الحريري يقيل مسؤولين ويطلق ورشة تقييم ومحاسبة لتياره

عيّن مدير مكتب بالوكالة... ونائب في «المستقبل» يعتبر العملية مفتوحة

رئيس الحكومة سعد الحريري يحيي جمهور «تيار المستقبل» من شرفة بيته في بيروت الجمعة الماضي (أ.ب)
رئيس الحكومة سعد الحريري يحيي جمهور «تيار المستقبل» من شرفة بيته في بيروت الجمعة الماضي (أ.ب)
TT

الحريري يقيل مسؤولين ويطلق ورشة تقييم ومحاسبة لتياره

رئيس الحكومة سعد الحريري يحيي جمهور «تيار المستقبل» من شرفة بيته في بيروت الجمعة الماضي (أ.ب)
رئيس الحكومة سعد الحريري يحيي جمهور «تيار المستقبل» من شرفة بيته في بيروت الجمعة الماضي (أ.ب)

شرع رئيس الحكومة اللبنانية ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري في أول عملية تقييم لأداء مسؤولين في التيار، بدأت بإعفاء شخصين من مهامهما، واستقالة مدير مكتبه، وسط معلومات عن أن ورشة المحاسبة بعد نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة «مستمرة»، في وقت رأى مصدر قريب من الحريري، أنه «من المبكر الاستنتاج ما إذا كانت عملية هيكلة تطال تيار المستقبل».
واستقال مدير مكتب الحريري، ابن عمته نادر الحريري، من منصبه وتمت إقالة مسؤولين آخرين، هما منسق عام الانتخابات وسام الحريري، ومدير دائرة المتابعة في مكتب الرئيس ماهر أبو خدود بعد خسارته ثلث المقاعد التي كان يشغلها في البرلمان في الانتخابات التشريعية نهاية الأسبوع الماضي.
وأورد المكتب الإعلامي للحريري، أن مدير مكتبه نادر الحريري استقال من مهامه، وقد جرى تعيين محمد منيمنة، مدير مكتب رئيس الحكومة بالوكالة. كما أعلن «تيار المستقبل» في بيان، إعفاء المنسق العام للانتخابات وسام الحريري من مسؤولياته بعد الاطلاع على «مجريات الحراك الانتخابي في كافة الدوائر»، كما إعفاء مدير دائرة المتابعة في مكتب الرئيس ماهر أبو الخدود من مهامه.
وحاز الحريري في الانتخابات النيابية الأخيرة 21 مقعداً مقابل 33 في آخر انتخابات تشريعية في عام 2009، ولا يزال رغم ذلك بين المجموعات الأربع الأكبر في البرلمان المقبل. وقال الحريري غداة الانتخابات «هناك ثغرات كانت في (تيار المستقبل) وكل واحد مسؤول عنها، ستتم محاسبته لا شك في ذلك»، لكنه أعاد تراجع عدد المقاعد بدرجة أولى إلى قانون الانتخاب الجديد القائم على النسبية بعد سنوات اعتمد فيها لبنان على النظام الأكثري.
وبدت الإجراءات التي اتخذها الحريري على أنها تمهيد لإعادة هيكلة في التيار، بعد ضغوط شعبية وتقارير تلقاها عن ثغرات اعترت عمل بعض القياديين في التيار في المناطق، وأن تلك الثغرات كانت سبباً في تراجع حصة التيار النيابية. لكن مصادر قريبة من الحريري، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من المبكر الحديث عن هذه القضية»، داعية إلى التروي ريثما تتضح الصورة.
وتعد هذه الإجراءات، الأولى في تاريخ «تيار المستقبل» الذي انطلق بعد اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في عام 2005، وبات أكبر تيار سياسي لدى السنة، ويمتد على مساحة لبنان. وحقق التيار خلال دورتين انتخابيتين في عامي 2005 و2009، انتصاراً كبيراً، وباتت كتلة «المستقبل» النيابية في عام 2009 أكبر كتلة نيابية في البرلمان اللبناني بعدد نواب وصل إلى 33 نائباً.
ولا ينظر النائب محمد الحجار إلى ما جرى على أنه إعادة هيكلة، بل هو «عملية تقييم داخل التيار أطلقها الرئيس الحريري للمرحلة الماضية والاستحقاق الانتخابي، تلحظ الممارسة والعمل خلال تلك الفترة، وعليه يتم اعتماد مبدأ الثواب والعقاب فيها».
وقال الحجار لـ«الشرق الأوسط»: «هو تقييم لا بد منه، أسوة بما تقوم به كل الأحزاب الديمقراطية»، مضيفاً: «ومع أننا حققنا بالانتخابات رقماً مرتفعاً يتخطى كل تقديرات خصومنا في الانتخابات، إلا أننا كنا نتوقع رقماً أكبر من الذي كشفته نتائج الانتخابات، وبالتالي فإننا نبحث عن الثغرات التي اعترت أداء بعض الأشخاص»، مشدداً في الوقت نفسه على أن «من يعمل، من الطبيعي أن يخطئ، إلا أن التيار يتقصى عن الأسباب، هل هي ناتجة من تقصير، أم قصور، أم أن بعض الأشخاص لم يكونوا في مواقعهم المناسبة؟».
وجمّد الحريري عمل بعض المنسقيات، وشرع في مرحلة تقييم، وأصدر قرارات بإعفاء بعض الأشخاص من مواقعهم، وهي عملية قد لا تنتهي بمن أقالهم من مواقعهم حتى الآن، بالنظر إلى أن عمل الجميع «سيخضع للتقييم»؛ ما يعني، بحسب ما قال الحجار أن «العملية مفتوحة وقد لا تستقر على من طالتهم القرارات حتى الآن». وأوضح: «ثمة منسقيات في المناطق كانت هناك علامات استفهام حول فاعلية عملها، وهو ما سيطاله التقييم بشكل خاص»، لافتاً إلى أن الحريري «كان يتلقى تقارير من كل الأماكن عن الاستعدادات للانتخابات وما رافق العملية الانتخابية منذ الانطلاق بالتحضيرات لها، وحتى أول من أمس»، مشيراً إلى أن الحريري «سيدرس كل التقارير الآتية من المناطق مع المعنيين ويتخذ على أساسها الإجراءات المناسبة، تكريساً لمبدأ الثواب والعقاب والمحاسبة الذي لطالما كنا نطالب به، وبدأ تطبيقه الآن».
وتحدثت شائعات عن توسع القرارات التي اتخذتها قيادة التيار لتطال قياديين آخرين، مثل أمين عام التيار أحمد الحريري، ابن عمته النائب بهية الحريري أيضاً، وهو شقيق مدير مكتب الحريري نادر الحريري، لكن التيار نفى ذلك. وأصدرت الأمانة العامة للتيار بياناً بعد ظهر أمس، قالت فيه: «تتردد شائعات وأخبار مفبركة على خلفية القرارات التنظيمية التي صدرت عن رئيس التيار الرئيس سعد الحريري. يهم الأمانة العامة أن تؤكد عدم صحة ما يتم تداوله من هذه الأخبار والشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن القرارات الصحيحة حصراً هي التي تصدر عن الرئيس وتعلنها الأمانة العامة رسمياً».



19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
TT

19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)

أفادت بيانات دولية حديثة بأن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن سيرتفع إلى 19 مليون شخص مع حلول العام المقبل، مع استمرار الملايين في مواجهة فجوات في انعدام الأمن الغذائي.

تزامن ذلك مع بيان وقَّعت عليه أكثر من 10 دول يحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في هذا البلد الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

الأطفال والنساء يشكلون 75 % من المحتاجين للمساعدات في اليمن (الأمم المتحدة)

وأكد البيان الذي وقَّعت عليه 11 دولة، بينها فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، على وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفها جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية، وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

وطالب بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية، وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفي حاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.

وضع مُزرٍ

رأت الدول العشر الموقِّعة على البيان أن الوضع «المزري» في اليمن يتفاقم بسبب المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر، فضلاً عن أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة والفيضانات المفاجئة. وقالت إن هذا البلد يعد واحداً من أكثر البلدان التي تعاني من نقص المياه في العالم، ويُعد الحصول على مياه الشرب أحد أهم التحديات التي تواجه السكان.

وعلاوة على ذلك، أعاد البيان التذكير بأن الأمطار الغزيرة والفيضانات أدت إلى زيادة المخاطر التي تشكلها الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، وزاد من خطر انتقال الكوليرا من خلال تلوث إمدادات المياه.

الفيضانات في اليمن أدت إلى زيادة مخاطر انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كما أدى استنزاف احتياطات المياه الجوفية، وزيادة وتيرة وشدة الأحداث الجوية المتطرفة إلى تدهور الأراضي الزراعية، ويؤدي هذا بدوره - بحسب البيان - إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وهو محرك للنزوح والصراع المحلي، خصوصاً مع زيادة المنافسة على الموارد النادرة.

ونبهت الدول الموقعة على البيان من خطورة التحديات والأزمات المترابطة التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في اليمن. وقالت إنها تدرك «الارتباطات المتعددة الأوجه» بين تغيُّر المناخ والصراع والنزوح وزيادة الفقر والضعف، والتي تسهم جميعها في تدهور الوضع الأمني والإنساني. وأضافت أنها ستعمل على معالجتها لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية الفورية وغير المقيدة جنباً إلى جنب مع تحقيق مستقبل مستقر ومستدام للبلاد.

وجددت هذه الدول دعمها لتحقيق التسوية السياسية الشاملة في اليمن تحت رعاية المبعوث الأممي الخاص؛ لأنها «تُعد السبيل الوحيد» لتحقيق السلام المستدام والاستقرار الطويل الأمد، ومعالجة هذه التحديات، مع أهمية تشجيع مشاركة المرأة في كل هذه الجهود.

اتساع المجاعة

توقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة أن يرتفع عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن إلى نحو 19 مليون شخص بحلول شهر مارس (آذار) من العام المقبل، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن الملايين سيواجهون فجوات غذائية.

وفي تقرير لها حول توقعات الأمن الغذائي في اليمن حتى مايو (أيار) عام 2025؛ أشارت الشبكة إلى أن الأسر اليمنية لا تزال تعاني من الآثار طويلة الأمد للحرب المستمرة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية السيئة للغاية في مختلف المحافظات.

وبيّنت الشبكة أن بيئة الأعمال في البلاد تواصل التدهور، مع نقص العملة في مناطق سيطرة الحوثيين، بينما تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً انخفاضاً في قيمة العملة وارتفاعاً في التضخم.

أعداد المحتاجين للمساعدات في اليمن زادت بسبب التغيرات المناخية والتدهور الاقتصادي (الأمم المتحدة)

وتوقعت أن تستمر الأزمة الغذائية في اليمن على المستوى الوطني، مع بلوغ احتياجات المساعدة ذروتها في فترة الموسم شبه العجاف خلال شهري فبراير (شباط) ومارس المقبلين، وأكدت أن ملايين الأسر في مختلف المحافظات، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء.

وأوضحت الشبكة أن ذلك يأتي مع استمرار حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي) أو مرحلة الطوارئ، وهي المرحلة الرابعة التي تبعد مرحلة وحيدة عن المجاعة. وحذرت من أن استمرار وقف توزيع المساعدات الغذائية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين سيزيد من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي.

إضافة إلى ذلك، أكدت الأمم المتحدة أن آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات، والتي يقودها صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وغيرهما من الشركاء الإنسانيين، تلعب دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات العاجلة الناشئة عن الصراع والكوارث الناجمة عن المناخ في اليمن.

وذكرت أنه منذ مطلع العام الحالي نزح نحو 489545 فرداً بسبب الصراع المسلح والظروف الجوية القاسية، تأثر 93.8 في المائة منهم بشدة، أو نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 6.2 في المائة (30198 فرداً) بسبب الصراع.