جائزة «ميشال شيحا» توزع على الفائزين وموضوعها «الثقة»

الرئيسان حسين الحسيني وفؤاد السنيورة ومادلين حلو والطّلاب الفائزون بجائزة «ميشال شيحا»
الرئيسان حسين الحسيني وفؤاد السنيورة ومادلين حلو والطّلاب الفائزون بجائزة «ميشال شيحا»
TT

جائزة «ميشال شيحا» توزع على الفائزين وموضوعها «الثقة»

الرئيسان حسين الحسيني وفؤاد السنيورة ومادلين حلو والطّلاب الفائزون بجائزة «ميشال شيحا»
الرئيسان حسين الحسيني وفؤاد السنيورة ومادلين حلو والطّلاب الفائزون بجائزة «ميشال شيحا»

نظّمت «مؤسسة ميشال شيحا» احتفالاً بفندق «بريستول» في بيروت، سلمت خلاله «جائزة ميشال شيحا» لعام 2018 التي منحت لـ9 طلاب فازوا في المسابقة التي نظمتها المؤسسة بثلاث لغات؛ العربية والفرنسية والإنجليزية، وشارك فيها أكثر من 350 طالباً من الصفوف الثانوية النهائية، ينتمون إلى أكثر من 39 مدرسة رسمية خصوصا من مختلف المحافظات اللبنانية، وكان عليهم الاختيار بين موضوعين تضمنا أقوالا لميشال شيحا وتفسير النص المختار.
يذكر أن هدف «مؤسسة ميشال شيحا» التي تأسست عام 1954، هو نشر أفكار شيحا وتحفيز الأجيال الجديدة على فهم نظرته إلى لبنان، وما المسابقة السنوية التي تجريها منذ عام 1962 إلا لخدمة هذا الهدف.
حضر الاحتفال الرئيس حسين الحسيني، والرئيس فواد السنيورة، والنائب هنري حلو، ونائب رئيس «مؤسسة ميشال شيحا» الوزير السابق الشيخ ميشال الخوري، والوزير السابق ميشال اده، والمدير العام لوزارة التربية فادي يرق، ومدير الإعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، وكريمة المؤرخ ميشال شيحا مادلين شيحا حلو، وعدد من الشخصيات الرسمية والسياسية والثقافية، ومديرو المدارس المشاركة وعائلات الطلاب.
في البدء ألقت عضو المؤسسة إيزابيل ضومط سكاف كلمة قالت فيها: «إنّها مسابقة مفتوحة لتلامذة الصفوف الثانوية؛ وقد تميّزت هذه السنة بمشاركة قياسية، والسنة اقترحنا على المتسابقين موضوعين محورهما واحد: الثقة».
ثم ألقت ابنته مادلين حلو كلمة تحدثت فيها عن شيحا الإنسان «الذي لم يكشف أبداً عن الجانب المؤثر والعاطفي من شخصيته العائلية؛ إذ كان أخاً وزوجاً استثنائياً». بدوره، ألقى البروفسور شبلي الملاط كلمة حول أهمية تعدد اللغات في ثقافة شيحا والدور الأساسي للثقة في المجتمع والحياة. وقال إن القليلين فقط يعرفون أنّه كان ناشراً لصحيفة باللغة الإنجليزية.
ثم تحدث الرئيس فؤاد السنيورة محددا 3 ركائز تنتظم من خلالها حياة المجتمعات؛ وهي: الحُكم الرشيد، والبصيرة والرؤية المنفتحة، والثقة.
بعد ذلك أعلنت ميشال حلو نحاس أسماء الفائزين الذين سلّمهم الرئيس حسين الحسيني الجوائز على النحو التالي:
في اللغة العربية: فاز بالمرتبة الأولى حسين حسن زعيتر من مدرسة «أمجاد»، وحلت في المرتبة الثانية كل من: عبيدة حسين عماش من «مدرسة الإمام علي بن أبي طالب الثانوية» في معروب التابعة لمدارس «المبرات»، وميرا حلبي من مدرسة «سيدة الجمهور»، فيما نالت الجائزة الثالثة كل من يارا محمد فقيه من «ثانوية البازورية الرسمية»، ومينرفا روجيه لطيف من مدرسة «سيدة السلام للراهبات الباسيليات الشويريات» في الدورة.
في اللغة الفرنسية: فاز بالمرتبة الأولى جورج أبي يونس من مدرسة «مون لاسال»، وحلّت في المرتبة الثانية هاديا الامعاري من «الثانوية الإنجيلية الفرنسية»، فيما نالت المرتبة الثالثة سيلين ديبة من مدرسة «سيدة الناصرة».
في اللغة الإنجليزية: حجبت المرتبتان الأولى والثالثة، وحلت في المرتبة الثانية غنى ناصر السبع أعين من «ثانوية حسام الدين الحريري» التابعة لـ«جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية» في صيدا.
وتبلغ قيمة الجائزة الأولى 3 ملايين و500 ألف ليرة، والجائزة الثانية مليونين و500 ألف ليرة، والثالثة مليون ليرة، وأعلنت المؤسسة أنّ الطلاب الذين اشتركوا في المسابقة عبروا عن اهتمام لافت بفكر ميشال شيحا ومواقفه، مما يشكل حافزا للمؤسسة على الاستمرار في تنظيم مسابقتها سنويا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».