أول صفقة تمويل تجاري في العالم باستخدام «بلوك تشين»

TT

أول صفقة تمويل تجاري في العالم باستخدام «بلوك تشين»

قال «إتش إس بي سي» أمس الاثنين، إنه أجرى أول صفقة تمويل تجارة في العالم باستخدام منصة فردية لسلسلة الكتل «البلوك تشين»، وذلك في مسعى لتعزيز فاعلية تمويل التجارة الدولية الذي تبلغ قيمته تريليونات الدولارات.
وقال البنك البريطاني في بيان إنه وبنك آي إن جي الهولندي أتما الصفقة لصالح شركة كارغيل الأسبوع الماضي، عندما نُقلت شحنة فول صويا من الأرجنتين إلى ماليزيا عبر فرعي شركة تجارة السلع العالمية في جنيف وسنغافورة.
وقال «إتش إس بي سي» إنه رغم وجود صفقات تمويل تجاري أخرى استخدمت فيها سلسلة الكتل مع تقنيات أخرى، فإن صفقة كارغيل هي أول استخدام لتطبيق رقمي فردي مشترك بدلا من نظم متعددة.
ومن المتوقع أن يقلل استخدام تكنولوجيا سلسلة الكتل في القطاع المصرفي مخاطر الاحتيال في خطابات الاعتماد وصفقات أخرى، بالإضافة إلى تقليل عدد الخطوات.
وخطابات الاعتماد هي طريقة التمويل الأكثر استخداما بين المستوردين والمصدرين، وتساعد في ضمان صفقات بأكثر من تريليوني دولار لكن العملية تنطوي على معاملات ورقية طويلة، وتستغرق ما بين خمسة وعشرة أيام لتبادل الوثائق.
وأشار بيان «إتش إس بي سي» إلى دراسة للأمم المتحدة أفادت بأن تحويل جميع الأعمال المكتبية المتصلة بالتجارة في منطقة آسيا والمحيط الهادي إلى صيغة إلكترونية يمكن أن يقلص الوقت الذي يستغرقه تصدير البضائع بنسبة تصل إلى 44 في المائة ويخفض التكاليف بنسبة تصل إلى 31 في المائة.
وقال فيفك راماشاندران رئيس الابتكار والتنمية في الوحدة التجارية لدى «إتش إس بي سي» لـ«رويترز» إن «خطابات الاعتماد مستمرة بسبب تحديين حقيقيين - غياب البنية التحتية الرقمية والتحدي الخاص بالتنسيق بين أطراف متعددة.. هذه المنصة تساعدنا في التغلب على التحدي الأول، وأعتقد أن التكنولوجيا وتركيز الجميع عليها يعطينا الزخم لمعالجة التحدي الثاني مع تحقيق نتائج من المأمول أن تكون أفضل بكثير مما رأيناه في الماضي».
وقال راماشاندران إن لدى «إتش إس بي سي» بالفعل عميلا آخر ينتظر الصفقة المماثلة التالية.
واستثمرت بنوك بالفعل الملايين لتطوير تطبيقات سلسلة الكتل في محاولة لخفض التكاليف وتبسيط عمليات إدارية مثل تسوية صفقات الأوراق المالية.
وتستخدم تقنية سلسلة الكتل دفتر حسابات موزعا عبر شبكة من أجهزة الكومبيوتر للتحقق من الصفقات بدلا من نظام مركزي. وتطبيق سلسلة الكتل الخاص بصفقة كارغيل مدعوم من 12 بنكا، مما قد يساعد على استخدام هذه التكنولوجيا في السوق على نطاق أوسع.
وقال «إتش إس بي سي» إن الصفقة جرى تنفيذها عبر منصة تدعى كوردا، طورها كونسورتيوم «آر3» لسلسلة الكتل الذي يتخذ من نيويورك مقرا ويضم في عضويته أكثر من 100 بنك وهيئة تنظيمية واتحاد تجاري.


مقالات ذات صلة


غزو البدانة يهدد الاقتصاد الصيني

عامل توصيل لطلبات الأكل على دراجة نارية في أحد شوارع مدينة شنزن الصينية (رويترز)
عامل توصيل لطلبات الأكل على دراجة نارية في أحد شوارع مدينة شنزن الصينية (رويترز)
TT

غزو البدانة يهدد الاقتصاد الصيني

عامل توصيل لطلبات الأكل على دراجة نارية في أحد شوارع مدينة شنزن الصينية (رويترز)
عامل توصيل لطلبات الأكل على دراجة نارية في أحد شوارع مدينة شنزن الصينية (رويترز)

مع بناء الصين لعدد أقل من المنازل والجسور، يشتري مستهلكوها وجبات أرخص وأقل صحة، ومع استثمار المصانع والمزارع في مزيد من الأتمتة، ينشأ تحدٍ مالي جديد مع احتمالية نمو معدل البدانة في البلاد بشكل أسرع بكثير، ما يضيف إلى أعباء تكاليف الرعاية الصحية.

ويقول الأطباء والأكاديميون إن ضغوط العمل وساعات العمل الطويلة والأنظمة الغذائية الرديئة تشكل عوامل خطر متزايدة في المدن، بينما في المناطق الريفية، أصبح العمل الزراعي أقل إرهاقاً بدنياً، كما أن الرعاية الصحية غير الكافية تؤدي إلى ضعف فحص وعلاج مشاكل الوزن.

وتواجه الصين تحدياً مزدوجاً يغذي مشكلة الوزن: ففي اقتصاد حديث مدعوم بالابتكار التكنولوجي، أصبح مزيد من الوظائف ثابتاً أو مكتبياً، في حين أن التباطؤ المطول في النمو يجبر الناس على تبني أنظمة غذائية أرخص وغير صحية.

ومع وفرة الإسكان والبنية الأساسية بالفعل، على سبيل المثال، تحول ملايين العمال من وظائف البناء والتصنيع إلى القيادة لشركات مشاركة الركوب أو التوصيل في السنوات الأخيرة.

وفي بيئة انكماشية، يفضل المستهلكون الوجبات الأرخص، التي يمكن أن تكون غير صحية. كما يقلل الآباء من السباحة أو فصول الرياضة الأخرى. ومن المتوقع أن تصل سوق الوجبات السريعة في الصين إلى 1.8 تريليون يوان (253.85 مليار دولار) في عام 2025، من 892 مليار يوان في عام 2017، وفقاً لشركة «داكسو كونسلتنغ».

وقال يانزونغ هوانغ، وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية بمنظمة الصحة العالمية: «غالباً ما تؤدي الركودات الاقتصادية إلى تغييرات في أنماط حياة الناس. قد تصبح العادات الغذائية غير منتظمة، وقد تنخفض الأنشطة الاجتماعية».

وأضاف أن «هذه التغييرات في الروتين اليومي يمكن أن تسهم في زيادة حالات السمنة، وبالتالي مرض السكري»، مضيفاً أنه يتوقع أن تستمر معدلات السمنة في «الارتفاع بشكل كبير، مما يثقل كاهل نظام الرعاية الصحية».

وفي يوليو (تموز)، قال جيو يان هونغ، أحد كبار المسؤولين في اللجنة الوطنية للصحة، إن الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة وزيادة الوزن يشكلون «مشكلة صحية عامة رئيسية». ولم تستجب اللجنة الوطنية للصحة على الفور لطلب التعليق.

وأفادت وكالة أنباء «شينخوا» الرسمية الصينية في الشهر نفسه، بأن أكثر من نصف البالغين في البلاد يعانون من السمنة المفرطة أو زيادة الوزن، وهو ما يتجاوز تقديرات منظمة الصحة العالمية البالغة 37 في المائة.

وتقدر دراسة أجرتها «بي إم سي بابليك هيلث» أن تكاليف العلاجات المرتبطة بالوزن من المتوقع أن ترتفع إلى 22 في المائة من ميزانية الصحة، أو 418 مليار يوان بحلول عام 2030، من 8 في المائة في عام 2022. وقالت إن التقدير «متحفظ»، ولم يأخذ في الحسبان الزيادات في تكاليف الرعاية الصحية... وهذا من شأنه أن يضيف مزيداً من الضغوط على الحكومات المحلية المثقلة بالديون، وأن يحد من قدرة الصين على توجيه الموارد إلى مناطق أكثر إنتاجية لتحفيز النمو.

حملة التوعية

في يوليو الماضي، أطلقت اللجنة الوطنية للصحة في الصين و15 إدارة حكومية أخرى جهوداً للتوعية العامة لمكافحة السمنة. وتدور الحملة، التي من المقرر أن تستمر لمدة 3 سنوات، حول 8 شعارات: «الالتزام مدى الحياة، والمراقبة النشطة، والنظام الغذائي المتوازن، والنشاط البدني، والنوم الجيد، والأهداف المعقولة والعمل الأسري».

وتم توزيع الإرشادات الصحية على المدارس الابتدائية والثانوية في يوليو، وحثت على الفحص المنتظم، وممارسة الرياضة اليومية، وتوظيف خبراء التغذية، وتنفيذ عادات الأكل الصحية - بما في ذلك خفض الملح والزيت والسكر.

وتعرف منظمة الصحة العالمية الشخص الذي يعاني من زيادة الوزن بأنه شخص يبلغ مؤشر كتلة الجسم لديه 25 أو أعلى، في حين أن عتبة مؤشر كتلة الجسم للسمنة هي 30 نقطة على المؤشر.

وتُعَد نسبة 8 في المائة فقط من الصينيين مصابة بالسمنة المفرطة، وهي نسبة أعلى من اليابان وكوريا الجنوبية المجاورتين، ولكنها أقل كثيراً من معدل الولايات المتحدة الذي يبلغ 42 في المائة، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية... وهذا يرجع جزئياً إلى أن هذه مشكلة جديدة نسبياً في الصين، التي شهدت مجاعة واسعة النطاق حتى ستينات القرن العشرين.

وقالت كريستينا ماير، محللة السياسات الصحية بمؤسسة «آر تي آي إنترناشيونال» في سياتل: «لقد خضعت الصين لتحول وبائي، حيث تغيرت الأمراض المرتبطة بسوء التغذية إلى زيادة في عدد الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية غير صحية وأنماط حياة غير نشطة».

العوامل البنيوية

مع تكيف المستهلكين والعمال مع التغيرات البنيوية في اقتصاد يتجه نحو التحضر بسرعة في العقد المقبل، فإن كثيراً من الصينيين الذين يعانون من زيادة الوزن قد يتجاوزون عتبة السمنة، كما يقول الأطباء.

وقال جون سونغ كيم، الخبير الاقتصادي بجامعة سونغ كيون كوان في كوريا الجنوبية، إن «التباطؤ الاقتصادي في الصين قد يؤدي إلى زيادة استهلاك الأطعمة منخفضة الجودة، مثل الوجبات السريعة، بسبب انخفاض الدخل... وهذا بدوره قد يسهم في السمنة».

وتشكل الدفعة الجديدة من جانب الصين لزيادة معدلات التحضر مصدر قلق خاصاً في ضوء ثقافة العمل في نوبات مدتها 12 ساعة، 6 أيام في الأسبوع. ويقول بوي كي سو، طبيب عام في مستشفى رافلز ببكين، إن بعض المرضى يقولون إنهم يتناولون الطعام «لإزالة التوتر» من العمل.

وارتفعت نسبة الأولاد البدناء في الصين إلى 15.2 في المائة عام 2022 من 1.3 في المائة عام 1990، متخلفة عن الولايات المتحدة التي بلغت 22 في المائة، لكنها أعلى من اليابان التي بلغت 6 في المائة، وبريطانيا وكندا اللتين بلغتا 12 في المائة، والهند التي بلغت 4 في المائة. وارتفعت نسبة السمنة لدى الفتيات إلى 7.7 في المائة عام 2022 من 0.6 في المائة عام 1990.

ويقول لي دو، كبير أساتذة التغذية في جامعة تشينغداو، إن كثيراً من الطلاب يشترون الوجبات الخفيفة حول بوابة المدرسة أو في طريقهم إلى المنزل، التي عادة ما تكون عالية الملح والسكر والزيت.

وأضاف لي أن الحكومة يجب أن «تتواصل بشكل أكبر» مع شركات الأغذية والمدارس والمجتمعات وتجار التجزئة حول مخاطر السمنة الناجمة عن الوجبات السريعة أو المشروبات المحلاة... وختم قائلاً: «ينبغي للصين أن تحظر بيع الوجبات السريعة والمشروبات السكرية في المدارس، ويجب ألا تكون هناك متاجر تبيع الوجبات السريعة على مسافة معينة حول المدارس».