«العودة»... فلسطين مصغرة في القاهرة

أطباقه حملت حنين العودة إلى الأرض المحتلة على مدى 34 عاماً

في أطباق {العودة}
في أطباق {العودة}
TT

«العودة»... فلسطين مصغرة في القاهرة

في أطباق {العودة}
في أطباق {العودة}

في أجواء لا تخلو من عبق التاريخ، وعراقة التراث، يستقبل مطعم «العودة» الفلسطيني رواده من كل الجنسيات، في ضاحية مدينة نصر (شرق القاهرة)، ليقدم لهم أشهى الأطباق التي تطهى على نار الحطب، ما بين «المسخن» و«أرز القدرة»، و«المقلوبة»، فضلاً عن المقبلات المميزة بالبهارات وزيت الزيتون.
في مصر، يوجد كثير من المطاعم الفلسطينية التي تقدم أشهر الأكلات التراثية الفلسطينية بنفس الطعم والنكهة، لكن ما يميز «العودة» تراكم خبراته، التي صنعها تاريخ يعود لعام 1982، مما جعله قِبلة معتادة للمصريين قبل الفلسطينيين أو السوريين، لتتناول طعامك هناك وكأنك تجلس في مطعم بقطاع غزة أو رام الله، يعزز هذا الإحساس مُجسم لـ«قبة الصخرة» تتزين به واجهته.
يروي وائل عرفات صاحب المطعم، أن «جده افتتح هذا المحل منذ قرابة 34 عاماً، وأطلق عليه اسم (العودة)، على أمل العودة إلى الوطن فلسطين في يوم ما»، متابعاً: «كان جدي يعمل في البداية بمفرده، وأخبرنا أنه كان يطحن الفول والحمص بيده، حيث لم تكن تتوفر الآلات اللازمة لذلك آنذاك، وعلى مدار السنوات اكتسب المطعم شهرة كبيرة في القاهرة».
ومضى عرفات يقول: «نتميز بتقديم أشهر الأطباق والمقبلات الفلسطينية، مما جعل المطعم قِبلة لكل من يريد أن يتذوق الأكل الفلسطيني الأصلي، خصوصا أن الطعام يقوم على طهيه فلسطينيون، ومصريون تعلموا أسراره... ومنهم شيف مصري كان يعمل مع جدي منذ 30 عاماً تقريباً، وأصبح خبيراً في كل الأكلات الفلسطينية».
ومن واقع خبرته، يتحدث عرفات عن مميزات المطبخ الفلسطيني، وأشهر أكلاته، فيقول: «نتميز باستخدام الحطب لطهي الأكلات، حيث يُطبخ الدجاج أو اللحم، مما يكسبه طعماً مميزاً، بجانب كونه صحياً».
وعن أشهر الأكلات التي يقدمها «العودة» يقول عرفات: «نقدم لروادنا أرز القدرة، الذي يُعد من أشهر الأكلات على المائدة الفلسطينية، وتعود أصول هذا الطبق إلى مدينة الخليل، ويتكون من الأرز واللحم أو الدجاج، بالإضافة إلى التوابل والبهارات، وسمي هذا الطبق بهذا الاسم، لأنه يتم تحضيره في قدور من الفخار، ويطهى في أفران على نار الحطب، ويتميز بطعمه اللذيذ وقيمته الغذائية العالية، ويُقدم في مناسبات كالأفراح والأعياد».
ويعد «المسخن» أكلة أخرى يشتهر بها المطبخ الفلسطيني، ويحرص مطعم العودة على تقديمه لزبائنه، ويعتبر أكلة تراثية قديمة، وتتميز بأن مكوناتها مستمدة من البيئة الطبيعية، وتحتوي على خبز الطابون، والبصل وزيت الزيتون، والسماق الفلسطيني البلدي، مع الدجاج والصنوبر، ويُقدم المسخن بطريقة تشبه الشطائر أو الساندويتشات.
ولا يمكن أن نذكر أشهر الأكلات الشعبية المشهورة في فلسطين دون ذكر «المقلوبة»، والتي تنتشر أيضا في الأردن ولبنان، وتتكون بشكل أساسي من الأرز والدجاج والحمص، ويضاف إليها الباذنجان أو القرنبيط، وهي من الأكلات التي يقدمها «العودة» حسب الطلب.
«المنسف» أكلة أخرى لا تقل أهمية عما سبق، وهي من الأطباق المميزة لدى مطعم «العودة»، ويعتقد الكثيرون أن المنسف أكلة أردنية فقط، إلا أنها تعتبر فلسطينية أيضاً، إذ تعد جزءاً من الموروث الشعبي الفلسطيني والأردني، وتقدم في المناسبات للترحيب بالضيوف، وفي الأعياد، وتتكون من لحم الخروف، ولبن الجميد الذي يُصنع من الحليب بعد تحويله إلى لبن رائب، بالإضافة إلى اللوز المحمص، وصنوبر وبهارات متنوعة، ولتناول طعام المنسف تقاليد خاصة، حيث يتم تناوله بالأيدي دون استعمال الملاعق.
ومن الأطباق التي لا يمكن الاستغناء عنها على المائدة الفلسطينية، «السماقية» وتحتل مكانة في قائمة الأطعمة لدى «العودة» وهي أكلة تشتهر بها معظم المدن الفلسطينية، وخصوصاً قطاع غزة، ويحضّر هذا الطبق في المناسبات السعيدة، والأعياد، خاصة عيد الفطر، وسميت بذلك بسبب استخدام السماق في مكوناتها، ويعتبر العنصر الغالب عليها، وبالإضافة للسماق، اللحم، والسلق، والحمص، والبصل والطحينة.
ولا تعتمد جميع الأطباق الرئيسية على اللحوم فقط، فهناك بعض الأطباق التي لا يدخل اللحم في مكوناتها، ومنها «المجدرة»، التي تتكون من العدس، البرغل، زيت الزيتون، ويشكل البصل المقلي مكوناً رئيسياً في هذه الأكلة.
وبعيداً عن الأكلات الرئيسية، يبقى الفول والفلافل الفلسطينية أكلات لا يمكن الاستغناء عنها على المائدة الفلسطينية، في وجبتي الإفطار والعَشاء لا بد أن تجد وصفات شهية ومختلفة لإعداد طبق الفول، والفلافل التي تختلف عن نظيرتها المصرية أو السورية... وفي هذا الإطار يقول عرفات: «يتخصص مطعمنا بشكل أساسي في وجبات الفول والفلافل التي نقدمها باستخدام توابل وبهارت خاصة تجعل لها طعما مميزا لا يتشابه مع أي مكان آخر، منها على سبيل المثال فول بالحمص، وهو عبارة عن فول مطحون بالحمص وزيت الزيتون، وهناك فول قدسية يتكون من فول، وطحينة، ودقة، وزيت زيتون، أما الفلافل فتُصنع من الحمص المنقوع والمجروش المضاف إليه البقدونس، الكزبرة وبهارات خاصة مع الثوم والبصل».
ويتابع عرفات: «بالإضافة للفول والفلافل، هناك كثير من المأكولات الخفيفة التي تُقدم في وجبتي الإفطار والعشاء منها المقدوس، وهو باذنجان محشو عين جمل وزيت زيتون، واللبنة بزيت الزيتون والزعتر، كما توجد لدينا المعجنات التي تعد من الوصفات الأساسية التي يتميز بها المطبخ الفلسطيني، وتكون محشوة بالجبن الحلوم، أو الجبن النابلسي، أو السبانخ، وأيضاً اللحم المفروم، ولا تكتمل المائدة الفلسطينية، دون وجود المخللات، ويأتي على رأسها الزيتون بطعمه ونكهته المميزة، واللفت، والباذنجان بالدقة والثوم».


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)
برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)
TT

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)
برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات والأجبان، أول ما يتبادر إلى أذهاننا؛ كيف لا، والهامبرغر أحد أكثر الأطباق شعبية في العالم؟!

«من أجل مواكبة الحياة العصرية الأسرع إيقاعاً بات من المهم تقديم خيارات الطعام الأكثر ملاءمة لمتطلبات الناس، خاصة للشباب، أو هؤلاء الذين لديهم جداول أعمال مزدحمة، ومن السهل بالنسبة لهم تناول طعام سريع التحضير والتقديم، والأكل»... هكذا يفسر الشيف أحمد نبيل، سبب الشغف بالهامبرغر.

تركات للحصول على برغر احترافي... الصورة لوصفة لشيفعمر شبراوي (الشرق الأوسط)

يقارن نبيل بين أسعار البرغر، ويقول: «تستخدم بعض المطاعم الفاخرة الحاصلة على نجوم (ميشلان) مكونات عالية الجودة ، لذا سيكون سعره مرتفعاً، في المقابل يمكنك تناول البرغر على عربة في أحد شوارع مدينتك بسعر زهيد».

لكن هناك سبب آخر أهم يجعل الشغف يتعلق بهذا النوع من اللحوم المصنعة - بحسب نبيل - يقول لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من أن العالم قد ابتكر وصفة برغر نموذجية، فإن الطهاة لم يتمكنوا من تحسينها أو تطويرها بشكل جذري؛ فقد بقي الهامبرغر محتفظاً بهويته الأساسية، وشكله المعروف».

وأضاف نبيل: «على سبيل المثال، من أبسط المكونات وأكثرها شيوعاً للإضافة هي المشروم والبصل والطماطم والأجبان وسلسلة طويلة من الصوصات».

ويقدم الشيف المصري عمر شبراوي طريقة البرغر بالبيض، وتعتمد على طبقة لحم سميكة، قام بتفريغها في المنتصف؛ ليصبّ داخلها البيض والمشروم وزيت الزيتون، ومن ثم يعيد وضع الطبقة التي أزالها، كما يقدم البرغر الحار المكون من شرائح اللحم البقري المزدوجة مع جبن «مونتيري جاك» والفلفل الحار والبصل المخلل والمايونيز الحار، وينصح: «لا تنس دهن الخبز بالزبدة وتحميصه».

وينصح شبراوي بإعداد الميني برغر على طريقته: «لا أستطيع الحصول على ما يكفي من البرغر الصغير، عادةً ما أختار الإضافات الكلاسيكية للبرغر، لكنني كنت أتوق إلى القليل من الحلاوة هذه المرة، لذلك أضفت مزيج زبدة الفول السوداني والمربى الكلاسيكية، وجاء المذاق مذهلاً، وتصعب مقاومته، خاصة إذا كنت تحب النكهات الحلوة والحامضة معاً».

ويقول: «يمكنك تناول هذه البرغر على الفور، أو تخزينه في الفريزر لإذابته والاستمتاع بها لاحقاً».

أما الشيف شريف عفيفي، فيقدم طريقة «البرغر المضروب» (Smashed Burger) ويتكون من كيلو لحم (بنسبة 30 بالمائة من الدهون) مع إضافة ملعقة «ديمي غلاس»، وأخرى ممسوحة من الملح، وربع ملعقة فلفل أسود.

ويضيف: «يتم فرم اللحم مرة واحدة، ويقسمه إلى كرات متساوية، ثم يتم الضغط عليها لتشكل شريحة برغر غير منتظمة الشكل، توضع على غريل الشوي، ويتبع ذلك إضافة الجبن، مع الحرص على تحميص الخبز قبل دهنه بالصلصة».

ويقدم الشيف أحمد إسماعيل وصفة مبتكرة لبرغر الدجاج «بلمسة من المطبخ العربي» على حد تعبيره، حيث يمزج الزعتر والقشطة وثوم بودر والشبت والزبادي مع البصل والبابريكا والخيار المخلل والهوت صوص والمستردة والعسل واللايت مايونيز، كما يقدم وصفات لصوصات تناسب مختلف أنواع البرغر، ومنها صوص دايت.

أما الشيف المصرية نائلة عاصم، فتقدم نوعاً مختلفاً من البرغر، يعتمد على السلمون المشوي، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنت تبحث عن تجنب اللحوم الحمراء، فإن برغر السلمون المشوي الطازج والجوسي رائع المذاق، مفيد، سهل التحضير، وغني في نكهته مثل نظيره من لحم البقر».

كما أنه مليء بالدهون الصحية مثل «أوميغا 3»، بالإضافة إلى أنه وسيلة رائعة لتجربة إضافات البرغر الإبداعية، مثل صلصة الصويا، وصلصة التارتار بالفلفل الحار، وصلصة المانجو، وكذلك مخلل الشبت.

وبحسب نائلة، فإن حبّنا للبرغر لا ينبغي أن يجعلنا ننسى أنه ضمن قائمة «اللحوم المصنعة»، وبالتالي يجب حفظه عن طريق التدخين.

ولذلك لجأت الشيف المصرية إلى ابتكار وصفات البرغر بالسلمون، وبلحم الديك الرومي المفروم عالي الجودة، تقول: «جاءت هذه الوصفات رائعة حقاً، وحالياً أجرب مزيداً من المكونات الأخرى».

لكن إذا كنت تتمسك بالبرغر المصنوع من اللحوم، فعليك أن تنتبه وأن تتجه إلى إعداده بنفسك، لقد أضحى الطهاة حول العالم، وفي مصر، يقدمون وصفات سهلة لتحضيره في المنزل، وفق عاصم.

وتبرر ذلك: «قد يحتوي لحم البقر المفروم الذي تستخدمه مطاعم الوجبات السريعة على هرمونات نمو ومضادات حيوية؛ لتتناسب مع الإفراط في الدهون والملح والمواد الحافظة مثل نترات الصوديوم». وتحذر: «هي مادة كيميائية قد تجعل المرء أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب أو مرض السكري بكميات كبيرة؛ لذلك من الأفضل أن تحضر البرغر في المنزل... ويمكنك تحضيره في المنزل مع الخردل والمايونيز والصلصة الحارة والبصل، وكل ما تشاء من مكونات أخرى، بشرط أن تتبع الطريقة الصحيحة».

وحول أهم هذه النصائح، تقول نائلة: «سواء أكنت تصنع برغر اللحم البقري المفروم، أو الدجاج، أو الديك الرومي، أو السمك أو الخضراوات، فإن أفضل شيء يمكنك القيام به؛ لتحسين جودة البرغر، هو التأكد من وجود كمية كافية من الدهون في مزيج البرغر الخاص بك»، وتلفت: «لا ينبغي أن تقل نسبة الدهون عن 25 في المائة من اللحم، وإلا ستنتهي بك الحال إلى الحصول على برغر جاف ومطاطي، حتى لو كنت تنوي تقديم البرغر الخاص بك مغطى بالجبن اللزج والمايونيز، فإن هذه الدهون تُعد خارجية، ومن ثم لا يمكنها إنقاذ قوام البرغر الذي يحتوي على القليل جداً منها بالداخل».