطنية للدفاع المدني في سلطنة عمان، إنها تلقت حتى الآن بلاغاً عن وفاة شخصين وفقدان ثلاثة آخرين من الجنسية الآسيوية نتيجة الإعصار «مكونو» المداري الذي تعرضت له محافظة ظفار.
وقال المقدم فيصل بن سالم الحجري، مدير المكتب التنفيذي للجنة الوطنية للدفاع المدني بالبلاد، إن عمليات البحث مستمرة لمعرفة مصير المفقودين الثلاثة، مؤكداً أن اللجنة لم تتلقَ أي بلاغات أخرى بخصوص وفيات أو مفقودين حتى الآن. كما أوضح أن كمية المياه نتيجة الأمطار الغزيرة بالكثير من ولايات محافظة ظفار نتج منها فيضان الأودية وامتلاء سدود الحماية في صحلنوت وشاخو.
وذكر أن الجهات المختصة تعمل حالياً على إعادة تأهيل بعض الطرق المتضررة بسبب الأودية الجارفة، مثل طريق حاسك الشويمية، حيث توجد طرق بديلة.
وأضاف، أن هناك بعض الأضرار بطريق ميناء صلالة وجار العمل على إصلاحه خلال ساعتين، بالإضافة إلى بعض الأضرار بطريق مرباط سدح وجسر دربات القديم وطريق ريسوت المغسيل.
وأشارت الهيئة العامة للطيران المدني في عُمان إلى تراجع الإعصار «مكونو» إلى منخفض مداري عميق، مع استمرار هطول الأمطار المتفاوتة الغزارة على محافظتي ظفار والوسطى خلال الـ24 ساعة المقبلة، مصحوبة برياح نشطة أحياناً.
كما يستمر البحر هائج الموج على سواحل ظفار والوسطى، مع ارتفاع الموج لمنسوب يتراوح بين 4 و8 أمتار، في حين يكون ارتفاعه 3 أمتار على سواحل محافظة جنوب الشرقية.
وكانت الهيئة قد أعلنت في وقت سابق أن «مكونو» قد تجاوز صلالة، وأن مساره حالياً هو جهة الشمال الغربي، مشيرة إلى أن توابع الإعصار قد تستمر على مدى 48 ساعة، متمثلة في هطول أمطار غزيرة ورياح شديدة واستمرار ارتفاع موج البحر.
وأعلنت الهيئة العامة للطيران المدني العماني إعادة فتح مطار صلالة أمام الحركة الجوية، بعد تراجع تأثير الحالة المدارية لإعصار «مكونو» الذي ضرب محافظة ظفار جنوبي سلطنة عمان.
وقالت الهيئة، في بيان بثته وكالة الأنباء العمانية أمس، إنه «نظراً لتراجع تأثير الحالة المدارية بما يسمح للحركة الجوية أن تستأنف عملياتها وفق متطلبات السلامة وبالتنسيق مع الشركات المشغلة... فإنه تقرر إعادة فتح مطار صلالة أمام حركة الطيران ابتداء من الساعة الثانية عشر صباح (اليوم) الأحد».
وأشارت إلى أن خطوط الملاحة الجوية الدولية في المجال الجوي العماني التي تأثرت بمرور الإعصار المداري تعاود نشاطها بكل انسيابية.
وأعلنت سلطنة عمان أيام الأحد والاثنين والثلاثاء إجازة رسمية للمؤسسات والشركات كافة في القطاعين الخاص والعام بمحافظة ظفار، جراء الأجواء المناخية القاسية التي تعرضت لها المحافظة.
ونقلت وكالة الأنباء العمانية عن خالد البوسعيدي، وزير ديوان البلاط السلطاني، قوله: إنه بناءً على «التوجيهات السامية» للسلطان قابوس بن سعيد «ونظراً للأجواء المناخية التي تعرضت لها محافظة ظفار، التي من المتوقع أن تستمر تبعاتها خلال الأيام المقبلة، فقد تقرر أن تكون أيام الأحد والاثنين والثلاثاء إجارة رسمية لكافة وحدات الجهاز الإداري بمحافظة ظفار».
يذكر أن الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة السعودية حذرت في وقت سابق أمس المواطنين والمقيمين من البقاء في الأماكن المنخفضة التي قد تتعرض للسيول، والاستعداد للإخلاء عند الطوارئ. ونصحت الهيئة في بيان لها «الجميع بالبقاء بمنازلهم أو في الأماكن المرتفعة تزامناً مع بداية تأثير الإعصار «مكونو» على المملكة».
وشددت الهيئة على «ضرورة الابتعاد عن المناطق المنبسطة تفادياً لأمواج الأعاصير، وإحكام إغلاق النوافذ وسد الثقوب جيداً، عبر الاستعانة بالفلين خلف النوافذ الكبيرة والمسطحات الزجاجية العريضة لتفادي الحوادث والأضرار الناتجة عن تحطم الزجاج».
وتقول الهيئة، إن التنبيه بالإعصار «مكونو» الذي يتوقع خبراء الأرصاد استمراره حتى الثلاثاء المقبل، يقتضي الالتزام بإرشادات السلامة.
وقالت الهيئة، إن تأثير العاصفة المدارية على بعض المناطق السعودية يبدأ «بهطول أمطار غزيرة مصحوبة برياح نشطة مثيرة للأتربة والغبار تؤدي إلى انعدام في مدى الرؤية الأفقية على الأجزاء الشرقية من منطقة نجران (الخرخير) والأجزاء الجنوبية من المنطقة الشرقية (الربع الخالي)».
وأضافت: «في حين يستمر النشاط في الرياح السطحية مثيرة للأتربة والغبار تحد من مدى الرؤية الأفقية على مناطق تبوك، المدينة المنورة، مكة المكرمة، الشرقية، الرياض كذلك على منطقة نجران». وأضافت الهيئة في بيان: «لا تزال الفرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية على مرتفعات نجران، جازان، عسير، الباحة تمتد إلى مرتفعات مكة المكرمة. كما يتوقع أن تكون السحب الرعدية الممطرة المسبوقة برياح نشطة مثيرة للأتربة والغبار على مناطق تبوك، الجوف، الحدود الشمالية ليلاً».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».