«بلح السيسي» الأغلى.. و«بلح مرسي» بربع الثمن

«ياميش رمضان» في مصر بنكهة سياسية

إقبال المصريين على شراء الياميش
إقبال المصريين على شراء الياميش
TT

«بلح السيسي» الأغلى.. و«بلح مرسي» بربع الثمن

إقبال المصريين على شراء الياميش
إقبال المصريين على شراء الياميش

لسنوات طويلة ارتبط شهر رمضان عند جموع المصريين بالياميش والمكسرات والحلوى التي تباع في الأسواق وعلى أرصفة الشوارع. وتميز «ياميش رمضان» في مصر هذه السنة بنكهة السياسة، وأخذت أسماء المكسرات والتمور أسماء لشخصيات شهيرة أثرت في حياة المواطنين خلال الفترة الأخيرة، وعلى رأس هؤلاء الرئيس الجديد للبلاد المشير عبد الفتاح السيسي، والرئيس الأسبق محمد مرسي الذي أطاح الشعب بحكمه الصيف الماضي.
وفي جولة داخل أسواق تبيع ياميش رمضان ترى لافتات تعلن عن بيعها مكسرات بأسماء السيسي مثل «بلح السيسي» وهو الأغلى سعرا مقارنة بـ«بلح مرسي» الذي يباع بربع الثمن. وفي ضاحية مدينة نصر (شرق القاهرة) كان المشهد يوحي بإقبال كثيف من جموع المشترين الذين حرصوا على شراء المنتجات «الرمضانية» بكافة أنواعها، بينما عرضت البضاعة على بعض الطاولات فيما يشبه أكياسا كبيرة تضم بعض البلح والمكسرات وقمر الدين والخروب وغيرها من المنتجات التي يزيد شراؤها والإقبال عليها في الموسم الرمضاني من كل عام.
يقول حسن عبد الكريم أحد تجار السوق والذي تخصص في بيع الياميش والمكسرات: «لا شك أننا كتجار ننتظر حلول الشهر الكريم من العام للعام نظرا للإقبال المتزايد على شراء المنتجات الرمضانية بنسبة تفوق الأيام العادية بكثير، فإذا كنا نتحدث عن نسبة إقبال تصل إلى 40 و50 في المائة في الأيام العادية فإنها تصل إلى 80 و90 في المائة في موسم شهر رمضان نظرا لارتباط تلك السلع بالطقوس الرمضانية المتوارثة منذ عقود والتي أصبحت عادة عند جموع المصريين».
و يضيف عبد الكريم: «هناك إقبال متزايد على البلح هذا العام والذي جاءنا من وزارة الزراعة يحمل اسم الرئيس السيسي، كذلك هناك إقبال على التمور بأنواعها والمكسرات وقمر الدين والتي تتراوح أسعارها بين أربعة جنيهات للكيلو من النوع المحلي وتصل إلى 20 جنيها للنوع السوبر الذي يكون أكثر جودة بالتأكيد»
ولوحظ الإقبال الكثيف على شراء المنتجات الرمضانية والياميش مقارنة بالسلع الأخرى حتى بات مشهد الزحام والتدافع لشراء المنتجات الرمضانية سمة السوق بامتياز وإن كان الإقبال المتزايد يأتي لحساب السلع الأساسية على حساب بعض السلع الرمضانية التي شهد العديد منها ارتفاعا ملحوظا في الأسعار كما يقول مصطفى سعيد تاجر الياميش بالسوق: «إذا كنا نتحدث عن وضعنا كتجار فأستطيع القول إن الإقبال ليس على كل السلع وذلك يرجع للحالة الاقتصادية المتردية التي يعاني منها أغلبية الشعب المصري الآن، فهناك إقبال أكثر على السلع الأساسية من مكرونة وأرز وعدس وغيرها بينما ينخفض الإقبال على الحلوى والمكسرات بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي وما قبله نظرا لارتفاع أسعار بعضها على بعض الفئات».
ويضيف أن سعر البندق ارتفع بنسبة تتراوح بين 10 وحتى 15 في المائة، ليصل سعره هذا العام إلى 90 جنيها للكيلوغرام «جملة» مقابل 65 جنيها العام الماضي، وارتفع سعر «شيكارة جوز الهند» إلى 1200 جنيه هذا العام مقابل 950 جنيها العام الماضي، والمشمشية (قمر الدين) التي كانت تتراوح بين 40 و45 جنيها للكيلو وصلت إلى 60 جنيها و«جملة» قمر الدين إلى 21 جنيها مقابل 13 جنيها العام الماضي، مشيرا إلى أن مبيعات رمضان هذا العام، ستكون بشراء الزبيب الإيراني المستقر سعره عند 30 جنيها وجوز الهند والبلح لأن أسعارها في متناول الجميع. ويضيف مصطفى: «نحن كتجار أصبح وضعنا سيئا إلى حد كبير فإذا كنت أبتاع شيكارة جوز الهند بـ 1190 جنيها فإن مجمل مكسبي بها يصل إلى 10 جنيهات فقط وهو مكسب ضئيل جدا مقارنة بالأعوام السابقة»
ووسط ارتفاع موجة الجدال حول أسعار المنتجات المطروحة بدا أن المشهد السياسي المصري قد ألقى بظلاله على السوق الرمضانية إلى حد بعيد؛ حيث تسابق التجار على المناداة بأسماء بضاعتهم «الجديدة» والتي احتل معظمها البلح الذي يعتبر السلعة الرمضانية الأولى، فجاء اسم الرئيس السيسي على أفضل أنواع البلح وأغلاها، وذلك وفق رأي التجار لجذب المواطنين للشراء وبالتالي زيادة المبيعات، وجاء أيضا أردأ الأنواع باسم «مرسي» والذي جاء سعر الكيلو منه بربع ثمن «السيسي»، حيث يباع الكيلوغرام بخمسة جنيهات مقابل 20 جنيها من الكيلو الآخر.
ويبرر محمود نصر أحد المشترين هذا الفارق الكبير في السعر قائلا: «التجار يعرفون أن السيسي غال على كل المصريين وأننا سنتهافت لشراء البلح الذي يحمل اسمه ولو كان بـ100 جنيه للكيلو ويبدو أنهم نجحوا في ذلك بجدارة والمشهد خير دليل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».