متحف للفنون المعاصرة في كردستان العراق

تعزيز أواصر التبادل الثقافي مع العالم الخارجي

مقر المتحف في مدينة السليمانية
مقر المتحف في مدينة السليمانية
TT

متحف للفنون المعاصرة في كردستان العراق

مقر المتحف في مدينة السليمانية
مقر المتحف في مدينة السليمانية

افتتح في مدينة السليمانية، عاصمة الثقافة والفنون الكردية في إقليم كردستان العراق، قبل أيام، متحف فني هو الأول من نوعه للفنون المعاصرة في كردستان.
ويصف القائمون على المتحف، بأنه مشروع ثقافي كبير وواجهة حضارية، ليس لمدينة السليمانية وحسب، بل لإقليم كردستان برمته، كونه يعبر عن المستوى الفني الرفيع للفن الكردي من خلال ما سيضمه المتحف من أعمال وروائع لكبار الفنانين الكرد والأجانب، كما يمثل رمزاً دالاً على مدى الانفتاح في آفاق الفنون الكردية نحو العالم.
مبنى المشروع المنز في قلب متنزه «آزادي» أحد أبرز المواقع السياحية الجذابة في السليمانية، صممه المهندس الكردي «كاروان فتاح» بطراز هندسي لافت، مكون من شكلين هندسيين مختلفين لكنهما مترابطين، في إشارة رمزية تدل على تلاقي عالمين وثقافتين مختلفتين، ويؤدي المبنى الذي تزيد مساحته على ألف متر مربع إلى حوض مائي يحيط به من جميع الاتجاهات تعلوه جسور رفيعة من جميع الجوانب، كرمز للدلالة على تلاقي التوجهات والرؤى الفنية والثقافية من كل الاتجاهات.
ويرى بختيار سعيد أحد القائمين على المشروع، أن الغاية الأساسية من إقامة هذا المتحف المعاصر، هو أن يكون نافذة على العالم بغية تعزيز أواصر التبادل الثقافي والتراثي بين كردستان والعالم الخارجي، فضلاً عن تنمية الطاقات الفنية والثقافية في الإقليم، من إقامة «ورش عمل، وإلقاء محاضرات، وإقامة ندوات، وجلسات نقاش وحوار، وتنظيم دورات» وفعاليات تعليمية خاصة بإشراف أساتذة ومختصين.
ويوضح سعيد أن المتحف الذي يتوسط مجموعة أخرى من المراكز الثقافية والإعلامية مثل المتحف الوطني ومؤسسة «خاك» الإعلامية، ونقابة الفنانين واتحاد النساء، سيستقبل أيضاً الزوار من سكان الإقليم، وبقية أرجاء العراق، كما سيكون محطة للفنانين الكرد والأجانب على حد سواء، مشيراً إلى أن الأعمال والتحف الفنية التي أهداها كثير من كبار فناني العالم لهذا المتحف، ما هي إلا دليل على أهمية التواصل العابر للحدود بين الفنانين من شتى أرجاء المعمورة.
المتحف مكرّس للفن المعاصر ويتيح المجال لكثير من الفنانين لإنجاز أعمالهم. وكذلك يتيح التزود بالأطر التعليمية في مكان هادئ وأجواء مثالية، كما يتيح للزوار التعرف على ما يجري من حولهم في العالم. وسيكون عنواناً للحاجات الثقافية التي تمثل شريحة واسعة من المجتمع في كردستان وعموم العراق.
ويعتبر متحف الفن المعاصر جسراً بين كردستان وأوروبا تحديداً. ومن شأنه تشجيع التبادل الثقافي بين الفنانين في كردستان والعالم، ويهدف إلى جلب الأعمال الفنية من كل العالم إلى كردستان، وكذلك إلى خلق منصة لالتقاء الفنانين الكرد ونظرائهم في العالم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».