طرقات وممرات شمسية للسير وتوليد الطاقة النظيفة

مشاريع عالمية قد تغيّر وجه شبكات النقل

طريق شمسي في ولاية جورجيا الأميركية
طريق شمسي في ولاية جورجيا الأميركية
TT

طرقات وممرات شمسية للسير وتوليد الطاقة النظيفة

طريق شمسي في ولاية جورجيا الأميركية
طريق شمسي في ولاية جورجيا الأميركية

لم تعد مهمّة الطرقات محصورة بالسير أو قيادة العربات، إذ تثبت مشاريع الممرّات أو الطرقات الشمسية حول العالم اليوم أنّ الشوارع يمكن أن تكون موطئ قدم من جهة، وأن تولّد الطاقة النظيفة في آن معاً.
- عالم الطرقات الشمسية
وتوجد ستة مشاريع في دول مختلفة كالصين وجورجيا تسلط الضوء على التقنيات المنتظرة في عالم الطرق الشمسية، التي قد تغيّر قواعد اللعبة في البنى التحتية في العالم.
مثلا، تعتمد «سولار رودوايز Solar Roadways» على وحدات ألواح شمسية مغطاة بالزجاج الصلب. وقد أطلق سكوت وجولي بروساو مشروع «سولار رودوايز» قبل عدّة سنوات بهدف تحويل الطرقات الإسفلتية العادية إلى طرقات منتجة للطاقة. وعمد صاحبا المشروع إلى استخدام ألواح شمسية مغلّفة بالزجاج الصلب كبديل للرصيف التقليدي، واحتفلا عام 2016 بأوّل تدشين لهذه الألواح في مكان عام، في مسقط رأسهما بلدة ساندبوينت، في أيداهو في الولايات المتحدة.
ثم أعلنا بعد ذلك أنّهما سيطبقان مشروعهما في قسم من إحدى الطرق الرئيسية في ولاية ميزوري، ولكن خطتهما وصلت إلى طريق مسدود.
إلا أنهما أعلنا أخيراً أن جهات مهتمّة بمشروعهم في كلّ من كوريا الجنوبية، وأستراليا، ودبي، وأبوظبي، والنمسا.
وفي أواخر 2016، افتتحت فرنسا ما عرف بأوّل طريق شمسي في العالم. امتدّ هذا الطريق على مساحة كيلومتر واحد في منطقة «توروفر أو بيرش»، وتمّ بناؤه بتقنية من إنتاج «كولاس واط واي». والطريق الذي تألّف من 2880 لوحا شمسيا ينتج طاقة تكفي لتشغيل أضواء الشوارع في قرية يسكنها 3400 شخص.
بعد أشهر قليلة من عملها في فرنسا، وصلت «كولاس واط واي» إلى الولايات المتحدة، حيث بنت منظمة «راي سي. أندرسون» طريقاً شمسياً مساحته 538 قدما مربع بالقرب من حدود جورجيا - ألاباما، فكان أول مشروع تجريبي للشركة في أميركا. شكّل هذا الطريق الشمسي جزءا من مشروع المنظمة «ذا راي»، وهو عبارة عن مختبر حي يمتدّ على مسافة 18 ميلا لاختبار التقنيات المتجددة، ويتضمن أيضاً ممرّاً لتنظيف الماء من التلوث ومحطة لشحن السيارات الكهربائية عبر الطاقة الشمسية.
وقبل بضعة أشهر، تمّ افتتاح طريق شمسي بطول كيلومتر واحد في منطقة جينان في الصين، بنته مجموعة «كيلو» للمواصلات. يتألف الطريق من ثلاث طبقات: مادة عازلة في الطبقة السفلية، وألواح شمسية في الطبقة الوسطى، وإسفلت شفاف في الطبقة العليا. غطّت الألواح الشمسية نحو 63238 قدما مربعا، في زقاقين عاديين وزقاق للطوارئ، لإنتاج مليون كيلوواط من الطاقة المتجدّدة سنوياً. في حادثة غريبة، عمد بعض اللصوص إلى سرقة جزء صغير من الطريق بعد أيام على إطلاقه، ممّا دفع الناس إلى ترجيح أنّ السرقة كانت بهدف معرفة كيفية عمل هذه التقنية، خاصة وأنّ الألواح الشمسية ليست باهظة الثمن. بعدها، تمّ إصلاح الطريق.
- ممرات الدراجات
إن استخدام الألواح الشمسية غير محصور ببناء الطرق السريعة، إذ يمكن الاستفادة منها في بناء ممرّات الدراجات أيضاً، كالممر الذي نفذ في منطقة كروميني في هولندا. فبعد سنة واحدة، أنتج ممرّ الدراجات الذي بنته شركة «سولا رود» من الألواح الشمسية 70 كيلوواط من الطاقة في المتر المربع الواحد، أي طاقة تكفي ثلاثة منازل، فاقت توقعات المصممين. وقالت «ستين دي ويت أو تي أن أو»، المنظمة البحثية التي تقف خلف مشروع «سولا رود» إنّ معظم الناس لا يلاحظون الفرق بين ممر الدراجات الشمسي والممرّ العادي. يمكن الاستفادة من الألواح الشمسية في بناء الأرصفة أيضاً. فقد بنت شركة «بلاتيو» أخيراً رصيفاً شمسياً بمساحة 50 قدما مربعا، مصمّم من البلاستيك المعاد تدويره، يؤدي مهمة مزدوجة: إذ إنه يتيح للناس فرصة السير عليه أثناء إنتاجه للطاقة النظيفة المستخدمة في شحن السيارات الكهربائية. وبنت «بلاتيو» النظام الذي يولّد 720 كيلوواط كحدّ أقصى في منشأة لشركة «برولوجيس» في بودابست، وتطلّبت عملية البناء يوماً واحداً. وتجدر الإشارة إلى أنّه عندما يكون هذا الرصيف الشمسي غير مشغول بشحن الألواح الشمسية، تساهم الطاقة التي يولّدها في تشغيل مبنى مكتبي قريب.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.