السعودية تطلق برامج ومبادرات لدعم صناعة الأفلام

على هامش مشاركة الهيئة العامة للثقافة في مهرجان «كان»

الهيئة العامة للثقافة تعلن عن إطلاق برامج  ومبادرات لدعم صناعة الأفلام في السعودية (واس) - في ركن المجلس السعودي للأفلام داخل سوق الأفلام بمهرجان كان السينمائي (رويترز)
الهيئة العامة للثقافة تعلن عن إطلاق برامج ومبادرات لدعم صناعة الأفلام في السعودية (واس) - في ركن المجلس السعودي للأفلام داخل سوق الأفلام بمهرجان كان السينمائي (رويترز)
TT

السعودية تطلق برامج ومبادرات لدعم صناعة الأفلام

الهيئة العامة للثقافة تعلن عن إطلاق برامج  ومبادرات لدعم صناعة الأفلام في السعودية (واس) - في ركن المجلس السعودي للأفلام داخل سوق الأفلام بمهرجان كان السينمائي (رويترز)
الهيئة العامة للثقافة تعلن عن إطلاق برامج ومبادرات لدعم صناعة الأفلام في السعودية (واس) - في ركن المجلس السعودي للأفلام داخل سوق الأفلام بمهرجان كان السينمائي (رويترز)

كشفت الهيئة العامة للثقافة السعودية أمس عن إطلاق عدد من البرامج الرئيسية لدعم صانعي الأفلام السعوديين وقطاع صناعة وإنتاج الأفلام في المملكة، بالإضافة إلى الاستوديوهات وشركات الإنتاج الدولية التي تتطلع للتصوير في المملكة، وذلك على هامش مشاركتها للمرة الأولى في مهرجان «كان» السينمائي للأفلام.
وينتظر أن تُسهِم تلك المبادرات في الارتقاء بقطاع الأفلام المحلي وتطوير المواهب، خصوصاً مع الإعلان عن برنامج للمنح وشراكات دولية لتطوير المهارات والقدرات الفنية. كما ستسهم هذه المبادرات في نمو الإنتاج في السوق المحلية من خلال برنامج دعم لاسترجاع ما قيمته 35 في المائة من النفقات لجميع الأفلام التي يجري تصويرها في المملكة.
وتعمل الهيئة العامة للثقافة على تطوير قطاع الأفلام في المملكة بصورة مستدامة، تسهم أيضاً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال إيجاد فرص عمل جديدة وزيادة الإنفاق على الخدمات والبنية التحتية للقطاع من خلال مثل هذه المبادرات.
وتشرف الهيئة على المجلس السعودي للأفلام الذي تأسس حديثاً، ليكون الجهة المعنية تحديداً بقطاع الأفلام. وتعمل الهيئة مع المجلس على دعم وتحفيز إنتاجات سعودية تحكي عن المملكة وتتوجه للجماهير داخل المملكة والجماهير العالمية، وتسعى لتكريس حضور نوعي جديد للمحتوى السعودي في عالم الثقافة والأفلام.
وأعرب المهندس أحمد المزيد الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للثقافة، الجهة المشرفة على المجلس السعودي للأفلام، عن السعادة الكبيرة بالإعلان عن مبادرات وبرامج لدعم أهداف تنمية المواهب والقدرات وتطوير الأفلام والمحتوى المنتج في السعودية، من بينها برنامج يعد أحد أكثر برامج الدعم المادي تنافسية على مستوى العالم».
وقال: «إن مثل هذه المبادرات تسلِّط الضوء على محورين أساسيين في جهود وأهداف الهيئة، وهما: أولاً تمكين وتطوير المواهب الكثيرة التي تزخر بها المملكة من صُنّاع أفلام ناشئين وطموحين، وثانياً تسليط الضوء على الفرص الكبيرة التي تتيحها المملكة لصانعي الأفلام الدوليين وقطاع صناعة الأفلام العالمي، خصوصاً أننا نعمل على بناء قطاع حيوي ومعاصر يستوحي تميزه من هويتنا الثقافية والحضارية، ويخدم أهدافنا التنموية وخصوصيتنا الثقافية ويقوم في الوقت نفسه بدور بارز في مجتمع الأفلام العالمي».
من جانبه، أوضح فيصل بالطيور الرئيس التنفيذي للمجلس السعودي للأفلام أن المجلس سيركز بشكل خاص على «تطوير المهارات والقدرات الفنية»، مشيراً إلى أن المجلس يعد هذا الجانب أساسياً في بناء قطاع مستدام، «وعليه فقد أطلق المجلس برنامجاً للمنح الوطنية وبرنامجاً آخر للشراكات في مجال تطوير المهارات والقدرات الفنية للمبدعين السعوديين، كخطوة أولى في التنمية المستدامة القائمة على التعليم والمعرفة المتخصصة لتطوير الاقتصاد المحلي».
وأشار بالطيور إلى أن تمكين المواهب والطاقات السعودية سيُسهِم في تسليط الضوء على القدرات الإبداعية للسعوديين وفي تطوير مزيد من المحتوى المحلي، كما أنه سيضمن قدرة شركات الإنتاج الدولية على إيجاد متخصصين محليين، مما سيسهم في زيادة فرص العمل المحلية، ويفتح برنامج المنح المحلية باب التقديم للمواطنين السعوديين في مرحلتي الإنتاج وما بعد الإنتاج في المملكة، ممّن يستوفون معايير التقدّم للبرنامج.
أما برنامج الشراكات الدولية لتطوير المواهب السعودية، فهو يضم اتفاقيات مع أبرز معاهد الأفلام من حول العالم، مثل جامعة جنوب كاليفورنيا التي تعد أفضل جامعة لتعليم صناعة السينما في العالم، ومعهد «مدرسة الاستوديو»، ومعهد «فيلم المستقبل» من الولايات المتحدة الأميركية، ومعهد «لا فيمي» ومعهد «لي غوبيلين» من فرنسا الذي يعد أفضل معهد في العالم لتعليم صناعة الأنيميشن، وذلك من أجل تقديم تدريب متخصص لصانعي الأفلام السعوديين الصاعدين والطموحين، بالإضافة إلى برنامج خاص لتدريب المدرّبين لتنمية القدرات المحلية بصورة مستدامة.
وستعقد ورشات التدريب لعام 2018 في المملكة ولوس أنجليس وباريس، من خلال دورات متخصصة قصيرة وأخرى مكثفة ومخيمات تدريبية صيفية، مصممة لتقدّم بمجموعها مختلف المهارات المطلوبة في مجال إنتاج الأفلام، بما يشمل الإخراج، والتحرير، وكتابة السيناريو، وتصميم الموسيقى والصوت، والتحريك ثنائي وثلاثي الأبعاد، والحقيقة الافتراضية - المدمجة VR - AR.
وفيما يتعلق ببرنامج الدعم بالاسترجاع النقدي، فهو سيطبّق على الإنتاجات الدولية كافة التي تُصوَّر في المملكة، بحدّ أدنى قيمته 35 في المائة من مجموع الإنفاق المحلي في المملكة، ويمكن الحصول على نسبة أكبر من خلال استيفاء شروط معيّنة، بالإضافة إلى الاسترجاع النقدي لما قيمته 50 في المائة من المنفقات على أتعاب جميع الموظفين السعوديين العاملين ضمن فريق الإنتاج.
ويهدف هذا البرنامج إلى جذب المنتجين وشركات الإنتاج الدولية من حول العالم إلى المملكة لتكون الوجهة الجديدة في صناعة الأفلام، بما في ذلك الأفلام الوثائقية وأفلام السرد والمسلسلات وأفلام المحتوى التحريكي، كما يهدف إلى تشجيع شركات الإنتاج الدولية على توظيف فرق عمل محلية. وستتوفر تفاصيل البرنامج خلال الأسابيع المقبلة.
ويتوقّع المراقبون أن يسهم برنامج الدعم في إكساب المملكة مكانة جديدة كموقع تصوير عالمي للبرامج والأفلام، وبالتالي اجتذاب شركات الإنتاج الدولية والعالمية، وإنعاش قطاع السياحة الذي لا يزال جديداً في المملكة، وهذا من شأنه أن يُسهِم تدريجياً في زيادة معدلات الإنفاق داخل المملكة، وينعكس إيجاباً على جهود تطوير البنية التحتية في المملكة، وبالأخص الاستوديوهات وجهات تقديم الخدمات المتخصصة، والقطاعات الداعمة مثل الفنادق والمطاعم والنقل وغيرها.
ويدعم البرنامج استراتيجية المجلس السعودي للأفلام لتطوير قطاع حيوي ومستدام لصناعة الأفلام في المملكة، وتعزيز التفاعل مع مجتمع الأفلام العالمي.
مما يُذكر أن المجلس السعودي للأفلام تأسس في مارس (آذار) 2018، في سياق جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المملكة لبناء مجتمع حيوي واقتصاد متنوِّع، من خلال دعم قطاعات جديدة بموجب رؤية المملكة 2030.
ويتبع المجلس السعودي للأفلام للهيئة العامة للثقافة، وهو واحد من خمس جهات ثقافية قطاعية متخصصة تتبع للهيئة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».