حفل شاي على الطريقة الروسية في لندن يعلن عن فعاليات عام كامل من التبادل الثقافي بين البلدين

ينطلق في روسيا ويختتم بمعرض عن برنامجها الفضائي في العاصمة البريطانية

احتفال «ماسلينيتسا» التقليدي الذي يقام في ساحة ترافلغار بمناسبة قدوم الربيع
احتفال «ماسلينيتسا» التقليدي الذي يقام في ساحة ترافلغار بمناسبة قدوم الربيع
TT

حفل شاي على الطريقة الروسية في لندن يعلن عن فعاليات عام كامل من التبادل الثقافي بين البلدين

احتفال «ماسلينيتسا» التقليدي الذي يقام في ساحة ترافلغار بمناسبة قدوم الربيع
احتفال «ماسلينيتسا» التقليدي الذي يقام في ساحة ترافلغار بمناسبة قدوم الربيع

عام كامل من الثقافة الروسية يحل على بريطانيا العام المقبل، يضم المعارض الفنية والمسرح وبالتأكيد الباليه الروسي الأشهر. عام الثقافة الروسية البريطانية لن يبدأ نشاطه رسميا حتى أبريل (نيسان) 2014 ولكن جرى تقديمه للصحافة في لندن عبر طقس طريف وهو «حفل شاي على الطريقة الروسية» أقيم في مقر مؤسسة «آسيا هاوس» بوسط لندن إلى جانب معرض للفنانة آنيا ساند. لأول وهلة تبدو الأطعمة وقطع الحلوى صغيرة الحجم وفطائر البانكيك المصغرة بالكافيار وكأنها وجبة أعدت لعائلة من دمى «ماتريوشكا» الخشبية الروسية الشهيرة، طرافتها وشكلها الجديد جذب الحاضرين لمحاولة تجربة كل أشكالها. حول أكواب الشاي وضعت بعض قطع الحلوى الملفوفة بورق مقوى يحمل رسومات من الريف الروسي المميز بلبس الفلاحات الملون، يشير أحد القائمين على الحدث إليها قائلا «هذه حلوى روسية شهيرة، تجدها في جميع المحلات هناك».
وبعد المقدمة التي كسرت الحواجز بين الحضور وجعلتهم يتبادلون الحديث ويقارنون بين الحلوى الروسية وغيرها تم دعوة الجميع لحضور جلسة نقاش حول موضوع «الدبلوماسية الثقافية» وهو خير تعريف للبرنامج الثقافي الحافل الذي يقام لرأب الصدع القائم في العلاقات بين روسيا وبريطانيا. بداية، لم يخف ضيوف حلقة النقاش التوتر في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ولكنهم غلبوا الأمل في أن تسهم الثقافة في تسكين الوضع وتمهيد الطريق لعلاقات جيدة. ثيودورا كلارك المؤرخة الفنية وناشرة دليل «الفن الروسي» الأسبوعي التي قضت الأشهر الماضية في التنقل بين لندن وموسكو لوضع اللمسات الأخيرة على جدول الفعاليات للعام المقبل، أشارت في حديثها إلى أن التوتر في العلاقات الدبلوماسية ألقى بظلاله على المشاريع الثقافية وتمثل ذلك في إغلاق مقر المجلس الثقافي البريطاني في موسكو عام 2007، وأضافت «هناك اختلافات بين البلدين وستظل تلك الخلافات ولكن محاولة الالتقاء عبر الثقافة تمنح تلك العلاقات قوة». لا يمكن إغفال النبرة الحماسية والطاقة التي تشعها كلارك، تنتقل حماستها إلى الموجودين في القاعة لتشعل اهتمامهم بقائمة من الفعاليات الفنية التي ستقدم في بعض الأحيان معروضات لم تخرج من قبل من روسيا إلى الجمهور البريطاني.
يتطرق المتحدثون في الندوة إلى تعريف مفهوم «القوة الناعمة» و«الدبلوماسية الثقافية»، يعلق مدير الحوار الناقد الفني المعروف أندرو غراهام ديكسون: «المعروضات الثقافية يمكن أن تتحول إلى أداة مليئة بالمعاني حينما تستخدم في الدبلوماسية»، الأمر ليس فقط حول الثقافة المجردة ولكن حول استخدامها بطريقة دبلوماسية لكسر الحواجز وترطيب العلاقات بين الدول مما قد يثير الشك في مدى براءة العروض الثقافية المنتظرة، ولكن حسب ما يشير ديكسون فللثقافة استخدامات عدة. من جانبه يعلق جون هولدن مؤلف تقرير «التأثير والجاذبية: الثقافة والسباق نحو السلطة في القرن 21»، «بنفس المنظار يمكننا رؤية معرض (محاربو التيراكوتا) الذي أقيم في المتحف البريطاني في عام 2007 وتم فيه نقل التماثيل الأثرية من موطنها في الصين إلى لندن لعرضها»، في نفس السياق يضع هولدن تأثير هوليوود وبوليوود، إنها الدبلوماسية الثقافية التي ترسل المعاني عبر الثقافة والفن وأيضا الرياضة «يجب أن نذكر أن أنجح حدث يمثل الدبلوماسية الثقافية هو دورة الألعاب الأولمبية التي احتضنتها لندن العام الماضي وحققت نجاحا هائلا.. القوة الناعمة تساوي اجتذاب الآخرين لا إكراههم».
بطريقة أخرى يؤكد ويليام ماكدوغال مدير صالة مزادات ماكدوغال للفن الروسي في لندن، ما يقوله هولدن ويشير إلى أن «روسيا كانت دائما محل انتقاد كقوة سياسية ولكنها لاقت الترحيب لـ(قوتها الناعمة) أو فنونها وآدابها، وأعتقد أن على روسيا استخدام هذه الوسائل بشكل أكبر».
تعلق كادري ليك، مختصة السياسات في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، بأن الثقافة «يمكنها أن تشعل أو تنهي الحروب»، فهي تلعب دورا مهما في تأجيج المشاعر بالإيجاب أو السلب.
وخلال حديثه لمحطة «بي بي سي» بمناسبة الإعلان عن فعاليات العام المقبل قال ميخائيل شيفيدكوي مبعوث الرئيس بوتين للتعاون الثقافي الدولي «الثقافة البريطانية مهمة ومحبوبة جدا في روسيا»، وأضاف «لدينا تاريخ طويل جدا حوى الكثير من الاختلافات وسوء الفهم سواء كان على مستوى الدولتين أو على مستوى المؤسسات، ولهذا يجب أن تخلق الثقافة قناة تواصل وتفاهم متبادل بيننا».
ثيودورا كلارك تلتقط الخيط هنا وتشير إلى أن العلاقات البريطانية الروسية الثقافية لم تتلق الاهتمام الكافي منذ إغلاق مكتب المجلس الثقافي البريطاني في موسكو عام 2007، وحتى عندما استقبلت الأكاديمية البريطانية معرضا ضخما بعنوان «من روسيا: لوحات رائدة لفنانين روس وفرنسيين 1870 - 1925»، وعلى الرغم من أن المعرض لقي حجما كبيرا من الترقب فإنه كاد أن يتوقف بسبب توتر العلاقات السياسية وقتها».
الدبلوماسية الثقافية بين بريطانيا وروسيا ستتجلى بكامل صورها خلال العام المقبل أو هكذا يتوقع المشاركون في إعداد قائمة ضخمة من الفعاليات عبر عام كامل. تضم تلك الفعاليات كل الفنون التي يعرفها الغرب عن روسيا ويحبها، مثل الباليه الروسي والموسيقى الكلاسيكية والفنون التشكيلية.
تنطلق الفعاليات بحفل كبير في روسيا وتختتم بعرض مرتقب في متحف العلوم بلندن يضم معروضات لم تغادر روسيا قط حول برنامج الفضاء الروسي.
ومن الفعاليات التي ستحتضنها لندن أيضا معرض في متحف فيكتوريا أند ألبرت حول الأزياء المسرحية الروسية وآخر في معرض «تيت مودرن» لأعمال الفنان كازيمير ماليفيتش.
أما على الجانب الروسي فسيقوم المجلس الثقافي البريطاني بتنظيم فعاليات بريطانية في مدن روسيا وفي مقدمتها عروض لكاتب بريطانيا الأشهر شكسبير ومعرض ضخم حول الجيل الحديث من الفنانين البريطانيين. كما سيقام معرض حول «007 جيمس بوند» العميل البريطاني السري الذي حارب الكثير من الأشرار «الروس» خلال الحرب الباردة، الطريف هنا هو ما قاله ميخائيل شيفيدكوي لـ«بي بي سي» حول بوند «جيمس بوند شخص خارق بالنسبة لنا حتى عندما يحارب المخابرات الروسية. بالنسبة لنا فهذا الرجل وتصرفاته تعكس طريقة تفكير روسية (ذكورية)».
- - - - - - - -
بعض الفعاليات في عام الثقافة الروسية - البريطانية
في روسيا:
- ينظم المخرج البريطاني بيتر غرينواي معرض «العصر الذهبي للفن الطليعي الروسي» في متحف مانيغ بموسكو.
- عرض لأكرم خان بعنوان «داخل رأس إيغور» في مسرح سادلز ويلز بمناسبة الذكرى 100 على عرض باليه «شعائر الربيع» لسترافينسكي.
- معرض «50 عاما من بوند: تصميم 007».
- عروض مسرحية من فرق «يونغ فيك» و«رويال شكسبير» تشارك في مهرجان تشيكوف المسرحي.
- عروض لأعمال للمخرج السينمائي ألفريد هتشكوك.
في بريطانيا:
- حفلات للأوركسترا الفلهارمونية الروسية وأخرى لأوركسترا تشايكوفسكي.
- حفل موسيقى في قصر كينسنغتون.
- تيت مودرن سيحتضن معرضا لأعمال كازيمير ماليفيتش.
- معرض في متحف فيكتوريا أند ألبرت معرض حول الأزياء المسرحية الروسية.
- معرض حول برنامج الفضاء الروسي في متحف العلوم في لندن.
- احتفال «ماسلينيتسا» التقليدي الذي يقام في ساحة ترافلغار بمناسبة قدوم الربيع.
- مهرجان «تشيكوف» الدولي للمسرح يقام ضمن فعاليات مهرجان إدنبره في اسكوتلندا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».