انسحاب ترمب يضاعف معاناة الإيرانيين

مخاوف في الشارع من تطورات النووي والتصعيد في سوريا

إيرانيون يعبرون من شارع في وسط العاصمة طهران الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)
إيرانيون يعبرون من شارع في وسط العاصمة طهران الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)
TT

انسحاب ترمب يضاعف معاناة الإيرانيين

إيرانيون يعبرون من شارع في وسط العاصمة طهران الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)
إيرانيون يعبرون من شارع في وسط العاصمة طهران الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)

محمد شاب في الأربعين من عمره. يرتدي قميص جينز أزرق اللون ويجلس فوق كرسي بلاستيكي على جنب الشارع. بيده حزمة من الأموال. هذه المواصفات تدل على أولئك الذين يعملون في بيع وشراء الدولار في شارع إسطنبول. هذه الأيام كلهم خائفون. من غموض أسعار العملة ومن الشرطة.
أقول له: بكم الدولار؟ يقول لا يمكن العثور عليه. أصر تحت ذريعة حاجتي الملحة إلى الدولار. يقول 74000 ريال. عندما أحتج على السعر، يقول لي إنك ستجده بسعر أعلى بعد ساعة.
لا توجد أخبار هنا عن وعود الحكومة، كلهم يضحكون على دولار نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري الذي أعلن ضخه في الأسواق بسعر ثابت. يتم بيع الدولار هذه الأيام بضعف سعر الحكومة في الأسواق.
«السوق ملتهبة منذ أيام على إعلان الانسحاب الأميركي من الأسواق ولم تهدأ مذاك لكن نيران خروج ترمب من الاتفاق النووي تلتهم الأسواق». هذا ما يقوله بيجن، بائع الذهب في سوق كريم خان، واحدة من الأسواق الرئيسية لبيع وشراء الذهب في العاصمة. أسعار الذهب بعض المرات تتغير في أقل من الساعة. «غلاء الذهب من صالحكم» أقول له فيرد: بالمناسبة هو في ضرر البائع لأنني مجبر على حفظ أموال في البنوك ولكن في المرات التالية أشتري ذهبا أقل بالأموال التي أملكها. قيمة العملة تتراجع باستمرار.
سعر العملة الإيرانية تراجع خلال أسبوع 25 في المائة. وعلى مدى الأشهر الخمسة الماضية فقدت العملة نحو 100 في المائة من قيمتها. في ديسمبر (كانون الأول) الماضي كان سعر الدولار 36000 ريال والآن ارتفع إلى أكثر من 70000 ريال.
لكن كبار المسؤولين يصرون على عدم حدوث أي شيء في الأسواق. «من يقول بأن سعر الدولار ارتفع؟» هذا ما قاله قبل أيام إسحاق جهانغيري نائب الرئيس الإيراني وبعدما أنكر كل شيء أصر على أن الدولار 42000 ريال والأسعار الأخرى مجرد إشاعات.
لكن الإشاعة ملموسة أكثر للناس في الشارع والسوق من كلام رجال الحكومة. يمكن رؤية ذلك في أسعار السلع. في الشارع الذي يحمل اسم «الجمهورية الإسلامية» أسأل عن سعر أحد أجهزة سامسونغ. يقول 13.8 مليون ريال. أسأله لماذا الغلاء لهذا الحد؟ فيرد أنه باع نفس الجهاز قبل أسبوعين 7.3 مليون. لعلمكم هذا يعادل زيادة نحو 90 في المائة. هذا الوضع يفرض نفسه على كل محلات بيع السلع المنزلية في نفس الشارع. بعض الباعة عندما أسألهم عن الأسعار يتصلون وبعد ذلك يردون على السؤال. ولدى استفساري عن السبب يقولون إن الأسعار ترتفع كل لحظة.
رئيس البنك المركزي الذي تراجعت قیمة العملة الوطنية في زمانه إلى النصف يتحدث بوضوح عن عدم تأثير الانسحاب الأميركي على الاقتصاد الإيراني. لكن السوق تقول شيئا آخر. السوق مضطربة إلى حد يوقف الباعة عملية البيع في بعض الساعات.
أستاذ الاقتصاد في إحدى جامعات طهران يقول إن الحكومة ضخت مقادير من الدولار لمنع تفجر أسعاره. لكن رغم ذلك فإن السوق ملتهبة. إنه يقول بأنها بداية الطريق. بعد أسبوعين تدخل بعض العقوبات مرحلة التطبيق وتكتمل بعد ستة أشهر. لذلك لم نتلق الضربات الأساسية بعد.
ستشمل العقوبات «بيع وشراء العملة أو المستندات المالية القائمة على الدولار من قبل الحكومة الإيرانية. بيع وشراء الذهب والمعادن الأخرى. بيع وشراء أو نقل الجرافيت أو الفلزات الخام مثل النحاس والحديد والفحم الحجري وأدوات مستخدمة في الصناعات الإيرانية وافتتاح حسابات في خارج الحدود الإيرانية لدعم العملة المحلية ونقل الريال بأرقام كبيرة. التوفير المالي الأجنبي وشراء المستندات المالية من الحكومة الإيرانية وصناعة السيارات الإيرانية وبيع وشراء قطع الطائرات وبيع المواد الغذائية المنتجة في إيران».
هذا فقط جانب من العقوبات التي من المفترض أن تبدأ خلال ثلاثة أشهر لكي تواجه إيران أصعب فترات تاريخ العقوبات الدولية. وهو ما أكده الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل أيام في خطاب الانسحاب من الاتفاق النووي.
ومع ذلك يدق المسؤولون الحكوميون على طبل التقليل من أهمية تأثير قرار ترمب على الاقتصاد الإيراني. لكن هذا فقط وجهة نظر السلطات الرسمية. كثير من الخبراء يحذرون من أن الاقتصاد الإيراني قد لا يمكنه الصمود أمام كل هذه الضغوط. الكلام الأكثر وضوحا يقوله الناس في الشارع. الإيرانيون خائفون من المستقبل. وهذا الخوف يمكن تلمسه بوضوح في الكلام الذي يقولونه عن ارتفاع سعر السلع في إيران.
منذ الاثنين أضيف وجع آخر على آلام الناس فقد خيم فوق رؤوس الإيرانيين شبح الحرب إضافة إلى شبح العقوبات. أما عن المواجهة الإيرانية الإسرائيلية في سوريا فالإيرانيون يبدون تخوفهم من تحول المناوشات إلى حرب. بعض وسائل الإعلام العالمية وصفت ما حدث خلال الأسبوع الماضي على أنه شرارة أول نزاع مباشر بين إيران وإسرائيل. بيجن بائع الذهب في شارع كريم خان يقول: الحرب لا! الله يبعد عنا الحرب، ظهورنا جميعا تنقصم إذا بدأت الحرب.



تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية بغداد إلى حماية حقوق المواطنين التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشالي، إن أنقرة تتابع من كثب أنباء عن عمليات نقل جماعي للكرد من إقليم كردستان شمال العراق إلى كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني، وتحذر من العبث بالتركيبة الديموغرافية في المحافظة.

وتابع كيتشالي أنه «رغم البيانات المتعلقة بالانتماء العرقي لم يتم جمعها في التعداد السكاني، فإن التنقل السكاني المكثف قد تسبب بحق في إثارة قلق التركمان والعرب».

وعد ما جرى يمثل «مخالفة ستؤدي إلى فرض أمر واقع يتمثل في ضم جماعات ليست من كركوك إلى سكان المحافظة، وسيؤثر ذلك على الانتخابات المزمع إجراؤها في المستقبل».

المتحدث باسم الخارجية التركية أونجو كيتشالي (الخارجية التركية)

وشهد العراق تعداداً سكانياً، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، لأول مرة منذ 37 عاماً، وشمل جميع محافظات البلاد، بطريقة إلكترونية، وبمشاركة 120 ألف موظف، وسط فرض حظر للتجوال ودون تضمين أسئلة تتعلق بالانتماء العرقي والطائفي، لتجنب حدوث أي انقسام داخل المجتمع المكوّن من مكونات مختلفة، وفقاً للحكومة العراقية.

وشدد كيتشالي على أن تركيا بجميع مؤسساتها تقف إلى جانب التركمان العراقيين، وتحمي حقوقهم ومصالحهم، مضيفاً أنه «في هذا السياق، فإن سلام وأمن مواطني التركمان، الذين يشكلون جسر الصداقة بين العراق وتركيا ولديهم كثافة سكانية كبيرة في العراق، يشكلان أولوية بالنسبة لتركيا، كما أن كركوك تعد من بين الأولويات الرئيسية في العلاقات مع هذا البلد».

وقال: «نتوقع من السلطات العراقية ألا تسمح للمواطنين التركمان، الذين تعرضوا لمذابح واضطهاد لا حصر لها في القرن الماضي، بأن يقعوا ضحايا مرة أخرى بسبب هذه التطورات الأخيرة في نطاق التعداد السكاني».

وأضاف: «حساسيتنا الأساسية هي أنه لا يجوز العبث بالتركيبة الديموغرافية التي تشكلت في كركوك عبر التاريخ، وأن يستمر الشعب في العيش كما اتفقت عليه مكونات المحافظة».

السلطات العراقية قالت إن التعداد السكاني يهدف إلى أغراض اقتصادية (إ.ب.أ)

كان رئيس الجبهة التركمانية العراقية، حسن توران، قد صرح الأربعاء الماضي، بأن 260 ألف شخص وفدوا من خارج كركوك وتم إدراجهم في سجلات المحافظة، بهدف تغيير التركيبة السكانية قبيل إجراء التعداد السكاني العام.

ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن توران أنهم رصدوا استقدام أعداد كبيرة من العائلات الكردية من محافظتي أربيل والسليمانية إلى مدينة كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني، وطالب بتأجيل إعلان نتائج تعداد كركوك لحين فحص سجلات تعداد 1957 الخاص بمدينة كركوك.

بدوره، أكد محافظ كركوك، ريبوار طه، أن «مخاوف أشخاص وجهات (لم يسمها) حول التعداد لا مبرر لها»، وقال في مؤتمر صحافي، إن التعداد يهدف «لأغراض اقتصادية وسيحدد السكان الحقيقيين، مما يساهم في تحسين الموازنة»، على حد قوله.