اعتاد المجتمع السعودي، قبل شهر رمضان بأيام قليلة، البحث عن الأسرة الفقيرة في الأحياء الذين يقطنونها، من أجل توفير المواد الغذائية الرئيسة، التي يحتاجونها على مائدة الإفطار تحت مسمى «سلة رمضان»، إذ إن هذه العادة توارثها الأجيال منذ فترة طويلة، ورسخ المسمى في مخيلة المتطوعين، من أجل رسم البسمة على وجوه الآخرين، غير القادرين على توفير الأغذية، حيث يجري البحث عنهم، في الوقت الحالي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن كان المتبرعون يلجأون إلى أئمة المساجد للبحث عنهم.
وقال عدد من كبار السن إن «سلة رمضان» عادة قديمة، يحتفظ فيها المجتمع السعودي، إلى جانب بعض العادات الأخرى، حيث أخذت في الانتشار والتزايد مع مرور الزمن، وتعدت حاجز العطاء الفرد، لتتحول إلى عمل مؤسسي يقوم بها كثير من المؤسسات والشركات إلى جانب مسؤوليتهم الاجتماعية.
وزاد محمد سلامة أحد المهتمين في توزيع «سلة رمضان» من كل عام، «على الرغم من مرور الزمن، هناك كثير من الأسر، تبحث بشكل فردي، أو اعتادت على معرفة أسر بعينها، تزويدهم بـ(سلة رمضان)، التي تتكون من الأغذية الرئيسية، التي يحتاجها الصائم».
وترى ريهام المستادي، الموظفة في القطاع الخاص، أن هذه العادة التي ورثتها من أبيها، ساهمت التقنية الحديثة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين، وإيصال السلات الرمضانية إلى منازلهم، بعد سؤال الصديقات والأقارب عن إمكانية وجود أسر محتاجة، خصوصا وأنها تتأكد فعلاً من إمكانية احتياج تلك الأسرة التي حصلت على رقمها من المواقع التواصل الاجتماعي، للمعونة الغذائية، حيث تعمل على توفيرها من السوق، وجمعها في صندوق، تمهيداً لتسليمها.
وأضافت: «هذه العادة تترجم معنى مقولة (رمضان كريم)، الذي يرددها الكثيرون في المجتمع كنوع من أنواع التهنئة بقدوم شهر رمضان، وتثبت حب الخير المتأصل في المجتمع العربي، الذي كان وما زال يحتفظ بكثير من العادات والتقاليد منذ القدم، ويحرص على توارثها بين الأجيال».
وأكد ماجد وأحمد عبد الملك أبناء الحمود، وهم أخوة يعملون في القطاع الخاص في جدة، إنهم ينتظرون قرب شهر رمضان ليتعاونوا على شراء المواد الغذائية، الأساسية مثل الأرز والسكر والشوفان والمشروبات والتمر والقهوة وكثير من المواد الغذائية، وجمع أبنائهم لتقسيم هذه المواد في علب من الكرتون، والذهاب معهم لتوزيعها على المحتاجين في الحي السكني الذين يقطنون فيه.
وفي مقابل العطاء الذي يبذله أرباب الأسر، يقوم الأبناء بمبادرة خاصة امتدادا لعطاء آبائهم في شهر رمضان، من خلال توفير وجبات إفطار صائم للمحتاجين والعمال في الطرق العامة، خصوصا عند الإشارات، كنوع من أنواع المبادرات التطوعية الشبابية، حيث يقفون عند إشارات المرور قبل آذان المغرب، بربع ساعة، لتوزيع الماء والتمر، لكل شخص في سيارته.
وذكر أحمد النابلسي أحد الشباب الذين اعتادوا على توفير وجبة إفطار صائم، ويستهدف بها ما يقارب 250 شخصا في شهر رمضان، أنه وأصدقاؤه حريصون في كل عام على توفير وجبة تحتوي على «العصير واللبن والماء والتمر والأرز وقطعة دجاج»، لتوزيعها على العمال والمحتاجين في الحي الذي يقطن فيه، قبل إطلاق مدفع الإفطار، إلى جانب توزيع الماء والتمر في الإشارات لمن أدركه الآذان قبل وصوله إلى منزله.
وأكد النابلسي، أن هذه العادات هي امتداد لما تعلمه من والده الذي عوّده على توفير (سلة رمضان)، لفقراء ومحتاجي سكان الحي الذي يسكنون فيه، ومنذ ما يقارب العشر سنوات الأخيرة عمل هو وأصدقاؤه على هذا العمل التطوعي.
من جهة أخرى أوضحت ريهام السعداوي طالبة في جامعة الملك عبد العزيز، أنها تعمل مع والديها في كل عام قبل شهر رمضان بأيام في تجميع المواد الغذائية، والبحث مع صديقاتها على الأسر الفقيرة في الأحياء القريبة منهم، لتسليمهم هذه السلات، فهي تؤكد أن لكل فرد في الأسرة دورا يقوم به منذ بدء عملية الشراء حتى إيصال هذه السلال لكل القائمة التي جرى جمعها قبل شهر كامل من قدوم شهر رمضان، وأنها حريصة على توريث هذه العادة لأبنائها في حال تزوجت وأنجبت.
من جهة أخرى، باشرت وزارة الشؤون الاجتماعية بالسعودية، توزيع سلة رمضان على المستفيدين المسجلين لدى الوزارة منذ الأسبوع الماضي، حيث تقدم حاليا مبادرة اسمها «الخير الشامل»، وذلك حرصاً منها على تقديم المزيد من الخدمات الاجتماعية، التي تشمل الإشراف على لجان التنمية الأهلية الاجتماعية، والجمعيات التعاونية، وتقديم كل ما من شأنه مساعدة هذه القطاعات، بتفعيل دورها ومواكبة النهضة الحضارية والتقنية التي تشهدها البلاد.
وأفادت وزارة الشؤون الاجتماعية، أن مبادرة «الخير الشامل» لا تقف عند حد توفير فرص التواصل الاجتماعي مع العمل الخيري والأهلي في السعودية، بل تسهم وبشكل فعال في تسهيل أداء الجهات الأهلية ومشاريعها وبرامجها.
8:9 دقيقه
«سلة رمضان» عادة توارثتها الأسرة في السعودية
https://aawsat.com/home/article/127271
«سلة رمضان» عادة توارثتها الأسرة في السعودية
تدعمها مبادرات فردية وشبكات التواصل الاجتماعي
- جدة: أسماء الغابري
- جدة: أسماء الغابري
«سلة رمضان» عادة توارثتها الأسرة في السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

