وزير خارجية زامبيا: لا بد من جهود دولية لوقف رحلات الموت للشباب الأفريقي

ملانغي قال في حوار مع {الشرق الأوسط} إنه لا ينبغي السماح لدول تصدّر الإرهاب بامتلاك برنامج نووي

جوزيف ملانغي وزير الخارجية الزامبي («الشرق الأوسط»)
جوزيف ملانغي وزير الخارجية الزامبي («الشرق الأوسط»)
TT

وزير خارجية زامبيا: لا بد من جهود دولية لوقف رحلات الموت للشباب الأفريقي

جوزيف ملانغي وزير الخارجية الزامبي («الشرق الأوسط»)
جوزيف ملانغي وزير الخارجية الزامبي («الشرق الأوسط»)

طالب جوزيف ملانغي وزير الخارجية الزامبي، المجتمع الدولي بعدم السماح لأي دولة تصدّر الإرهاب خارج حدودها بامتلاك البرنامج الدولي، في إشارة للسلوك الإيراني بمنطقة الشرق الأوسط، مشدداً على ضرورة التصدي لتشيع القارة الأفريقية وتمويل الإرهاب ورعايته.
ودعا ملانغي، في حوار مع «الشرق الأوسط» بالرياض مساء الجمعة الماضية، الدول التي تعتزم نقل سفاراتها إلى القدس، مراعاة أهمية تعزيز أسباب السلام والأمن والاستقرار، منوها بأهمية عمل الفلسطينيين والإسرائيليين مع المجتمع الدولي لتحريك المفاوضات المعززة لحلّ الدولتين.
وفيما يلي نص الحوار:
- كيف تنظر إلى الهجرة المميتة للأفارقة لأوروبا؟
- زامبيا وبقية الدول الأفريقية تأسف وتحزن جداً على زيادة معدل الهجرة خصوصاً بين الشباب الذين غادروا أفريقيا ولم يستطيعوا أن يفيدوا أو يستفيدوا من القدرات والحصة الشبابية المنتجة، ولذلك فإن زامبيا باعتبارها عضواً أصيلاً في الاتحاد الأفريقي، تسهم بشكل كبير في الجهود القارية لتطوير الاستراتيجيات التي تخاطب الأسباب التي تدفع بكمٍ كبيرٍ من الشباب للهجرة إلى أوروبا، ومن بينها الصراعات وشح الغذاء وعدم القدرة على التغيير إلى الأفضل فضلاً عن ندرة الوظائف وتفشي البطالة.
- ما رؤيتك لمخاطر نشاطات بوكو حرام أفريقياً؟
- زامبيا ترى أن الإرهاب ظاهرة عالمية ليس له دين ولا وطن ولا عرق، الأمر الذي يتطلب جهدا دوليا وإقليميا مشتركا، بجانب العمل الثنائي، لمكافحة هذه الآفة، ولذلك فإن زامبيا باعتبارها عضواً في مجلس الأمن والسلام بالاتحاد الأفريقي وبحكم عضويتها بالهيئة الثلاثية للشؤون السياسية والدفاع والأمن بمجموعة جنوب أفريقيا للتنمية، ستشارك بقوة في تعزيز الجهود القارية والإقليمية لمواجهة انتشار مجموعات الإرهاب والتطرف، كما هو الحال في «بوكو حرام» على مستوى القارة الأفريقية، ومن هذا المنطلق اتخذت زامبيا خطوة جادة بالمشاركة في العمليات المشتركة لتحجيم هذه الظاهرة، إذ وقعت مع عدد من الحلفاء الإقليميين والدوليين لمنع دعم وتمويل الإرهاب ضمن الاتفاقيات الدولية لمنع التفجيرات والأعمال النووية الإرهابية.
- كيف تنظر إلى النزاعات السياسية بجنوب السودان وإمكانية إطلاق مفاوضات مباشرة بين الرئيس سلفاكير والمعارض رياك مشار لإنهاء الصراع المسلح بين الجانبين؟
- الوضع الإنساني والأمني في جنوب السودان مقلق جداً، ويتطلب بذل جهود مضنية من قبل المجتمع الدولي لتعزيز الأمن والاستقرار في هذه الدولة والإقليم، مع أن هناك محاولات عدة وجهودا تبذل من أطراف مهتمة بهذا الشأن وبشكل خاص من قبل مجموعة «الإيقاد IGAD»، ومن ذوي العلاقة من أجل إعادة طرفي النزاع إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الصراع المسلح بين الحكومة والمعارضة في جنوب السودان، بدعم كبير من مجلس الأمن والسلم بالاتحاد الأفريقي «AUPSC»، وتتمتع زامبيا بعضوية كل هذه الكيانات، وفيما يتعلق بأي جهود دولية مثمرة تحقق حلا ملموسا، لا بد من استعادة الثقة ونبذ العداوات والخصومات جانبا من قبل الأطراف المتحاربة، للانضمام إلى العملية السياسية من الجهات الإقليمية المهتمة والجهات ذات العلاقة، بإيجاد حلول لذلك، كما يتحتم على طرفي النزاع الاستجابة إلى ذلك، من أجل مستقبل أفضل لشعب جنوب السودان، وفي هذا الإطار فإن الجهود الزامبية ستستمر لدعم جهود «الإيقاد» والأمم المتحدة وتعزيز السلام في جنوب السودان.
- ما الرؤية الزامبية لأزمتي سوريا واليمن؟
- إن الوضع في كل من سوريا واليمن مصدر قلق ومحل اهتمام ليس فقط لزامبيا فقط، وإنما أيضاً لعامة المجتمع الدولي، خصوصاً أن هناك الملايين من شعبي البلدين تأذوا من استمرار الحرب في كليهما، ولكن بطبيعة الحال فإن زامبيا تقف إلى جانب الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي من أجل إيجاد سبيل لإنهاء الصراع وتأمين الاستقرار والسلام للشعبين، ولشعوب المنطقة أيضاً، ومن هذا المنطلق فإن زامبيا تدين بشدة الممارسات الإرهابية التي يقوم بها البعض في البلدين، والهجمات التي تستهدف المدنيين، باعتبار أنه عمل إجرامي غير مقبول.
- ما خطورة امتلاك إيران برنامجاً نووياً على الأمن والسلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط؟
- إن عدم الاستقرار في أي منطقة من الإقليم، يتسبب في عدم الاستقرار لكل الإقليم، إذ إن قضايا الأمن والسلام تتجاوز الحدود، ومن هذا المنطلق فإن الدول التي تتسبب في عدم الاستقرار، يجب ألا يسمح لها بامتلاك برنامج نووي، لأنه يحفز بعدم المسؤولية.
- إلى أي حد تتنبه زامبيا لموجة تصدير برنامج التشيع والأفكار الشيعية لأفريقيا؟
- من المؤكد أن زامبيا تعتبر عنصرا أساسيا في تعزيز الأمن والسلام والاستقرار الدولي، وبهذه المناسبة، نحن نعمل بشكل وثيق مع بعض الدول التي تعي ذلك، لبذل كل ما من شأنه أن يعزز الأمن والسلام ومن ذلك عدم السماح باستيراد أو تصدير الفكر الشيعي، ولذلك فإن رئيس زامبيا إيدقار كاوقا لونقو سبق أن بعث مبعوثا خاصا للسعودية بهذا الشأن، إذ إن زامبيا تقف بصلابة إلى جانب المملكة والمجتمع الدولي ضد الممارسات التي تقوم بها الجماعات الراديكالية المتطرفة التي تستهدف ضرب السلام الدولي، وندين كل أشكال الإرهاب والتطرف والذين يرعاهما، وينتهكون القانون الدولي في أي منطقة في العالم.
وبالتالي فإن زامبيا عندما ترحب بالتعاون مع مختلف الدول من أجل تعزيز السلام فإنها تحرص على ضرورة استخدام الطاقة النووية من أجل الأغراض السلمية، وفقاً لاتفاقية وكالة الطاقة الذرية «IAEA»، وبالتالي تلتزم زامبيا بالاتفاقية الدولية بعدم تنشيط أو امتلاك برامج التسليح النووي لأي دولة في العالم، فضلا عن ذلك فإن زامبيا موقعة على الاتفاقية الأفريقية الخاصة ببرنامج السلاح النووي من أجل خلو القارة الأفريقية بل وكل دول الإقليم من أي سلاح نووي.
- كيف تنظر إلى نقل السفارة الأميركية إلى القدس واعتزام دول أخرى اتخاذ الخطوة نفسها في ظل سقوط ضحايا من الفلسطينيين في يوم الأرض كل جمعة؟
- زامبيا باعتبارها عضواً في دول عدم الانحياز «NAM»، تتمنى أن ترى تعزيز جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط، حتى يتمكن الفلسطينيون من الحصول على الحرية وعلى حقوقهم المشروعة في السيادة، كما ندعم حل الدولتين فلسطين وإسرائيل ليعيشا جنباً إلى جنب، ومن هنا تأتي أهمية تسوية قضية القدس وفق مفاوضات وليس بتصرف منفرد، ما من شأنه أن يجلب السلام والأمن والاستقرار ليس فقط للدولتين وإنما أيضا لدول المنطقة بأسرها.
من ناحية أخرى، فإن الوضع في غزة مؤلم وحزين جداً، ومضرّ جداً بعملية السلام، وهناك حاجة ملحة لتعزيز حلول السلام وإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وحاجة ماسة لأن يعمل الفلسطينيون والإسرائيليون مع المجتمع الدولي لتحريك المفاوضات وتحقيق السلام والاستقرار المستدام وفقا لاتفاقيات حل الدولتين.
- ما واقع ملف حقوق الإنسان والديمقراطية في زامبيا كنموذج أفريقي وهل هناك مؤسسات تخدم هذا الجانب؟
- زامبيا بلد يتمتع بنظام ديمقراطي متعدد الأحزاب، ولذلك فإن الرئيس وأعضاء البرلمان، جميعهم جاء بهم الشعب الزامبي عبر الانتخابات الديمقراطية، وتتمتع بنظام حكومي يفصل بين السلطات الثلاث بشكل مميز، وهي السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية أو العدلية.
ومن هذا المنطلق، استطاعت زامبيا أن تؤسس هيئة لحقوق الإنسان، تشمل بعثة لحقوق الإنسان، تقوم على متابعة وحفظ حقوق كل من على أرض زامبيا، وبطبيعة الحال فإن الأنظمة والإدارات كما هو الحال في دولة من دول العالم، لديها تواصل واستمرارية لعكس ومخاطبة المتطلبات الشاملة للشعب الزامبي.
- كيف تنظرون إلى المحكمة الجنائية الدولية وسياستها في اصطياد الرؤساء الأفارقة بشكل خاص؟
- زامبيا عضو في المحكمة الجنائية الدولية، وتم اختيارها للإبقاء عليها عضواً في هذه المحكمة، بسبب الأسس والمبادئ التي تقوم عليها المحكمة، والتي تشمل تسليم كل من اقترف إبادة جماعية أو جرما ضد الإنسانية مثل جرائم حرب أو جرائم اضطهاد، ومن هذا المنطلق فإن زامبيا معنية بدعم الآلية التي تستخدمها المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة الرؤساء السابقين اعتمادا على عملية الإحالة لدى مؤسسات الدولة أو مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة، ذلك أن آلية الإحالة هذه تؤكد مدى الشفافية.
ولكن على كل حال لا بد لي أن أؤكد أن المحكمة الجنائية الدولية تعتبر الخيار القضائي الأخير، الذي يعزز أي دولة أن تستغل الفرصة المتاحة لاستخدام النظام القضائي المحلي قبل أن تتخذ المحكمة الجنائية أي خطوات تجاه المجني أو المدعى عليه.
- كيف تقيّم العلاقات السعودية الزامبية اقتصادياً وسياسياً؟
- أول زيارة لي لمنطقة الشرق الأوسط، بدأتها بالسعودية، وهذا ليس فقط بسبب أهمية العلاقات والمشتركات المهمة التي تربطنا بالمملكة، وإنما أيضاً لأن الرياض تمثل الصديق الموثوق به والشريك الاستراتيجي بالنسبة لنا.
كما أن بلدينا يتمتعان بعلاقات سياسية تنمو بشكل جيد، الأمر الذي مكننا من استكشاف فرصة كبيرة للتعاون في المجال الاقتصادي، وتأسيس شراكة استراتيجية وحلفاء على قدر كبير في مختلف المجالات.
هناك مجالات يمكن للبلدين التعاون فيها، تشمل الزراعة لتأمين الغذاء، بجانب التجارة والاستثمارات وتطوير البنى التحتية والصحة والطاقة والنقل والاتصالات بجانب صناعة الاستقرار السياسي والأمني والسلام.



النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.


كيف وسّع تنظيم «القاعدة» نفوذه في غرب أفريقيا؟

عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

كيف وسّع تنظيم «القاعدة» نفوذه في غرب أفريقيا؟

عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)

أعلن تنظيم «القاعدة» أنه شنّ خلال الشهر الماضي أكثر من 70 عملية في دول الساحل وغرب أفريقيا، ما أسفر عن سقوط أكثر من 139 قتيلاً، في وقت تعيش فيه هذه المنطقة أسوأ وضع أمني منذ عقدين.

ونشرت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة للتنظيم تقريراً يتضمن حصيلة عملياتها في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وبنين، بالإضافة إلى نيجيريا التي شنت فيها الجماعة أول هجوم على أراضيها خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وزعمت الجماعة أن عملياتها أسفرت عن تدمير قرابة 40 آلية عسكرية، وأكثر من 100 دراجة نارية.

آلية تابعة لجيش مالي قال تنظيم «القاعدة» إنه دمرها قرب مدينة غاو (تواصل اجتماعي)

وحول طبيعة العمليات، قالت الجماعة إنها شنّت أكثر من 62 غارة، و27 هجوماً باستخدام العبوات الناسفة، ونصبت أكثر من ستة كمائن، ونفذت عمليتين بالقصف المدفعي، واستولت على أكثر من 180 قطعة سلاح متوسط. كما زعمت أنها أسرت سبعة جنود، دون تحديد دولهم.

ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من هذه الأرقام، في ظل غياب مصادر مستقلة.

توسع النفوذ

وتعليقاً على هذه الحصيلة، قال الباحث في قضايا دول الساحل والصحراء والجماعات المسلحة محمدن أيب إن أغلب الهجمات كانت من تنفيذ «جبهة تحرير ماسينا»، التي وصفها بـ«القوة الضاربة» في جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» لأن أغلب مقاتلي الجماعة في المنطقة هم من هذه الجبهة التي أنشأها أمادو كوفا سنة 2015.

عناصر من الأمن تعزز وجودها في باماكو عاصمة مالي خلال حصار خانق فرضه تنظيم «القاعدة» (أ.ف.ب)

وأشار أيب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عدد مقاتلي «القاعدة» في منطقة الساحل وغرب أفريقيا يقدر بأكثر من 18 ألفاً، مستنداً لأرقام أوردها مصدر قال إنه «موثوق» من داخل «نصرة الإسلام والمسلمين». وأضاف أن ذلك أسهم في «زيادة عمليات التنظيم في المنطقة بنسبة 21 في المائة بالمقارنة مع الأشهر الأخيرة».

وأوضح أن ارتفاع عدد العمليات يعود إلى حصار باماكو، عاصمة مالي، وما حدث فيه من استهداف لصهاريج الوقود، بالإضافة إلى دخول مناطق جديدة إلى حيز الهجمات للمرة الأولى، مثل شمال نيجيريا. لكنه أكد أن حصيلة العمليات «ضعيفة جداً» بالمقارنة مع عددها ومع العمليات التي شنها التنظيم خلال أشهر سابقة.

صهاريج وقود أضرم مقاتلو «القاعدة» النار فيها على طريق يربط مالي بالسنغال (إعلام محلي)

من جهة أخرى، أكد الباحث أن توسع تنظيم «القاعدة» يرجع إلى نفوذ «جبهة تحرير ماسينا» والكتائب التابعة لها؛ وضرب مثلاً بـ«كتيبة حنيفة» التي توجد في النيجر، والتي قال إنها كانت في السابق مجرد كتيبة عادية وصغيرة قبل أن تصبح الآن «قوة ضاربة تحكم حدود النيجر مع بوركينا فاسو، وتتبع لها كتيبة أخرى تدعى (كتيبة مسلم) تنشط في شرق بوركينا فاسو وتنفذ عمليات شمال بنين».

وأضاف أن نفوذ كتائب «ماسينا» توسع في بوركينا فاسو ليصل إلى الحدود مع ساحل العاج، كما توسع في مالي ليصل إلى الحدود مع موريتانيا والسنغال.

جنود من جيش مالي خلال إنزال لمطاردة مسلحين من «القاعدة» في إحدى الغابات (إعلام محلي)

لكنه قال: «بالنظر إلى كل هذا التوسع، يمكن القول إن الحصيلة التي أعلن عنها التنظيم عادية جداً؛ سواء من حيث حصيلة العمليات، أو الحصول على العتاد والسلاح من ثكنات جيوش دول الساحل: النيجر ومالي وبوركينا فاسو».

العمليات «الانغماسية»

وفي رأي أيب، فإن تقرير تنظيم «القاعدة» غابت عنه العمليات «التي تسمى عندهم بالعمليات الانغماسية، وهي عمليات من تنفيذ كوماندوس يستهدف نقطة حساسة دون التخطيط للخروج منها أو العودة، مثل العملية التي استهدف فيها التنظيم مطار باماكو شهر سبتمبر (أيلول) 2024».

بقايا آلية عسكرية قال تنظيم «القاعدة» إنه دمرها في هجوم بولاية غاو شمال مالي في أكتوبر 2025 (تواصل اجتماعي)

وأوضح الباحث أن «العمليات الانغماسية رديفة للعمليات الانتحارية، وتسمى في أدبيات تنظيم (القاعدة) بالسلاح الاضطراري»، مشيراً إلى أن عدم لجوء التنظيم إليها في الفترة الأخيرة «يعني تحكمه في المنطقة، أي أن التنظيم لا يحتاج إلى انغماسيين أو انتحاريين يرسلهم لتنفيذ عمليات، لأنه يتحكم في طرق الإمداد».

وأضاف: «هذا التحكم جعل تنظيم (القاعدة) لا يلجأ إلى العمليات الانغماسية والانتحارية، واكتفى بالمحاصرة والهجوم واستخدام الدراجات النارية».

«فوضى إعلامية»

ولفت الباحث إلى أن جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» تعيش حالياً ما يمكن تسميته «الفوضى الإعلامية»، مشيراً إلى وجود حالة من «عدم التنسيق» بين الأذرع الإعلامية لتنظيم «القاعدة» في المنطقة.

وأوضح أن التنظيم كان يعتمد في السابق اعتماداً تاماً على «مؤسسة الأندلس» لنشر بياناته وتقاريره والدعاية لعملياته، ثم ظهرت بعد ذلك «مؤسسة الزلاقة» لتلعب الدور نفسه في غرب أفريقيا والساحل.

متحدث باسم «القاعدة» خلال مقطع فيديو يعلن فيه حصار باماكو (إعلام محلي)

وفي الوقت ذاته ظهرت قناة جديدة اسمها «الفتح»، تنشر أخبار التنظيم وعملياته، كما أن المقاتلين ينشرون بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو من جوالاتهم مباشرة.

وأضاف أن ذلك دفع قاضي التنظيم والمتحدث الرسمي باسمه، محمود باري، إلى أن يتحدث ويطلب من المقاتلين «التخفيف في نشر مقاطع الفيديو»، وهو ما عدّه الباحث دليلاً على «فوضى إعلامية داخل جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين)، وأنها أصبحت خارج نطاق تحكم تنظيم (القاعدة) التقليدي»، أي التنظيم الأم.


نيجيريا تعين وزير دفاع جديداً وتعيد هيكلة منظومتها الأمنية «المتعثرة»

وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)
وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)
TT

نيجيريا تعين وزير دفاع جديداً وتعيد هيكلة منظومتها الأمنية «المتعثرة»

وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)
وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)

وسط ازدياد عمليات «الخطف الجماعي» وغيرها من «الجرائم الإرهابية»، اتخذت نيجيريا خطوات لتعزيز منظومتها الأمنية وإعادة هيكلتها، وعينت وزير دفاع جديداً أملاً في التصدي لمثل هذه المخاطر؛ كما اتخذت قرارات تمنع العفو عن المتورطين في جرائم الخطف والإرهاب، وتشدد الرقابة على حيازة الأسلحة وبيعها.

وبعد جلسة فحص «معمَّقة»، أقر مجلسا الشيوخ والنواب، الأربعاء، تعيين رئيس الأركان السابق الفريق كريستوفر موسى وزيراً للدفاع، بعد استجوابه حول خطته لمواجهة انعدام الأمن وتصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية وعمليات الخطف الجماعي في البلاد.

واستمرت جلسة مجلس الشيوخ قرابة أربع ساعات، ووصفتها الصحف المحلية بأنها كانت «عاصفة وغلبت عليها الخلافات الحزبية»، كما توقفت عدة مرات بسبب «احتجاجات صاخبة داخل القاعة»؛ وهو ما يعكس مستوى التوتر والضغط الشعبي بسبب سوء الأوضاع الأمنية في بلد يتجاوز تعداد سكانه 200 مليون نسمة، ويُعد أكبر مُصدر للنفط والغاز في أفريقيا.

بدأت الجلسة ساخنة حين اقترح أحد أعضاء المجلس عدم «استجواب» الفريق موسى حين يمثل أمام الجلسة لعرض خطته، مشيراً إلى حساسية القضايا الأمنية التي عادة تناقش «وراء أبواب مغلقة»، على حد وصفه.

ولكن المقترح أثار غضب عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ؛ ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل رئيس المجلس غودسويل أكبابيو لضبط النظام قائلاً: «هذه ليست ساعة للمرور دون استجواب».

خطة الوزير

خضع موسى لأسئلة دقيقة حول تمويل الدفاع، وإخفاق الاستخبارات، وفجوات التكنولوجيا، وتصاعد عمليات قُطاع الطرق، وتوغّل الإرهابيين، وحوادث الاختطاف المتكررة.

أفراد من قوة مهام مدنية يجوبون مناطق بمدينة مينا النيجيرية لملء الفراغ الأمني 29 نوفمبر 2025 (رويترز)

وقدَّم موسى خطته لتسيير وزارة الدفاع، التي تضمنت تسع نقاط بارزة، على رأسها سحب الجيش من الحواجز الروتينية، وتسليم هذه الحواجز للشرطة والدفاع المدني، وإعادة نشر القوات المسلحة في الغابات لملاحقة الإرهابيين في مخابئهم.

كما تضمنت الخطة ما سماه «تعزيز التنسيق مع الحكّام والوزارات، وإشراك المجتمعات المحلية، ومكافحة التعدين غير المشروع المموّل للإرهاب». وأشار الوزير إلى أهمية تعزيز الأمن البحري، وتوسيع الرقابة الحدودية حتى الكاميرون، وحماية الأراضي الزراعية لضمان الأمن الغذائي.

وتعهد الوزير بالعمل على فرض «فحص صارم للتجنيد مدعوم بأنظمة رقمية»، وأكد أن القوات المسلحة «لن تسمح بضمّ عناصر سابقة في الجماعات المتطرفة»، وذلك وسط اتهامات بوجود ثغرات استخباراتية سببها وجود جنود لديهم سوابق إرهابية.

وقال الوزير الجديد إن الحل الجذري لهذه الشكوك هو «قاعدة بيانات وطنية شاملة تمنع المجرمين من الإفلات عبر تغيير أماكن إقامتهم».

«فجوة التسليح»

خلال مساءلة الفريق موسى، قال نائب رئيس مجلس الشيوخ غودسويل أكبابيو إن «التمرد الإرهابي» كان في تراجع قبل «التصريح الشهير» للرئيس الأميركي دونالد ترمب حول نيته التدخل عسكرياً في نيجيريا لحماية المسيحيين، لكن هذا التصريح أدى إلى «تفاقم التوتر الأمني».

أفراد من قوة مهام مدنية يقفون للحراسة أمام كنيسة بمدينة مينا النيجيرية 30 نوفمبر 2025 (رويترز)

وطالب السيناتور علي ندوم بوضع القوات المسلحة «ضمن بند الصرف المباشر»، وذلك «لضمان حصولها على تمويل فوري من الحساب الاتحادي دون عراقيل بيروقراطية»، وقال: «الأمن أهم من التسويف... لا مبرر لأي تأخير في التمويل»، ودعا إلى تحسين أوضاع الجنود، مشيراً إلى أنّ رواتب الجنود النيجيريين ليست ضمن الأفضل في غرب أفريقيا.

وأثار بعض أعضاء مجلس الشيوخ مسألة «فجوة التسليح»، وأشاروا إلى أن الجماعات الإرهابية والعصابات تمتلك أسلحة أكثر تطوراً من الجيش. وسأل أحدهم: «لماذا نرى قطّاع طرق يحملون أسلحة متقدمة، بينما ما زالت قواتنا تحمل بنادق كلاشنيكوف؟».

وهُنا أجاب الفريق موسى بالقول إن «فجوات كبيرة لا تزال موجودة، خصوصاً في الجانب التقني وتكامل المعلومات الاستخبارية»، وتعهد بالعمل على «إصلاحات عاجلة».

لا فدية

وفي سياق ردوده، قال موسى: «لا تفاوض مع المجرمين والإرهابيين. يجب وقف دفع الفدية. ولا يجوز للولايات عقد صفقات تُقوّض الأمن القومي»، وذلك في إشارة إلى الأموال الكبيرة التي تجنيها شبكات الإرهاب والجريمة في نيجيريا من عمليات الخطف.

فصل دراسي خاوٍ بمدرسة ثانوية للبنات في مدينة مينا النيجيرية بعد قرار الحكومة إغلاق المدارس بشمال البلاد لانعدام الأمن 1 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وأضاف الوزير الجديد أن الانتصار في الحرب على الإرهاب لا يتوقف على الجيش وحده، وقال: «الأمن يبدأ من الحكم الرشيد والعدالة والإنصاف... 30 في المائة فقط من الحرب عسكرية، والباقي حوكمة».

وانتقد بشدة «التأخر الكبير في محاكمات الإرهاب والاختطاف»، عادّاً أن هذا التأخر «يُضعف معنويات الأجهزة الأمنية».

قوانين صارمة

وبالتزامن مع جلسة الشيوخ، عقد مجلس النواب جلسة أخرى كانت عاصفة، وانتهت بالمصادقة على قوانين جديدة تتضمن تصنيف الاختطاف «جريمة إرهابية» عقوبتها الإعدام دون خيار الغرامة، وحظر دفع الفدية ومنح العفو، وتشديد الرقابة على الأسلحة وإخضاعها لمراجعة وطنية شاملة، وإنشاء نظام جرد موحد مدعوم بتتبع رقمي.

وصادق النواب على قانون إنشاء محكمة خاصة بالإرهاب وقطاع الطرق والمتورطين في الخطف الجماعي، كما أقروا قانوناً ينص على «ملاحقة ممولي الإرهاب علناً».

وفي إطار تعزيز الحرب على الإرهاب، صادق النواب على قانون يعد «ميزانية الأمن ضمن خط الصرف المباشر، وأولوية تلقائية في الصرف المالي المباشر دون تأخير ودون قيود بيروقراطية»، كما وافق المجلس على إعلان الأمن الحدودي «حالة طوارئ»، وعلى إنشاء حرس الحدود الوطني، وتنظيم وتدقيق عمل شركات الأمن الخاصة.

وينص الدستور في نيجيريا على أن القوانين التي صادق عليها مجلس النواب، لا تكون سارية المفعول إلا إذا صادق عليها مجلس الشيوخ، ومن المنتظر أن تُحال للشيوخ خلال أيام، لمناقشتها والمصادقة عليها.