أزمة اللاجئين السوريين أولوية أمام الحكومة المقبلة

«المستقبل» يرفض تخطي الأمم المتحدة

TT

أزمة اللاجئين السوريين أولوية أمام الحكومة المقبلة

تمحورت النقاشات بين الفرقاء السياسيين التي سبقت الاستشارات النيابية الملزمة، حول أولويات الحكومة المقبلة، التي تتصدرها أزمة اللاجئين السوريين وطرق حلها، حيث سجل «تيار المستقبل» رفضه أي حل يتم فيه تخطي الأمم المتحدة.
ويدفع «حزب الله» كما رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» بشكل واضح باتجاه وضع هذا الملف على سلم أولويات الحكومة الجديدة لحلّه بأسرع وقت ممكن في ظل تشكيكهم الصريح في نيات الأمم المتحدة، فيما يرفض «تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» التنسيق مع النظام السوري، وينبه إلى أن تجاوز المجتمع الدولي يتعارض مع المصلحة اللبنانية العليا.
وكان الرئيس عون أعلن صراحة عقب الخلاف الذي نشأ بين لبنان الرسمي والمجتمع الدولي بعيد مؤتمر بروكسل الأخير على خلفية بيان صدر عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تحدث عن «عودة طوعية ومؤقتة وعن إرادة البقاء والانخراط في سوق العمل»، أن الحكومة اللبنانية ستحاول أن تجد حلا لمشكلة اللاجئين السوريين بمعزل عن رأي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي «لأنها مسألة وجودية وتتعلق بأمن لبنان واستقراره وسيادته»، وقد أبلغ هذه الرسالة لرئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات ووفد من البرلمان الأوروبي.
وشدد النائب في تكتل «لبنان القوي» ماريو عون على أن «أحدا لا يعرف مصلحة لبنان كما نعرفها نحن، خصوصا أن لا ثقة أصلا لدينا بالمراجع الدولية ونياتها في ملف النازحين السوريين»، لافتا إلى أن «البيان الذي احتججنا عليه رسميا يشكل دعوة لإبقائهم وتوطينهم في بلدنا، وهو ما نرفضه رفضا قاطعا وسنعمل على التصدي له من خلال محاولة تأمين حد أدنى من التفاهم الداخلي والوحدة الوطنية حول هذا الموضوع». وقال عون لـ«الشرق الأوسط»: «نحن اليوم لا نتحدث عن تكليف مشروط للرئيس الحريري لأنه أصلا ليس ضد إعادة النازحين، لكن لا شك هناك أولويات لا يمكن تجاوزها وإلا فلن يكون هناك تأليف للحكومة، وأبرزها إلى جانب وضع خطة لإعادة النازحين، مكافحة الفساد والنهوض بالاقتصاد اللبناني». وأشار عون إلى «وجوب معالجة ملف اللاجئين بالتنسيق مع الحكومة السورية الشرعية، وإن كان لدى بعض الفرقاء اللبنانيين اعتراض على ذلك، فسنحاول حل هذه الإشكالية على الطريقة اللبنانية، لكننا سنخرج بالنهاية بحل يرضي الجميع».
في المقابل، تشدد مصادر قيادية في «تيار المستقبل» على وجود قناعة لديها بأن «النظام في سوريا لا يريد إعادة اللاجئين، وبالتالي التنسيق معه في هذا الملف لن يكون مفيدا»، لافتة إلى «اتخاذ الحكومة السورية إجراءات وتدابير، كمصادرة أملاك الناس غير الموجودين في سوريا بحجة إعادة الإعمار ورسم خرائط جديدة، تؤكد أنه ينوي إبقاء ملايين اللاجئين خارج بلادهم». وتشير المصادر إلى أن «أي حل قد تخرج به الحكومة اللبنانية الجديدة لهذه الأزمة يتوجب ألا يكون قسريا وأن يتم بالتنسيق مع الأمم المتحدة، لأن خلاف ذلك يعني القفز فوق القرارات الدولية التي ترعى حقوق الإنسان وفوق مصلحة لبنان العليا»، وتضيف المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أما إذا أرادوا فرض شروط على الرئيس الحريري في هذا المجال لتكليفه مجددا بتشكيل الحكومة، فالأرجح أنها لن تشكل».
ويرد في سجلات مفوضية الأمم المتحدة في لبنان أن 995 ألفاً و512 لاجئاً يوجدون حاليا على الأراضي اللبنانية موزعين على المناطق كافة، في وقت كان هذا العدد قد بلغ في السنوات الماضية المليون والنصف. وبحسب صندوق النقد الدولي، يتحمل لبنان أعباء اللاجئين التي تقدر بنحو 7 مليارات دولار بينما تعاني الدولة اللبنانية أصلا من عجز اقتصادي، حيث إن نسبة النمو كانت قبل اندلاع الأزمة السورية 8 في المائة وأصبحت اليوم 1.1 في المائة.
ولا يقتصر الخلاف حول ملف إعادة اللاجئين بين «المستقبل» و«الوطني الحر»؛ إذ دخل حزب «القوات اللبنانية» مباشرة على الخط، بإعلان رئيسه سمير جعجع مؤخراً رفض أي خطوة لإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان ولو مرحلياً، مشددا على أن أول مهمة أمام الحكومة الجديدة هي وضع خطة واضحة لعودة اللاجئين السوريين إلى كل المناطق السورية التي أصبحت خارج إطار الصراع المسلح، داعيا للأخذ بعين الاعتبار التزامات لبنان؛ خصوصاً على مستوى شرعة حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية الأخرى.
ويشير رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور إلى أن موقف «القوات» من هذا الملف قديم وثابت، داعيا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «حل مزدوج يقوم بشقه الأول على إعادة النازحين المؤيدين للنظام بشكل فوري باعتبار أن لا وجوب لاستمرار وجودهم على الأراضي اللبنانية، وبشقه الثاني على التنسيق مع الأمم المتحدة لإعادة باقي النازحين إلى مناطق آمنة في الداخل السوري على أن يتم ذلك عبر الأردن وتركيا». ويضيف: «أما تحميل المسؤوليات لوزارة الشؤون، ففي غير مكانه على الإطلاق، باعتبار أننا وضعنا خطة للوزارة والمطلوب اليوم خطة حكومية متكاملة. وإن كان من وزارة تتحمل المسؤولية في هذا الملف، فهي وزارة الخارجية المدعوة للقيام بمهمتها وإقناع المجتمع الدولي بإعادة هؤلاء النازحين».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.