مدرسة للكاريكاتير بتونس تستقطب 45 موهوباً للرسم الساخر

شاركت في المهرجان الأفريقي بأكادير كأول تجربة من نوعها في الوطن العربي

الدكتورة حنان قطاطة وتلميذتها أنس التومي أثناء وجودهما في أكادير
الدكتورة حنان قطاطة وتلميذتها أنس التومي أثناء وجودهما في أكادير
TT

مدرسة للكاريكاتير بتونس تستقطب 45 موهوباً للرسم الساخر

الدكتورة حنان قطاطة وتلميذتها أنس التومي أثناء وجودهما في أكادير
الدكتورة حنان قطاطة وتلميذتها أنس التومي أثناء وجودهما في أكادير

شارك وفد عن أول مدرسة للكاريكاتير في تونس، بالمهرجان الأفريقي للكاريكاتير الذي أقيم مؤخراً في مدينة أكادير (جنوب المغرب)، في دورته الثانية التي خُصّصت لتكريم الفنان المغربي العربي الصبان، بحضور عدد من الرسامين المغاربة والعرب والأجانب.
وتعتبر مدرسة الكاريكاتير في مدينة صفاقس بتونس أول تجربة من نوعها في الوطن العربي، وذلك بمبادرة من مديرها ومؤسسها وحيد الهنتاتي، وقد انطلقت يوم السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بهدف تكوين 45 تلميذا وتلميذة تم اختيارهم من بين الموهوبين في مجال الرسم الساخر، انطلاقا من بيئة شعبية وريفية، تحت إشراف أساتذة الفنون التشكيلية.
وقال زياد السعيدي، رئيس وفد مدرسة الكاريكاتير في تونس بأكادير، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «الفكرة تبلورت في الأصل من خلال جمعية مستقلة تنشط في دور الشباب الكائنة في حي المعز بطينة والعامرة وعقارب في صفاقس عبر ثلاثة أندية للكاريكاتير».
وأوضح السعيدي أنّ وجود تلاميذ من مدرسة الكاريكاتير بتونس في المهرجان الأفريقي للكاريكاتير في أكادير يدخل في سياق فتح آفاق جديدة في وجوههم من أجل الاحتكاك بتجارب الآخرين، والاستفادة من خبرات الرسامين الكبار بصفة مباشرة، وتنظيم المعارض والمشاركة في الورشات الفنية، وهو الأمر الذي أتيح لهم في أكادير، من خلال لقائهم مع فنانين مغاربة وعرب وأجانب.
وذكر المتحدث ذاته أنّ برنامج الوفد ضم مجموعة من الأنشطة الفنية لأعضاء الوفد، وشمل بالخصوص تنظيم ورشات فنية في كل من مدرسة فاطمة الفهرية، وقرية الأطفال في مدينة أكادير، إضافة إلى معرض لرسوماتهم في مدرسة بقرية بأربعاء الساحل التابعة لمدينة تزنيت (جنوب البلاد).
من جهته، لاحظ نادر اللومي أستاذ التربية التشكيلية في تونس، أنّ الإقبال على الفروع الثلاثة لمدرسة الكاريكاتير الكائنة في دور الشباب كان ضعيفا في البداية، لكنّ الآباء سرعان ما اقتنعوا بأهمية المبادرة وعياً منهم بأنّ التكوين في فن الكاريكاتير لن يصرف أبناءهم أبدا عن تعليمهم الأصلي، خاصة أن حصصه الأسبوعية تعطى خارج أوقات الدراسة.
وقال اللومي إن وزارة شؤون الشباب والرياضة التونسية احتضنت فروع مدرسة الكاريكاتير، وستقوم خلال العطلة المقبلة بتنظيم أكاديمية صيفية مختصة بالرسم الساخر.
الدكتورة حنان قطاطة التي خصصت بحثها لنيل الدكتوراه لموضوع الكاريكاتير في الوطن العربي، والأستاذة بالمدرسة نفسها في تونس، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنّ المنهج الفني يقوم على تلقين التلاميذ مبادئ الرسم وقواعده الفنية، مع التركيز تحديداً على مميزات الرسم الساخر وأسسه، وكيفية تنفيذ الفكرة، إضافة إلى البورتريه، وتنظيم أنشطة إضافية تشمل استقبال فنانين مشهورين للحديث عن تجاربهم الفنية وتقديم دروس نظرية وتطبيقية.
ومن بين هذه الأسماء التي استعانت بها المدرسة سمير عبد الغني من مصر الذي وضع كتابا بعنوان «تلميذ في مدرسة الكاريكاتير»، ومن العراق عبد الرحيم ياسر وعلي المندلاوي، ومن تونس الشاذلي بلخامسة، ورؤوف الكراي، وتوفيق عمران وعبد الرزاق كمون، وأنيس المحرسي، وعبد الوهاب المجذوب، ومن سوريا حسن إدلبي، ومن المغرب ناجي بناجي، ومن الإمارات آمنة الحمادي.
أنس التومي، وهي تلميذة في مدرسة الكاريكاتير بتونس (15 سنة)، أثارت الانتباه بحيويتها ونشاطها ورسمها لـ«بورتريهات» فنانين حاضرين، ضمنهم الرسام الأردني عماد حجاج، عبرت عن عشقها لفن الكاريكاتير، ونوهت بدعم وتشجيع العائلة لها، معلنة عن رغبتها في أن تصبح فنانة مشهورة، لتعزّز حضور العنصر النسوي في هذا المجال الذي كان في السابق حكرا على الرجل.
تجدر الإشارة إلى أنّ مدرسة الكاريكاتير التي يدعمها الاتحاد الأوروبي تمنح للمنتسبين إليها من التلاميذ شهادة التخرج في نهاية مراحل التكوين، وتخطط لبعث موقع إلكتروني لتعلم هذا الفن الساخر ليكون مدرسة افتراضية مفتوحة لكل من يريد تعلم فن الكاريكاتير.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».