معظم ما نعيشه في الكبر، هو حصاد طفولتنا، في تلك المرحلة من زمن الإنسان، تتشكل معظم سلوكياتنا التي تأتي لاحقاً إما صحيحة وإما مبنية على خطأ. العنف مثلاً، أو التسامح، أو العطاء، أو الأنانية.. وصفات أخرى تظهر في سنوات الشباب وما بعدها نتاج ما عرفناه في طفولتنا. أحد أهم عوامل التنشئة، هو أدب الأطفال.. بدءاً من القصص التي كانت ترويها الجدات، وانقرضت اليوم، وصولاً إلى مجلات الأطفال التي تكاد تنقرض، مروراً بأفلام الكرتون التي أصبحت بمعظمها تتحدث عن الحرب أو غزو من الفضاء.
يرى الكاتب السعودي إبراهيم شيخ مغفوري أن الدور المتخصصة قليلة ولا تفي بالغرض بالنسبة للطفل العربي، كما يعتقد أن الإقبال عليها ضعيف بسبب القنوات الفضائية وما تبثه من مغريات للطفل وعدم التشجيع من قبل أهل الاختصاص. ويلفت مغفوري إلى نقطة مهمة وهي أنه: يجب على كاتب قصص الأطفال أن يراعي سن الطفل وإدراكه، فيكتب ما يناسبه ويتجنب الغموض والأشياء التي توثر سلبا في تموين الطفل وعقيدته. وينتقد مغفوري القنوات الفضائية ويقول: على المجتمع أم يتدارك الأمر.
أما الرسامون المتخصصون بالطفل، فباعتقاده أنهم قلة، ويقول: أدب الطفل يحتاج إلى من يطبع للطفل ما يناسبه من حيث الخط والرسومات ويشجع الطفل بالجوائز والحوافز من دون أن ينتظر مردوداً مالياً لأنه يؤسس، وما عليه إلا الصبر والتضحية وأعتقد أن من يتصدر لهذا الأمر يجب أن يكون مدعوماً من المؤسسات الحكومية، ويتابع: أعتقد أن الإمارات خطت خطوات ثابتة وجميلة في هذا المجال وفعلهم هذا أنموذجا يحتذى به.
- تجربة الكويت
الكاتبة الكويتية أمل الرندي، لديها عدد جيد من إصدارات قصصية خاصة بالطفولة، وحاصلة على جوائز بهذا الشأن، تقول: رحلة أدب الطفل باتت طويلة ومتطورة، منذ ظهوره في القرن السابع عشر، على يد رواده تشارلز بيرو، لافونتين، وغيرهما الكثير، الذين سعوا بكل طاقتهم ليكون للطفل أدب خاص به بكل فنونه، وحتى يومنا هذا بكل ما فيه من تطور.
وتحدثت الرندي، عن تجربة النشر في مجال أدب الطفل في دولة الكويت، حيث برزت مبادرات لم يكتف أصحابها بالكتابة فأخذوا على عاتقهم مسؤولية النشر أيضا، مثل الكاتبة لطيفة البطي التي أسست أول دار نشر كويتية (سيدان)، ودار (كشمش) لمحمد جراخ، و(دار غنيمة) لهبة مندني، و(دار شمس الكويت) للرندي، وغيرها من تجارب الكتاب الذين اهتموا بكتاب أدب الطفل مع الحرص على اكتمال شكله وجمالياته.
وكانتْ الكويتُ منْ أوائلِ الدولِ في الخليج في مجال صحافة الطفل، وقد صدرت فيها عن مؤسسات حكومية مثل مجلة «براعم الإيمان»، ومجلة «العربي الصغير»، كما أن المؤسسات في الكويت استطاعت هي الأخرى أن تصدر عدداً من مجلات الأطفال، مثل مجلة «سعد»، مجلة «أزهار» ومجلة «أولاد وبنات» وقد كانت للكاتبة الكويتية أمل الرندي مشاركات فيها، وكانت هناك أيضا بصمة للأفراد في هذا المجال رغم التكلفة العالية، مثل مجلة «سدرة» للدكتورة كافية رمضان، مجلة «ماما ياسمين»، لشيخة الزامل وغيرهما، وبلغ عدد مجلات الأطفال في الكويت حوالي 24 مجلة. وتعتقد الرندي أن «ما هو بديهي أن تتوقف صحف وتظهر أخرى، ليستقر الحال على ما لا يزيد على عشر مجلات للأطفال. ولا شك في أن المجلات لعبت دوراً مهماً في رفع مستوى الأطفال وانفتاحهم على تنوع ثقافي مهم، وكذلك فعّل موضوع الكتابة للأطفال ومساهمة كتّاب كثر للكبار في الكتابة للأطفال وتنشيط الإبداع في هذا المجال».
- أدب يفرض نفسه
كاتبة الطفل الكويتية هبة مندني، لها تجارب مطبوعة وتواصل أدبي مع عالم الطفل، وتقول إن: التخصص في الكتابة للأطفال موجود في العالم العربي بل إن عددا من الأدباء الكبار والروائيين اتجهوا لهذا النوع من الكتابة بعد أن أصدروا العديد من المجموعات القصصية والروايات، وهذا دليل واضح على أدراك المثقف العربي للحاجة الماسة لتكوين وإحياء إرث عربي ثقافي يهتم بأدب الطفولة، ولكن هناك مميزات ومواصفات يجب أن تتوفر في كل من أراد أن يكتب أو يتخصص في الكتابة للأطفال: أولها الصبر، فالكتابة للطفل لا تحقق الشهرة المرجوة التي يحققها الروائي أو الشاعر، فبإمكان الطفل حفظ عنوان الحكاية أو القصة دون أدنى اهتمام منه لحفظ اسم كاتبها ومؤلفها، أما بالنسبة لاستخدام اللغة فعلى كاتب الأطفال الحرص على الكتابة بلغة رشيقة وبسيطة تتناسب مع قاموس الطفل اللغوي دون الإغفال عن أهمية ضبط الحروف وتشكيلها، كما ينبغي لكاتب الأطفال الحرص على أن تتناغم كتابته مع الخيال والابتكار فهما سلاحا كاتب الأطفال المتميز في هذا الزمن تحديدا، الذي أصبح التقدم التكنولوجي سمته البارزة.
وتتابع مندني: «لا ننسى أن القصة المنشورة لا تستقي جودتها إلا بتضافر جهود الكاتب ورسام قصص الأطفال وخاصة الأخير الذي يعتبر بطل العمل في المقام الأول، فللرسم والألوان قدرة سحرية على جذب انتباه الطفل وترسيخ مفهوم الحكاية في مخيلته، ويحرص كتاب الأطفال بشكل عام في الوجد على صفحات مجلات الأطفال العربية والتي تصدر بشكل شهري أو موسمي لتسهم بشكل ما في ثقافة الطفل وإكسابه المعرفة العلمية أو زيادة محصوله من الثروة اللغوية، إلا أنني أظن أن هذه المجلات بحاجة إلى جهد مضاعف لإيصالها لأيدي الأطفال مباشرة ولن يتم ذلك إلا بالتعاون مع المدارس أو الجهات الحكومية الداعمة والمهتمة بالشأن الأدبي الخاص بالطفل وذلك لحث هذه الفئة العمرية على مطالعة تلك المجلات وقراءتها».
كتاب كويتيون: الدور المتخصصة بأدب الطفل قليلة وكذلك الرسامون
الكبار... هل يحسنون صناعة الصغار؟ (2 من 2)
كتاب كويتيون: الدور المتخصصة بأدب الطفل قليلة وكذلك الرسامون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة