«مكونو» يضاعف قوته ويعصف بظفار العمانية

التحالف العربي ينقل مساعدات من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلى جزيرة سقطرى

الأمواج تضرب الشاطئ في مدينة صلالة الجنوبية بينما تستعد البلاد لإعصار مكونو - السيارات تعبر شارعاً غمرته مياه الفيضان في مدينة صلالة (أ.ف.ب)
الأمواج تضرب الشاطئ في مدينة صلالة الجنوبية بينما تستعد البلاد لإعصار مكونو - السيارات تعبر شارعاً غمرته مياه الفيضان في مدينة صلالة (أ.ف.ب)
TT

«مكونو» يضاعف قوته ويعصف بظفار العمانية

الأمواج تضرب الشاطئ في مدينة صلالة الجنوبية بينما تستعد البلاد لإعصار مكونو - السيارات تعبر شارعاً غمرته مياه الفيضان في مدينة صلالة (أ.ف.ب)
الأمواج تضرب الشاطئ في مدينة صلالة الجنوبية بينما تستعد البلاد لإعصار مكونو - السيارات تعبر شارعاً غمرته مياه الفيضان في مدينة صلالة (أ.ف.ب)

أعلنت سلطنة عمان أمس، أن الإعصار «مكونو»، الذي عاث الخراب في جزيرة سقطرى اليمنية، اشتد قوة ليصبح من الدرجة الثانية فيما يقترب من المناطق الجنوبية للسلطنة.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية العمانية إن «آخر الرصدات توضح تطور الحالة المدارية إلى إعصار من الدرجة الثانية» مع رياح شديدة السرعة. وبدأ منذ بعد ظهر أمس تأثر مناطق ظفار بالإعصار المداري، واستمر هطول الأمطار لساعات طويلة وبشكل متواصل.
وأكد المركز الوطني للإنذار المبكر في السلطنة، في وقت سابق، أن عين الإعصار باتت على بعد 180 كلم فقط عن صلالة، كبرى مدن محافظة ظفار.
ومن المتوقع أن تستمر عواصف الإعصار في ضرب المدينة والمحافظة لساعات بسرعة تصل إلى 170 كلم بالساعة. وفي اليمن، قام التحالف العربي بجهود لتقديم الإغاثة إلى جزيرة سقطرى، وكان تركي المالكي المتحدث باسم التحالف العربي لعودة الشرعية في اليمن قد ذكر أن التحالف ينسق مع الحكومة اليمنية. في حين قال السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر إن هناك استعدادات لنقل عشرات الآلاف من أطنان المواد الإغاثية والإيوائية والطبية المقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلى الجزيرة.
وفي سلطنة عمان كثّفت السلطات الاستعدادات على مستوى كافة الهيئات الحكومية، واستنفرت الشرطة والجيش، وأغلقت المدارس حتى يوم الاثنين تحسباً للإعصار.
وذكرت وكالة الأنباء العمانية أن سلطات عمان أخلت مستشفيات في محافظة ظفار ومناطق أخرى على الحدود مع اليمن، كما أعلنت هيئة الطيران المدني العماني، أمس الجمعة، تمديد إغلاق مطار صلالة حتى اليوم السبت بسبب إعصار «مكونو» المداري.
وذكرت الهيئة أنها «تُمدد إغلاق مطار صلالة أمام حركة الطيران اليوم السبت لمدة 24 ساعة أخرى بسبب تأثر محافظة ظفار بإعصار (مكونو)». وأفادت الهيئة بأن «مركز الإعصار (مكونو) يبعد نحو 300 كيلومتر عن سواحل المهرة، مع فرص لأمطار غزيرة ورياح نشطة تصل إلى 80 عقدة وارتفاع لموج البحر عند اقتراب الإعصار بين 9 إلى 13 متراً».
وكانت الهيئة العامة للطيران المدني في سلطنة عمان قد أعلنت عن إغلاق مطار صلالة أمام حركة الطيران أمس الجمعة، بدءاً من الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل، ولمدة 24 ساعة قابلة للتمديد، وفقاً لتطورات الأجواء، وذلك حرصاً على سلامة الملاحة الجوية خلال تأثر محافظة ظفار بالإعصار المداري «مكونو».
كما واصلت اللجنة العسكرية الرئيسية لإدارة الحالات الطارئة بقوات السلطان المسلحة اجتماعاتها بمقر رئاسة أركان قوات السلطان المسلحة بمعسكر المرتفعة، بهدف الوقوف على كافة الإجراءات القائمة للتعامل مع الإعصار المداري «مكونو»، برئاسة العميد الركن حمد بن راشد البلوشي، مساعد رئيس أركان قوات السلطان المسلحة للعمليات والتخطيط ممثل قوات السلطان المسلحة في اللجنة الوطنية للدفاع المدني رئيس اللجنة العسكرية الرئيسية لإدارة الحالات الطارئة، وبحضور أعضاء اللجنة ممثلي أسلحة قوات السلطان المسلحة والحرس السلطاني العماني وقوة السلطان الخاصة والخدمات الهندسية بوزارة الدفاع والهيئة الوطنية للمساحة.
واطلعت اللجنة على كافة الإجراءات التي اتُخذت منذ الإعلان الأول عن الحالة الجوية وتفعيل اللجان الفرعية، واستعرضت آخر مستجدات الإعصار المداري «مكونو» وجهود الإسناد والمساعدة التي تنفذها قوات السلطان المسلحة، كما تم خلال الاجتماع الوقوف على سير خطط كافة التشكيلات والقواعد والوحدات في وزارة الدفاع وقوات السلطان المسلحة في تقديم الدعم والإسناد للمواطنين والمقيمين، وقد تم تفعيل اللجنة العسكرية الفرعية بمحافظة الوسطى للقيام بمهام الإسناد والدعم للقطاعات الأخرى بالمحافظة. وفي اليمن، أكد مسؤولون يمنيون أن 17 شخصاً على الأقل في عداد المفقودين بعد أن اجتاح الإعصار «مكونو» جزيرة سقطرى، الخميس، متسبباً في سيول قوية وأضرار. وأعلنت الحكومة اليمنية جزيرة سقطرى «منطقة منكوبة».
والتقت الهيئة العليا للإغاثة اليمنية مع منظمات إنسانية دولية في عدن ليل الخميس، لمناقشة الوضع في الجزيرة، وتقرر إقامة 11 مركز إغاثة في سقطرى لتقديم المأوى للأشخاص الذين أجبروا على إخلاء منازلهم.
وتمت أيضاً مناقشة التدابير اللازمة لتقديم المساعدة للأشخاص في ثلاث محافظات في جنوب شرقي اليمن، يتوقع أن يضربها الإعصار.
وتقع جزيرة سقطرى بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، ونسبت وكالة «سبأ» اليمنية الرسمية للأنباء إلى راجح بادي، المتحدث باسم الحكومة، قوله «أرخبيل سقطرى محافظة منكوبة بما لحق بها من أضرار بشرية ومادية وعلى كل المستويات، وتحتاج إلى مساعدات عاجلة لإسعاف المواطنين المحاصرين في قراهم أو المواطنين الذين يسكنون أعالي الجبال».
وقال أحد وزراء الحكومة اليمنية إن 19 شخصاً اعتبروا في عداد المفقودين بعد أن قلبت مياه الفيضانات سبعة زوارق وجرفت ثلاث سيارات. وأضاف أن عمليات الإجلاء إلى الملاجئ لا تزال جارية في عاصمة الجزيرة. وقال مسؤول آخر إنه جرى إجلاء أكثر من 200 أسرة من قراها. وقال محافظ حضرموت القريبة إن العاصفة تزداد شدة، وإن الاتصالات انقطعت عن أغلب أرجاء الجزيرة. وضربت العاصفة نفسها منطقة القرن الأفريقي الأربعاء الماضي مما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصاً في إقليم أرض الصومال.
وفي عام 2007 ضرب الإعصار «غونو» سلطنة عمان، متسبباً في وفاة 49 شخصاً على الأقل وأضرار قدرت قيمتها بـ3.9 مليار دولار (3.3 مليار يورو).



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».