توتر في الجبل ودعوات لتسليم مرتكب جريمة الشويفات

معلومات بتهريب المتهم أمين السوقي إلى سوريا

TT

توتر في الجبل ودعوات لتسليم مرتكب جريمة الشويفات

لا يزال التوتّر يسود منطقة الشويفات بشكل خاص والجبل بشكل عام، بعد الإشكال الذي وقع بين مناصرين من «الحزب الديمقراطي اللبناني» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، مساء أول من أمس، وأدى إلى مقتل عنصر من الأخير.
واستدعت المواجهة الدموية بين الطرفين استنفاراً من مختلف الجهات لمنع وقوع فتنة درزية، واتخذ «الاشتراكي» قرارا بإلغاء الاحتفال، الذي كان قد دعا إليه يوم الأحد للاحتفال مع مناصريه بنتائج الانتخابات.
ومنذ اللحظة الأولى للحادثة في الشويفات، استنفرت القيادات السياسية والدينية لاحتواء الوضع وعدم الانجرار إلى المواجهة في أوساط البيت الواحد عبر دعوات إلى عدم الثأر وتسليم الفاعلين، لكن ورغم إعلان «الديمقراطي» أنه سلّم المطلوبين للجيش اللبناني أكدت مصادر في «الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط»، أنه تم تسليم بعض المشاركين في المواجهات التي وقعت، باستثناء المسؤول الرئيسي عن عملية قتل الشاب علاء أبو فرج، مشيرة كذلك إلى تسليم الاشتراكي من جهته الشبان المشاركين في الإشكال.
وحذّرت من انفلات الوضع إذا لم يعمد «الديمقراطي» إلى تسليم المرتكب، وأضافت: «لغاية الآن لا نزال قادرين على تهدئة العائلات بناء على وعود لتسليمه. لكن إذا لم يتحقّق هذا الأمر فعندها لا نستطيع معرفة ما قد يحصل»، لافتة إلى أنه لن يتم تحديد موعد تشييع أبو فرج قبل تسليم قاتله.
وفي حين أشارت بعض المعلومات إلى أنه تم تهريب المتهم أمين السوقي إلى سوريا، قال أرسلان: «كل ما طلب منا قدّمناه، ومن هو عندي سلّمته، وليس من مهمّتي أن أبحث عمن ليس عندي».
بينما دعا مشايخ وفاعليات الشويفات إلى تسليم المتهم خلال 24 ساعة، حرصاً على وحدة الطائفة، وهو ما أثنى وأكد عليه النائب المنتخب تيمور جنبلاط، مشدداً على أن تسليم جميع المتورطين في الحادثة كمدخل لمعالجة الذيول بات ضرورة ملحَّة.
وفي بيانهم طالب المجتمعون «الأمير طلال أرسلان بتسليم السوقي المتواري والمتهم الرئيسي بحادثة الشويفات التي أدت إلى استشهاد الشاب علاء عقيد أبي فرج، وإبلاغنا الجواب القاطع بالتسليم أو عدم التسليم خلال 24 ساعة من تاريخ صدور هذا البيان، وذلك حرصاً على وحدة الطائفة ووأد الفتنة داخل البيت الواحد». وطالب المجتمعون «أركان الهيئة الروحية والمشايخ الأجلاء بالضغط والتحرك لتسليم المتهم حرصاً على وحدة الطائفة وتحاشياً لأي فتنة».
وكان الإشكال قد وقع بين مناصري الطرفين على خلفية الانتخابات النيابية، وتطور إلى إطلاق نار متبادل من أسلحة رشاشة أدى إلى مقتل أبو فرج الذي نعاه «الاشتراكي»، مؤكداً أنه لن يكون هناك ثأر ولا للفتنة، ما انعكس توتّراً في المنطقة، وخوفاً من انفلات الوضع في أي لحظة.
من جهته، أعلن تيمور جنبلاط عن إلغاء المهرجان الذي كان مقرراً يوم الأحد. وقال في بيان له: «بالنظر إلى الظروف المستجدّة في مدينة الشويفات التي أدّت إلى مقتل الرفيق علاء أبي فرج وما تلاها من تداعيات، وتضامناً مع أهل الفقيد، وحرصاً على المناصرين والرفاق والأصدقاء، وحفاظاً على الاستقرار، أعلن إلغاء المهرجان المركزي الذي كان مقرّراً الأحد بالتوازي مع إلغاء الاستقبالات للنواب والمرشحين الفائزين». وشدّد على أن «الانتخابات النيابية 2018 أصبحت وراءنا والوقت حان للعمل والإنتاج».
وكان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط وأرسلان قد دعيا، وفي بيان مشترك لهما، مناصري الحزبين، إلى الوقف الفوري لكل أنواع الاشتباك بينهما في منطقة الشويفات، وضرورة ممارسة أعلى درجات ضبط النفس لقطع الطريق على الطابور الخامس، مؤكدين على أن صفحة الانتخابات النيابية قد طُوِيَت وأنهما يحرصان على عدم وقوع أي مشكلة في أي منطقة من مناطق الجبل، حتى ولو اختلفت الرؤى السياسية في كثير من القضايا.



اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

تطورات نوعية في ممارسات الجماعة الحوثية ضد السكان خلال العام الماضي (أ.ف.ب)
تطورات نوعية في ممارسات الجماعة الحوثية ضد السكان خلال العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

تطورات نوعية في ممارسات الجماعة الحوثية ضد السكان خلال العام الماضي (أ.ف.ب)
تطورات نوعية في ممارسات الجماعة الحوثية ضد السكان خلال العام الماضي (أ.ف.ب)

كجميع الأعوام السابقة منذ انقلاب الجماعة الحوثية وسيطرتها على العاصمة اليمنية، صنعاء، وغالبية مؤسسات الدولة ومناطق واسعة من البلاد، شهد العام الماضي انتهاكات واسعة ومتعددة لحقوق الإنسان في مختلف المناطق والمحافظات.

واتهم حقوقيون الجماعة الحوثية بالاستمرار في قمع السكان وإرهابهم وانتهاك حقوقهم، مع تصعيد ممارساتها العدائية بحق المدنيين تحت مختلف المبررات، وبوسائل متنوعة، وهو ما أدى إلى تسببها في مضاعفة المعاناة، ومفاقمة الأوضاع المعيشية المعقدة.

ويرى مطهر البذيجي المدير التنفيذي للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف «رصد») أن العام الماضي شهد تصعيداً حوثياً لانتهاكات حقوق الإنسان تحت مبرِّر مناصرة الفلسطينيين في غزة ضد الحرب الإسرائيلية وأحداث جنوب لبنان؛ إذ استغلت الجماعة ذلك لتبييض جرائمها والتنصل من تقديم الخدمات للسكان وتحسين أوضاعهم المعيشية والتهرُّب من جهود السلام.

وقال البذيجي لـ«الشرق الأوسط» إن العام الماضي كان حافلاً بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، التي نجمت عن الهجمات الحوثية على طرق الملاحة الدولية في المياه المحيطة باليمن؛ ما أسفر عن تدخل غربي مباشر، إلى جانب مزاعم المواجهة مع إسرائيل التي تسببت في تعرُّض البلاد ومنشآتها الحيوية لغارات إسرائيلية فاقمت من معاناة السكان.

الهجمات الحوثية على السفن تسببت بمفاقمة الأوضاع المعيشية لليمنيين (أ.ف.ب)

وأشار إلى استمرار الجماعة في تجنيد الأطفال، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين ومواجهة الغرب وإسرائيل، وقصف الأحياء السكنية وحصار المدن وزراعة الألغام والاعتقالات التعسفية، ومصادرة رواتب الموظفين العموميين، وتعمدها إهدار صحة اليمنيين وسلامتهم بتسببها في تدهور القطاع الطبي والخدمات الصحية، وتأثير أعمالها العدائية على وصول الغذاء لكل السكان، وتراجع المساعدات الإغاثية المقدَّمة لهم.

ولفت البذيجي إلى اقتحام الحوثيين مقر مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في خرق للقوانين والمعاهدات الدولية التي تحفظ أمن وسلامة المقرات والمنشآت الأممية، واختطاف عمال وموظفي منظمات الإغاثة والمنظمات الدولية والأممية، وتلفيق الاتهامات لهم بالتخابر.

13 ألف ضحية

كشف تقرير حقوقي رسمي حديث عن توثيق 2167 واقعة انتهاك حقوقي خلال العام الماضي، ما أسفر عن تضرر 12895 ضحية من الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية، شملت استهداف مدنيين، وزراعة ألغام، واعتقالات تعسفية، وتهجيراً قسرياً، وتدمير ممتلكات عامة وخاصة.

اختطاف موظفي الأمم المتحدة واقتحام مقراتها كان أبرز الممارسات الحوثية في العام الماضي (رويترز)

وذكرت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان (حكومية مستقلة) في تقرير لها مع بداية العام الحالي أن 657 مدنياً قُتِلوا أو جُرِحوا في 564 واقعة استهداف، وكان عدد القتلى 214 فرداً، بينهم 27 طفلاً و6 نساء، أما الجرحى فبلغ عددهم 443، منهم 74 طفلاً و52 امرأة.

وبحسب التقرير، سقط 196 ضحية نتيجة انفجار ألغام مضادة للأفراد والعبوات الناسفة، منهم 40 طفلاً و11 امرأة، بينما تعرَّضت 624 ضحية للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، بالإضافة إلى تهجير أكثر من 10140 مدنياً قسرياً في 128 واقعة، وسقوط 81 ضحية في حوادث قتل خارج القانون، فضلاً عن تفجير 14 منزلاً.

ورصدت اللجنة وقائع استهداف 19 موقعاً ثقافياً ودينياً، وتدمير 506 ممتلكات، و16 حادثة اعتداء على منشآت تعليمية، إلى جانب 186 ضحية لتجنيد الأطفال دون سن الـ15، مؤكدة أنها نفَّذت 15 زيارة في إطار مهامها الميدانية، شملت محافظات مأرب وتعز والضالع ولحج وأبين وشبوة، للتحقيق في وقائع استهداف أحياء سكنية ومرافق خدمية ومعاينة آثار الانتهاكات.

وزارت اللجنة، بحسب تقريرها، السجون ومراكز الاحتجاز في المهرة وحضرموت وعدن؛ حيث قيَّمت أوضاع 3000 سجين ومحتجَز، بينهم نساء ومعتَقلون على خلفية النزاع المسلح، مذكّرةً بأن مجلس حقوق الإنسان أقرّ في دورته الـ57، أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مشروع قرار بشأن استمرار دعمها لتمكينها من القيام بعملها.

العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

وطالبت اللجنة بتمكينها من تنفيذ وأداء مهامها، معبرةً عن التزامها بمواصلة التحقيق في جميع الانتهاكات، لتحقيق العدالة للضحايا وتخفيف معاناتهم.

انتهاك الحريات الإعلامية

في سياق الانتهاكات التي تعرَّض لها اليمنيون خلال العام الماضي، أعلن مرصد حقوقي عن تسجيل 98 انتهاكاً ضد الحريات الإعلامية، منها 15 حالة اعتقال، و6 حالات احتجاز مؤقت لصحافيين قبل الإفراج عنهم، و3 حالات اعتداء، و17 حالة تهديد، بالإضافة إلى 40 حالة استجواب ومحاكمات أمام جهات غير مختصة.

وعدّ «مرصد الحريات الإعلامية (مرصدك)» اعتراف تنظيم «القاعدة» بإعدام صحافي يمني، وإصدار محكمة حوثية حكماً بالإعدام على صاحب شركة للخدمات الإعلامية ومصادرة ممتلكاته دون سند قانوني، أبرز انتهاكات الحريات الإعلامية خلال العام الماضي.

تردٍّ كبير شهدته الخدمات الصحية في مناطق سيطرة الحوثيين (أ.ف.ب)

وكان «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» أعلن أخيراً إعدام 11 يمنياً، بينهم الصحافي محمد المقري، الذي اختطفه التنظيم منذ 2015، خلال سيطرته على مدينة المكلا في حضرموت (شرق)، متهماً إياه بالعمل كجاسوس.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أصدرت ما تُسمَّى بالمحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة التابعة للجماعة الحوثية في صنعاء، حكماً بإعدام طه المعمري مالك شركة «يمن ديجيتال ميديا» رمياً بالرصاص، ومصادرة ممتلكاته التي استولى عليها نافذون من الجماعة قبل ذلك بعدة أشهر.

وبيَّن التقرير أن 57 انتهاكاً وقعت في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية على يد أطراف متعددة، بينما ارتكبت الجماعة الحوثية 27 انتهاكاً، إلى جانب 3 انتهاكات تقف خلفها شخصيات نافذة، وانتهاك واحد اعترف به تنظيم «القاعدة»، وانتهاكين على يد تحالف الازدهار، و5 انتهاكات من أطراف أخرى، و3 نفذتها جهات مجهولة.

الجماعة الحوثية لم تتوقف عن استهداف الصحافة والصحافيين (إعلام محلي)

ويفسر مجيب ثابت، وهو اسم مستعار لمحامٍ يقيم في العاصمة صنعاء وينشط في الدفاع عن ضحايا الانتهاكات الحوثية، زيادة أعداد وقائع الانتهاكات التي تكشفها التقارير والمنظمات الحقوقية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية عن مثيلاتها في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بوجود مساحة لحرية الصحافة والإعلام في الأولى، وغيابها في الثانية تماماً.

وينوه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية منعت الأنشطة الصحافية والإعلامية، ما لم تكن تابعة أو موالية لها، أو تخدم مشروعها بأي شكل من الأشكال، لافتاً إلى إغلاق إذاعة محلية والاستيلاء على كامل أجهزتها ومعداتها خلال العام قبل الماضي، رغم أنها لم تكن تبث سوى برامج ترفيهية، ثم الاعتداء على مالكها بعد رفضه تلك الإجراءات.

وأعاد ثابت، الذي فضّل إخفاء بياناته خوفاً على سلامته، التذكير بمئات المختطَفين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم بالاحتفال بذكرى الثورة اليمنية ورفع علم الدولة، وبينهم كتاب وصحافيون لا تعلم عائلاتهم شيئاً عنهم حتى الآن، بعد مضي عدة أشهر على اختطافهم.

اقرأ أيضاً