طهران تطالب الدول الخمس بمسار واضح لإنقاذ الاتفاق النووي

ماي ترحب بمواقف روحاني وتحذره من التصعيد الإقليمي... وانتقادات للحكومة الإيرانية من رئيس {مجلس خبراء القيادة} وقائد «الحرس الثوري»

وزير الخارجية الإيراني في أولى محطات جولة «إنقاذ الاتفاق النووي» يجري مشاورات مع نظيره الصيني وانغ يي في بكين أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الإيراني في أولى محطات جولة «إنقاذ الاتفاق النووي» يجري مشاورات مع نظيره الصيني وانغ يي في بكين أمس (أ.ف.ب)
TT

طهران تطالب الدول الخمس بمسار واضح لإنقاذ الاتفاق النووي

وزير الخارجية الإيراني في أولى محطات جولة «إنقاذ الاتفاق النووي» يجري مشاورات مع نظيره الصيني وانغ يي في بكين أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الإيراني في أولى محطات جولة «إنقاذ الاتفاق النووي» يجري مشاورات مع نظيره الصيني وانغ يي في بكين أمس (أ.ف.ب)

اشترط الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس، التزام الدول الخمس المشاركة في الاتفاق النووي بـ«تعهداتها» للبقاء ضمن خطة العمل المشترك حول برنامجها النووي. وفي اتصال هاتفي، رحبت رئيسة الوزراء البريطانية بمواقفه، إلا أنها ضمن إدانة الهجمات الصاروخية الإيرانية على الجولان، طالبت طهران بتجنب أي صعيد إقليمي. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في أول محطة جولة «الإنقاذ»، إن طهران تأمل التوصل إلى إطار واضح مع الدول الخمس، في حين اعتبر قائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري «الاتفاق النووي مجالاً لتجذر العقوبات ضد طهران».
وأجرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، مكالمة هاتفية مع الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس. وأكدت موقف بريطانيا وحلفائها الأوروبيين بالالتزام الراسخ في الحفاظ على الاتفاق النووي. وقالت إن الحفاظ على الاتفاق يخدم كلاً من مصالح الأمن القومي في المملكة المتحدة وإيران، كما رحبت بـ«التزام روحاني العلني بشروط الاتفاق»، مشددة على ضرورة مواصلة إيران الوفاء بالتزاماتها.
وأوضح بيان صادر من مكتب ماي أن رئيسة الوزراء البريطانية أبلغت روحاني إدانة الهجمات الصاروخية الإيرانية ضد القوات الإسرائيلية، ودعت إيران إلى الامتناع عن أي هجمات مماثلة. وقالت إنه «من المهم تجنب الأعمال الاستفزازية لضمان السلام والأمن في المنطقة».
وأثارت ماي مسألة القضايا القنصلية المتعلقة بالمواطنين مزدوجي الجنسية المحتجزين حالياً في إيران، ودعت إلى إحراز مزيد من التقدم حتى يمكن إطلاق سراح الأفراد على أسس إنسانية. واتفق الجانبان على أهمية استمرار الحوار بين البلدين.
وتناولت المشاورات الاجتماع المرتقب يوم الثلاثاء بين وزراء خارجية المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيران في بروكسل، حيث ستنضم إليهم الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية فيديريكا موغيريني لمناقشة الاتفاق النووي الإيراني والخطوات المقبلة.
وكان روحاني قبل ساعات من الاتصال قد حذر من أن قرار ترمب «يمكن أن يكتب حروف النهاية لاستخدام الدبلوماسية حلاً للخلافات السياسية»، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية.
وقال روحاني في ثالث تعليق على خطوة ترمب إن «انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق دولي هو أيضاً انتهاك للأخلاقيات السياسية، ويلوح بنهاية الحلول الدبلوماسية»، مضيفاً أن الاتفاق «يمكن أن يبقى محمياً بواسطة موقعيه الخمسة الآخرين: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا»، مشيراً إلى أن قرار إيران بالإبقاء على الاتفاق من عدمه يعتمد على قدرة هذه الأطراف الخمسة على مواصلة إتمامه حتى النهاية.
وقال ظريف عقب لقاء له مع نظيره الصيني وانغ يي، إنه يأمل خلال جولة المشاورات مع الدول الخمس في التوصل إلى صورة «أكثر وضوحاً» من مستقبل الاتفاق الذي يواجه خطر الانهيار عقب انسحاب الإدارة الأميركية، بحسب ما نقل عنه موقع الخارجية الإيرانية.
وهبطت طائرة ظريف أمس في مطار موسكو بعد انتهاء مشاوراته في الصين. ومن المفترض أن يلتقي نظيره الروسي اليوم لساعات قبل العودة إلى طاولة المفاوضات مع «الترويكا» الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) لمواجهة نظرائه الأوروبيين.
وتأمل طهران أن تتحول الدول الخمس المشاركة في الاتفاق النووي إلى دول ضامنة للاتفاق بعد تصعيد الإدارة الأميركية الذي بدأ بالانسحاب الأسبوع الماضي، ويتوقع أن يتسع نطاقه بعودة العقوبات الاقتصادية بنسختها الجديدة في عهد ترمب بعدما طويت صفحتها مؤقتاً في عهد الرئيس السابق باراك أوباما بدخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ.
وتحظى زيارة الصين، أكبر شريك تجاري لطهران، بأهمية بالغة لإدارة روحاني، وتقول المصادر الإيرانية إن الصين أبعدت قليلاً في علاقاتها والمبادلات البنكية مع طهران خلال الشهور الماضية حرصاً على سلتها التجارية في الأسواق الأميركية وخشية تعرض البنوك الصينية لعقوبات الخزانة الأميركية. وتتخوف إدارة روحاني من أن يتدهور الوضع أكثر مع عودة العقوبات، وذلك نظراً لتعويل إدارة روحاني على استثمار الشركات الصينية في مجال النفط والغاز.
ولدى وصوله إلى بكين، قال ظريف إن طهران مستعدة «لجميع الخيارات، وإن بداية المفاوضات مع الدول الخمس تحظى بأهمية كبيرة لطهران. إذا كان الاتفاق سيستمر، يجب العمل على ضمان مصالحنا»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأشاد بالشراكة «الاستراتيجية الشاملة» بين الصين وإيران، في حين قال وانغ: «آمل وأؤمن أن تسهم زياراتكم هذه إلى عدة دول (...) في حماية مصالح إيران الوطنية والمشروعة والسلام والاستقرار في المنطقة».
وغادر ظريف باتجاه بكين أول من أمس، بعد لحظات من نشر تغريدة عبر «تويتر» وصف فيها إدارة ترمب بـ«الإدارة المتطرفة»، ونبه ثانية إلى أن إيران مستعدة لاستئناف تخصيب اليورانيوم «على المستوى الصناعي من دون أي قيود»، إلا إذا قدمت القوى الأوروبية ضمانات ملموسة لاستمرار العلاقات التجارية رغم إعادة العقوبات الأميركية.
وسارع ترمب إلى الرد مساء السبت عبر «تويتر»، وكتب أن «موازنة إيران العسكرية ارتفعت بنسبة 40 في المائة منذ التوصل إلى الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليه من قبل (الرئيس السابق باراك) أوباما (...) في مؤشر آخر على أن كل شيء كان كذبة كبيرة».
وفي طهران، أعرب دبلوماسيون أوروبيون عن غضبهم جراء قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي، مشيرين إلى احتمال أن يقوض ذلك سنوات من العمل الدؤوب لاستعادة العلاقات التجارية والدبلوماسية مع إيران، وفقاً لتقرير وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقلت الوكالة عن دبلوماسية غربية معنية بالمسائل التجارية رفضت الكشف عن هويتها: «انتقلنا من أجواء الاندفاع نحو تحقيق الثروة (التي سادت) منذ التوقيع (على الاتفاق النووي) إلى أزمة تثير الاكتئاب». وأضافت: «ننتظر حالياً معرفة الكيفية التي سيرد بها الاتحاد الأوروبي. في حال مال نحو مهادنة الولايات المتحدة، فسيضيع كل التقدم الذي أحرزناه منذ 2015».
ومع إعلان ترمب، عادت الانتقادات إلى سياسات روحاني الخارجية، ولا سيما معارضي وعوده الانتخابية بتحسين العلاقات مع الغرب.
في هذا السياق، نقلت وكالة أنباء «فارس» الناطقة باسم الحرس الثوري عن قائد حرس الثورة اللواء محمد علي جعفري، قوله إن «الأوروبيين أعلنوا مراراً أنه لا يمكنهم الوقوف أمام إجراءات الحظر الأميركية (...) لقد منح المرشد الإيراني الأوروبيين الفرصة للتفاوض وأنهم قدموا ضمانات 100 في المائة، وفي حال لم تؤدِ إلى نتائج يجب أن نواصل مسارنا قبل 5 سنوات، لكنني أستبعد أن يفعلوا ذلك»، مضيفاً: «لذا، تنبغي علينا متابعة مسار الاكتفاء الذاتي الوطني والصناعة النووية بالاعتماد على الطاقات الداخلية».
وقال جعفري إن الاتفاق النووي «بدل أن يكون مانعاً لفرض العقوبات على إيران تحول إلى آلية لتجذر العقوبات على إيران»، منتقداً بعض «المسؤولين» الذين كانوا ينظرون نحو الغرب من دون تسميتهم. وقال: «لدينا قدرات هائلة في البلاد (...) لكن بعض المسؤولين لا يأخذون هذه القدرات في الاعتبار وينظرون إلى الخارج». وأضاف أنه بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي «لن يثق المسؤولون بالغرب والأوروبيين».
ونقلت وكالة «إيسنا» عن جعفري قوله إن الخروج الأميركي «ليس شيئاً جديداً، وفي هذه الحالة، فإن الاقتصاد المقاوم العلاج الوحيد لمواجهة الأعداء، لكن مع الأسف بعض المسؤولين بسبب التباين الجذري بينهم فيما يتعلق بالاقتصاد، فإن المسألة لم تنفذ بشكل صحيح».
والسبت، نشرت صورة على موقع المرشد الإيراني علي خامنئي في «إنستغرام» تظهره يحمل النسخة المترجمة إلى الفارسية من كتاب «النار والغضب» للمؤلف مايكل وولف الذي ينتقد ترمب.
وهذه المرة الثانية التي يصدر موقف من خامنئي حول الكتاب. وكانت المرة الأولى بعد أسبوع من إصدار الكتاب، أشار خامنئي بشكل غير مباشر إلى محتوى الكتاب لدى انتقاده سياسة الإدارة الأميركية.
وكان خامنئي شكك الأسبوع الماضي في إمكانية منح الأوروبيين الضمانات التي تحتاجها إيران للبقاء في الاتفاق النووي.
وفي بيان، قال رئيس مجلسي صيانة الدستور ومجلس خبراء القيادة أحمد جنتي: «في الوضع الحالي، فإن البقاء في الاتفاق النووي دون الحصول على ضمانات واضحة (من أوروبا) لا يضمن بالتأكيد المصالح الوطنية».
وطلب جنتي أيضاً من روحاني «تقديم اعتذارات للشعب الإيراني عن الأضرار التي نجمت عن الاتفاق النووي».
ويحضر مجلس الشورى الإيراني نصاً لمطالبة «الحكومة بالحصول من الأوروبيين على الضمانات اللازمة» التي من دونها سيكون قادراً على استئناف تخصيب اليورانيوم بمستوى أعلى، بحسب موقع المجلس الرسمي.
ووافقت إيران على الحد من برنامجها النووي في إطار اتفاق 2015 لقاء رفع جزئي للعقوبات الدولية. لكن رئيس مكتب روحاني اعتبر وقوف الدول الخمس مع إيران بعد خطوة ترمب «رأسمال» لإيران، مطالباً المسؤولين الإيرانيين بالحفاظ على الوحدة والانسجام، وقال في تصريح لوكالة «إيسنا» التابعة لحكومة روحاني، إن البلاد بحاجة إلى «تعزيز الاقتصاد في ظل الظروف الحالية».
وعن الخلافات، دعا إلى الحوار والوئام بين التيارات السياسية وكبار المسؤولين في النظام.



إسرائيل ترفض اتهامات إيران حول مسؤوليتها عن سقوط الأسد

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)
TT

إسرائيل ترفض اتهامات إيران حول مسؤوليتها عن سقوط الأسد

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم (الأربعاء)، رفض الدولة العبرية الاتهامات الإيرانية بوجود «مؤامرة أميركية - إسرائيلية مشتركة» للإطاحة بنظام الأسد في سوريا، متهماً إيران بمحاولة إقامة «جبهة شرقية» على الحدود مع الأردن، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال كاتس خلال جولة مع قادة عسكريين على الحدود الأردنية، إن المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، «اتهم اليوم إسرائيل بسقوط الأسد... على خامنئي أن يلوم نفسه» بدلاً من ذلك، ويكف عن تمويل المجموعات المسلحة «في سوريا ولبنان وغزة لبناء الأذرع التي يوجهها في محاولة لهزيمة دولة إسرائيل».

وأضاف وزير الدفاع: «جئت اليوم إلى هنا لأضمن أن إيران لن تنجح في بناء ذراع الأخطبوط التي تخطط لها، وتعمل على إنشائها هنا من أجل إقامة جبهة شرقية ضد دولة إسرائيل».

وأشار كاتس إلى أن إيران تقف وراء «محاولات تهريب الأسلحة وتمويل وتعزيز الإرهاب (في الضفة الغربية المحتلة) عبر الأردن».

وقال إنه أصدر تعليمات للجيش «بزيادة العمليات الهجومية ضد أي نشاط إرهابي» في الضفة الغربية و«تسريع بناء السياج على الحدود الإسرائيلية - الأردنية».

في خطابه الأول منذ سقوط نظام الأسد، الأحد، اتهم خامنئي الولايات المتحدة و«الكيان الصهيوني» بالتخطيط للإطاحة بالأسد.

وأوضح: «لا يجب أن يشكك أحد في أن ما حدث في سوريا هو نتاج مخطط أميركي صهيوني مشترك».

وكان للأسد دور استراتيجي في «محور المقاومة» الإيراني المناهض لإسرائيل.