«كفر ناحوم» على موعد مع إحدى جوائز مهرجان كان الكبرى

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان السينمائي10 فيه حسنات فنية وسلبيات موضوعية

مشهد من فيلم «كفر ناحوم»
مشهد من فيلم «كفر ناحوم»
TT

«كفر ناحوم» على موعد مع إحدى جوائز مهرجان كان الكبرى

مشهد من فيلم «كفر ناحوم»
مشهد من فيلم «كفر ناحوم»

في قلب فيلم «كفر ناحوم»، جديد نادين لبكي الذي تم تقديمه يوم أول من أمس في مسابقة الدورة الـ71 من مهرجان «كان» السينمائي، مشكلتان.
هو فيلم جيد من نواحي تقنية، وجيد من نواحي سردية وفنية عامة، كما على صعيد إدارة وخلق حالة تواصل استثنائية بين ولد في الثانية عشرة من العمر وطفل في السنة الأولى من حياته.
المشكلة الأولى تقع في قلب الفيلم وتنتمي إليه: حكاية ولد اسمه زين، اضطر لترك عائلته الفقيرة القاطنة في أحد أفقر أحياء المدينة، بعدما رضي والديه بتزويج شقيقته الأصغر منه (11 سنة) إلى من طلبها. يتجه زين إلى مدينة أخرى، بحثاً عن أقارب له هناك، لكنه يجوع ويتشرد ويعيش في كوخ صغير مع خادمة إثيوبية وطفلها الرضيع. تخرج يوماً لعملها، تاركة طفلها مع زين وتختفي (يلقي البوليس القبض عليها لحملها بطاقة هوية مزورة). يعاني الولد من الوضع المستجد، ويضطر للموافقة على تسليمه لرجل اسمه أسبرو سيقوم بـ«بيعه» لعائلة ثرية، واعداً زين بمساعدته على السفر إلى تركيا، إذا ما عاد إليه ببطاقة هوية.
هذا ما يضطر زين للعودة إلى بيت أهله، لكن عندما يعلم أن شقيقته سحر ماتت جراء نزيف، ينقض على سكين وينفلت راكضاً صوب زوج أخته. لا نرى الطعن، لكننا نفهم من مطلع الفيلم أن زين مقبوض عليه، وأن المخرجة اختارت سرد حكايته من مشاهد استعادة تقدم لنا كل ما سبق قوله هنا حول أحداث الفيلم.
بالتالي، الفيلم يحمل في طياته مشكلة اجتماعية واضحة، في نقلة تطورية مهمة للمخرجة لبكي، من فيلميها السابقين «سكر نبات» و«هلأ لوين؟»، اللذين انحصرا في قوالب كوميدية اجتماعية خفيفة ومحدودة ضمن بيئات خاصة. «سكر بنات» (أو «كارمل»، كما سمي أيضاً) عنى ببعض النماذج النسائية المرتاحة في بيئتها المسيحية، باستثناء أن تطلعاتها ويومياتها لا تجري دائماً حسب المنشود.
«هلأ لوين؟» حكاية قروية تدخل في الفانتازيا عن رجال ونساء تلك القرية على حدود الحرب الأهلية، وكيف طوعت النساء رجالها للوقوف متحدين ضد تلك الحرب.
«كفر ناحوم» أفضل من فيلميها السابقين بمجالات. ومع لجنة تحكيم بقيادة كيت بلانشيت، التي قادت حشداً من النساء لتأكيد الحضور الأنثوي في المهرجان، ولجنة تحكيم غالبيتها من النساء، فإن نيل الفيلم جائزة كبرى أمر متوقع تماماً، بل ولن يكون مفاجئاً إذا ما خرج بالسعفة الذهبية ذاتها.

الرابط المفقود

في «كفر ناحوم» (والعنوان لا يمت بصلة مفهومة أو ضرورية لما نراه)، الإطار المطروح أوسع بكثير من إطار أي من الفيلمين السابقين. الجهد المبذول أعلى، والنتيجة الفنية أفضل، علماً بأن تحقيقها أصعب. لكن هنا تكمن المشكلة الثانية: كل ما يدور على شاشة هذا العمل غير متأصل واقعياً، ولو أن الفيلم واقعي اللون والنبرة والموضوع.
بداية، ومع عنوان تقول المخرجة إن العناصر التي تكون منها الفيلم أدت إلى تسميته بـ«كفر ناحوم». هذا القول لا يكشف كثيراً عن الصلة بين البلدة التي نجت من إبادة القوى السامية التي احتلتها في عصور سحيقة بعيدة، وبين فيلم يصور وضعاً عائلياً لبنانياً. لكن ربما نادين لبكي تعلم أكثر مما تبدي حول هذا الموضوع، لذلك لا يمكن الوقوف عليه كاملاً، لجانب أنه في النهاية تفصيلاً لا يمنح الفيلم حسناته أو سيئاته.
يموج الفيلم في عرض بيئة مدقعة الفقر في مدينة كبيروت (غير مذكورة بالاسم)، لينتقل منها إلى مدينة أخرى ذات وضع بيئي مشابه (يتم ذكر اسم بلدة النبطية مرة)، يختص بالتقاط مشاهد تعكس ذلك الوضع المعيشي الجانح في فقره وانعدامه لوسائل الحياة الأساسية. حين فعل فيتوريو دي سيكا ذلك في «سارقو الدراجات»، كان قد أسس ترابطاً مع زمن الحرب العالمية التي ولت للتو، لذلك المكان مرتبط، عنده، بالفترة الزمنية، وبالواقع الذي تعيشه البلاد. لكن في فيلم نادين لبكي، تستند هذه المعالجة إلى أنقاض حقائق أخرى، من بينها عدم وجود ذلك الربط بين المكان والظرف الزمني، ولا بين المكان والظرف الاجتماعي والاقتصادي ككل.
وفي الواقع، ليست هناك شخصية ذات خصال إيجابية على الإطلاق، باستثناء ذلك الطفل الرضيع الذي يمثل بتلقائية لا خيار له فيها. الشخصيات جميعاً (وكلها مسلمة) ضالة الهدف، بذيئة اللسان، خادعة، قاسية وعنيفة. كذلك أفعالها: فالزواج بالإكراه لا يواجهه موقف عاقل لينتصر عليه، أو حتى ينهزم، والأب والأم جانحان في معاملتهما القاسية لأطفالهما، وزين نفسه قد يتصرف بعنف انتقامي رغم صغر سنه، والشخصيات الأخرى (رجالية أو نسائية) لا تملك حسنة واحدة، وليس هناك من حب حقيقي بين أي من الراشدين، ولا حتى علاقة ودية. الجميع مرهون برغباته (الشاب الذي يريد الزواج من بنت عمرها 11 سنة)، أو مادية (أسبرو الذي يريد فصل الطفل عن أمه الإثيوبية ليبيعه)، والجارة التي لا تملك قنطار ود حيال ما يمر به زين والطفل الرضيع الذي بات مسؤولاً عنه.

دعوى مرفوعة

هذه الصورة الداكنة تتنفس من ثقوب في الشخصية الرئيسية: زين في الثانية عشرة، لكنه يتحدث بلغة من كان في السادسة عشرة على الأقل، وهو أحياناً أكثر فهماً للعواقب من الراشدين حوله. هذا من دون أن يكون متعلماً أو متميزاً عن سواه.
اللهجة المستخدمة حرة. كل من في عائلته يتحدث بلهجة مختلفة، واحدة من بيروت الشعبية وأخرى جبلية وثالثة فبركتها الأيام. وإذا ما كان الأب جهولاً، فالأم أكثر جهلاً؛ كلاهما يرضى بتسليم طفلة لا حول لها ولا قوة إلى عائلة أخرى.
تحيط لبكي بمواقع التصوير جيداً، وتستخدم على أغلب الظن طائرة درون لتصوير أبشع صور ممكنة للمدينة من فوق. فكرة استخدام التصوير من «عين صقر» (كما في المفهوم التقني) رائعة في المرة الأولى، فهي ترتفع عن ثلة من الأولاد يمشون ويهتفون في زقاق من الحارة التي يعيشون فيها، وتمضي الكاميرا في صعودها، فتكشف عن أسطح المباني الضيقة والعشوائية، ثم تعلو أكثر فإذا بالحي كله ماثل.
ليست هناك إشارة لمسببات: هناك هجرة محلية، وأخرى فلسطينية وسورية، وكلها مفروضة على لبنان. هناك خادمات فلبينيات وإثيوبيات وصوماليات، يعملن ويحاولن العيش الصعب، وهناك واقع جاثم من الفقر، لكن لا شيء من كل هذا مرتبط بمسببات، وبالتالي يبقى تصويراً على السطح، وليس في عمقه.
في الحقيقة، تستطيع استخدام الحكاية ذاتها بشخصياتها، ونقلها إلى فيلم من الكونغو أو بيرو، لا عليك إلا تغيير بعض المشاهد، وإضافة مشاهد أخرى، وتغيير أسماء الشخصيات.
في مطلع هذا الفيلم، الذي تمتزج فيه حسناته الفنية بسلبيات السيناريو، يقف زين (يؤديه جيداً زين الرفاعي) أمام القاضي مدعياً على والديه، يقول إنه يريد رفع دعوى ضدهما لأنهما أنجباه. وبعد عرض كل الأحداث وقرب النهاية، يسأل زين عن الطفل الذي ستنجبه أمه بعد أشهر، كونه سيعيش الحياة الصعبة التي عاشها هو.
هذا يعني شيئاً واحداً، وهو الطلب من البيئة التي لا تملك ما يعينها على العيش أن تتوقف عن الإنجاب. طلب غير واقعي وغير موضوعي، و إلى حد ما عنصري وغير قابل للتطبيق.
ربع الساعة الأخيرة استفاضات متوالية لا قيمة لها؛ تحاول لبكي تليين الصور السابقة، وإضاءة ما عليها من عتمة. فجأة، نجد الأمن يلقي القبض على أسبرو، والإثيوبية تلتقي بطفلها في المطار، والصبي ينجح في حملته ضد الإنجاب، وها هي نادين لبكي ذاتها في المشهد قبل الأخير ترحب به. بمقارنة لا بد منها مع فيلم زياد الدويري (الذي لم نعتبره تحفة عصره) يتجلي «القضية 23» عن قدرة المخرج على تلخيص الوضع الذي يختاره، بالتزامن مع الوضع السياسي القائم، ليصل إلى نتائجه. هذا يغيب تماماً هنا، والمخرجة تكتفي بعرض مُنتقى، وتغفل ما بعده، أو حتى ما يجاوره.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».